تاریخ انتشارپنجشنبه ۲۲ مرداد ۱۳۹۴ ساعت ۱۴:۳۴
کد مطلب : ۱۲۱۷
۰
plusresetminus
المجتمعات الإسلامية والتمهيد والإعداد للظهور
طاهر كوليبالي
فوضع التربية
أ _ التربية
كما نعلم أن التربية على عدة أنواع !، فنحن بصدد تربية شعب المسلم من المهد إلى اللحد، وذلك بتثقيفه بالثقافة الإسلامية الأصيلة: وتلبية لهذه الحاجة التربوية الماسة، فعلينا بفهم دستورنا بشكل دقيق؛ كما يقول الشيخ الإشراق السهر وردي:" وعليك بقراءة القرءان مع وجد وطرب وفكر لطيف، وأقرأ القرءان كأنه ماأنزل إلا في شأنك فقط ".
ب _ التعليم
وأما التعليم فهو أول عمل قام به جد الإمام المهدي (عج)، ولا يتحقق ذلك إلا بالحكمة: كما يقول: ملا صدرا الشيرازي في كتابه " أسرارالأيات": رأس السعادات والحسنات هو اكتساب الحكمة الحقة "، العلم بالله وصفاته وأفعاله وملكه وملكوته، والعلم باليوم الآخر ومنازله ومقاماته من البعث والحشر والكتاب والميزان والحساب والجنة والنار، وهي الإيمان الحقيقي والخير الكثير والفضل العظيم المشار إليه في قوله تعالى:" ومن يؤتى الحكمة فقد أوتي خيرا كثيرا ". صدق الله العلي العظيم.
انطلاقا من هذه الحقيقة القرءانية، تكون التربية والتعليم الناجح في الأسرة وفي المجتمع، وفي المجتمع الإسلامي وغيره في العصر الراهن، لأن فاقد الشيء لايؤتي.
المعلم أو المربي، عليه أن يكون مثالا وقدوة، كما كان جد الإمام المهدي(عج). القول أوالطلب مقترن بالعمل، والعكس غير صحيح. كما يقول الله سبحانه وتعالى:" لما تقولون ما لا تفعلون، كبر مقتا عند الله أن تقولوا ما لا تفعلون ".
إن كل مجتمعات الناجحة من الفرد ثم الأسرة فصاعدا؛ من منطلق صحيح أي: من العلم والتعلم، ولذا، نرى الأنبياء والرسل، كانوا أساتذة الأمم.
لتمهيد والإعداد للظهور، على عاتق كل عالم ديني، وعليه أن يبتعد عن التعصب والعصبية بكل أنواعه:
1. التعصب الديني.
2. التعصب الفكري.
3. التعصب الطبقي.
4. التعصب القومي. ليواجه الحق،
وأقوى أشكال التعصب هو التعصب المذهبي داخل الديانة الواحدة... وعليه أيضا أن يعلم الناس فضائل الأئمة(ع) لأنهم لا ينفكون عن النبي (ص) وهو جدهم.
وعلى كل مذاهب وطرق الإسلامية أن يعلم أن لهم عدو واحد، وهو الغرب، أي: النصارى واليهود.
وكما أن كلنا نؤمن بعالمية الإسلام، كذلك لا يحق لأية دولة إسلامية أن تقول: " لايضركم إعواج دولة إذا اهتديتم !، لأن الإسلام هو الطريق الوحيد للنجاح والسعادة في الدارين.
وعدونا لن يرضى عنا أبدا حتى نتبع ملته، ويسعى إطفاء نور الله بفمه من خلال وضع سياسة التجزئة بين المسلمين، وخلق المشكلات الحدودية والاقتصادية والاجتماعية وحتى المذهبية... مما يجعل إنسان المسلم لا يهتم بالعلم والتحقيق بل بطقوس.
فهذه، مخطط الغرب ضد الإسلام والمسلمين منذ زمن طويل.
لكي نكون على استعداد تام وتمهيد للظهور، فعلينا أن نضع في عين الاعتبار، ما يلي:
1. توفر وسائل الاتصال والإعلام الحديثة...
2. القضاء على عوامل التفرقة وآفة الطائفية والمذهبية...
3. إنشاء صندوق إسلامي في كل بلد مسلم لتمويل مشاريعنا...
هذا، ووزعنا البحث على أربعة فصول، والخاتمة.
_ الفصل الأول: المراهقة ومظاهرها العامة.
_ الفصل الثاني: النمو العقلي عند الإنسان.
_ الفصل الثالث: النمو الديني والاجتماعي والأخلاقي.
_ الفصل الرابع: حقيقة الاعتقاد بالإمام المهدي المنتظر(عج).
_ والخاتمة.
وفي جميع الفصول، راعينا الاختلاف والتباين في الفهم والإدراك والتلقي للقراء، متجنبين المصطلحات الغامضة، لتعم الفائدة الأخوية منه، لتكوين قويم وصالح لكي يؤدي إنسان مسلم مسؤوليته تجاه الإمام المهدي (عج) في حياته الإنسانية.
الفصل الأول: المراهقة و مظاهرها العامة
الولد سيد سبع سنين وعبد سبع سنين ووزير سبع سنين
المراهقة هي مرحلة الانتقال من الطفولة إلى سن الرشد؛ وهي تبدأ مع بداية البلوغ وتنتهي في سن الرشد، وتختلف بداية المراهقة ونهايتها من حضارة لأخرى ومن جنس لأخر ومن فرد لأخر، وكذلك أيضا تتميز بتغيرات بيولوجية ونفسية واجتماعية تدريجية وسريعة.
ويرون علماء النفس والتربية أن مرحلة المراهقة مرحلة التوتر والقلق والاضطراب، وأن الأزمة التي يعيشها المراهقون في مرحلتنا الراهنة هي جزء من الأزمة العامة التي يعيشها المجتمع، ولذا، على الوالدين والمربين والمعنيين بشؤون التربية والتعليم عناية إضافية واستثنائية لأجل إخراج من هذه الأزمة التربوية والتعليمية التي فرضت علينا اليوم.
معنى المراهقة
تعني المراهقة لغويا الاقتراب والدنو من الحلم، والمراهقة بهذا المعنى هو الفتى الذي يدنو من الحلم.
يقال: راهق الغلام فهو مراهق إذا قارب الاحتلام.
