تاریخ انتشارشنبه ۳ مرداد ۱۳۹۴ ساعت ۰۸:۲۶
کد مطلب : ۱۱۹۱
۰
plusresetminus
ضرورة إنتهاج نهج وحدوي بين المدرستين
والمسلمون يعيشون إرهاصات الظهور المقدس
الدكتورة نعيمة ابن فارس
"كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر " "وإن هذه أمتكم أمة واحدة وأنا ربكم فاعبدون" آيتان كريمتان ترشدان المسلمين إلى مستلزمات الوصول إلى وحدة حقيقية. فالأمة الإسلامية لن تصل إلى الوحدة الحقيقية إلا بإتباع المذهب الحق وتربية أبنائها على التحلي بروح التسامح وقبول التعددية. وكم بتنا بحاجة لتبني مثل هذا المنهج خصوصا في هذا العصر وقد أصبحت الطائفية تنهش فينا وكادت أن تهدم كل صرح حضاري إسلامي. لقد أصبحنا نعيش في زمن يحاول فيه أعداء الإسلام بطرق مختلفة تشتيت المسلمين وإيجاد الفرقة والإختلاف في مجتمعاتهم سواء على الصعيد المذهبي أو الديني. ولقد نجح الأعداء لحد ما، ولظهور التشدد المذهبي في مجتمعات مختلفة أكبر دليل على ذلك. حيث أن بعض المتشددين من الطائفتين يتغالى في الدين وتصل به الجرأة والوقاحة لتكفير الطائفة الأخرى بل وحتى الإفتاء بهدر دم متبعيها، وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على إبتعاد هؤلاء الغلاة عن الدين الإسلامي وعدم تدبرهم في معاني آيات القرآن الكريم كالمذكورة أعلاه. ولم يقتصر الأعداء على هذا فحسب بل جاؤوا مؤخرا بجهال لا يمتون بالدين أي صلة فشوهوا معالم الدين الحنيف بإسم الإسلام وتحت راية سوداء. وقد جاء هذا التشويه في أعقاب إعتناق الكثير من الغربيين للإسلام. فكانت نتيجة كل هذا ظهور فتنة الشام (بما في ذلك سوريا والعراق) فسفكت الدماء ويتمت الأطفال وترملت النساء وإنتشر الفقر وقل الوعي وعم الفساد. وبالرغم من الإختلافات بين أتباع المدرستين (الخلافة والإمامة)، فإن الإيمان بمهدي آخر الزمان يبقى عاملا مشتركا. والمسلمون يعيشون إرهاصات الظهور أضحى على كل مدرسة أن تنهض بمستوى المسؤولية وأن تنسى كل الخلافات الطائفية إستعدادا لهذا الحدث العظيم. كيف يتم ذلك وماهو الأسلوب الأنجع لتبني منهج وحدوي بين المدرستين ليصبح العالم الإسلامي مدخرا كل طاقاته ومقوماته لظهور الإمام (عج) هذا ما ستتطرق إليه الكاتبة في هذه الورقة.
المقدمة
إن الدين عند الله الإسلام. عبارة واضحة لا تكفر أي طرف من الطرفين لا سنة (مدرسة الخلافة) ولا شيعة (مدرسة الإمامة) ما دام الإثنان يتبعان الدين الإسلامي لا غيره. إلا أننا وبالرغم من فسحات القرآن الكريم وعدم وجود أي غموض أو تعقيد في الأحكام والتشريع نجد ظهور بعض الجاهلين لهذا الدين والمتحدثين باسمه يحاولون بكل الطرق والوسائل نشر الفتن وإضلال المجتمعات الإسلامية وتوهيم الشعوب على أن إتباع طائفة غير الأخرى يعتبر كفرا وخروجا عن الدين، مما أصبح يشكل خطرا كبيرا على المسلمين، حيث أن العديد أصبح يعتبر الدين الإسلامي دين رجعية وتخلف المجتمعات والإنسلاخ عنه هو الحل الأنجح للإزدهار. ومن ثم أصبح واضحا أن كل من يحاول نشر الفتن بين المسلمين هو فئة ضلالة وعلى الأرجح فئة لها يد خفية مع أعداء الدين الإسلامي للتشجيع على القضاء على الدول الإسلامية والتفرقة بين شعوبها ومحاولة إندثار الدين الإسلامي هذا الأخير الذي يأبى الله إلا أن يظهره على الدين كله، يقول تعالى: " يُرِيدُونَ أَن يُطْفِؤُواْ نُورَ اللّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللّهُ إِلاَّ أَن يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ" (32-33 : 9).
والطائفية أو المذهبية آفة حذرنا منها الله جل وعلا حيث قال في كتابه الحكيم: "وَأَنَّ هَٰذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَٰلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ" (6:153). لكن الناس اتبعوا هواهم وغلوا في دينهم فاستفحلت هذه الآفة وتوغلت داخل الأمة.
بعد أن وحد النبي (ص) رأي المسلمين وعقيدتهم تأتي حادثة سقيفة بني ساعدة بعد موت المصطفى (ص) لتكون سبب إختلاف المسلمين وعدم وحدتهم. خصوصا بعد تولي الخليفة الثالث عثمان بن عفان وما عاناه المسلمين بسبب تقريبه لبني أمية لحكمه وإعطائهم إمتيازات خاصة دون باقي المسلمين الأمر الذي أدى إلى ثورة العديد من المسلمين ضده وإغتياله والتمثيل بجثته. وبعد مبايعة الإمام علي (ع) والتي كانت مبايعة من طرف جميع المسلمين دخل المسلمون في العديد من الحروب الطاحنة فيما بينهم بسبب رأس الفتنة معاوية فتكونت فرق بعضها من موالي أهل البيت وأخرى من الخوارج والأشاعرة والبعض الآخر من المنافقين الموالين لمصالحهم والراكضين وراء دراهم ترمى إليهم من اللعين معاوية. وأبى هذا الأخير إلا أن يتشبت بالحكم وأن يجمع حوله كل من كان مريض القلب وعديم الإيمان ويعمل كل المناورات والحيل لتهديد أمن وسلامة ووحدة المسلمين. ولحقن دماء المسلمين إضطر الإمام الحسن بن علي المجتبى (ع) بعد إستشهاد أييه ومبايعة المسلمين له للخلافة، إلى عقد مصالحة مشروطة مع معاوية إلا أن هذا الأخير نقض المصالحة ليكره المسلمين على مبايعة إبنه السكير العربيد يزيد. لكن الإمام الحسين بن علي (ع) أبى أن يبايع يزيد فخرج قاصدا الكوفة بعد تلقيه رسائل من أهلها إلا أن يزيد أرسل اليه جيشا جرارا ليقطع رأس سبط النبي (ص) ويحمل الرأس إلى دمشق لينكل به يزيد وتسبى نساء وبنات النبي (ص).
وعلى مر العصور أقيمت مناظرات بين المذاهب المختلفة ولكن طالما لم يكن الأمر يمس السلطة كان يسمح بها ولكل الحق في دينه ومذهبه. إلى أن توغل الصهاينة في الشرق الأوسط وإحتلالهم دولة فلسطين و خاصة بعد الثورة الإسلامية الإيرانية بدأت تظهر فئات بإسم الإسلام تقتل المسلمين وتكفرهم زاعمة أنها على حق، غير مبالية بأن كل المسلم على المسلم حرام دمه وماله عرضه. وأكثر ما نجده يشكل خطرا كبيرا هو تكفير الوهابيين والسلفيين للشيعة لمحاولة التفريق بين السنة والشيعة وخلق الفتنة والعداوة بينهم. ومع ما يجري من أحداث أصبحنا واثقين بأننا نعيش عصر الظهور. لذا كان من واجب الكاتبة أن تتطرق ولو في بضع صفحات لهذه الآفة الخطيرة للمحاولة على الأقل من تقليل الهوة السحيقة المفتعلة بين السنة والشيعة وذلك في تبيين أوجه التقارب والإختلاف المذهبي والذي سيرى من خلاله القارئ أن التقارب يكاد يكون كليا في الكثير من المجالات وإن كان كذلك في أهم العقائد والأسس الدينية. وكما تريد الكاتبة أيضا إفضاح مآمرة التكفيريين والتي باتت واضحة للعلن من خلال الأحداث الأخيرة. أنها تحاول بشتى الوسائل الحفاظ على إستقرارها ومصالحها ومصالح الدول المعادية للإسلام ولو أدى بها ذلك إلى نشر المذهبية والطائفية ونزع الأمن من الدول المجاورة لها وتخريبها وتفكيك أسرها وتشريد أبنائها.
