تاریخ انتشارچهارشنبه ۳۱ تير ۱۳۹۴ ساعت ۱۲:۵۳
کد مطلب : ۱۱۹۰
۰
plusresetminus
المهدوية تبشر بنهوض إسلامي مرتقب
الدكتور أحمد الهاشمي

نهوض وسقوط الأمم يمكن إرجاعه إلى القوانين الحاكمة. القوانين التي شرعها البشر قد تقيم حضارات على حساب معاناة البشر أنفسهم. الحضارات السومرية، والفرعونية، والساسانية أمثلة من التاريخ البعيد والقريب. الجنائن المعلقة في بابل، وهرم خوفو في القاهرة، والمدن الأثرية في بلاد فارس تشكل على التوالي ما تركته تلك الأمم. الإسلام أتى بنهج تفكير جديد. تشريعاته المقدسة تهدف إلى إنعتاق البشر. الهدف الأساس هنا هو تبديل إستعباد الإنسان لأخيه الإنسان إلى عبودية للخالق للخالق والمليك الدَّيان- الله جلت عظمته.
عندما كان يدخل البدوي على محمد في مسجده، وقف متسائلا: "أيكم محمد؟" وهكذا ضرب النبي مثالا أعلى لرجل الدولة. الخلفاء من بيوتات قريش، على أية حال، تبَنوا النمط المتعالي لحكومة قيصر. في الوقت الذي شغلوا فيه منزلة مقدسة، طرحوا أنفسهم على رعاياهم بكونهم ظل الله في الأرض. وللأسف، بعيد رحيل النبي، أوصياؤه الحقيقيون أغتيلوا وسمموا وأستشهدوا.في نفس الوقت الذي أعلن فيه القرآن أن عليا هو نفس الرسول (في آية المباهلة)، صرح النبي عن مقام الحسن والحسين بقوله: إبناي هذان إمامان إن قاما وإن قعدا. وكذلك أخبر النبي إبنته فاطمة بأن هناك تسعة أئمة سيأتون من صلب الحسين. إضافة، تنبأ النبي بأنه لو لم يبق من عمر الدنيا إلا يوم واحد لطوَّل الله ذلك اليوم حتى يظهر المهدي (من ولده)- الذي سيملأ الأرض قسطا وعدلا بعد ما ملئت ظلما وجورا. نفوذ أعداء الله في صفوف المسلمين جلب الوبال عليهم. مع كل هذا، الخُلَّصُ من المؤمنين على مستوى العالم يعدوا أنفسهم لإستقبال منقذ البشرية. إنها حقا وعد الله الذي.لا يُخلف "أن الأرض يرثها عبادي الصالحين".
المقدمة
يخبرنا القرآن أن قابيل قتل هابيل. بعد بيان أول مخاصمة التي كانت نهايتها مأساوية، يذكرنا الله بأنه شرع في التوراة " أَنَّهُ مَنْ قَتَلَ نَفْساً بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعاً وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعاً(2:32)." التوراة أول كتاب سماوي أنزله الله على النبي موسى بعد الصحف التي أنزلها على خليله إبراهيم. والآية القرآنية في سورة الحديد (25:57) تبين سبب إرسال الله الكتاب: "لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ." فبين الله الغرض من بعثه للرسل والرسالات. وإستطرد القرآن لبيان أهمية تطبيق القانون الجنائي حينما صرح : " وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَا أُوْلِي الأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ(2:179)."
نظرا لتعدد أسباب ونتائج المخاصمات بين بني آدم، تعدد أبواب القانون الحاكم في حياة الناس. والقانون سماوي كما ألمحنا أو أرضي كما نلاحظ في تشريعات رجال القانون. لأسباب تخرج عن إطار هذا البحث. تميز رجال القانون في النهضة الأوربية عن رجال الدين. ونُسب قولا للسيد المسيح أن "ما لله لله وما لقيصر لقيصر." وهكذا فُصل الدين عن الدولة "الحديثة" وإنزوت الكنيسة في الزاوية التي نراها فيها. وإنبثق نهج سياسي بإسم العلمانية. آخذا حق التشريع من رجال الدين المسيحين على وجه الخصوص.
جسَّد الإسلام الأصيل الرسالات التي أرسلها الله لموسى وعيسى ومحمد (عليهم صلوات الله) والنبين من قبلهم. وسمَّى إبراهيم الخليل بعد تخاصمه مع نمرود الذين وحَّدوا الله بالمسلمين. ولم يهدِّم النبي محمد (ص) بمساعدة الإمام علي (ع) الأصنام فوق سطح الكعبة في سنة فتح مكة فحسب بل هدَّم الجدار بين المسجد وخارجه وإلى الأبد حينما صرح " جُعلت لي الأرض مسجدا و طهورا."
لم يتحدَّث القرآن عن أية أمة من الأمم الغابرة مثلما تحدث عن بني إسرائيل. وعندما ذكر مصير أنبيائهم "ففريقا كذبتم وفريقا تقتلون،" فضح به أحبارهم بتغيير الكلم عن مواضعه في الكتاب للحد الذي يجدون تبريرا حتى لقتل المسيح بن العذراء مريم الذي أرسله الله إليهم.
The Passion of Christ
مُخرج الأفلام المسيحي الأمريكي Miller Gipson عَمِلَ فلما وثائقيا بهذا الخصوص تحت عنوان The Passion of Christ لمن أراد الإستزادة.
لم يعط الله الإنسان حق التشريع. وعندما خصص القرآن أطول سورة فيه بعد كتابة دستور المدينة، حصر التشريع بيد الله والرسول. وعرَّف الكتابُ الناسَ بالرسالات والرسل وأولي العزم منهم. لم تكن هجرة اليهود جنوبا إلى المدينة وما حولها إلا لإستقبال النبي المبشَّرِ به في كتابهم. ولكن وقع لمحمد (ص) ما وقع لعيسى من تكذيب من قِبَلِ من إشتروا الدنيا بالآخرة.