ويقال: جارية راهق وغلام راهق.
وفي فقه اللغة: إذا كاد يبلغ الحلم أوبلغه، فهو يافع ومراهق، فإذا احتلم واجتمعت قوته، فهوحزور Adolescence وتقابل كلمة المراهقة بالفرنسية:
مرحلة من النمو العضوي والنفسي، متوسطة بين مرحلتي البلوغ والرشد
وعلى هذا ن تقع المراهقة ما بين نهاية الطفولة المتأخرة وبداية مرحلة الرشد، وبذلك فالمراهقة لم يعد طفلا وليس راشدا بعد، وإنما يقع ضمن المرحلة المتداخلة بين مرحلتي الطفولة والرشد.
بداية ونهاية المراهقة:
كلنا نعلم أن الدراسات والتجارب الحديثة ثبتت وأكدت بأن حياة الإنسان وحدة واحدة، لايمكن فصل مرحلة منها عن مرحلة الأخرى، فهي جزء لا يتجزأ من مسيرة النمو الشامل المتكامل للإنسان، فكل مرحلة ترتبط بسابقتها وتتصل بما يليها، ولذا، يصعب التمييز بين بداية مرحلة ونهاية أخرى، ومع ذلك هناك بعض الأرقام التقريبية التي تصلح لأن تكون مقياسا قريبا للثبات تدور حوله بقية التحديدات السابقة.
بالنسبة لبداية المراهقة، الروايات تقول لنا، إنها تبدأ من السنة الرابعة عشر أو الخامسة عشرمن العمر وتنتهي في الواحدة والعشرين من العمر وهي سنة سن الشد؛ حيث يقول الرسول الأكرم (ص):" الولد سيد سبع سنين، وعبد سبع سنين، ووزير سبع سنين "
ويقول الإمام علي (ع): " يرخى الصبي سبعا ويؤدب سبعا ويستخدم سبعا "
والإمام جعفر الصادق (ع) يقول:" دع ابنك يلعب سبع سنين ويؤدب سبعا وألزمه نفسك سبع سنين؛ فإن فلح وإلا فلا خيرفيه "
وعلماء النفس عندهم تحديد دون ما ذكرناه.
بعض علامات الرشد:
_ نمو الوعي الذاتي لديه وإدراك التغيرات الحاصلة في المجالين الجسدي والجنسي.
_ الاعتماد المبكر على النفس.
_ اكتساب ثقة المحيطين به من الراشدين.
_ إن الإحساس بالرشد يتكون عندما يعامله الراشدون على أنه رفيق وندلهم.
_ التشابه بينه وبين الكبار في مجال أوأكثر من مجالات النمو: المعارف، المهارات، القوة البدنية، قوة الاحتمال، وهذا، يؤدي إلى تغيير مكانته في عالم الكبار.
_ حسن تعامل الأسرة، فالآباء والأمهات الذين يفسحون المجال في الأسرة للأطفال كي يمارسوا نشاطاتهم الفطرية.
_ الذكاء، له دور فعال في بلوغ سن الرشد؛ حيث يستطيع المراهق إدراك دوره في الحياة، والتمييز بين الواقع والأحداث، والقدرة على اتخاذ القرار والموقف الصائب وتشخيص المصالح والمفاسد.
بعض عوامل وأسباب أزمة المراهقة:
عن رسول الله (ص) غير تامة السند تنص على أن " الشباب شعبة من الجنون..." .
والجنون هنا عبارة عن التواتر والقلق الناجم من عدم التوازن بين الطاقات الذاتية والحاجات الأساسية من جانب وبين الواقع الاجتماعي الذي يحيط بالمراهق في بداية مراهقته من جانب آخر.
وبهذا الصدد، يقول البعض: إن المراهق يجرب كل إمكانياته وقدراته، ولكن بدون تخطيط محكم !، فمثله كمثل عازف على بيانو يحاول وضع كل أصابعه على كل مفاتيح البيانو، مما يجعل اللحن أقرب إلى الضجيج منه إلى الموسيقى " وبالتدرج ومع النضج، يبدأ في إختيارالنغمة الصحيحة والوضع الصحيح.
وجاء في كتاب مرحلة المراهقة، أن عوامل وأسباب الأزمة تنشأ من:
_ عدم فهم وإدراك التغيرات الجسمية والفسيولوجية، وعدم الحصول على جواب شاف عن تساؤلاته، الحصول على أجوبة خاطئة تولد له القلق والاضطراب أو تزيدها.
_ ظهور طائفة من الدوافع والحاجات الجديدة، تسبب له الكثير من الحيرة لأنه لايفهمها حق الفهم من جهة، وتحركه للإشباع من جهة أخرى.
_ قلة خبرة المراهق في تجنب المتاعب والمصاعب التي تنجم عن إرضاء هذه الدوافع والحاجات أو الاستسلام لها من جانب، أو عدم إرضائها من جانب آخر، وهو بحاجة إلى تعلم خبرات جديدة تخالف خبرات القديمة أو تدفعه للتخلي عنها.
_ عدم القدرة على ملك زمام النفس كما ينبغي لقلة الخبرة في الحياة بجميع أطوارها.
_ عدم الحصول على الإرشاد والتوجيه المناسبين للمرحلة التي يعيش فيها.
_ سوء التربية والتنشئة الاجتماعية.
_ سوء التعامل معه من قبل الراشدين وخصوصا الوالدين، وعدم التوازن في العلاقة معه.
_ أفكاره الخاطئة عن نفسه وعن الكون وعن الحياة.
_ التناقض في سيرته بين الطفولة والرشد.
_ التخوف من عدم قبوله في مجتمع الراشدين.
_ التناقض بين قدراته والواقع الذي يعيشه.
وجميع هذه العوامل والأسباب التي تولد المصاعب والمشاكل للمراهق، تعود في جوهرها إلى الواقع الاجتماعي الذي ينتمي إليه المراهقون.
فعلى كل المعنيين بتربية الأولاد أن يكونوا على علم تام بهذه الأسباب، لكي يسهل لهم تربية واقعية وموفقة؛ وإلا، فالولد ينتهي إلى التمرد أو العدوان، أوالإنسحاب والانطواء والهرب المادي أو السيكولوجي أو ينهار أو ينحرف.