أوجه التقارب بين السنة والشيعة
أسس الإسلام
عند الشيعة هذه الأسس تسمى بالأصول وعند السنة بالأركان وإن إختلفت الأسماء فلها نفس العدد وهو خمسة. أصول الدين هي: التوحيد، العدل، النبوة، الإمامة، والمعاد. وأما أركان الدين فهي: الشهادتين، الصلاة، الصوم، الزكاة، والحج لمن إستطاع إليه سبيلا.
وإذا توقف القارئ لوهلة فإنه يجد أن كلا الفريقين إتفقا على اثنين أو ركنين وهما الشهادتين عند السنة و التوحيد والنبوة عند الشيعة، وهذان أهم أسس العقيدة الإسلامية بإجماع كل المذاهب. وأمّا العدل فهو في الحقيقة راجع إلى صفات الله تعالى ويكون داخلاً في أصل التوحيد، وإنّما جعل عند الشيعة أصلاً برأسه لأهميته؛ لأنّ الأشاعرة من أهل السنة إختلفوا مع العدلية (باقي الفرق السنية)، في ثبوت هذه الصفة لله تعالى باعتبار أنّ الأشاعرة ذهبوا إلى أنّ الظلم ليس قبيحاً على الباري تعالى شأنه بل كل ما يفعله الله سواء كان ظلماً أو عدلاً، فهو حسن، وكلامهم في الحقيقة يرجع إلى نفي التحسين والتقبيح العقليين. ونتيجة ذلك إمكان صدور الظلم من الله تعالى فلا يستحيل أن يجازي الله المسيء بالثواب، ويجازي المطيع بالعقاب، ولكن الشيعة قالوا: بإستحالة ذلك، وأنّ العقل يدرك بنفسه حسن العدل وقبح الظلم، وأنّ القبيح يمتنع صدوره من الحكيم تعالى شأنه، ولأجل ذلك خصصوا العدل من بين صفات الله تعالى بجعله من أصول المذهب.
أما بخصوص الإمامة فإن الشيعة يقصدون بذلك الإمامة بمفهومها العام [1].
وهي من الأمور الأساسية في الدين إذ لا بد أن يتخذ المسلم في حياته إماما يقتدي به ويلجأ إليه لكل إستفسار أو مسألة مستعصية عليه فالإمام كل من إئتم به قوم فالقرآن إمام المسلمين، ومحمد (ص) إمام الأئمة، والخليفة إمام الرعية، والقائد إمام الجند.يقول تعالى: " وَإِذِ ابْتَلَى‏ إِبْرَاهِيمَ رَبّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمّهُنّ قَالَ إِنّي جَاعِلُكَ لِلنّاسِ إِمَاماً" (1:124). (وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يُوقِنُونَ) (32:24). "يَوْمَ نَدْعُو كُلَّ أُنَاسٍ بِإِمَامِهِمْ فَمَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ فَأُولَٰئِكَ يَقْرَءُونَ كِتَابَهُمْ وَلَا يُظْلَمُونَ فَتِيلًا " (71:17). " وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ" (28:5). "وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ لَا يُنْصَرُونَ" (28:41).
ولكن هذا لا يعني أن أهل السنة إن لم يجعلوها من أركان الإسلام أنهم لا يعتقدون بها والدليل على ذلك إتخاذهم تراث الأئمة الأربعة كمنهاج لأدائهم الفرائض والواجبات الدينية. الشيء نفسه يمكن أن ينطبق على المعاد لأن ليس هناك أي مسلم حقيقي لا يؤمن بيوم القيامة مهما كانت طائفته.
باقي أركان الإسلام عند السنة ألا وهي الصلاة والصوم والزكاة والحج فإن الشيعة تتخدها كفروع للدين وهذا لا ضرر فيه لأن هذه الفرائض إذا لم يستطع أن يقوم بها المسلم فإنه يظل على إسلامه كالصلاة والصوم بالنسبة للمرأة الحائض والزكاة والحج في حالة عدم الإستطاعة المادية. وفروع الدين عند الشيعة عشرة وهي الصلاة، الصوم، الزكاة، الخمس، الحج،والجهاد والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والتولي لأولياء الله والتبري من أعداء الله. فإذاً يمكن أن نقول أن كلا المدرستين متفقتين على معظم أركان وفروع الدين وإن إختلفت في المفاهيم لذا يجب على الكل أن يستنكر تكفير أي مذهب من هذين المذهبين.
الوصية
يعتقد الشيعة أن النبي(ص) أوصى لعلي بالخلافة قبل مماته الأمر الذي تنكره مدرسة الخلافة أو أهل السنة. وهنا أعطي لنفسي الحق وأسأل مدرسة الخلافة لماذا يحلون أشياء على النبي موسى (ع) ويحرمونه على النبي (ص) إذا كان النبي موسى (ع) أوصى لأخيه هارون(ع) بأن يخلفه في قومه عندما ضرب الله تعالى لموسى (ع) موعدا لمكالمته، وإعطائه الألواح المشتملة على أصول الشريعة فقبل ذلك ثم صعد جبل سيناء في أول الموعد: "وَوَاعَدْنَا مُوسَىٰ ثَلَاثِينَ لَيْلَةً وَأَتْمَمْنَاهَا بِعَشْرٍ فَتَمَّ مِيقَاتُ رَبِّهِ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً وَقَالَ مُوسَىٰ لِأَخِيهِ هَارُونَ اخْلُفْنِي فِي قَوْمِي وَأَصْلِحْ وَلَا تَتَّبِعْ سَبِيلَ الْمُفْسِدِينَ" (7:142). والنبي (ص) قال لعلي (ع) في حديث المنزلة (أنت مني بمنزلة هارون من موسى الا أنه لا نبي بعدي) [2].` وهل يعقل أن يقبل من أبي بكر وصايته للخلافة لعمر وتكليف عمرللجنة من ستة مرشحين وإعطائه حق الفيتو لعبد الرحمن بن عوف لكي يختار الخليفة في حالة حدوث خلاف. ناهيك عن الملوك والرؤساء الذين ينتخبون في حياتهم أولياء للعهد ونوابا للرؤساء ولا يقبل من النبي الأكرم (ص) أن يوصي لعلي (ع)؟! من وجهة نظري أرى أن النبي (ص) والذي حطم الرقم القياسي في تسيير وتدبير شؤون الأمة وشرع قوانين الدولة الإسلامية بشهادة من أعظم مشاهير التاريخ كنابليون وغاندي أن لا يغيب عنه هذا الأمر ألا وهو توصية من يخلفه. والدليل في ذلك حديث غدير خم حيث جاء في صحيح مسلم (2408) عن زيد بن أرقم رضي الله عنه قال: "قام رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما فينا خطيبا بماء يدعى خُما بين مكة والمدينة، فحمد الله وأثنى عليه، ووعظ وذكر، ثم قال: "أما بعد، ألا أيها الناس فإنما أنا بشر يوشك أن يأتي رسول ربي فأجيب، وأنا تارك فيكم ثقلين: أولهما كتاب الله فيه الهدى والنور فخذوا بكتاب الله، وإستمسكوا به" فحث على كتاب الله ورغب فيه، ثم قال: «وأهل بيتي أذكركم الله في أهل بيتي، أذكركم الله في أهل بيتي، أذكركم الله في أهل بيتي».[3]
وأخرج الحافظ النسائي في الخصائص: عن زيد بن أرقم قال: لما رجع النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) من حجة الوداع ونزل غدير خم أمر بدوحات فقممن ثم قال: كأني دعيت فأجبت وإني تارك فيكم الثقلين، أحدهما أعظم من الآخر، كتاب الله وعترتي أهل بيتي، فانظروا كيف تخلفوني فيهما، فإنهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض... ثم قال: إن الله مولاي وأنا ولي كل مؤمن، ثم أخذ بيد علي (رض) فقال: من كنت وليه، فهذا وليه، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه... فقلت لزيد : سمعته من رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قال: نعم، وإنه ما كان في الدوحات أحد إلا ورآه بعينه وسمعه بأذنيه...) [4].
