محورية دور المرأة و نمط الحياة
هدى محمد مهدي الصالح
محورية دور المرأة و نمط الحياة
تمثل عملية التمهيد والإعداد للظهور ،دورا هاما في مسألة التغيير عالميا وليس على الصعيد الديني فقط ،بما تتسم به أعمال التمهيد من تأثير في توجهات الأفراد والمجتمعات الفكرية والنفسية والسلوكية .. وذلك بغرس أهداف جديدة في وجود كل فرد وزرع قيم ومبادئ جديدة تدخل الفرد المؤمن في حيز التمهيد .وهذه العملية في التغيير النفسي والفكري والسلوكي تستلزم تغيرا مقابلا في سلوك الأفراد وأسلوب حياتهم ..
وبما أن المرأة فردا من أفراد المجتمع تتمتع بأدوار متعددة وهامة في التأثير على سلوكيات من حولها ،وكونها مناطة بالتكليف الإلهي كما الرجل فلدورها الأهمية الكبرى في الإعداد للظهور ،لهذا ناقش هذا البحث محورية دور المرأة في تغيير النمط وأسلوب الحياة في عدة فصول .....
الفصل الأول: محورية دور المرأة في المجتمع .
الفصل الثاني: الأسلوب والنمط في الحياة .
الفصل الثالث: دور المرأة في تغيير نمط الحياة المعد للظهور .
الفصل الأول: محورية المرأة في المجتمع
إن تنمية المجتمعات المتقدمة تعتمد على الإنسان في تطورها وتقدمها ،لأنها تعتمد على استغلال الطاقات البشرية وأهم عملية استثمارية تقوم بها أي دولة نامية هو تنمية الموارد البشرية . ومما لاشك فيه أن المرأة تمثل نصف تلك الموارد البشرية ،التي يعتمد عليها في برامجه التطويرية اقتصاديا واجتماعيا، إضافة لدورها الكبير في تنمية وتكوين شخصيات أطفالها الذين يشكلون آمال الأمة مستقبلا .
وما نقصده هنا من مشاركة المرأة التنموية هو ما تبذله تلك المرأة من مساهمات تؤدي إلى إحداث التغير الاجتماعي وتسهم في تحقيق التقدم للمجتمع .فالمرأة تمتلك القدرة على القيام بأداء أدوار متعددة في الحياة الاجتماعية ،وتؤدي دورا فاعلا في عملية التنمية المجتمعية وذلك باعتبارها نصف المجتمع.
على المرأة أن تمتلك الوعي الكافي والضروري لأهمية دورها ومدى تأثيره في التنمية ،وحتى تنطلق في أداء دورها بدون عقبات تعترضها لابد أن تنطلق من النظرة السامية للإسلام لدور المرأة حتى تتعرف على حقوقها وواجباتها وتسعى للمحافظة عليها وفق النظرة الإسلامية وبحدودها دون أن تنزلق وراء هتافات الغرب في تحرير المرأة ومساواتها بالرجل .
كذلك على جميع أفراد المجتمع والرجال في المجتمعات الإسلامية أن يعرفوا نظرة الإسلام حول المرأة وأهمية مشاركتها في ميادين الحياة وممارساتها لأنشطتها وتعليمها وعملها ومساعيها الاجتماعية والسياسية والاقتصادية والعلمية ودورها في العائلة وخارج نطاق العائلة . وذلك لأنه لا يمكن لأي مجتمع أن يبني حضارة دون أن تساهم المرأة في ذلك مساهمة فعالة ،فالمجتمع الذي يصل إلى احترام المرأة والتعامل معها كإنسان متكامل له كامل الحقوق الإنسانية ويؤمن بدورها المؤثر في بناء وتطور المجتمع يكون مجتمعا قد بلغ مرحلة من الوعي الإنساني وفهم أسس التربية الإنسانية الصحيحة والتي تتحمل المرأة وزرها الأكبر .