وهذا التمرد له صور وأشكال مختلفة:
فقد يكون سافرا صريحا كالتمرد على تقاليد الأسرة وقيمها وأخلاقياتها وعقيدتها والمهن التي ترضيها، أويبدو في شكل مخالفات صغيرة في الملبس أو تمضية أوقات الفراغ، وقد يحدث في الواقع أو في أحلام اليقظة، وهو لا يقف عند التمرد على الأسرة بل قد يتجاوزه إلى التمرد على المدرسة والمجتمع جميعا.
الفصل الثاني: النمو العقلي عند الإنسان
يقول رسول الله (ص): " العقل نور في القلب نفرق به بين الحق والباطل، وبالعقل عرف الحلال والحرام، وعرفت شرائع الإسلام ومواقع الأحكام، وجعله الله نورا في عباده يهديهم إلى هدى ويصدهم عن ردى "
ويقول أيضا (ص): " العقل ثلاثة أجزاء، فمن تكن فيه فهو العاقل، ومن لم تكن فيه فلا عقل له: حسن المعرفة الله، وحسن الطاعة لله، وحسن الظن بالله
ويقول الإمام علي (ع):
رأيت العقل عقلين فمطبوع ومسموع
ولا ينفع مسموع إذا لم يك مطبوع
كما لا تنفع الشمس وضوء العين ممنوع
معنى العقل:
بعض تعريفات حول العقل عند علماء اللغة وفي الروايات وفي آراء الفلاسفة وكذلك عند بعض المتخصصين في حقول التربية وعلم النفس.
إنه سمـي عقلا لأنه يعقل صاحبه عن التورط في المهالك أي يحسبه.
ويقال: إنه هو التمييز الذي به يتميز الإنسان من سائر الحيوانات. لذلك سمـي الإنسان بحيوان ناطق !.
وعقل الشيء: فهمه .
والعقل نور، تدرك النفس به العلوم الضرورية والنظرية، فالأول هو العقل المطبوع والثاني هو العقل المسموع، كما يقول الإمام علي(ع).
العقل في رأي الفلاسفة:
العقل، جوهر بسيط مدرك للأشياء بحقائقها.
_ قوة الإصابة في الحكم، أي تمييز الحق من الباطل، والخير من الشر والحسن من القبيح.
_ قوة طبيعية للنفس متهيئة لتحصيل المعرفة العلمية، وهذه المعرفة غير المستندة إلى الوحي والإيمان.
_ الملكة التي يحصل بها للنفس علم مباشر بالحقائق المطلقة.
_ مجموع الوظائف النفسية المتعلقة بتحصيل المعرفة كالإدراك، والتداعي، والذاكرة، والتخيل، والحكم، والاستدلال
_ مايميز به الحق من الباطل والصواب من الخطأ.
_ مبدأ الهوية، ومبدأ عدم التناقضٍ، ومبدأ العلية.
_ العقل الهيولاني. وهو عقل الإنسان في طوره الأول، فهو مجرد استعداد لم يقبل إدراك، ولكنه يستطيع أن يحصل على الإدراكات.
وسمي بالهيولاني لشبا هته الهيولي الأولى في خلوها عن جميع الفعاليات.
_ العقل بالملكة، وهي المرتبة التي تعقل فيها الأمور البديهية من التصورات والتصديقات، كالكل أكبر من الجزء.
والعقل عند الجمهور على ثلاثة أوجه:
أ _ وقار الإنسان وهيئته، ويكون حده أنه هيئة محمودة للإنسان في كلامه واختياره وحركاته وسكناته.
ب _ ما يكتسبه ا لإنسان بالتجارب من الأحكام الكلية، فيكون حده أنه معان مجتمعة في الذهن تكون مقدمات تستنبط بها الأغراض والمصالح.
ج _ صحة الفطرة الأولى في الإنسان، فيكون حده أنه قوة تدرك صفات الأشياء من حسنها وقبحها، وكمالها ونقصانها.
_ وعلميا للعقل أكثر من معنى نستطيع أنوجزها تحت العناوين التالية: 1 _ العقل الشرعي: وهو ما يميز به بين الحق والباطل، والصواب من الخطأ، والنافع من الضار.
وسميته شرعا لأنه هو الذي يعتبر شرطا في التكليف والخطابات الشرعية، وترتب الأحكام القانونية عليه في التشريعات الوضعية.
وهو الذي جاء في الحديث،...عن أبي جعفر الباقر (ع):" لما خلق الله العقل استنطقه، ثم قال له: أقبل فأبل، ثم قال له: أدبر فأدبر، ثم قال: وعزتي وجلالي، ما خلقت خلقا هو أحب إلي منك، ولاأكملتك إلا فيمن أحب، أما إني إياك آمر، وإياك أعاقب، وإياك أثيب".
2_ العقل الفلسفي: أي المبادي العقلية (الفلسفية) التي يلتقي عندها العقلاء جميعا، وهي: مبدأ العلية، استحالة التناقض، واستحالة الدور، وكذلك استحالة التسلسل.
وسمي فلسفيا لأنه هو الذي يقول ببداهة وضرورة هذه المبادئ وهي مما يدرس ويؤكد عليه في الفلسفة، وعليه يقوم المنهج العقلي الذي يتخذ من الدرس الفلسفي مجالا له.
3 _ العقل الاجتماعي: هو ما اتفق عليه العقلاء في مختلف مجتمعاتهم وشتى أزمانهم وأماكنهم، كقبح الظلم، وحسن العدل، ووجوب ما لايتم الواجب إلا به، واقتضاء الأمر بالشيء النهي عن ضده، وهو ما يعرف في لغة أصول الفقه بسيرة العقلاء.
4 _ العقل الخلقي: وهو على قسمين عند الفلاسفة؛ أ _ النظري، وهو الذي يتجه إلى ما ينبغي أن يعلم، فينصب على الإدراك والمعرفة. ب _ العملي، وهو الذي يتجه إلى ما ينبغي أنعمل، فينصب على الأخلاق والسلوك.
_ إن أفلاطون وأرسطو وأمثالهم يرون الفرق بين العقل والفكر، والدليل هو أن العقل يستدل ويستنتج، وأما الفكر، يكشف عن أسباب الظواهر. والتمييز بينهما صعب ! لأن لاثمرة عملية لهذا الفرق.