ولكل من لايكتفي بما ذكر سالفا ويقول أن النبي (ص) لو كان يريد أن ينصب عليا (ع) خليفة بعده لدون ذلك، عليه أن يدرس التاريخ جيدا وليبحث في رزية الخميس حيث ردّ طلب النبي (ص) ـ وهو على فراش الموت ـ في أن يكتب لهم كتاباً لن يضلوا من بعده أبداً، حيث رفض عمر بن الخطاب ذلك الطلب وقال: إنّ الرجل ليهجر[5] أو غلب عليه الوجع كما روى ذلك البخاري بسنده عن عبيدالله بن عبد الله عن إبن عباس قال: لما إشتد بالنبي(صلى الله عليه وآله) وجعه قال: أئتوني بكتاب اكتب لكم كتاباً لا تضلوا بعده قال عمر: إنّ النبي(صلى الله عليه وآله)غلب عليه الوجع وعندنا كتاب الله حسبنا فاختلفوا وكثر اللغط قال(صلى الله عليه وآله): قوموا عني ولا ينبغي عندنا النزاع، فخرج إبن عباس يقول: الرزيئة كل الرزيئة ماحال بين رسول الله(صلى الله عليه وآله) وبين كتابه [6]. وفي رواية أخرى روى البخاري بسنده عن إبن عباس قال: لما حضر رسول الله(صلى الله عليه وآله) وفي البيت رجال فقال النبي(صلى الله عليه وآله): هلموا أكتب لكم كتاباً لا تضلوا بعده، فقال بعضهم: إنّ رسول الله(صلى الله عليه وآله) قد غلبه الوجع وعندكم القرآن حسبنا كتاب الله [7].
والغريب أن البخاري لم يذكر إسم الصحابي الذي قال على النبي (ص) غلبه الوجع إلا أن الحقيقة لا تخفى على أحد مهما طال الزمن وإتضح أنه عمر بن الخطاب صاحبها وذلك عل لسان العديد من علماء السنة والذين حاولوا جهدهم لتبرير هذه المقولة كالمازري كما نقله الحافظ [8] والإمام البيهقي [9].
ولو كانت بيعة أبي بكر عن طريق الشورى كما يزعم البعض لما إعترف عمر أن بيعة أبي بكر كانت فلتة وقى الله المسلمين شرَّها فمن عاد إلى مثلها فأقتلوه... [10]. والأمر الثاني قول أبي بكر ساعة إحتضاره: (ليتني كنت سألت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) عن ثلاثة أمور:
أحدها: ليتني كنت سألته هل للأنصار في هذا الأمر حق...) [11].
وهذا القول يظهر شك أبي بكر في صحّة بيعته، وربما ندمه على قبول البيعة. وأيضا وقال علوان بن داود البجلي، عن حميد بن عبد الرحمن، عن صالح بن كيسان، عن حميد بن عبد الرحمن بن عوف، عن أبيه. وقد رواه الليث بن سعد، عن علوان، عن صالح نفسه، قال: دخلت على أبي بكر أعوده في مرضه فسلمت عليه وسألته: كيف أصبحت؟ فقال: بحمد الله بارئا، أما إني على ما ترى وجع، وجعلتم لي شغلا مع وجعي، جعلت لكم عهدا بعدي، وإخترت لكم خيركم في نفسي، فكلكم ورم لذلك أنفه رجاء أن يكون الأمر له. ثم قال: أما إني لا آسى على شيء إلا على ثلاث فعلتهن، وثلاث لم أفعلهن، وثلاث وددت أني سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عنهن: وددت أني لم أكن كشفت بيت فاطمة وتركته وإن أغلق على الخرب، وددت أني يوم سقيفة بني ساعدة كنت قذفت الأمر في عنق عمر أو أبي عبيدة، ووددت أني كنت وجهت خالد بن الوليد إلى أهل الردة وأقمت بذي القصة، فإن ظفر المسلمون وإلا كنت لهم مددا وردءا، ووددت أني يوم أتيت بالأشعث أسيرا ضربت عنقه، فإنه يخيل إلي أنه لا يكون شر إلا طار إليه، ووددت أني يوم أتيت بالفجاءة السلمي لم أكن حرقته وقتلته أو أطلقته، ووددت أني حيث وجهت خالد بن الوليد إلى الشام وجهت عمر بن الخطاب إلى العراق، فأكون قد بسطت يميني وشمالي في سبيل الله. ووددت أني سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم في من هذا الأمر ولا ينازعه أهله، وأني سألته هل للأنصار في هذا الأمر شيء؟ وأني كنت سألته عن العمة وبنت الأخ، فإن في نفسي منها حاجة. رواه هكذا، وأطول من هذا ابن وهب، عن الليث بن سعد، عن صالح بن كيسان، أخرجه كذلك ابن عائذ[12].
ومدرسة الخلافة تعرف كل المعرفة و تعي كل الوعي أفضال علي (ع) في الدفاع عن الإسلام وفي حكمته اللامتناهية وفي نكران نفسه وذاته من أجل إنتشار العدل والإنصاف في الأمة الإسلامية الشيء الذي يجعله وبدون أي منازع لتولي شؤون المسلمين بعد النبي (ص).
الولاية
ما هو مفهوم الولي في الإسلام
عرف ابن تيمية الولي بأنه سمي ولياً من موالاته للطاعات أي متابعته لها ويقابل الولي العدو على أساس من القرب والبعد. قال أعز من قائل: "أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ" (62:10). ويقول الشوكاني في تفسيره بأولياء الله خلقه المؤمنين كأنهم قربوا من الله سبحانه بطاعته وإجتناب معصيته و في تفسير إبن كثير يخبر تعالى أن أولياءه هم الذين آمنوا وكانوا يتقون، كما فسرهم ربهم، فكل من كان تقيا كان لله وليا.
الكل يشهد أنه لم يعرف التاريخ رجلا غير الأنبياء والرسل أولى بتسمية ولي الله من علي بن أبي طالب (ع). فلماذا يستخسر السلفين والوهابين عليه هذا اللقب، عشت أكثر من نصف عمري في المغرب إذ ترعرع شعب المغرب منذ قديم الزمان إلى يومنا هذا على مناداة ملكي دولة الأدارسة في المغرب بالمولى إدريس الأول والمولى إدريس الثاني وتنصيبهم وليا الله علما أنهما حفيدي الإمام علي من الإمام الحسن (ع). كما إعتاد أهل المغرب أيضا بتلقيب كل من هو رجل صالح يتقي الله ورسوله ولي الله وكما يعلم الجميع أن المغرب بلد سياحي يأتي إليه الناس من دول مختلفة وخاصة الدول الإسلامية ولم يتم ولا مرة الإعتراض على هذا اللقب ولكن عندما يسمى الإمام علي بولي الله يستنكر العديد من المسلمين هذا ويسمونه إلحاد وكفر. قد يقال إنما يستنكر أهل السنة ذكر علي ولي الله في آذان الصلاة، أولا عند الشيعة ذكر علي ولي الله في الصلاة مستحب وليس واجبا بل هناك من يذهب بعيدا أن هذه المقولات ليست جزءا من الأذان. ثانيا إذا أحل لعمر بعد وفاة النبي (ص) حذف حي على خير العمل من آذان الصلاة و إضافة الصلاة خير من النوم إلى أذان صلاة الفجر [13]. فكيف يحرم على علماء الشيعة إضافة علي ولي الله.