أعطى المفسرون معنيين لكلمة الأميين في القرآن الكريم. الأول جمع كلمة أمي الذي هو وصفا للإنسان الذي لا يقرأ ولا يكتب. مثل هذا الإنسان لا حظ له من المعرفة ولم يتعلم شيئا من معلم، سوى الأمور البسيطة التي تعلمها من أمِّه. إذن ألأمُّ هي المصدر الوحيد لمعارف الأمي البديهية. ونظرا للنظرة المتعالية لليهود بخصوص كونهم شعب الله المختار، فقد أطلقوا مثل هذا المعنى على جميع الذين لم يأخذوا العلم الديني منهم ولم يعتقدوا باليهودية. أما المعنى الثاني والذي أميل إليه هو أن الأميين مرادف لكلمة المكيين، على أساس الوصف القرآني لمدينة مكة، مكان ولادة النبي الأكرم (ص) بكونها أمَّ القُرى.
رفض الله زعم الذين هادوا بكونهم أولياء له من دون الناس في سورة الجمعة، وصرَّح بأنه هو الذي بعث هذا الرسول المبشَّرِ به ليس في التوراة وحده بل في الإنجيل أيضا. " هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الأُمِّيِّينَ رَسُولاً مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمْ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ"(62:2)
ذِكر التزكية قبل التعليم بيان لأهميتها. إذ أن النفوس الزكية هي وحدها قادرة على حفظ قدسية الكتاب المنزل. وعندما لا تكون النفوس زكية فتبتلى البشرية بأمثال سامري قوم موسى ومنافقي قوم محمد (ص). فيغيروا الكلم عن مواضعه في الكتاب طلبا لعرض الدنيا، ولا يحكموا بما أنزل الله.
وما نراه اليوم من إبتعاد البشرية عن خط الرسالة وما يتبعها من معاناة الا نتيجة الهجمة الشرسة على الرساليين ولكن نصر الله سيجيئ. الله هو القائل " هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ "(9:33).
تاريخ الحضارات والأديان الإبراهيمية
في الألفية الخامسة قبل الميلاد كانت بداية الحضارة السومرية في بلاد الرافدين حين بنا السومريون العبيديون بجنوب العراق العديد من المدن وأتخذوا بابل عاصمة لهم. وإشتهرت بابل في ذلك الوقت بممارسة الكثير من الطقوس والتعاليم السحرية. في تلك الفترة إحتمالا، أنزل الله الملكين هاروت وماروت بمدينة بابل لتعليم الناس السحر إبتلاء من الله عز وجل وللتمييز بين السحر والمعجزة، حتى يتبين للناس صدق الرسل والأنبياء مقابل كذب الدجالين والسحرة. والآية 102 من سورة البقرة تصرح بهذا الأمر: وَمَا أُنزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلا تَكْفُرْ فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ وَمَا هُمْ بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلاَّ بِإِذْنِ اللَّهِ وَيَتَعَلَّمُونَ مَا يَضُرُّهُمْ وَلا يَنفَعُهُمْ وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنْ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي الآخِرَةِ مِنْ خَلاقٍ وَلَبِئْسَ مَا شَرَوْا بِهِ أَنفُسَهُمْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ
وهكذا ذكر العالم (والمفسر) الكبير فخرالدين الرازي في تصنيفه لسحر الكلدانيين بأن أهل العراق في ذلك الزمان كانوا يعبدون الكواكب. وقد أرسل إليهم الله نبيه إبراهيم لينهاهم عن تلك العبادة، وهم من نزل فيهم هاروت وماروت في بابل والذين علموا الناس السحر وعرفوا لهم الخير والشر. وكذلك ذكر المؤرخون أن إبراهيم الخليل عاش في عهد الكلدانيين في القرن العشرين قبل الميلاد، في الوقت الذي كان فيه السحر قد إستشرى في أهل بابل حتى ضرب المثل في إتقان السحر بحكماء وكهنة وسحرة بابل، الذين كانوا قوما صابئين يعبدون الكواكب السبعة ويسمونها آلهة، ويعتقدون أن حوادث العالم من أفعالها، وعملوا أوثانا على أسمائها، وجعلوا لكل واحد منها هيكلا فيه صنمه.
ثبت أن مسقط رأس خليل الرحمن كان في مدينة أور (الناصرية، العراق) والتي لا تبعد كثيرا عن بابل (مدينة الحلة حاليا). لم يكن آزر والدا لإبراهيم بل كان عمه ومن تولى شأنه في الصغر لإحتمال موت الوالد. وكان آزر هذا صانعا للأصنام. وينقل لنا القرآن جانبا من حوار إبراهيم مع أبيه آزر، ومن الجانب الآخر كيف حطم الشاب إبراهيم الأصنام في المعبد ووضع الفأس على عاتق كبيرهم الذي أبقاه.