_ والعقلي نسبة إلى العقل، والعقلاني نسبة إلى من يؤمن بحكم العقل، ويستدل على صحة العقائد.
ولذا، نرى أن الإمام علي(ع) يقول:" إن العقل ولادة والعلم إفادة ومجالسة العلماء زيادة"
إن للنمو العقلي دور أساسي في تغيير جميع مظاهر النمو للشخصية، يدفعها نحو التكامل والارتفاع إلى مستوى الأمانة والمسؤولية التي خلق الإنسان من أجلها.
والنمو العقلي يجعل صاحبه مستبينا لطريقه عارفا بالعوامل والسنن المتحكمة بالكون والحياة والمجتمع؛ يميز بين الصواب والخطأ، فلا يختلط عليه شيء مهما اختلطت العناوين والأسماء والصفات. ويجعل صاحبه متوجها نحو الكمال في جميع مظاهر النمو: الديني والانفعالي والاجتماعي والأخلاقي، ولهذا، نجد ملازمة واضحة بين جميع مظاهر النمو والنمو العقلي. وكما يقال:" إن الإنسان حيوان، و بما أنه ناطق، يستطيع التقدم والتطور عبر الفكر والروح والعقل، فيقترب بذلك من الله سبحانه وتعالى؛ ولعل ما يجعل الإنسان في هذه المنزلة من الاقتراب من الله هو العقل البشري الخلاق المبدع المفكر الذي يستطيع أن يبلغ بالتفكير تصور وجود الله".
ولذا، نرى أن الإمام الصادق(ع) يقول:" دعامة الإنسان العقل، ومن العقل الفطنة، والفهم، والحفظ، والعلم، فإذا كان تأييد عقله من النور كان عالما حافظا زكيا فطنا فهما، وبالعقل يكمل، وهو دليله ومبصره ومفتاح أمره" .
ويقول الإمام الكاظم(ع):" ماعبد الله بشيء أفضل من العقل...".
وأخيرا، يقول رسول الأكرم(ص):" قوام المرء عقله ولادين لمن لا عقل له".
وآخر ما نقوله حول التنمية العقلية للمراهقين هو: أنها ترشدهم إلى الاستقامة والصلاح لأنفسهم وللمجتمع، وتنهض بهم في بناء الحضارة والمدنية
الفصل الثالث: النمو الديني والاجتماعي والأخلاقي
التدين حاجة فطرية
يقول سيد الوجود(ص):" كل مولود يولد على الفطرة، فأبواه يهودانه وينصرانه ويمجسانه".
يقال إن الدين نشأ بسبب خوف الإنسان من الحوادث الطبيعية المخيفة بالعلل الطبيعية، أوانه من مختلفات الطبقات الاقتصادية المستغلة، فإن ذلك مجرد فرضيات لادليل على صحتها، بعد أن دل العقل والنقل على خلافها. هذا، يكذب تصريحات كارل ماكس عندما يقول:" إن الدين مخدر الشعب".
كما ثبت في العقل والنقل، أن التدين غريزة موضوعة في النفس الإنسانية، وهو حاجة فطرية في أسسها الكلية، فكل إنسان يفكر في مبدأ هذا الوجود ومعاده، ويتأمل في الكون والحياة والنفس الإنسانية. وهذا، يدل أن الدين رسالة للإنسان؛ تحرره من جميع ألوان الانحراف في فكره وعاطفته وسلوكه، وتحرره كذلك من ضلال الأوهام وظلمة الخرافات ومن عبادة الآلهة المصطنعة.
وعلى هذا الأساس، فإن الدين ثابت في مفاهيمه وقيمه لا يتبدل ولا يتغير تبعا للأهواء والأمزجة والمصالح الذاتية.
والتدين حقيقة إيجابية متحركة تبدأ بالقلب والضمير وتنتقل إلى المواقع، تبتدئ بالنوايا وتتحول إلى الممارسات؛ والتدين يزيد وينقص تبعا للإيمان، كما يقول رسول الله (ص):" الإيمان يزيد وينقص" وقال الإمام علي(ع):" إن الإيمان ليبدو لمعة بيضاء فإذا عمل العبد الصالحات نما وزاد حتى يبيض القلب كله، وإن النفاق ليبدو نكتة سو داء فإذا أنتهك الحرمات زادت حتى يسود القلب كله فيطبع على قلبه". إما أن يتجذر ويصل إلى القمة وإما أن يبقى طافحا في السطح إلى أن أن يتلاشى، ويفقد تأثيره على الإنسان بجميع مقومات شخصية. والشك يفسد الدين كما يقول الإمام(ع)" الشك يفسد الدين" الشك يحبط الإيمان"، " صن إيمانك من الشك، فإن الشك يفسد الإيمان كما يفسد الملح العسل".
ومن معوقات التدين:
1_ الشك.
2_ التباغض.
3_ مصاحبة ومجالسة أهل البدع والأهواء.
4_ الغضب والحسد.
5_ سوء الخلق.
6_ الطمع والحرص.
7_ عدم الحياء.
8_ انحرافات اللسان.
9_ عدم الصبر.
وخلاصة ماتقدم هو أن الإنحراف عن المنهج الإسلامي فكرا وعاطفة وسلوكا يؤدي إلى ضعف الإيمان والضعف النمو الديني.
وصفة المؤمن، كما ذكر لنا الإمام جعفر الصادق (ع):" صفة المؤمن: قوة في دين، قوة في دين، وحزم في لين، وإيمان في يقين، وحرص في فقه، ونشاط في هدى، وبر في إستقامة، وإغماض عند شهوة، وعلم في حلم، وشكر في رفق، وسخاء في حق، وقصد في غنى، وتجمل في فاقة، وعفو في قدرة، وطاعة في نصيحة، وورع في رغبة، وحرص في جهاد، وصلاة في شغل، وصبر في شدة، وفي الهزاهز وقور، وفي المكاره صبور، وفي الرخاء شكور، لايغتاب ولايتكبر ولايبغي، وإن بغي عليه صبر، ولايقطع الرحم وليس بواهن ولافظ ولاغليظ، ولايسبقه بصره، ولايفضحه بطنه، ولايغلبه فرجه، ولايحسد الناس، ولايفتر ولايبذر ولايسرف، بل يقتصد، ينصر المظلوم، ويرحم المساكين، نفسه منه في عناء والناس منه في راحة، لايرغب في عز الدنيا، ولايجزع من ألمها، للناس هم قد أقبلوا عليه، وله هم قد شغله، لايرى في حلمه نقص، ولا في رأيه وهن، ولا في دينه ضياع، يرشد من إستشاره، ويساعد من ساعده، ويكيع من الباطل والخنى والجهل، فهذه صفة المؤمن".