التقية
عند الشيعة التقية لغة: من وقى يقي وقاية بمعنى الحفظ.واصطلاحا: بمعنى إبطان الإيمان وإظهار خلافه، وعند التقية كتمان الحق وستر الإعتقاد فيه ومكاتمة المخالفين وترك مظاهرتهم بما يعقب ضرراً في الدين أو الدنيا (تصحيح الإعتقاد/115). ولا أظن أن أهل السنة يختلفون مع الشيعة عل التقية وقد وردت في نص الكتاب وعمل بها السلف الصالح. قال تعالى:" وَقَالَ رَجُلٌ مُؤْمِنٌ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَكْتُمُ إِيمَانَهُ أَتَقْتُلُونَ رَجُلًا أَنْ يَقُولَ رَبِّيَ اللَّهُ وَقَدْ جَاءَكُمْ بِالْبَيِّنَاتِ مِنْ رَبِّكُمْ وَإِنْ يَكُ كَاذِبًا فَعَلَيْهِ كَذِبُهُ وَإِنْ يَكُ صَادِقًا يُصِبْكُمْ بَعْضُ الَّذِي يَعِدُكُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ كَذَّابٌ" (40:28) وقال أيضا: "
لَا يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَٰلِكَ فَلَيْسَ مِنَ اللَّهِ فِي شَيْءٍ إِلَّا أَنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقَاةً وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ وَإِلَى اللَّهِ الْمَصِيرُ" (3:28) وقوله سبحانه وتعالى: "مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِهِ إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمَانِ وَلَٰكِنْ مَنْ شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْرًا فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مِنَ اللَّهِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ" (16:106).
والهدي النبوي في شأن نزول الآية الأخيرة في عمار بن ياسر (رض) معروف لكل مسلم له إلمامة بسيطة في علم الحديث.
إن تشنيع الوهابيين على الشيعة بالنفاق)التقية( ليس لإبعاد الناس عن التشيع بل لصرف النظر عن نفاقهم هم في صحيح البخاري وهاك تقية النبي صلى الله عليه وآله وسلم من قريش: أخرج البخاري في صحيحه بسنده، عن الأسود بن يزيد، عن عائشة، قالت: (سألت النبي صلى الله عليه وسلم، عن الجدر أمن البيت هو؟ قال: نعم. فقلت: فما لهم لايدخلوه في البيت؟ قال: إن قومك قصرت بهم النفقة. قلت: فما شأن بابه مرتفعا؟ قال: فعل ذلك قومك ليدخلوا من شاءوا ويمنعوا من شاءوا، ولولا أن قومك حديثوا عهد بالجاهلية فأخاف أن تنكر قلوبهم أن أدخل الجدار في البيت وأن ألصق بابه في الأرض) [14].
أما قول بعض تابعي مدرسة الخلافة على أن التقية لاتجوز لمسلم إلا مع كافر فليتفحصوا الأحاديث الآتية: عن أم كلثوم بنت عقبة بن أبي معيط مرفوعا "ليس الكذاب الذي يصلح بين إثنين أو قال بين الناس فيقول خيرا أو ينمي خيرا" رواه الإمام أحمد والبخاري ومسلم، وابي داود والنسائي.
عن أسماء بنت يزيد مرفوعا عن النبي "كل الكذب يكتب على إبن آدم إلا ثلاث خصال، إلا رجل كذب لامرأته ليرضيها، أو رجل كذب في خديعة حرب، أو رجل كذب بين إمرأين مسلمين ليصلح بينهما[15].
وقد روي، في الموطأ عن صفوان بن سليم مرسلا "أن رجلا قال: يا رسول الله أكذب لامرأتي؟ فقال "لا خير في الكذب فقال: فأعدها وأقول لها- أي يوعدها دون ان يفي بوعده لها؟ فقال "لا جناح عليك "[16]. وعن ‏إسماعيل ‏‏قال حدثني ‏أخي‏ ‏عن‏ ‏إبن أبي ذئب ‏ ‏عن‏ ‏سعيد المقبري‏ ‏عن‏ ‏أبي هريرة ‏ ‏قال: حفظت من رسول الله ‏(ص) ‏وعاءين فأما أحدهما فبثثته وأما الآخر فلو بثثته قطع هذا البلعوم [17].
والتقية عند الشيعة ليست أصلا من أصول الدين (المذكورة أعلاه) وإذا كان بعض السلفيين أو الوهابيين يستشهدون بحديث الإمام جعفر الصادق (ع) فيتوجب عليهم أن يفهموا فحوى الحديث لأن التقية المرموز إليها هي التقية لضمان الأمان من الضرر أوالخطر. ولاأدري لماذا أهل السنة يستنكرون التقية على المسلمين الشيعة علما أنهم يحللون الكذبة البيضاء والتي هي مشاعة كثيرا في الوسط السني.
زواج المتعة والزواج العرفي
زواج المتعة
الزواج المؤقت أو زواج المتعة يكون محدداً بمدة معينة لسنة أو شهر مثلاً على مهر معلوم ويشترط فيه العقد على الزوجة مع رضاها، ورضا الأب أو الجد للأب (اذا كانت الزوجة بكراً) ويمكن للبنت البالغة الراشدة أن تدخل في مثل هذا العقد في حالة عدم وجود أبيها أو جدها الأبوي. كما يشترط العدّة على الزوجة ان حصل الدخول، ويشترط فيه عند الإمامية: (1) لا يجوز للفتاة البكر أن تتزوج زواجاً مؤقتاً بدون رضا أبيها أو جدها. (2) أن هذا الزواج لابدّ فيه من مدّة محددة تذكر في العقد ومهر معلوم. (3) إذا أراد الزوج ان يبدّل هذا العقد المؤقت الى عقد دائمي (عادي) فله طريقان: الأول: أن تنتهي المدة المحددة في عقد المتعة ثم بعد ذلك يعقد عليها عقداً دائمياً. الثاني: أن يهب الزوج المدة الباقية للزوجة بقوله وهبتك مابقي من مدة الزواج المؤقت ثم يعقد عليها بعد ذلك عقداً دائمياً (عاديّا). ولا تجب نفقة الزوجة المتمتع بها على زوجها الا اذا اشترطت ذلك في عقد المتعة او في ضمن عقد لازم آخر. كما لا توارث بين الزوجين الا اذا اشترط التوارث لهما او لأحدهما. وإذا ولد طفل من العلاقة فيكون ولداً شرعياً لهما كالطفل الناتج عن الزواج الدائم [18].
وهو شرعي بدليل من القرآن والسنة. قال تعالى:"وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاءِ إِلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ كِتَابَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَٰلِكُمْ أَنْ تَبْتَغُوا بِأَمْوَالِكُمْ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَرِيضَةً وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا تَرَاضَيْتُمْ بِهِ مِنْ بَعْدِ الْفَرِيضَةِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا" (4:24).