وجائت الآية (21:69)" قُلْنَا يَا نَارُ كُونِي بَرْداً وَسَلاماً عَلَى إِبْرَاهِيمَ." في هذا المقطع من حياة الخليل، عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام. المعروف أن لإبراهيم رحلة من العراق إلى مصر مرورا بفلسطين ليطوي المقاطع التالية في حياته الزاخرة بالإيمان والجهاد في سبيل الله. ويقال أنه كان في معبد هليوبوليس جامعة أون واحدة من أقدم جامعات العالم وفيها تدرَّس كل العلوم بما فيها السحر والذي كان له مدرسة خاصة في ذلك المعبد. ويضاف أن بردية وستكار التي ترجع إلى الأسرة الخامسة حوت على "المعجزات" التي كان يقوم بها الكاهن "جدى" أحد سحرة المعبد أمام الملك خوفو حيث كان يفصل رؤوس الطيور عن أجسامها ويضعها في أركان القاعة الأربعة ثم يتلي عليها تعازيمه السحرية فتلتحم الرؤوس بالأجساد وتعود الطيور للتحليق وهي تصيح وتغرد.[1]
يذهب بعض المؤرخين إلى أن سيدنا إبراهيم عليه السلام أقام فترة من الزمان في هذا المعبد ودرس الكثير من أسرار السحر. إلا أن القرآن ينسب ذبح الطيور الأربعة إلى إقتراح من الله لإبراهيم إجابة على سؤاله "ربي أرني كيف تحيي الموتى،" كما أذن للسيد المسيح أن يخلق من الطين كهيئة الطير وينفخ فيه فيصير طيرا. من الأجدر على علماء اليهود والنصارى (والأقباط) أن لا يقللوا من أهمية المعاجز التي ظهرت في حياة خليل الرحمن وأن يكثروا دراسة إمامته للناس. وإبراهيم هو من سمَّى الذين وحَّدوا الله في عبادتهم بالمسلمين وختم دين الله الحق بقوله: "إِنِّي وَجَّهْتُ وَجْهِي لِلَّذِي فَطَرَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ حَنِيفاً وَمَا أَنَا مِنْ الْمُشْرِكِينَ (6:79). قُلْ إِنَّنِي هَدَانِي رَبِّي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ دِيناً قِيَماً مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفاً وَمَا كَانَ مِنْ الْمُشْرِكِينَ. قُلْ إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَاي وَمَمَاتِي لِلهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ لا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ (6:161-163) والحمد لله رب العالمين.
الكتاب وتحويره
يشير القرآن إلى إصرار البشر في معاكسة أنبياء الله ورسله. خذ مثلا كيف أن النبي نوح (ع) أمضى في قومه ألف سنة إلا خمسين عاما. إذ لم يؤمن به إلا ثمانون فردا، وحتى أحد أولاده لم يركب السفينة مع نوح فارا إلى جبل ليعصمه من الماء حين الغرق. لم تصلنا أية آثار من عهد قبل الطوفان، سوى أن ذِكره قد ورد في العهدين القديم والجديد والقرآن.
وَوَاعَدْنَا مُوسَى ثَلاثِينَ لَيْلَةً وَأَتْمَمْنَاهَا بِعَشْرٍ فَتَمَّ مِيقَاتُ رَبِّهِ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً وَقَالَ مُوسَى لأَخِيهِ هَارُونَ اخْلُفْنِي فِي قَوْمِي وَأَصْلِحْ وَلا تَتَّبِعْ سَبِيلَ الْمُفْسِدِينَ (7:142)
ألقى موسى الألواح (المكتوبة) التي إستلمها في جبل طور سيناء، وهو في فورة غضب لما سببه السامري من نكوص قومه في توحيد الله في العبادة. وعندما خاطبه وزيره هارون يا "إبن أم،" إنطفأ غضب موسى. فأخذ الألواح التي فيها هدى لبني إسرائيل.
عانت البشرية كثيرا نتيجة لحيودها عن طريق الهداية. السالكون في طريق الحق دوما قليلون. وعبَّر القرآن عن هذه الحقيقة بالآية "وَإِنْ تُطِعْ أَكْثَرَ مَنْ فِي الأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلاَّ الظَّنَّ وَإِنْ هُمْ إِلاَّ يَخْرُصُونَ." وليس في مقدور السالك في سبيل الله الإستمرار في السير دون إقتحام عقبة هوى النفس وتجاوز شرك الشيطان الرجيم. فالصراع بين الأتباع القليلين للرحمن الرحيم والجند الكثيرين لإبليس الرجيم أزلي. لم ينته الصراع هذا في تخاصم إبراهيم مع نمرود، ولا في محاججة موسى (وهارون) مع فرعون، ولا حتى في نزاع محمد مع أبي جهل (وأبي لهب)، بل بقي مستمرا إلى يومنا هذا وحتى اليوم الموعود.
كل صراعات الحق مع الباطل تدور حول قيادة البشر إلى أحد الطريقين والإستحواذ على وسائل القوة المادية المطلوبة لحسم هذه الصراعات.
فهذا نمرود يوقد للحنيف المسلم إبراهيم نارا ليلقيه في الجحيم. وهذا فرعون يطلب من وزيره هامان ليبني له صرحا ليطلع على إله موسى، منكرا جميع الآيات البينات التي جاء بها كليم الله موسى. وبعد أن وصف فرعون أتباع موسى بكونهم شرذمة من أراذل الناس، جهز جيشا جرارا للقضاء على موسى وأتباعه المستضعفين.
وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمْ الْوَارِثِينَ (28:5)
وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِي الصَّالِحُونَ (21:105)
إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمْ الْمَلائِكَةُ ظَالِمِي أَنفُسِهِمْ قَالُوا فِيمَ كُنتُمْ قَالُوا كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الأَرْضِ قَالُوا أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُوا فِيهَا فَأُوْلَئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَسَاءَتْ مَصِيراً (4:97).
السنن في هذه الحياة إما تكوينية أو تشريعية. فمثلا "إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم" سنة تكوينية. والذكر في الآيات أعلاه إسماً للتوراة التي أنزلها الله على رسوله موسى الذي جاء قبل صاحب الزبور النبي داوود، وشرَّع الله فيها صفات القادة الذين يحكموا الأرض في نهاية المطاف. وهكذا نفهم أن هناك أئمة حق وأئمة ضلال. والعامل المميز بين الفريقين أن الفريق الأول لا يريد علواً في الأرض ولا فساداً ويبتغي الدار الأخرى.