المرأة كفؤ الرجل
خلق الله (المرأة والرجل ) في أحسن صورة إنسانية ،وكرمهم بالعقل وانطلاقا من معرفة الله بحاجة البشر وضع لهم قوانين ونظم لتنظيم أمورهم الحياتية في جميع المجالات السياسية والاجتماعية والأسرية والاقتصادية وحتى فيما يخص تكامل الإنسان وارتقائه الروحي والمعنوي .
فكان الخطاب القرآني مشتركا بين الرجل والمرأة يقول الله تبارك وتعالى: وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ... الخطاب القرآني والروايات ساوت بين المرأة والرجل فيما يتعلق بتحمل المسؤوليات والتكاليف، فوجه الخطاب لكليهما في أهمية طلب العلم وجعله فريضة قال رسول الله (ص):(طلب العلم فريضة على كل مسلم ومسلمة). وجعل أمور الناس والمسلمين من جملة مسؤوليات المرأة والرجل فقال (ص) :(من بات ولم يهتم بأمر المسلمين فليس منهم) فهذا التوجيه النبوي لا يتعلق بالرجال فقط ،لأن الكفاءة ليست قصرا على الرجل ،وفي كثير من الأحداث التاريخية نجد تفوقا للمرأة على الرجل . لهذا كان من الظلم للأمة أن تحرم من كفاءة المرأة ،وهي تمثل نصف المجتمع البشري . ويكفى ان الرجل يعيش عمره الأول فى أحضان المرأة يتشرب منها كيف يعيش بقية عمرة التالى . فإذا كانت جاهلة خامدة فأن الجهل والتخلف سينعكس على المجتمع كله .وإذا كانت مؤثرة فعالة فسيتحول بها المجتمع الى طاقة من الحيوية والانطلاق .
ويشير الإمام الخميني قدس سره إلى هذا: (إن للمرأة دوراً كبيراً في المجتمع، والمرأة مظهر لتحقق آمال البشر). فالفعالية في المجتمع ليست خاصة بالرجال بل هي تكليف للمؤمنات كما كانت تكليفا للمؤمنين. يقول الإمام الخميني "يؤهل الإسلام المرأة لأن يكون لها _ كالرجل _ دور في جميع الأمور ،فكما يؤدي الرجل دوراً في جميع الأمور ،فالمرأة أيضاً تمتلك مثل هذا الدور.
المرأة تربي الإنسان
حضن المرأة هو مدرسة تربوية يتخرج منها الأجيال ،يستمدون منها القيم والمباديء والأفكار ،يتعلمون وينشئون على يديها لينهضوا بهموم المجتمع ويحملون على عاتقهم مسؤولية النهوض بالأمة ،الإمام الخميني قدس سره الشريف يقول «القرآن الكريم يربي الإنسان، والمرأة أيضاً تربي الإنسان» بل نجد الإمام عندما يقارن بين دور المرأة ودور الرجل في المجتمع يصرح أن دور المرأة أهم وأخطر، حيث يقول قدس سره: «دور المرأة في المجتمع أهم من دور الرجل ،لأن النساء والسيدات _ علاوة على كونهن شريحة فعالة على كل الأصعدة _ فإنهن يتصدين لتربية الشرائح الفعالة الأخرى أيضاً» إشارة إلى أهمية الدور الذي تمثله المرأة حين تربي أطفالها على القيم الدينية والمبادئ الإسلامية .
المرأة تصلح المجتمع
يقول الإمام الخميني قده: «إن صلاح أو فساد مجتمع ما نبع من صلاح أو فساد نساء ذلك المجتمع. صلاح المرأة واستقامتها عامل مهم ومؤثر في صلاح المجتمع البشري عامة والمجتمع الإسلامي بالخصوص ،لأن المرأة الملتزمة المستقيمة تمثل مظهرا إسلاميا ونموذجا فريدا لتطبيق تعاليم الشرع حين تؤدي دورها الاجتماعي مع حفاظها على عفتها والتزامها بحجابها وتطبيقها للحكم الشرعي . فالمرأة المحجبة تصنع بوجودها دعوة إلى الله سبحانه، وإن كانت فاسدة فإنها ستتسبب بفساد المجتمع لأنها تعطي بفسادها طابعا وأجواء تساعد على الفساد والانحراف في المجتمع .