وكذا الطبري، فنقل عن السدّي: هذه هي المتعة، الرجل ينكح المرأة بشرط إلى أجل مسمّى (تفسير الطبري في تفسير الآية)، وعن ابن عبد البرّ في (التمهيد): أجمعوا على أنّ المتعة نكاح لا إشهاد فيه وأنّه نكاح إلى أجل يقع فيه الفرقة بلا طلاق ولا ميراث بينهما فقد روي عن جماعة من كبار الصحابة والتابعين المرجوع إليهم في قراءة القرآن الكريم وأحكامه التصريح بنزول هذه الآية المباركة في المتعة، منهم: عبد الله بن عباس، وأبي بن كعب،
وعبد الله بن مسعود، وجابر بن عبد الله، وأبو سعيد الخدري، وسعيد بن جبير، ومجاهد، والسدي، وقتادة [19]. أخرج البخاري، ومسلم، وأحمد، وغيرهم، عن عبد االله بن مسعود قال: (كنّا نغزو مع رسول الله صلى الله عليه [وآله] وسلّم ليس لنا نساء، فقلنا:
ألا نستخصي؟ فنهانا عن ذلك، ثمّ رخّص لنا أن ننكح المرأة بالثوب إلى أجل ثمّ قرأ عبد الله يا أيها الذين آمنوا لا تحرّموا طيبات ما أحلّ الله لكم ولا تعتدوا إنّ الله لايحب المعتدين) [20].
قال القرطبي: (لم يختلف العلماء من السلف والخلف أنّ المتعة نكاح إلى أجل، لا ميراث فيه، والفرقة تقع عند انقضاء الأجل من غير طلاق) ثم نقل عن ابن عطية كيفية هذا النكاح وأحكامه[21]
وما زالت متعة النساء سارية المفعول مباحة للمسلمين زمن رسول الله (صلى الله عليه وآله) وزمن أبي بكر وشطراً من خلافة عمر بن الخطاب حتى قال: ((متعتان كانتا على عهد رسول الله وأنا أنهى عنهما وأعاقب عليهما)) [22].
تحريم عمر بن الخطاب لزواج المتعة
ثبت من خلال هذا الاستعراض المختصر جواز ومشروعية زواج المتعة في الاسلام، ومات النبي (صلى الله عليه وآله) وهي بعد مشرعة غير محرمة، حتى حرّمها عمر في أيام خلافته وأخرج مسلم في (صحيحه) باب: في المتعة بالحج والعمرة بسنده عن أبي نضرة قال: " كان ابن عباس يأمر بالمتعة وكان ابن زبير ينهى عنها قال: فذكرت ذلك لجابر بن عبد الله فقال: على يدي دار الحديث تمتعنا مع رسول الله (ص) فلما قام عمر قال: إن الله كان يحل لرسوله ما شاء بما شاء وأن القرآن قد نزل منازله فأتموا الحج والعمرة لله كما أمركم الله وابتوا نكاح هذه النساء فلن أؤتى برجل نكح امرأة إلى أجل إلا رجمته بالحجارة " [23].
- وفي رواية لأحمد في (مسنده) عن أبي نضرة قال: "قلت لجابر بن عبد الله: إن عبد الله بن زبير ينهى عن المتعة وإن ابن عباس يأمر بها قال: على يدي جرى الحديث: تمتعنا مع رسول الله (ص) ومع أبي بكر فلما ولي عمر خطب الناس فقال: إن القرآن هو القرآن وإن رسول الله (ص) هو الرسول وإنهما كانتا متعتان على عهد رسول الله: إحداهما متعة الحج والأخرى متعة النساء" [24]. - وفي رواية للبيهقي في (السنن) عن أبي نضرة عن جابر قال: "قلت: إن ابن الزبير ينهى عن المتعة وإن بن العباس يأمر بها قال: على يدي جرى الحديث: تمتعنا مع رسول الله (ص) ومع أبي بكر فلما ولي عمر خطب الناس فقال: إن رسول الله (ص) هذا الرسول وإن القرآن هذا القرآن وإنهما كانتا متعتان على عهد رسول الله وأنا أنهى عنهما وأعاقب عليهما أحداهما: متعة النساء ولاأ قدر على الرجل تزوج امرأة إلى أجل إلا غيبته بالحجارة والأخرى: متعة الحج افصلوا حجتكم من عمرتكم فإنه أتم لحجكم وأتم لعمرتكم" [25]. - وأخرج مالك في (الموطأ) عن عروة بن الزبير "أن خولة بنت حكيم دخلت على عمر بن الخطاب فقالت: إن ربيعة بن أمية استمتع بامرأة فحملت منه فخرج عمر بن الخطاب فزعا يجر رداءه فقال: هذه المتعة ولو كنت تقدمت فيها لرجمت" [26].
الزواج العُرفي نوعان:
أ - باطل؛ وهو أن يكتب الرجل بينه وبين المرأة ورقة يُقر فيها أنها زوجته، ويقوم اثنان بالشهادة عليها، وتكون من نسختين؛ واحدة للرجل وواحدة للمرأة، ويعطيها شيئًا من المال! وهذا النوع باطل؛ لأنه يفتقد للولي، ولقيامه على السرية وعدم الإعلان.
ب - شرعي؛ وهو أن يكون كالزواج العادي؛ لكنه لايُقيد رسميًا عند الجهات المختصة! وبعض العلماء يُحرمه بسبب عدم تقييده عند الجهات المختصة؛ لما يترتب عليه من مشاكل لاتخفى بسبب ذلك.
و الزواج العرفي يشابه لحد ما زواج المتعة وهو منتشر في المجتمعات الإسلامية
خصوصا بين الفنانين والممثلين ولا أحد يطلق عليه إسم زنا رغم أنه لايشترط الولي ولا يحمي حق الولد المترتب عن تلك العلاقة مثلما في زواج المتعة. وهناك العديد من القضايا في المحاكم بسب الزواج العرفي حيث يتعذر على السلطات إلحاق الطفل بالأب ما دام الأخير ناكرا لأبوته.
مجالات الإختلاف بين المدرستين
ذكرى عاشوراء
عاشواراء هو اليوم العاشر من محرم والذي يصادف يوم إستشهاد الإمام الحسين سبط رسول الله (ص) وأحد سيدي شباب أهل الجنة (ع). هذا اليوم الذي بلغت فيه الأمة الإسلامية تفرقة صارخة وتشتت الرأي ووصلت العديد من المجتمعات الإسلامية الحضيض في جهلها للدين وللتاريخ. فإذا كان الشيعة يلطمون ويجعلونه يوم حزن لواقعة الطف المروعة، فللأسف الشديد العديد من الدول السنية تتخذ منه يوم فرح ويوم عيد للأطفال حيث تشترى لهم الألعاب وتدق الطبول وتغني النساء. والذي يزيد في الطين بلة هو تعليلهم لهذا الإحتفال بكونه ذكرى نجاة الله للنبي موسى (ع) وبني إسرائيل من آل فرعون عند عبورهم البحر الأحمر. إذا كان اليهود يحتفلون به حسب التقويم العبري والذي يكون في أوائل الربيع بين نهاية مارس وبداية أبريل فكيف يعقل أن يكون ثابتا بالهجري ويأتي كل سنة في محرم. وحتى إذا إفترضنا إنه فعلا كذلك أو ليس من باب الأولى أن فاجعة عظمى كقتل إبن بنت رسول الله (ص) وقطع رأسه ووضعه على الرمح وسبي نسائه وبناته قد ينسي أي فرح في ذلك اليوم خصوصا أنه حصل بعد حادثة العبور بقرون عديدة؟ أو ليس في هذه الدول الإسلامية علماء دين على دراية بتاريخ المسلمين؟ أو لم يقرأوا قوله تعالى: "ذَٰلِكَ الَّذِي يُبَشِّرُ اللَّهُ عِبَادَهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ قُلْ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَىٰ وَمَنْ يَقْتَرِفْ حَسَنَةً نَزِدْ لَهُ فِيهَا حُسْنًا إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ شَكُورٌ" (42:32)؟ والعجب كل العجب أن الفضائيات تلوم المسلمين الشيعة على اللطم في هذا اليوم ولا تلوم الآخرين على فرحهم وإحتفالهم الشيء الذي يجعلنا نضع علامات إستفهام كبيرة حول أي دين يعتنق وأي نبي يتبع.