"تِلْكَ الدَّارُ الآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لا يُرِيدُونَ عُلُوّاً فِي الأَرْضِ وَلا فَسَاداً وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ (28:83)"
"مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْرَاةَ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوهَا كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَاراً بِئْسَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِ اللَّهِ وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (562:)"
في الآية الأخيرة فضح الله بلعم بن باعوراء العالِم بالتوراة من قوم موسى والذي كما يصرح القرآن وقف مع إمام الضلال فرعون الذي يدعو قومه إلى النار. إضافة إلى قصة إضلال السامري لقوم موسى المذكورة في الفصل الثاني من القرآن، يبين الله مدى خطورة تحريف، تحوير، أو إخفاء التشريعات التي أنزلها الله لتحقيق حياة هانئة للبشر على الأرض.
ونحن نعيش إرهاصات الظهور المقدس، فعلى الذين حُمِّلُوا القرآن أن يحملوه خير محمل. عليهم أن لا يقفوا في صف الظالمين من الملوك والرؤساء لتمكينهم من إطالة عهدهم. العهود هذه جميعها باطلة. لأن الله قد حرمها على الظالمين (ولو كانوا من ذرية إبراهيم) كما يصرح بذلك الذكر الحكيم. وعليهم أيضا إعداد البشرية لإستقبال شمس بقية الله الأعظم والذي بنور طلعته سيبدد ظلام الظلم المطبق حاليا في حياة الناس.
طغيان القدرة والمال
"إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلا فِي الأَرْضِ وَجَعَلَ أَهْلَهَا شِيَعاً يَسْتَضْعِفُ طَائِفَةً مِنْهُمْ يُذَبِّحُ أَبْنَاءَهُمْ وَيَسْتَحْيِ نِسَاءَهُمْ إِنَّهُ كَانَ مِنْ الْمُفْسِدِينَ" (28:4)
"إِنَّ قَارُونَ كَانَ مِنْ قَوْمِ مُوسَى فَبَغَى عَلَيْهِمْ وَآتَيْنَاهُ مِنْ الْكُنُوزِ مَا إِنَّ مَفَاتِحَهُ لَتَنُوءُ بِالْعُصْبَةِ أُولِي الْقُوَّةِ إِذْ قَالَ لَهُ قَوْمُهُ لا تَفْرَحْ إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْفَرِحِينَ" (28:76)
نظرة في حياة المجتمعات على المسرح العالمي حاليا تؤكد أن نفس الظاهرة الفرعونية معاشة ولكن بصيغة جديدة. لا يمكن للدول المتقدمة أن تستمر في إستعمارها لدول العالم الثالث بدون تكريس الإستخفاف والتجزئة والإستعباد. وسياسة “فَرِّق تَسُد” تبنتها الإمبراطورية التي لم تغب عنها الشمس قديما ووريثتها حاليا. عصبة الأمم غيَّرت إسمها بعد الحرب العالمية الثانية إلى الأمم المتحدة (شكليا)، معطية حق الفيتو لدول مقتدرة عسكريا والتي تشكل ما يسمى بمجلس الأمن. إنتهاك سيادة الشعوب وإبتلاع مصادرها الطبيعية وتحويلها إلى أسواق إستهلاكية هو ما تطمح إليه الدول الكبرى. قبل قرن من الزمان أفل نجم الإمبراطورية العثمانية وإقتسم الحليفان الإنجليزي والفرنسي تركة من أسموه بالرجل المريض.
“ما طار طير وإرتفع إلا كما طار وقع” مثال يرسم الخط البياني لكثير من الإمبراطوريات منذ ظهورها على مسرح التاريخ ومن ثم تسنمها أوج قدرتها وبعد حين ضمورها. لم يدم الملك لأحد إطلاقا. والملوك تذكِّر بعضها البعض "لو دامت لغيرك، لم آلت إليك!" على أية حال، قسَّمت معاهدة سايكس-بيكو (السرية) المشؤومة البلاد العربية إلى أوصال. وأوعد بلفور في 1917 الصهيونية العالمية بإنشاء أرض الميعاد لهم في فلسطين. وبعدها شرَّع تشرشل لاآته الثلاثة في مؤتمر القاهرة عام 1921: لا رجوع للدول العربية إلى الإمبراطورية العثمانية، لا وحدة بين الدويلات المنشئة من قبل الغرب، ولا تطبيق للشريعة الإسلامية لتأسيس خلافة عربية (هاشمية).
لم تقتصر هيمنة الغرب على الدويلات العربية وتركيا وإيران في الشرق الأوسط بل وصل إلا الشرق الأقصى أيضا. فهذه أمريكا تستعمل السلاح النووي في نكازاكي وهيروشيما لتقتل 150000 إنسانا في يومي 6 و9 أغسطس 1945 ولتجبر اليابان على الإستسلام. وبعدها حرق النابالم الأمريكي عشرات الألوف من الجنود والعزل في حرب فيتنام. وإستمر البنتاغون في الإستفادة من الأسلحة المحرمة دوليا وبدون رادع (ومنها الصواريخ المزودة باليورانيوم المنضب والتي يسميها الأمريكان بالطلقات الفضية) في حروب بوسنيا، وأفغانستان، والعراق.
إستخدم الغرب الإستعماري التمويل لترويج تطبيق نظريته السياسية العلمانية. من خلال صندوق النقد الدولي، تَوفر المال لإستناد مشاريع كبرى في الدول الإسلامية الراكبة في فلك الغرب والمذعنة لشروطه. أما الدول التي إبتغت الإستقلال عن الغرب فكان الحصار الإقتصادي في إنتظارها.