إضافة لتصدي تلك المرأة لتربية الأجيال التي تتولى نهضة الأمة فحين تكون صالحة ينشأ على يديها جيل صالح متحمل لمسؤولياته ملتزم بتعاليم دينه ،أما حين تكون فاسدة فإن الجيل الذي يتربى على يديها يكون مصدر خطر وقلق على المجتمع . فدورها حساس جدا، إما نور من الأنوار الإلهية في المجتمع أو سهم من سهام الانحراف والفساد.
ومن هنا فالإسلام لا يريد إلغاء المرأة من المجتمع، بل يريدها وبقوة، ولكن يريدها نوراً من أنوار الصلاح يقول الإمام الخميني "قده": «الإسلام يرى أن للنساء دوراً حساساً في بناء المجتمع الإسلامي، لذا فقد ارتقى بالمرأة إلى الحد الذي تستطيع معه أن تستعيد موقعها الإنساني في المجتمع وأن تخرج عن كونها (شيئاً) حتى تتمكن من خلال ذلك تحمل مسؤولياتها في بنية الحكومة الإسلامية». فللمرأة إذن عمل اجتماعي حساس وليست مجرد شيء في المجتمع، لكن ينبغي في عمل المرأة الاجتماعي أن يبقى محافظاً على العفة العامة والحياء، وتحذر من الوقوع في الفساد الذي يئن منه الغربيون أنفسهم _ كما عبر الإمام _ ومن اللازم على النساء القيام بهذا الدور والتصدي له: «يتحتم على النساء اليوم أداء دورهن الاجتماعي والتزاماتهن الدينية، مع المحافظة على الحياء العام، ففي ظل العفة العامة يمارسن نشاطاتهن الاجتماعية». بل نجد الإمام قدس سره يعتبر أن النساء الصالحات هن السبب في رفعة المجتمع وانتصاره أمام كل التحديات، يقول قدس سره: «لو جردوا الأمم من النساء الشجاعات والمربيات للإنسان، فسوف تهزم هذه الأمم وتؤول إلى الانحطاط».
الفصل الثاني: الأسلوب والنمط في الحياة
النمط لغة: نمَّطَ ينمِّط ،تنميطاً ،فهو مُنمِّط .نمَّط الشيء:جعله على نفس النوع والأسلوب.
ونمط الحياة /نمط المعيشة: طريقة العيش وخصائصها التي يعتمدها الإنسان في بيئته ومجتمعه وعمله.وهذا النمط يختلف من فرد إلى آخر .يعتبر نمط الحياة انعكاسا لصورة الفرد وقيمه الذاتية والطريقة التي يرى فيها نفسه ويراه بها الآخرون.وهي نموذجا متكاملا من النشاطات سواء أكانت هواية أو نوع من أنواع الرياضة أو التسوق أو حضور المناسبات الاجتماعية ،وتشمل هذه المجموعة أيضا الاهتمامات مثل الأكل أو الأزياء ،ويدخل ضمنها الآراء الاجتماعية والاقتصادية والحكومية وغيرها.
ما هو النمط المعد للظهور؟
في ظل الغيبة الكبرى للإمام الحجة عجل الله فرجه الشريف ،يعيش الناس حالة من الترقب والانتظار لظهور هذا المغيب بوعد من السماء .وبالنظر للحاجة الملحة لوجود قائد إلهي يسود بخلافته السلام وتنتهي بوجوده مآسي الضعفاء ويعم بحكمه العدل والقسط ،كان لزاما على من يعتقد به أن يتوجه لمعالجة أسباب غيبته وعكسها لتسريع ظهوره المقدس.
ومن هنا تنطلق مساعي الممهدين للظهور لتحقيق هذا الهدف الإلهي بتهيئة الأرضية الملائمة لإقامة حكم الله على الأرض كافة ،وهذا التمهيد ينتهج أشكالا مختلفة تتطلب إعداد شريحة واسعة من الممهدين الذين يحافظون على أهداف التمهيد ويسرعون في الظهور ،ومن أجل إعداد هكذا شريحة عاملة ومجاهدة لابد من دراسة كل العوامل المساعدة والمهيئة لإعداد بيئة معدة للظهور.