إطاعة أولي الأمر
"يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَٰلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا" (4:59). إختلف أهل السنة في تفسير من هم أولي الأمر في هذه الأية فالجيلاني يعتبرهم الولاة إذا أمروا بطاعة الله، أما الطبري فيقول: (الَّذِينَ أَمَرَ بِطَاعَتِهِمْ تَعَالَى ذِكْره مِنْ ذَوِي أَمْرنَا هُمْ الْأَئِمَّة وَمَنْ وَلَّاهُ الْمُسْلِمُونَ دُون غَيْرهمْ مِنْ النَّاس، وَإِنْ كَانَ فَرْضًا الْقَبُول مِنْ كُلّ مَنْ أَمَرَ بِتَرْكِ مَعْصِيَة اللَّه، وَدَعَا إِلَى طَاعَة اللَّه، وَأَنَّهُ لَا طَاعَة تَجِب لِأَحَدٍ فِيمَا أَمَرَ وَنَهَى فِيمَا لَمْ تَقُمْ حُجَّة وُجُوبه إِلَّا لِلْأَئِمَّةِ الَّذِينَ أَلْزَمَ اللَّه عِبَاده طَاعَتهمْ فِيمَا أَمَرُوا بِهِ رَعِيَّتهمْ مِمَّا هُوَ مَصْلَحَة لِعَامَّةِ الرَّعِيَّة، فَإِنَّ عَلَى مَنْ أَمَرُوهُ بِذَلِكَ طَاعَتهمْ، وَكَذَلِكَ فِي كُلّ مَا لَمْ يَكُنْ لِلهِ مَعْصِيَة). أما القرطبي فيرجح تفسير أولي الأمر للأمراء والولاة على أهل العلم والفقه والدين. وهكذا نجد أن علماء أهل السنة يعتبرون أن طاعة الأمراء والسلاطين والحكام هي من طاعة الله ورسوله رغم وضوح الآية الكريمة ورغم أن العديد من الصحابة كمجاهد وإبن عباس وعطاء بن السائب وأبِي الْعَالِيَة اعتبروا أولي الأمر هم أهل الفقه. وقد غالوا أهل السنة في طاعتهم لأولي الأمر فتعاموا عن جورهم وظلمهم وأزاحت خشيتهم خشية الله من قلوب علماء الدين والفقه وإبتعدوا عن الوعظ والإرشاد والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لصالح إرضاء السلاطين فإبتعد الناس عن الدين الحق وإتبعوا الشهوات وإستحلوا ما محرم الله. ولأكبر دليل على هذا ما نراه اليوم في العديد من البلدان الإسلامية حيث إنتشار الدعارة وحانات لشرب الخمر والعري وأهل اللواط ولقد أصبحت دولا مسلمة بلا إسلام.
أما أولي الأمر عند الشيعة فهم كل من اتصف بورع الله وطاعة رسوله وإبتعد عن هوى نفسه وإتقى الله في دينه ودنياه. والشيعة يعززون هذا بلفظ "منكم" في الآية الكريمة أي من ينطبق عليه ولي الأمر يجب أن يكون من المؤمنين وكما نعرف الإيمان درجات فعندنا منافق، مشرك، مسلم، مؤمن، متقي، وموقن (الدكتور أحمد الهاشمي، بحوث خاصة في العقائد). أي أن ولاية الأمر لاينالها إلا من كان مؤمنا حقاً. فلا تصح ولاية المنافق ولا المشرك بالله لأنه قد إقترف ظلماً عظيما بحق نفسه، كما أرشد لقمان إبنه في القرآن. وهكذا إشترط الله على إبراهيم عندما جعله للناس إماما، وأراد الأخير أن تنحصر الإمامة في ذريته، فقال عز من قائل: "لاينال عهدي الظالمين." وهناك من الشيعة من يذهب لإعطاء سمة أولي الأمر المقصودة في الآية إلى الأئمة من أهل البيت (ع) وعلى رأسهم علي والحسن والحسين (ع). فالشيعة لا يؤمنون بطاعة الحاكم المستهتر الجاهل بدينه إطاعة عمياء رغم ظلمه وجوره. وقد روى البخاري عن علي بن أبي طالب (ع): (أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بعَث جَيشًا، وأمَّر عليهم رجلًا، فأوقَد نارًا، وقال: ادخُلوها، فأرادوا أن يَدخُلوها، وقال آخرونَ: إنما فرَرْنا منها، فذكَروا للنبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فقال للذين أرادوا أن يَدخُلوها: (لو دخَلوها لم يَزالوا فيها إلى يومِ القيامةِ). وقال للآخَرينَ: (لا طاعةَ في المعصيةِ، إنما الطاعةُ في المعروفِ) [27].
رواة الأحاديث
أجرى المرحوم العلامه شرف الدين العاملي إحصاءاً لأحاديث النبي (ص) فوجد أن أبا هريرة قد فاز بقصب السبق بين الرواة وروى 78 بالمئة من مجموع الأحاديث، علما بأنه لم يعاصر رسول الله (ص) سوى سنتين وبضعة أشهر. وما يسمى بكتب الصحاح يكاد ينعدم فيها أحاديث الأصحاب الذين كانوا ملازمين لعلي بن أبي طالب كأبي ذر وسلمان والمقداد وعمار بن ياسر وخزيمة وحذيفة وغيرهم وكذلك قلة الأحاديث المروية عن سبطي الرسول وأبناه وبضعته الزهراء البتول وهم أهل البيت وأهل البيت أدرى بالذي فيه. ولم يروى عن الإمام جعفر الصادق (ع) في سنن الترمذي إلا واحدا أو إثنان علما بأن أبا حنيفة النعمان ومالك إثنان من الأئمة الأربعة عند السنة تتلمذا على يد الصادق (ع). وما يحزن القلب معرفة أن العديد من أحاديث كتب الصحاح أخذت عن خالد بن سلمة المخزومي الملقب بالفأفأ وهو ناصبي من الدرجة الأولى حيث عرف عنه أنه كان يبغض عليا (ع) و كان يجمع الأشعار التي هجى بها النبي (ص) وينشدها في بلاط هشام بن الملك حيث نقل عنه مسلم في صحيحه ونقل عنه ضمنيا البخاري في صحيحه والترمذي في سننه [28].
الإمام العلامة الحافظ القاضي أبو بكر بن العربي أحد النواصب من مبغضي آل محمد (468 هـ - 543 هـ) قال في كتابه (العواصم في القواسم في تحقيق مواقف الصحابة بعد وفاة النبي) في الحسين (ع): وطلب الإبتداء في الإنتهاء، والإستقامة في الإعوجاج، ونضارة الشبيبة في هشيم المشيخة و قال في قتله الحسين (ع) وقال ما مضمونه: أنه قُتل بسيف جده[29].
ومن مجازفات إبن العربي أنه أفتى بقتل رجل عاب لبس الأحمر لأنه عاب لبسة لبسها رسول الله صلى الله عليه وسلم وقتل بفتياه كما ذكره في المطامح وهذا تهور غريب لإقدامه على سفك دماء المسلمين [30].
وتمر السنين ويأتي شيخ الإسلام بن تيمية (661 هـ - 728 هـ) وقد كان بن تيمية يبغض عليا (ع) وينتقصه بطريقة دبلوماسية في حين كان يضخم معاوية كثيرا [31] وقد جاء في الدرر الكامنة لإبن حجر فقد جاء فيها أن إبن تيمية خطأ أمير المؤمنين عليا كرم الله وجهه في سبعة عشر موضعا خالف نص الكتاب، وإن العلماء نسبوه إلى النفاق لقوله هذا في علي كرم الله وجهه [32].