ونزع الغرب من الدول العربية والإسلامية حتى سلاح "النفط في خدمة المعركة ضد الكيان الغاصب في فلسطين،" والتي دعى لها الملك فيصل عام 1973. ولم تكترث وزيرة الخارجية الأمريكية (اليهودية) بموت أكثر من نصف مليون طفل عراقي دون الخامسة نتيجة تطبيق حصار إقتصادي غربي ضد العراق قبل عشرين عاما. أما الحصار الإقتصادي "الذكي" الذي فرضته هلري كلنتن على إيران فقد جلب ثماره بإجبار إيران إلى طاولة المفاوضات النووية والتي خُتمت مرحليا بقرار لوزان بسويسرا كما يراه باراك أوباما.
لم تكن هيمنة اليهود على المال والسوق أمرا جديدا على المسلمين. الأمر الجديد هو تعالي وغطرسة الصهيونية العالمية وهيمنتها على الإعلام والذي يعتبر السلطة الرابعة في الكثير من المجتمعات الغربية. والهجرات المبرمجة لليهود من كافة أقطار العالم إلى الدولة العبرية وما يتبعها من الحاجة إلى بناء مستوطنات جديدة لهم خلقت توترا دائما في فلسطين وتسببت لثلاثة حروب في بضعة عقود. فهناك جرح ينزف وغدة سرطانية كما سماها الإمام الخميني الراحل في جسم العالم الإسلامي ولا يصلح هذا الجسم إلى بإزالته.
عمق المعانة
إستعراض التاريخ الديني يدلل أن السيد المسيح كان أحد أنبياء بني إسرائيل ولأسباب خارجة عن نطاق هذا البحث، نأت المسيحية الكاثوليكية بنفسها عن اليهودية لكي تتمكن من العيش والبقاء. وفي التاريخ الحديث لم يعاني اليهود أي إضطهاد على أيدي المسلمين. وإتخاذ الكثير من اليهود المغرب وطنا لهم لخير دليل تاريخي على ذلك. إضافة إلى المغرب فإن الأرجنتين وأوغندا وقبرص قد وردت أسماؤها قبل إنتخاب الصهيونية العالمية لفلسطين لإنشاء أرض الميعاد ليهود الشتات.
دعاية "أرض بلا شعب لشعب بلا أرض" ما هي إلى دعاية صهيونية كاذبة. لم يقترف الشعب الفلسطيني (بمسلميه ومسيحييه) أي جرم بحق اليهود ليستحقوا كل هذه الويلات والنكبات. وهكذا كذب ثيودور هرتزل (1860-1904) "صاحب كتاب الدولة اليهودية" كذبة أخرى عندما إدعى بأن الصهوينية عودة إلى اليهودية قبل أن تكون عودة إلى وطن اليهود.
وللتاريخ أذكر بأن ناحوم جولدمان (1895-1982) كان صادقا في بيان السبب الحقيقي لإختيار فلسطين بقوله: "لأن فلسطين هي ملتقى طرق أوروبا وآسيا وإفريقيا، ولأن فلسطين تشكل في الواقع نقطة الإرتكاز الحقيقية لكل قوى العالم، ولأنها المركز الإستراتيجي للسيطرة على العالم." [2]
لم يغتر السلطان عبد الحميد (1847-1918) (ذو صوفي النزعة والذي هو كان في أزمة مالية حادة) بالعرض المغري المرسل إليه من ثيودور هرتزل، حينما كتب الأخير له: "ترغب جماعتنا في عرض قرض متدرج من عشرين مليون جنيه إسترليني يقوم على الضريبة التي يدفعها اليهود المستعمرون في فلسطين إلى جلالته. تبلغ هذه الضريبة مائة ألف جنيه إسترليني في السنة الأولى وتزداد إلى مليون جنيه إسترليني سنويا." وقد رفض السلطان عبد الحميد عرض هرتزل، وورد عنه في ذلك قوله:"إذ أن الإمبراطورية العثمانية ليست ملكا لي وإنما هي ملك الأمة الإسلامية فليس والحال كذلك أن أهب أي جزء فيها... فليحتفظ اليهود بملايينهم في جيوبهم... فإذا قسمت الإمبراطورية يوما ما فقد يحصلون على فلسطين دون مقابل. ولكن التقسيم لن يتم إلا على أجسادنا." [2]
الأمريكي المسيحي هنري فورد (1862-1947) كان له خلاف مع اليهود أيضا، ولكن لأسباب تختلف بيَّنها في كتاب خاص له في هذا الصدد تحت عنوان: يهود العالم: مشكلة العالم. بخلاصة كان رأيه أن أثرياء اليهود الألمان هم السبب في تأجيج الحرب العالمية الأولى. وفي صحيفته ديربورن إندبندنت كان يدعو أمريكا إلى إتخاذ موقف الحياد من تلك الحرب. نفس الموقف الذي إتخذه الرئيس الأمريكي ثوماس ويلسون (1856-1924) من الحرب العالمية الأولى منذ إندلاعها في عام 1914 إلى عام 1917. أسباب تغير موقف أمريكا في أبريل 1917 خارج عن إطار هذا البحث.
الإتحاد المسيحي اليهودي
إذا لم يكن معالم مثل هذا الإتحاد واضحا في الفترات بين الحربين العالميتين الأولى والثانية، فإن المعالم هذه أصبحت واضحة للعيان بعد إيجاد كيان صهيوني في فلسطين المحتلة في عام 1948. الصهيونية المسيحية هو الإسم الذي يطلق عادة على معتقد جماعة من المسيحين المنحدرين غالبا من الكنائس البروتستانتية الأصولية. ويمكن تقصي ميلاد الصهيونية المسيحية قبل بضعة قرون في بريطانيا. وإنتقالها إلى أمريكا بعد قيام الكيان الغاصب عام 1948. لست بصدد إدراج مواقف الكنائس المسيحية المختلفة تجاه هذا الإتحاد، بقدر ما أريد أن أبين خلفية الدعم الغير المشروط لدولة كبرى مثل الولايات المتحدة لكيان غير شرعي لا يمكنه البقاء دون مثل هذا الدعم. ولا تسل عن دور اللوبي الصهيوني في واشنطن.