انطلاقا من هذه الحقائق، نفهم أن الين منهج حياة شامل لجوانب الشخصية والاجتماعية يوجه الإنسان والمجتمع ليوصله إلى القمة في السمو والارتقاء متعاليا على النظرات الضيقة للكون وللحياة وللمجتمع، ومتحصنا من الانزلاق وراء الراغبات والشهوات، ومن آثاره الأساسية هداية الإنسان بتغيير محتواه الداخلي ليصل إلى الكمال والتكامل.
الضرورة الاجتماعية
منذ أن خلق الله آدام (ع)، فظهرت ضرورة الإجتماعية فخلق حواء عليها السلام...
فالشارع الإسلامي لم يدع أمرا مهما بعيدا عن البحث والتفصيل والشرح لاستمرار مسيرة الحياة الاجتماعية وعدم حدوث فجوة أو فراغ فقهي في البحوث الإسلامية، بعدما وضع للإنسان منذ بداية خلقه إلى قبره كل ما هو بحاجة إليه في حياته الاجتماعية والاقتصادية والسياسية وغيرها.
إن تطور المجتمعات بحاجة إلى منهاج عمل أوبرنا مج تسير عليه، ولاسيما المجتمعات المعقدة التي تنوعت حياتها الاجتماعية وصار من الصعب عليها أن تحل مشاكلها بدون نظام دقيق يقومها نحو طريق الصواب.
فالإسلام بشارعه الجليل نظم للبشرية جمعاء حياتها وما يتعلق بها تنظيما دقيقا شاملا لكل ذرات الحياة بشكل هادئ سليم بالأخوة والمودة والسلامة القلبية والارتياح الضميري في كل جوانب من جوانبها؛ هذا، هو الإسلام بتطبيق منهاجه وتكميل أعماله.
يقول الله سبحانه وتعالى:" يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا...".
ففي بداية المراهقة تتسع العلاقات الاجتماعية، حيث يسعد المراهق بمشاركة الآخرين في أفكارهم ومشاعرهم وممارساتهم، باستثناء المراهق المنطوي الذي يقتصر على العلاقة المحدودة، وتبدأ العلاقة عن طريق الاتصال الشخصي بفرد من هنا وآخر، ومن هناك ثم تتوسع، وهذا الاتصال يساعد المراهق على تنمية أفكاره وتوسعة وجهات نظرة ويزيد معلوماته العامة حول الكون والحياة والمجتمع وحول نفسه، وتنمو في هذه المرحلة النزعة الاستقلالية، حيث ينتقل المراهق من الاعتماد على الغير إلى الاعتماد على نفس؛ وإنه في نفس الوقت، هو بحاجة إلى الآخرين حاجة ضرورية لا يمكن الإ ستغناء عنها؛ ولذا، نرى أن الإمام جعفر الصادق (ع) يقول:" عليكم بالصلاة في المساجد، وحسن الجوار للناس، وإقامة الشهادة، وحضور الجنائز، إنه لابد لكم من الناس، إن أحدا لا يستغني عن الناس حياته، والناس لابد لبعضهم من بعض".
ولذا، نرى في وصية لقمان لإبنه، حينما يقول له:" يابني أكثر من الأصدقاء"
وفي نفس الوقت يرشدنا سيد الكون إلى من نختاره لنا كصديق، حيث يقول(ص):" إياكم ومجالسة الموتى، قيل: يا رسول الله من الموتى؟ قال: كل غني أطغاه غناه".
وبهذا الصدد، نرى أن التعاليم والإرشادات الدينية تدعو إلى مجالسة الصالحين فكرا وعاطفة وسلوكا، وتحذر من مجالسة الذين يخوضون في آيات الله، والجلوس في الطرقات، لتحصين المراهق من الانحراف والانزلاق نحو الرذيلة والتخلي عن الاستقامة الفكرية والسلوكية.
وسنكتفي بوصية الإمام علي(ع) لولده:" يابني اجعل نفسك ميزانا فيما بينك وبين غيرك، فأحبب لغيرك ما تحب لنفسك، وأكره له ما تكره لها، ولا تظلم كما لاتحب أن لا تظلك، وأحسن كما تحب أن يحسن إليك، واستقبح من نفسك ما تستقبحه من غيرك، وأرض من الناس بما ترضاه لهم من نفسك، ولا تقل مالا تعلم وإن قل ما تعلم، ولا تقل مالا تحب أن يقال لك"
وعلى كل من يرغب تربية ناجحة الاهتمام بهذه الإرشادات الدينية لكي يترعرع الطفل والمراهق في ظل التراحم والتناصح والشعور بالمسؤولية والقيام بأعبائها، وهي أفضل وأسهل إرشادات يتفاعل معها كل من يجد نفسه مسئولا عن إعداد الجيل الناشئ.
أهمية الأخلاق
ومن أقوال رسول الأكرم صلوات الله وسلامه عليه وآله:
1 _ " إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق"
2 _ " أول ما يوضع في الميزان الخلق الحسن"
3 _ " من رآى منكم منكرا فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان"
إن الأخلاق: هي الغاية التي تتوخاها جميع الديانات والمذاهب الفكرية، فقد جاءت الأخلاق من أجل هداية الإنسان وتحريره من جميع ألوان الانحراف في فكره وسلوكه، وتحريره من الانسياق اللامحدود وراء الشهوات والمطامع؛ والإسلام يهتم بتغيير داخل الإنسان بتهيئة عقله وقلبه للتلقي والاستجابة لقواعد وأسس ومفاهيم النصوص، ليكون إنسان اجتماعي على وجه سليم.