وكان بن تيمية يحكم على المبتدعة (كل واحد إجتهد وأخطأ في إجتهاده) بأن يعادون ويعذبون ويقتلون وإن لم يتمكن قتله يشهر به ويحرم من الزكاة والفيء ولا غيبة له والحبس والقتل إن أمكن حتى يتوب. إستنادا إلى (سلفه الصالح كما قال) خالد بن عبد الله القسري وهو أحد ولاة الأمويين لقتله الجعد بن درهم بعد خطبته في الناس يوم الأضحى بالبصرة. وقد كان خالد بن عبد الله القسري رجلا ينعته أصحابه أو ينعت نفسه "الإمام الفقيه المحدث، والحجة الثقة المحقق العلامة الكبير". و خالداً لما ذبح الجعد سماه تضحية لأنه إراقة دم يوم الأضحى تقرباً إلى الله تعالى، فشبهه بالأضحية المشروعة [33] وقد شكر علماء المسلمين هذا العمل وأثنوا عليه، وعلى رأس أولئك الحسن البصري.وقال الدارمي: (وأما الجعد فأخذه خالد بن عبد الله القسري، فذبحه ذبحاً بواسط يوم الأضحى، على رؤوس من شهد العيد معه من المسلمين، ولا يعيبه به عائب، ولا يطعن عليه طاعن، بل استحسنوا ذلك من فعله، وصوبوه من رأيه). وقال بن القيم الجوزية شيخ الإسلام (691 هـ - 751 هـ) وهو أحد تلامذة بن تيمية:
ولأجل ذا ضحى بجعد خالدُ الـ --- ـقسري يوم ذبائح القربان إذ قال إبراهيم ليـس خليلــه --- كلا ولا موسى الكليم الدانيشكر الضحية كلُ صاحب سنة --- لله دَرك من أخـي قربان
وبعد حوالي أربعة قرون من الزمان يأتي محمد بن عبد الوهاب (1115 هـ - 1206 هـ) ويعتبر من الخوارج وقد عرف بتكفيره الأمة، وحرق الكتب الكثيرة، وقتل كثيراً من العلماء وخواص الناس وعوامهم، وإستباحة دمائهم وأموالهم، وإظهار التجسيم للباري تبارك وتعالى، وعقده الدروس لذلك وتنقيصه النبي صلى الله عليه وآله وسلم وسائر الأنبياء والمرسلين والأولياء ونبش قبورهم، وأمر في الإحساء أن تجعل بعض قبور الأولياء محلاًّ لقضاء الحاجة، ومنع الناس من قراءة دلائل الخيرات ومن الرواتب والأذكار، ومن قراءة مولد النبي صلى الله عليه وآله وسلم، ومن الصلاة على النبي صلى الله عليه وآله وسلم في المنائر بعد الأذان وقتل من فعل ذلك، وكان يعرض لبعض الغوغاء الطعام بدعواه النبوّة، ويُفهمهم ذلك من فحوى كلامه، ومنع الدعاء بعد الصلاة، وكان يقسِّم الزكاة على هواه، وكان يعتقد أن الإسلام منحصر فيه وفي من تبعه، وأن الخلق كلهم مشركون، وكان يصرِّح في مجالسه وخطبه بتكفير المتوسل بالأنبياء والملائكة والأولياء. قال النبي (ص) (اللَّهُمَّ بَارِكْ لَنَا فِي شَامِنَا وفِي يَمَنِنَا. قَالُوا: وَفِي نَجْدِنَا ؟ قَالَ: اللَّهُمَّ بَارِكْ لَنَا فِي شَامِنَا وفِي يَمَنِنَا. قَالُوا : وَفِي نَجْدِنَا ؟ قَالَ: هُنَاكَ الزَّلاَزِلُ وَالْفِتَنُ، وَبِهَا يَطْلُعُ قَرْنُ الشَّيْطَانِ) [34 -35]. قال السيد علوي في في كتابه الذي ألفه في الرد على إبن عبد الوهاب "جلاء الظلام في الرد على النجدي الذي أضل العوام: إن الذي ورد في بني حنيفة وفي ذم بني تميم ووائل شيء كثير، ويكفيك أن أغلب الخوارج وأكثرهم منهم، وأن الطاغية إبن عبد الوهاب منهم، وأن رئيس الفرقة الباغية عبد العزيز بن محمد بن سعود بن وائل منهم [36]. فتبنى الأخير أفكار إبن عبد الوهاب الضالة والتكفيرية وأصبح له حليفا سياسيا لإرساء قواعد حكومة ملكية في نجد والحجاز من شبه الجزيرة العربية.
أخرج ابن حبان في صحيحه (1/ 281) والطحاوي في شرح مشكل الآثار 1/495 وأبو نعيم في المعرفة رقم 1747 وأبو يعلى في المسند برقم 8007 كما إتحاف الخيرة المهرة عن حذيفة قال: قال رسول الله صلى الله عليه و سلم: (إن ما أتخوف عليكم رجل قرأ القرآن حتى إذا رئيت بهجته عليه وكان ردئا للإسلام غيّره إلى ما شاء الله فإنسلخ منه ونبذه وراء ظهره وسعى على جاره بالسيف ورماه بالشرك) قال: قلت: يا نبي الله أيهما أولى بالشرك المرمي أم الرامي؟ قال: (بل الرامي). وأخرج الحاكم في المستدرك وأبو داود في سننه الضياء في المختارة عن أنس رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «سيكون في أمتي إختلاف وفرقة، وسيجيء قوم يعجبونكم، وتعجبهم أنفسهم، الذين يقتلونهم أولى بالله منهم يحسنون القيل، ويسيئون الفعل، ويدعون إلى الله، وليسوا من الله في شيء، فإذا لقيتموهم فأنيموهم» قالوا: يا رسول الله، إنعتهم لنا. قال: «آيتهم الحلق والتسبيت » يعني استئصال التقصير. قال: والتسبيت استئصال الشعر [36].
ومما سبق ذكره يتضح لنا أن الوهابية إتخذت مشايخ لها في الدين الإسلامي أناس عشقوا سفك الدماء وتغالوا في تكفير المسلمين غير معتبرين للكتاب والسنة متخذين منهاج كره أهل البيت والتقليص من أفضالهم. ويجب على القارئ أن يتساءل لماذا كل هذا الضغينة والتحامل على الشيعة ورشقهم بالأكاذيب والكفر؟ لماذا التركيز على هذه الفئة دون غيرها رغم وجود الأشاعرة والإباضية والصوفية والمعتزلة وغيرهم؟ لماذا تدخل الوهابيون لإخماد الربيع العربي في البحرين بإرسالهم ما يسمى بدرع الجزيرة وإسناده في مصر وليبيا وتونس؟ الجواب على هذا السؤال الأخير لأن الشيعة في البحرين وليس هناك شيعة في الدول الأخرى وثورة تابعي أهل البيت يعتبر خطرا على الوهابيين الخوارج. وإلا لماذا ارسل القاعدة للإطاحة بالنظام السوري لا لذنب غير أنه موال لإيران ولحزب الله الموالين لأهل البيت(ع). لقد مولوا إرهابيي القاعدة للقيام بتخريب سوريا وحضارتها حيث نتج داعش (أصحاب الرايات السود) الذين قتلوا الرجال ورملوا النساء ويتموا الأطفال كل هذا تحت شعار لا إله إلى الله محمد رسول الله. وأي عار لحق بالمسلمين عندما تغاضوا عن دينهم وإتحدوا مع الأمريكان والعدو الصهيوني للقيام بعاصفة الحزم لإسرجاع الشرعية للرئيس اليمني. أو لم يكن من باب الأولى البدء بمثل هذه العاصفة أو حتى بهبة ريح صغيرة لإسترجاع فلسطين من الصهاينة المغتصبين؟ بالطبع في نظرهم أتباع أهل البيت (الحوثيين) في اليمن أشد خطورة وعداء لهم من الصهاينة. وها هي اليمن الآن تعيش تحت القصف وأهلها يخرجون من ديارهم خوفا على أنفسهم. والعجب قبول الإنقلاب شرعية الرئيس محمد مرسي في مصر وشرعية زين العابدين بن علي في تونس.