من خلال عيشتي بمدينة نيويورك لبضعة سنوات عرفت أن الصهيونية هناك حركة سياسية بحتة لا علاقة لها بالدين اليهودي المتمثل بالتوراة الذي أنزله الله على كليمه موسى بن عمران عليه السلام. سمعت هذا من طالبة صهيونية في جامعتي كانت على معتقد هرتزل الذي كان همه الوحيد إيجاد وطن قومي لشتات اليهود في العالم في مكان ما. صرحت الطالبة الصهيونية عن معتقدها في تجمع طلابي عام 1984، أي ثمانون عاما بعد هلاك هرتزل وإتحاد كلمة الصهيونية العالمية على إستقطاع أرض فلسطين من قلب العالم العربي والإسلامي.
الأمر الثاني الذي عرفته هو إمتعاض الكثير من الأمريكان المثقفين من إنحياز السياسة الخارجية الأعمى تجاه كيان صهيوني مغتصب لأرض شعب لم يقترف بحق اليهود أي جرم. الإنحياز هذا لا يعتبر إسرئيل الولاية الأمريكية الواحد والخمسون فحسب بل أن الكيان الصهيوني في الشرق الأوسط هو الحليف الوحيد للولايات المتحدة الذي يطبق الديمقراطية. ومثلما كان للإنسان الأبيض الحق في إبادة الملايين من الهنود الحمر في أمريكا الشمالية لإقامة كل هذه الولايات، فإن للصهاينة الحق بإبادة الكنعانيين في فلسطين لتأسيس إسرائيل على الأراضي المغتصبة.
قد يستغرب القارئ أنه كيف يمكن لأمريكا راعية حقوق الإنسان وحاملة لواء الديمقراطية في العالم أن تتبنى مثل هذه السياسة الخارجية وتقدم الدعم الامحدود من السلاح والمال إلى lلكيان الصهيوني وحتى لو كان ذلك الدعم يأتي من إثقال كاهل العامل الأمريكي بالضرائب. ولكن الإستغراب سيذهب لو إطلع الإنسان على إنشقاق القس الألماني مارتن لوثر (1483-1546) على الكنيسة الكاثوليكية وتبنيه البروتستانتية ودعوته إلى قراءة التوراة قراءة جديدة. صحيح أن الكنيسة البروتستانتية الإنجليزية لها موقف مختلف عن موقف البروتستانتية الأمريكية تجاه اليهود في فلسطين إلا أن علاقة الكنيسة البروتستانتية بالصهيونية علاقة حميمة.
أتذكر عندما أرسل مناحم بيكن سربا من طائرات الـ 16F الأمريكية لتحطيم مفاعل تموز النووي في بغداد عام 1981، إتصل بعد العملية العسكرية بالقس الأمريكي المتطرف جيري فالويل (1932-2007) (ولم يتصل بالرئيس رونالد ريغن) ليحثه على تغير وجهة نظر أعضاء الكونجرس الأمريكي من مخالفين إلى موافقين لتلك العملية العسكرية. إذن لا غرابة في الإسناد الغير المشروط لليمين المسيحي في أمريكا وكندا (والمتمثل في الحزب الجمهوري وحزب المحافظين على التوالي) للكيان الصهيوني. وفي مخالفة مشينة للرئيس الأمريكي باراك أوباما، مكَّن الحزب الجمهوري بنيامين نتنياهو لتحويل الكونجرس الأمريكي إلى بطاقة إنتخابية ليفوز بولاية ثالثة مؤخرا.
وقبله أربيل شارون (1928-2014) ذكَّر أحد أعضاء الكنيست الذي كان يحذره من موقف أمريكي معارض لسياساته، قائلا أن القرارات السياسية تتخذ في تل أبيب وليس في واشنطن فيما يهم أمن الكيان الغاصب.
وفي نفس السياق يمكن تفسير استفادة أمريكا من حق الفيتو في مجلس الأمن الدولي (الأمم المتحدة) وبصورة متكررة حين صدور أي قرار يخدش أمن ذلك الكيان.
ولا أحسب أن البرنامج النووي الإيراني سيكون في مأمن من مكائد الكيان الصهيوني، حتى بعد الإتفاق الأخير في لوزان السويسرية مع ستة دول كبرى (من ضمنها أمريكا).
أدورد سعيد الأمريكي (1935-2003) ونعوم تشومسكي (1928-....) كانا على رأس من إنتقد الإنحياز الصهيوني وفنَّدا الإدعاء بكون فلسطين ملكا صرفا لليهود وخالفا سياسة الإستيطان على حساب حق الفلسطيني في وطنه ورجوع المهجَّر إليه. لو كان الأول مسيحيا أمريكيا من أصل فلسطيني، فإن الثاني هو يهودي أمريكي وكان قد إنخرط في شبابه في صفوف الصهيونية. كل مراقب منصف يرى أن تفرعن السياسيون الصهاينة هو أساس المشكلة الفلسطينية. يهود الشتات من روسيا وبولندا وأمريكا لهم حق العودة وجميع حقوق المواطنة، بينما أصحاب الوطن الحقيقيين شُرِّدوا وأغلبهم يعيشوا في مخيمات اللاجئين الفلسطينيين. تزامن وقت كتابة هذه السطور مع الذكرى السنوية لمجزرة دير ياسين (في ضواحي القدس) في 9 أبريل عام 1948. وقبل ساعتين إشتركت نبيلة أسبنيولي في تظاهرة تضامن مع مخيم اليرموك (في سوريا) من مدينة الناصرة في فلسطين المحتلة وعبرت عن سبب مشاركتها في التظاهرة على صفحتها في الـ Face Book. "نتظاهر اليوم ضد الهجمات على شعبنا الفلسطيني في مخيم اليرموك، ونتظاهر ضد دور عملاء الأمريكان والذين يقومون بما يقوم به في سوريا واليمن... نعبر عن غضبنا حيال الصمت العربي والعالمي حول ما يجري من جرائم في سوريا واليمن، ونطالب بوقف الهجمات غير المسبقة في اليمن واليرموك."[3]
وما إعتداء الصهاينة المتكر على غزة وجنوب لبنان وأهداف كثيرة أخرى عنك بعيد.