فالإمام يقول(ع):
إن المكارم أخلاق مطهرة
فالدين أولها والعقل ثانيها
والعلم ثالثها والحلم رابعها
والجود خامسها والفضل ساديها
والبر سابعها والصبرثامنها
والشكر تاسعها واللين باقيها
والنفس تعلم أني لاأصادقها
ولست أرشد إلا حين أعصيها
بعض خصائص لتوجيه وإرشاد المراهقين:يقول الله سبحانه وتعالى:" يا أيها الناس قد جاءتكم موعظة من ربكم وشفاء لما في الصدور وهدى ورحمة للمؤمنين"
كما اتضح من مختلف الدراسات والاستفتاءات التي أجريت بين المراهقين في مختلف البيئات والحضارات، أن التوجيه والإرشاد الذين يتطلع إليهما المراهقون، ينبغ أن ينطويا على خصائص، أميزها:
1 _ التوجيه الذي يسمح لهم بالتعبير عما يفكرون به وما يساعدهم على استخدام قدراتهم العقلية لحل ما يواجههم من مشكلات.
2 _ الموضوعية في التوجيه.
3 _ التفهم لطبيعة المراهقة وخصائصها البيولوجية والفسيولوجية والنفسية.
4 _ الابتعاد عن توجيه اللوم والانتقاد؛ فالمراهق يميل إلى سمـاع الثناء وهو أكثر تأثيرا عليه من التفريع.
5 _ الحزم في المواطن التي تتطلب مثل هذا الإجراء.
6 _ التعبير عن الشعور الخالص إزاء المراهقين الذين هم بحاجة إلى النصح والإرشاد.
7 _ إن الغاية من إرشاد المراقين هي مساعدتهم على أن يدركوا أنفسهم كأفراد لهم قدراتهم وقابليتهم التي يستطيعون تنميتها، وإن لهم أخطاءهم التي بوسعهم أن هم واجهوها، تصحيحها إن لهم مهامهم في الحياة، هم جديرون بتحقيقها؛ يجب أن يبصر جيدا لإدراك العلاقة بين ماهو فاعل الآن وبين ما يرغب أن يكون عليه، يجب إشعاره بأنه فرد يتمتع بعاطفة اعتبار الذات التي ينبغي أن تحترم.
8 _ ينبغي أن ينصب الاهتمام على ما يسمى بالإرشاد التطوري النشوي، وفيه يكون التأكيد على تنمية شخصية المراهق وتعريفه بقابليته.
9 _ انتهاج تقييم الذات وذلك بتبصير المراهق ما هو عليه من مواهب وبما يستطيع أن ينجزه وهذا كفيل برده إلى واقع ذاته.
10 _ انتهاج أسلوب المداولة وذلك بتعريف المراهق بنفسه عن طريق ما يتجمع لدى مدرسية وإدارة مدرسته من معلومات عنه على ضوء ملاحظاتهم التي يدونونها عنه، وهي ملاحظات الغاية منها إصلاحه وتوجيهه إلى ما يمكن أن يصلح له من مهنة تلائمه.
11 _ إن من يتولى الإشراف على إرشاد المراهقين وتوجيههم يجب أن يكون ملما بطريقة توجيه الأسوياء منهم والموهوبين والمتخلفين عقليا، فلكل فئة أسلوب خاص في التوجيه يجب إتباعه.
12 _ إن المراهق يرحب بالمعونة والاقتراحات والنصائح حين تصدر ممن يثق فيهم ويحترمهم، ويود أن يرى في والديه صديقا يلتمس مشورته ويبوح إليه بأسراره ومشاكله ويستمد منه العون في ساعات الضيق.
الفصل الرابع: حقيقة الاعتقاد بالإمام المهدي(عج)
كان في علم الله سبحانه وتعالى في الأزل، إرسال منقذ الإنسانية من الأزمة والجهل والظلام والفتنة الدائمة التي يعيشها بني آدم في آخر الزمان، فاختار يوم الجمعة السابع عشر من شهر ربيع الأول عام الفيل(570 المسيحي)، ليكون ذلك بداية الرحمة والسعادة للعالم، واختار له حفيده، وهو آخر الإمام ليقوم بوصل ما سبق، أي وعد إلهي الذي قال الله تعالى بصدده:" وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الأرض كما استخلف الذين من قبلهم وليمكنن لهم دينهم الذي ارتضى لهم وليبدلنهم من خوفهم أمنا يعبدونني لا يشركون بي شيئا ومن كفر بعد ذلك فأولئك هم الفاسقون"
ومن البديهي أن الدين الذي يقوم بقيادة البشرية كلها حتى نهاية العالم، لا يمكنه عدم الاهتمام بامتداد هذه المهمة الإلهية. وهذا يقودنا إلى ضرورة تعيين الإمام، بقوله تعالى:" ياأيهاالرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك وإن لم تفعل فما بلغت رسالته والله يعصمك من الناس".
وبعد تعيين الإمام علي (ع)، إلى أن صار الدور إلى الإمام المهدي الذي ولد عند الفجر في النصف من الشعبان، سنة 255ه الموافق ب 869م؛ ومعرفة هذا الإمام الجليل، واجب على كل من يدعي أنه مسلم؛ وعلى كل المعلمين والمربين، تعليم الأولاد في المدارس الخاصة أو العامة، هذه المهمة الإسلامية التي تبدأ من الحضانة، تليها الابتدائية ثم التكميلية فالثانوية، وحتى على الدراسات العليا؛ بهذا نفتخر ونقول إننا بانتظار الإمام حقيقة !. وإلا فالمذهب هو إسلامنا و...
وأخرج الترمذي...قال رسول الله(ص):" ينزل بأمتي في آخر الزمان بلاء شديد من سلطانهم حتى تضيق عليهم الأرض فيبعث الله رجلا من عترتي فيملأ الأرض قسطا وعدلا كما ملئت ظلما وجورا يرضى عنه ساكن السماء وساكن الأرض لاتدخر الأرض من بذرها شيئا إلا أخرجته ولا السماء شيئا من قطرها إلا صبته يعيش فيهم سبع سنين أوثمان أوتسع.
حاجة الأنام إلى الإمام
يصادق كل من إلمام في السير والتواريخ الإسلامية على أن جميع فرق الإسلام منذ صدر الإسلام حتى إلى يمنا هذا، باتفاق مجيء الإمام مهدي (عج) بعد الرسول (ص)، وقبل قيام الساعة.