الخاتمة
عزيزي القارئ، حسب ما نعيشه الآن من فتن وحروب وعندما نرى راية اليماني، وراية السفياني المتمثلة في القاعدة وداعش فإننا ندرك كل الإدراك بأننا في عصر ظهور الإمام المهدي (عج). وكما ذكر سابقا فإن السنة والشيعة متقاربتان من حيث العقائد وإن إختلفت المسميات والمفاهيم وزيادة على هذا فإن المدرستين تؤمننان إيمانا قاطعا بظهور الإمام (عج). ومن عادات المسلمين إستقبال عزيز لديهم طال غيابه عن أنظارهم بدون شجار وخصام خصوصا إذا كان القادم منقذهم. لذا أضحى من الواجب على الطرفين الجلوس على طاولة واحدة وإيجاد طريقة مثلى للوصول إلى نقطة وسطية ترضي كلا الطرفين من حيث الأحكام والواجبات. والإبتعاد عن المتطرفين الخوارج لنشر السلام والإلتفاف حول كلمة التوحيد ووحدة الكلمة. فيد الله مع الجماعة الحقة، والله ولي الذين آمنوا به حقا. أما الذين إتخذوا اليهود والنصارى أولياء من دون المؤمنين، فأمرهم سيتبين حينما يحكم بقية الله ووليه الأعظم الأرض ومن عليها. كما يجب تنقية الأحاديث من الإسرائيليات وعرضها على القرآن الكريم فإن تطابقت مع القرآن الكريم أخذ بها وإن خالفت القرآن لا يؤخذ بها.
رواة الأحاديث عند الشيعة من أتباع الأئمة الهداة المهديين من عترة النبي (ص) الذين أوجب الله طاعتهم. وهؤلاء الأئمة لهم مقام تكويني بحكم طهارتهم بنص الكتاب وآخر تشريعي لتصريف أمور العباد. وما أحاديث المهدي المتفق عليها بين المسلمين جميعهم والتي طرحتها هذه الكاتبه في هذا المؤتمر قبل ست سنوات إلا إعدادا للمسلمين لإطاعة الإمام المنتظر (عج) المفروضة طاعته من الله. ولا يمكن لأحد أن يشكك أو يستنقص في فقهم أو علمهم أو هيمنتهم على التفسير والتأويل. فمع مرور القرون ورغم محاولة المارقين اللاهثين على السلطة والنفوذ من الحكام والسلاطين في القضاء على عترة رسول الله (ص) والحد من نشر الدين الحق إلا أن الله سبحانه وتعالى يأبى ذلك، ولحفظ الله عز وجل لهذا الفقه لدليل قاطع على أن إصلاح الأمة الإسلامية وجمع شتاتها سيكون نهاية على يد الإمام المهدي سليل العترة الطيبة الطاهرة والذي سيصلي خلفه السيد المسيح بن مريم الطاهرة.
شکر و تقدیر
أتقدم بجزيل الشكرللدكتور أحمد الهاشمي الذي شجعني كثيرا على الكتابة ونقح هذه المقالة.
المصادر كمال الحيدري: معنى قولنا الإمامة أصل من أصول الدين[1]
https://www.youtube.com/watch?v=JEZFs082F3g
[2] ] صحيح مسلم (261 هـ) الجزء7 صفحة119
http://www.alukah.net/sharia/0/65470/#ixzz3Ynrzhzsk [3]
[4] النسائي : الخصائص - ص 39 - 40 - 41
[5] على ماأخرجه أبو بكر أحمد بن عبد العزيز الجوهري في كتاب السقيفة كما روى ذلك ابن أبي الحديد 2 : 20، طبعة مصر راجع كتاب الفصول المهمة في تأليف الأمة، للسيد شرف الدين : 105
[6] صحيح البخاري 1 : 37
[7] صحيح البخاري 5 : 137.
[8] الحافظ الفتح (7/740)
[9] دلائل النبوة كما نقله عنه النووي في شرح مسلم (11/132) والإمام القرطبي كما نقله ابن حجر في الفتح (1/252).
[10] (43) صحيح البخاري (فتح الباري)، ج12، ص 144 ـ 148؛ ومسند الإمام أحمد، ج1. ص55 ـ 57؛ وتاريخ الطبري، ج1، ص 182 ـ 184؛ المصنّف لعبد الرزاق، ج5، ص 439 ـ 445.. الخ، نقلاً عن د. رضوان السيّد: الأمّة والجماعة والسلطة (ط2: دار اقرأ، بيروت، 1986)، ص 78 ـ 79.
[11] تاريخ الطبري، ج2، ص 353، والإمامة والسياسة لابن قتيبة، ج1، ص 19
http://hadith.al-islam.com/services.aspx?pageid=303&IndexItemID=6897 [12]
https://www.youtube.com/watch?v=_YrUfDmliOg [13]
[13] موطأ مالك في الرواية بالسلسلة الذهبية الشيخ طارق المصري: موقف عمر من حي على خير العمل في الصلاة
[14] صحيح البخاري 2 : 190 / 1584 كتاب الحج، باب فضل مكة وبنيانها، ط 1، دار الفكر / 1411 ه‍ و 2 : 179 - 180، ط دار التراث العربي، وأعاد روايتها في الجزء التاسع ص 106 باب ما يجوز من اللو، من كتاب الأحكام
[15] رواه أحمد والترمذي
[16] راجع احياء علوم الدين 3/137
[17] صحيح البخاري - العلم - حفظ العلم - رقم الحديث : (117)
http://www.sistani.org/arabic/qa/0501/ [18]
[19]. (أنظر تفسير الطبري، والقرطبي، وابن كثير، والكشّاف، والدرّ المنثور في تفسير الآية، وأحكام القرآن للجصّاص 2/147، وسنن البيهقي 7/ 205، وشرح مسلم للنووي 6/127، والمغني لابن قدامة 7/571).
[20] (صحيح البخاري في كتاب النكاح، وفي تفسير سورة المائدة، وصحيح مسلم كتاب النكاح، ومسند أحمد 1/420).
[21] (تفسير القرطبي 5/132)
[22] وقد أورد مقالته هذه جمهرة من الكتاب والحفاظ في كتبهم. (أنظر تفسير الرازي 2/167، شرح معاني الآثار 374، سنن االبيهقي 7/206 بداية المجتهد 1/346، المحلّى 7/107، الدرّ المنثور 2/141 وفيّات الاعيان 5/197)
[23] (صحيح مسلم : ج 8 ص 186).
[24] مسند أحمد : ج 1 ص 52
[25] سنن البيهقي ج 7 ص 206
[26] الموطأ ص 448 وسنن البيهقي : ج 7 ص 206
[27].صحيح البخاري الصفحة أو الرقم: 7257 خلاصة حكم المحدث: [صحيح].
[28] (ابن حجر: تهذيب التهذيب - vol03 ج2 ص63).
[29] القاضي أ بي بكر بن العربي العواصم في القواسم ص 173
[30] الجامع الصغير للسيوطي ج: 1 ص: 365ح.694
[31] ابن تيمية كتاب منهاج السنة ج 2 ص 202-203-204
[32] ابن حجر، الدرر الكامنة 1 : 114
[33] التنكيل، 1/255-256
[34] البخاري (1037)
[35] مسلم (2905)
[36] السيد أحمد بني زيني دحلان الدرر السنية في الرد على الوهابية ص 35-36
https://ayandehroshan.ir/vdcd.n0f2yt0ffa26y.html
ارسال نظر
نام شما
آدرس ايميل شما