قتل إمرء في غابة جريمة لا تغتفر وقتل شعب آمن مسألة فيها نظر!
الفرعونية الجديدة والدجال
كما لمحت سابقا أن الأمريكان ورثوا قيادة العالم الجديد من الإنجليز. لتشابك المصالح الدولية في فترة الحرب الباردة، لم يكن هذا التوريث واضحا. إلا أنه أصبح جليا بعد ضمور الإتحاد السوفياتي في نهاية الثمانينات من القرن الماضي من المسرح الدولي، وإنفراد الولايات المتحدة الأمريكية في عهد جورج بوش الأب (1924-....) في الهيمنة على القرية العالمية. كل الدلائل تشير إلى أن الصهيونية العالمية في طريقها إلى الإستيلاء على تركة القطب الأوحد في العالم.
مدينة الناصرة تقع 105 كلم شمال القدس الشريف. في تلك المدينة تمثل جبرائيل عله السلام إلى العذراء مريم بهيئة رجل وبشَّرها بولدها يسوع المسيح. ونسبة إلى تلك المدينة يحمل السيد المسيح عليه السلام لقب يسوع الناصري. وهكذا إصطلاحات النصارى والنصرانية كلها من مشتقات هذه الكلمة العربية. وورد ذكر الناصرة في العهد الجديد 29 مرة، ولم يرد ذكرها في العهد القديم.
أما مدينة دمشق الحزينة فتقع 217 كلم شمال شرق القدس. وهناك العديد من الروايات عن نزول الرسول عيسى إبن مريم في آخر الزمان (على منارة بيضاء شرقي دمشق واضعا يديه على جناحي ملكين) المسيحيين وطائفة من اليهود يؤمنون به، إذ أنهم يعرفونه كما يعرفون ابنائهم. أما الطائفة الأخرى، وعلى إحتمال كبير من ملأ القوم، لا يؤمنون به علوا وإستكبارا. وبعد إتمام الحجة على مثل هؤلاء، فسيقتل السيد المسيح دجال اليهود. وكما يصرح القرآن فإن البشرية ستستقبل المسيح إبن مريم الذي يُكَلِّمُ الناس وهو في كهولة (33-50) العمر:
"إِذْ قَالَتْ الْمَلائِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ مِنْهُ اسْمُهُ الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ وَجِيهاً فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَمِنْ الْمُقَرَّبِينَ. وَيُكَلِّمُ النَّاسَ فِي الْمَهْدِ وَكَهْلاً وَمِنْ الصَّالِحِينَ." (3:46-45)
وهكذا توترات روايات المسلمين بأنه حين نزول النبي عيسى فإن إمام المسلمين منهم- إشارة إلى الإمام القرشي الثاني عشر والذي هو سميِّ النبي عليهما صلوات ربي.
فإذن قتل المسيح للدجال سيكون بالتنسيق مع الإمام المهدي. وهكذا ستُفضح أكذوبة اليهود في أن المسيح القادم في آخر الزمان هو الدجال، بإختلاقهم مصطلح "المسيح الدجال." لأنه لا منطق في أن المسيح سيقتل نفسه!
من الضروري أن يخرج أتباع مدرسة الخلافة من حيرتهم في أوصاف الدجال. فمع قبولهم أفكار كعب الأحبار، تحير علماء هذه المدرسة بين الدجال الذي قال به تميم الداري، والدجال الذي قال به عمر بن الخطاب. وفي حديث قيِّم لأحد هؤلاء العلماء (الشيخ عمران حسين) يعتبر الحكومة العالمية للمسيحية-الصهيونية هو الدجال الذي أثار مؤخرا النعرات الطائفية بين السنة والشيعة. [4]
لا يسعني المجال هنا في الرد على التناقض الذي وقع فيه الشيخ عمران حسين. من جهة تحدث هذا الشيخ على الشبكة العنكبوتية (You Tube) مقرا عن إرهاصات ظهور الإمام المهدي. ومن جهة أخرى يؤكد بأنه لا أساس في القرآن الكريم (المرجع الأعلى للمسلمين بسنتهم وشيعتهم) لنظرية الإمامة. وهكذا عندما تنطفئ البصيرة في قلب الإنسان، فإنه يخلق فضائل مصطنعة من السنة في شأن أبو بكر (الصديق) وعمر (الفاروق) وعثمان (الغني) ليطفئ نور من سمى نفسه نقطة بسم الله الرحمن الرحيم للقرآن. فهل أعطى المسلمون صفة الإمامة لشخص غير علي بن أبي طالب عليه السلام في الصدر الأول من الإسلام ؟ وهذا الإمام المهدي هو آخر الأوصياء من نسل وصي رسول رب العالمين.
ولكي أنصف الشيخ فإني أحد المعجبين بتحليلاته السياسية التي رأيتها متطابقة مع تحليلات الشهيد حسين بدر الدين الحوثي الذي أستشهد في صعدة الصمود عام 2004 عن عمر لم يتجاوز الـ 46.