كما اتضح وثبت حاجة البشرية إلى الرسول والرسالة، وكذلك إلى الإمام بعد الرسول؛ أما النزاع القائم بين فرق الإسلامية، ففارغ، ولا دليل إلا العصبية كما ذكرناه في مقدمة هذا البحث المتواضع؛ أي: هو اتجاه نفسي جامد مشحون انفعاليا، أو عقيدة أو حكم مسبق ضد جماعة أوشي أوموضوع؛ ولا يقوم على سند منطقي أبدا، أومعرفة كافية، أوحقيقة علمية؛ مع ذلك يحاول صاحبه تبرير ما هو عليه.
انطلاقا من هذه الحقائق، على كل من يدعي أنه مسلم أن يطرح العصبية جانبا ويكون صادقا مع نفسه ومع الله ليشعر بالسعادة الدارين.
التربية والتعليم لانتظار الإمام المهدي(عج).
والتربية الناجحة، لاتتحقق إلاأن يكون هناك استعدادا قبل وضع لبنة الأولى، أي على الأب الذي حصل على تربية جيدة، أن يقوم بمحاسبة نفسه...ثم يبحث على زوجة ذات الدين كما عبره الرسول الأكرم (ص). ثم يتابع حرف بحرف ما ذكرناه في كل الفصول الثلاثة، أي منذ أول الولادة إلى النمو الجسمي، والنمو العقلي، والنمو الديني، وكذلك النمو الاجتماعي والأخلاقي، وحتى الجنسي، كما جاء في كتب علم النفس الإسلامي.
نرى اليوم أن الفضل غالب على الفضيلة، والفضيلة الأخلاقية التي تحرس روح الإنسان من الهلاك قد تحطمت تحت الأقدام.
فالكذب، والحرص، والنفاق، والظلم، وحب الجاه، وسائر الرذائل الأخلاقية، التي يشكل كل واحد منها سدا في سبيل التكامل الإنساني وسعادته.
فالذين يرون بعض الأشخاص في أعلى سلم التقدم، كما أنهم بسطاء اعتادوا أن لايفكروا، فإنهم لايجدون سببا لذلك، إلا حظا أو صدفة. فالله أبى أن تجري الأمور إلا بأسبابها.
وللمثل، كما جاء في كتاب: دراسة في المشاكل الأخلاقية والنفسية في صفحة التاسعة" أن ألمانيا التي أمست بعد الرب العالمية حفنة رماد نجدها وقد أصبحت اليوم إحدى الدول الصناعية العامة. ويقول ذوو الخبرة ليس السبب في ذلك أن الألمانيين أذكى منا، ولا أن لهم من القوى والصلاحيات ما ليس لغيرهم، بل أن السبب الأهم في تقديمهم هو الإحساس بالمسؤولية وحسن الانضباط! وهما صفتان أصبحتا من الخصائص الأخلاقية العامة فيهم".
الحكومة الإلهية
عرفنا أن مفهوم الدين هو:" الإيمان بخالق الكون والإنسان، والتعاليم والوظائف العملية الملائمة لهذا الإيمان" ومن هنا أطلقت اللادينية على أولئك الذين لايؤمنون بالخالق إطلاقا، بل يؤمنون بالصدفة والاتفاق في خلق الظواهر الكونية، أومسببة من التفاعلات المادية والطبيعية.
إن الدين الإسلامي الخالد الذي نحن بصدده، قد أسس من أول يوم على التقوى، على يد أكبر شخصية أخلاقية في التاريخ(ص)، " وإنك لعلى خلق عظيم" وإنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق.
إن الدعوة الإسلامية قد بنى أسسها على رفع قيمة الإنسان المعنوية برفع مستوى عقيدته إلى سلسلة من العقائد الطيبة الطاهرة، ورفع مستوى خلقه إلى الملكات الفاضلة. والإسلام يمنع الإنسان منعا باتا من أن يضحي بالفضائل في سبيل ميوله وشهواته.
بهذا، فهمنا أن الهدف الرئيس والأول من بعثة الأنبياء هو: إتمام الشروط التي يلزم توفرها لرشد البشر وتكاملهم الحر والواعي الشعوري، والتي يتم تحقيقه من خلال إبلاغ الوحي الإلهي للناس. والإمام هو نائب بالحق لإتمام هذه المهمة الإلهية؛ وكل هذا، لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل.
والهدف النهائي لظهور الإمام المهدي (عج) هو إتمام هذا الدين العالمي، وبهذا الصدد يقول سبحانه وتعالى:" ليظهره على الدين كله".
وهذا الإمام هو الذي سيرث الأرض مع عباد الله الصالحين. قوله تعالى:" ولقد كتبنا في الزبور من بعد الذكر أن الأرض يرثها عبادي الصالحون".
وفي آية أخرى أشير لحكاية فرعون، الذي جر الناس للاستضعاف: " ونريد أن نمن على الذين استضعفوا في الأرض ونجعلهم أئمة ونجعلهم الوارثين".
ومن أعماله كما ذكرناها سابقا: عن ابن عباس قال رسول الله(ص) " إن عليا إمام أمتي من بعدي، ومن ولده القائم المنتظر الذي اذاظهر يملأ الأرض عدلا وقسطا كما ملئت جورا وظلما".
وللقائم غيبتين، كما يقول الإمام السجاد عن أبيه، عن جده علي بن أبي طالب(ع) أنه قال:" وإن للقائم منا غيبتين؛ احدهما أطول من الآخر، فلا يثبت على إمامته إلا من قوى يقينه وصحت معرفته".
ومن أجل أن نعرف الإمام حقيقة، وسر الغيبة ومغزاها لابد أن نلقي نظرة على سيرة الأئمة الأطهار(ع).هذا، وهذا البحث المتواضع لا يأخذ يد القارئ إلى الإمام مباشرة، ولكن يفتح له طريق قويم ليصل إلى الإمام بلا أية مشكلة.
الخاتمة
بعد ما عرفنا أن الأنبياء والرسل حبل الله من السماء إلى الأرض، وأن النبي(ص) هو خاتم النبيين وأن الخلافة هي سنة مستمرة بين الأنبياء(ع) حتى لاتخلو الأرض من حجة ولحفظ ما أنجزه الأنبياء وإتمام دورهم في هداية الناس إلى كمالهم الروحي والأخلاقي وكل ما يرتبط في حياتهم وآخرتهم ويكون ذلك على يدي إنسان يتمتع بنفس مواصفات النبي من الكفاءة والمؤهلات ويمتلك كل مناصب النبي إلا النبوة والرسالة؛ عن أمير المؤمنين عليه أفضل السلام، يقول:" اللهم بلى، لاتخلو الأرض من قائم لله بحجة، إما ظاهرا مشهورا وإما خائفا، لئلا تبطل حجج الله وبيناته".