وبالنظر لفشل مساعي البشر لإيجاد منهج متكامل في جميع جوانبه يخدم الإنسان ويتناسب مع ظروفه الاجتماعية والاقتصادية والدينية والسياسية .يتبين أنه لا يوجد أفضل من المنهج السماوي الذي رسمـه الخالق ليحدد معالم الحياة للإنسان في جميع جوانبها .فالنمط المعد والممهد للظهور ليس إلا تجسيدا للطريقة الإلهية في بناء الإنسان وإعداده فكريا وأخلاقيا ليكون مؤهلا لخلافة الأرض بقيادة الإمام المهدي عجل الله فرجه الشريف حتى تتحقق السعادة في البشرية والكون بتحقق العدل الإلهي.
وهذه الطريقة تهدف إلى توجيه نمط حياة الإنسان نحو تحقيق السعادة الأبدية في الدنيا والآخرة ،بما يتناسب مع أفكاره وميوله وفطرته وغرائزه وما يتطلبه دوره في الحياة من الطفولة إلى الشباب إلى الهرم ،وهذا يتطلب إلمام شامل بسائر العوامل المؤثرة في عملية البناء التربوي ،ونجد هذه الطريقة الغنية بكافة متطلبات الحياة في خط ومنهج أهل البيت عليهم السلام ،هذا المنهج المستمد من تعاليم السماء وبتوجيه من خالق الأكوان الذي جعل من منهج أهل البيت عليهم السلام خطا مساويا لمنهج القرآن وثقلا متوازنا معه ،فلا يخيب من اتبع هذا النهج السماوي لأنه مستمد ممن خلق البشر ويعلم بالأصلح لمسيرتهم.
كما أن تطبيق هذا المنهج سيحقق الموازنة المطلوبة في حياة الفرد والمجتمع:
الموازنة في نمط حياة الفرد :لأنه يهدف إلى تنميط حياة الفرد بما يتوافق مع تعاليم السماء ويتناسب مع حياته الاجتماعية مع أقرانه وينسجم مع معيشته في بيئته ،فهذا النمط يحدد للإنسان أسلوب التعاطي مع خالقه من خلال وضعه برنامجا عباديا يحقق للروح انسجامها .ويرسم له نمط التعامل مع الآخرين في عملية تفاعلية قائمة على احترام الحقوق وأداء الواجبات تكفل سبل التعايش السلمي في المجتمع ،كما يعطي للنفس نمطا خاصا يوازن سلوكياتها بما يحدده لهذه النفس من جميل الصفات والأخلاق وينهى عنه من رذائلها .وهو نمط يضع القوانين ويفرض العقوبات ويحفز الإنسان على عمل الطاعات والنظر بعين الأمل للمستقبل المشرق بتعميق ارتباطه بخالقه وإيمانه بالمعاد والبعث وهذا يحقق التوازن في سلوك الفرد ونمط حياته ويوجهه نحو الاستقامة والصلاح.
فهذا الفرد من جهة يستشعر برقابة خالقه الذي يؤمن بوجوده ويؤمن بقضائه ويؤمن بعقابه وثوابه ،ومن جهة أخرى يؤمن بحضور إمامه الغائب ورعايته ،فيوازن أعماله وأفعاله وفق ما يرضي خالقه ويرضي إمامه عنه ،وهذا يستلزم منه مراقبة شديدة لأفعاله وسلوكياته .الأمر الذي يؤثر في نمط حياته ويغيرها لتكون مؤثرة فيمن حوله.
الموازنة في نمط حياة المجتمع :إن نمط الحياة الاجتماعية قائم على مبدأ التعايش السلمي بين الأفراد ،واحترام الحقوق والاهتمام بكافة أفراد المجتمع واحتياجاتهم والتمسك بالقيم والمبادئ والموروثات الثقافية لنقلها إلى الأجيال المتعاقبة في عملية تبادلية ،فكل فرد يتأثر ويؤثر فيمن حوله من الأفراد وبالتالي يؤثر على نمط الحياة الاجتماعية.