فالدجال إمام جبهة الضلال الذي سيقف بوجه المهدي عليه السلام. وما زرع
الخوف في نفوس الغير المسلمين من الإسلام الأصيل وشريعته إلا حركة إستباقية.
الفوضى الخلاقة التي إبتدأتها هلري كلنتن (التي رشحت نفسها للرئاسة هذا اليوم 13 أبريل) جلبت الوبال على المسلمين. ونجح الثالوث المشؤوم (الإنجليز والأمريكان وإسرائيل،
وفق تسمية الشهيد محمد محمد صادق الصدر) بإحكام قبضته على الدول الإسلامية ومصادرها النفطية.
فسعر النفط في الأسواق العالمية الآن هو ثلث ما كان عليه قبل حوالي عام. وبإسم الإسلام أريق الدم الحرام، وهُجِّرت طوائف غير إسلامية كانت تعيش في سوريا/العراق وهُدِّمت العديد من قبور الأولياء والصالحين والمناطق الأثرية التي يعود تاريخها إلى زمان أنبياء الله إبراهيم ويونس عليهما السلام. ومن الجلِّي أن الذي يقتل على الهوية 1700 مسلما في يوم واحد، ويحرق طيارا أردنيا أسيرا، ويذبح الصحفيين الغير المسلمين الأسارى أمام عدسات الكاميرا لا يمت للإسلام بصلة.
إنه السفياني الذي سيدفع ثمن جرائمة غالية عندما تسمع البشرية النداء: "وَقُلْ جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقاً." (17:81)
الخلاصة
عانت البشرية ومازلت من جور السلاطين. سواء النظرة الإستعلائية التي يجلبها المُلك أو النظرة الفوقية التي يوحي بها التلمود لقرائه، فإن نفوس ودماء البشرية ستكون رخيصة من أجل إستعباد الشعوب تحت ذرائع مختلفة. منذ فجر التاريخ كان فقدان التقوى في حياة الإنسان سببا لقتل أخيه. لذا حرَّمت التوراة قتل النفس البريئة. أما التلمود فهو تفسير أحبار اليهود للتوراة. وفيه الكثير من الإبتعاد عن خط التوحيد الذي يريده الله. وأما معتقد المعاد فهو ضائع بين العهد القديم السومري والعهد القديم العبري. إذن لم يطبق أتباع موسى (الذي هو من نسل خليل الرحمن إبراهيم (ع) الأحكام التي أرسلها الله إليهم، لا في زمان موسى وهارون ولا في زماننا الراهن. في مواضع عديدة من القرآن وفي أكثر من ثلثي سورة البقرة وبَّخ الله بني إسرائيل على زيغان قلوبهم بعد إضلال السامري لهم وأن تلك القلوب أشربت العجل إشارة إلى ماديَّتهم الصارخة. والإعتراض الصارخ لبعض أحبار يهود أمريكا حاليا لإسرائيل يكشف مدى ضلال ثيودور هرتزل والحركة الصهيونية التي أسسها وإبتعادها عن تعليم توراة موسى (ع).
وأرسل الله عيسى إبن مريم لبني إسرائيل ليهديهم سواء السبيل. رغم ولادته من غير
أب وكلامه وهو في المهد، لقي السيد السيح ما لاقاه الأنبياء من قبله: التكذيب أو
القتل. وبعد أن كذَّبوا رسالته، أوشى أحبار بني إسرائيل بعيسى بن مريم عند ملك
الروم ليقتله ولكن الله رفعة إليه. لم يعش روح الله في الحياة هذه أكثر من 33 سنة. والقرآن يخبرنا بأن عيسى بن مريم كلَّم الناس في المهد و وسيكلِّمهم كهلا. والكلام الثاني إشارة إلى الدور المناط به وهو في سن الكهولة حينما ينزل من السماء بعد ظهور بقية الله الأعظم أرواحنا له الفداء.
حجب الله النبي عيسى والإمام المهدي (من نسل إسحاق وإسماعيل على التوالي) في عالم الغيب ليؤدوا الدور المناط بهما في آخر الزمان.
الإمامة كالنبوة جعلية يجعلها الله في من يشاء من عباده. وهذا الأمر من السنن التكوينية. أما بعث الله الرسل والرسالات فقد إحتوت على السنن التشريعية ليقوم الناس بالقسط. إقتفى المسلمون خطى بني إسرائيل، كما تنبأ الرسول عليه الصلاة والسلام. وعطِّلت الأحكام ولم تقم الحدود، فسلَّط الله على المسلمين شرارهم، فدعاه خيارهم ولم يستجب لهم. لكي لا تصب البشرية بالقنوط أعطى القرآن بشارة بإستجابة دعاء ولي الله الأعظم وكشف الضر عن البشرية المعذبة في نهاية المطاف: "
أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الأَرْضِ أَئِلَهٌ مَعَ اللَّهِ قَلِيلاً مَا تَذَكَّرُونَ." (27:62) وهكذا تتجلى عالمية رسالة الإمام المهدي (ع).
شكر وتقدير
يود المؤلف أن يشكر عقيلته الفاضلة الدكتورة بن فارس على تفضلها بطباعة هذه الورقة.
المراجع
[1] http://www.civilizationguards.com/2014/06/pharaohs-magic-and-magicians.htmlAdd+
[2] http://www.nakba.ps/criminal-details.php?id=7
[3] https://ar-ar.facebook.com/nabila.espanioly
[4] Bridging The Sunni Shia Divide By Sheikh Imran Hosein 26 Nov 2014
https://www.youtube.com/watch?v=2zx2lKAmv8U&sns=em
https://ayandehroshan.ir/vdcc.oqsa2bqsxla82.html
ارسال نظر
نام شما
آدرس ايميل شما