إن مسألة الإمامة ليست مسألة سهلة بل لها من الأهمية والخطورة بحيث لا يمكن أن يقوم بها وبمهامها إلا من اختصه الله تعالى بصفات خاصة. يقول الله سبحانه وتعالى:" إني جاعلك للناس إماما قال ومن ذريتي قال لا ينال عهدي الظالمين".
وهذه الآية تدل على أن الذي يتصدى لهذا المنصب يجب أن يكون مقبولا ومرضيا عند الله سبحانه وتعالى لأن مسألة الإمامة هي عهد من الله، وصاحب هذا العهد عليه أن يتمتع بصفات ومؤهلات كثيرة كالعصمة تماما كما كانت شرطا في النبوة. وتدل الآية القادمة، قوله تعالى:" وإذ ابتلي إبراهيم ربه بكلمات فأتمنهن قال إني جاعلك للناس إماما قال ومن ذريتي قال لاينال عهدي الظالمين" على أن الظالم هو المرتكب للمعصية لايمكن أن يصل إلى هذا المقام العظيم وهو مقام الإمامة الإلهية.
ومعرفة هذا الإمام الجليل على عاتق كل مسلم ومسلمة، ولن تتحقق هذه المعرفة إلا بتربية صحيحة وكذالك تعليم صحيح، وبداية تلك التربية وذلك التعليم، يكونان قبل الزواج كما ذكرناه في آخر الفصل من هذا البحث.
هذا، والحمد لله رب العالمين.

المصادر والمراجع
1. القرءان الكريم
2. نهج البلاغة
3. كتب الأحاديث
4. علم النفس الإسلامي سعيد كاظم العذارى مطبعة ليلى _ إيران.
5. الإسلام وعلم النفس محمود البستاني مجمع البحوث الإسلامية _ بيروت لبنان.
6. المشاكل الأخلاقية والنفسية، مجتبى الموسوي اللاري، مركز نشر الثقافة الإسلامية في العالم. المطبعة الهادي قم _ إيران.
7. حاجة الأنام إلى النبي(ص)، علي أصغر الموسوي اللاري، المطبعة الهادي قم _ إيران.
8. دروس في العقيدة الإسلامية
9. حقيقة الاعتقاد بالإمام المهدي (عج)، محمد تقي مصباح اليزدي، المشرق للثقافة والنشر تهرأن _ إيران.
10. مذاهب فلسفية، محمد جواد مغنية، دار الجواد بيروت _ لبنان.
11. الوصية الشرعية والقانونية، محمد، مطبعة مهر مؤسسة الإمامين الجادين(ع).
12. تاريخ الإسلامي، لجنة التاريخ، المطبعة شابك قم _ إيران
13. فضائل أهل البيت (ع)، مرتضى الحسيني الفيروز آبادي، مؤسسة الأعلمي للمطبوعات بيوت _ لبنان.
14. معجم المصطلحات الفلسفية، عبده الحلو، مكتبة لبنان بيروت _ لبنان.
15. التصوف العقلي عند ابن سينا، طاهر كوليبالي، دار الهادي بيروت _ لبنان.
16. الوجودية المؤمنة، طاهر كوليبالي، تحت الطبع.
17. أسرار الآيات، صدر الدين محمد إبراهيم الشيرازي، دار الصفوة بيروت _ لبنان.
18. لسان العرب، محمد بن مكرم(ابن منظور) نشر أدب الحوزة، قم _ إيران.
19. جامع الأخبار، محمد بن محمد السبزواري. مؤسسة آل البيت.قم _ إيران.
20. ديوان الإمام علي، دار ابن زيدون، مكتبة الكليات الأزهرية.
21. العقد الفريد، أحمد بن محمد بن عبد ربة الأندلسي. دار الكتاب العربي بيروت _ لبنان.
22. فقه اللغة، أبو المنصور الثعالبي، دار إحياء التراث العربي، بيروت _ لبنان.
23. مكارم الأخلاق، عبد الله بن محمد بن عبيد بن أي الدنيا، دار الكتب العلمية. بيروت _ لبنان.
24. المعجم الفلسفي، لجميل صليبا، د.جميل صليبا، دار الكتاب اللبناني بيروت _ لبنان.
25. إرشاد القلوب، الحسن بن محمد الديلمي. منشورات الرضي قم _ إيران.
26. بحار الأنوار، محمد باقر ألمجلسي. مؤسسة الوفاء بيروت _ لبنان.
27. الكافي، محمد يعقوب الكليني. دار صادر بيروت _ لبنان.
28. روضة الواعظين، محمد بن الفتال النسا بوري. منشورات الرضي قم _ إيران.
29. سنن الأ وزاعي، عبد الرحمان بن عمر الأوزاعي. دار النفائس بيروت _ لبنان.
30. إحياء علوم الدين، أبو حامد محمد بن محمد الغزالي. دار الندوة الجديدة بيروت _ لبنان.
31. المحجة البيضاء في تهذيب الإحياء، محسن الكاشاني، جامعة المدرسين قم _ إيران.
32. تصنيف غرر الحكم، عبد الله الواحد الآمدي. مكتب الإعلام الإسلامي قم _ إيران.
33. الخصال، محمد بن علي بن الحسين الصدوق، جماعة المدرسين قم _ إيران.
34. الاختصاص، محمد بن محمد بن النعمان.مؤسسة الأعلمي بيروت _ لبنان.
35. تنبيه الخواطر ونزهة النواظر، ورام بن أبي فراس. دار صعب بيروت _ لبنان.
36. سايكولوجية الطفولة والمراهقة، د. عبد العلي الجسماني.الدار العربية للعلوم بيروت لبنان.
37. أصول علم النفس، د. أحمد عزت راجح. المكتب المصري الحديث، الإسكندرية.
38. فردوس الأخبار، شيرويه بن شهر، دار الديلمي، دار الكتاب العربي. بيروت لبنان.
https://ayandehroshan.ir/vdcc.sqsa2bqimla82.html
ارسال نظر
نام شما
آدرس ايميل شما