ويتميز النمط الاجتماعي بفاعليته في التغيير في حياة الشعوب وتوجيهها نحو تنميط جديد ،فهو أكثر قوة لأنه يحمل هموم تلك الجماعات وينتج عن توجهها إلى تبديل واقعها المشبع بالظلم والعدوان ،فحين يطبق هذا النمط المتوازن يحقق بالتأكيد الأرضية الملائمة لتحقق النمط الأكمل الذي يمثل أمل البشرية وأجمل أحلامها على الأرض.
وهذا يؤكد على ضرورة دفع الحياة سواء الفردية أو الاجتماعية نحو إنتهاج النمط الذي يسير بها إلى كمالها ،وهذا النمط نفسه الذي يعيشه الممهدون لحركة المهدي (ع) وهو ذاته النمط الذي ستكون عليه حياتهم عند ظهوره المقدس ،ويؤكد أيضا أن الابتعاد عن هذا النمط يعطل الحركة التمهيدية ويدفع الناس إلى التقاعس عن أداء واجبهم التكليفي تجاهها ويعكس صورة سلبية مغايرة عن النمط والطريقة الإلهية في بناء الإنسان والإرتقاء به نحو الكمال.
الدور المتقابل في الحياة المعدة للظهور
ماذا نعني بالدور المتقابل؟ هو تأثير الأخلاق في سلوك الإنسان وتأثير هذا السلوك في المجتمع.
مما يدفع الإنسان إلى التغيير هو الرغبة الناشئة من عدم الرضا بالواقع سواء كان التغير في ذات الفرد أو في المحيط الذي يعيشه . والرغبة في الكمال يدفعه إلى التكامل ،فالإنسان هو محور أي تغيير يحدث أو يراد به أن يحدث في المجتمع ،لذا لابد من إلقاء الضوء على جميع العوامل المؤثرة في تغييره نحو الهدف المراد .وليس من هدف أسمـى من وصول الإنسان إلى كماله الذي يرفعه من رتبة الإنسانية إلى رتبة الملائكة.
وأولى الخطوات تبدأ بالرغبة الناشئة من الحاجة إلى التغيير والإصلاح ،ثم تتولد حالة جديدة من السعي والجهد في العمل ،وهذه الحالة من السعي تتطلب حالة من قوة الإرادة والعزيمة والصبر كفيتامينات مقوية طول الطريق .ومع ذلك فإن كل فرد إنساني يسعى لإيجاد التكامل في ذاته من خلال البحث عن عوامل التغيير التي تدفعه نحو التكامل .وحين يلتحم هذا التغيير نحو التكامل مع الأهداف الإلهية في التغيير التكاملي للأرض والمخلوقات والكون فإنه يسمو ويرتقي ويتقوى.
من أهم العوامل التي تساهم في تغيير الإنسان هو الأخلاق والأفكار (المعتقدات) ،فالفكر منشأ لعقيدة الإنسان إن كانت أفكاره صحيحة وسليمة كانت نظرته العقيدية قوية وسليمة ،وبالتالي إن كانت أفكاره فاسدة وسقيمة كانت عقيدته سقيمة وفاسدة .والفكر السليم يعطي الإنسان القدرة على التمييز بين الصواب والخطأ وبالتالي يكون تصرفه وسلوكه سليما.
وتغيير السلوك ينشأ من تغيير الأخلاق ،فالأخلاق النابعة من ذاتية الإنسان تنعكس بشكل مؤثر على سلوكه وأفعاله ،لذا فإن الشارع المقدس يدعو إلى التزكية النفسية وتطهير الذات بعامل التخلي عن الرذائل والتحلي بالفضائل .وهذه العملية لها تأثيرها الفاعل وإن كان بالتصنع حتى تتحول الصفة إلى ملكة .كما تؤثر في سلوك الإنسان وأفعاله الظاهرية مما يؤدي إلى تغير في أسلوبه في التفاعل مع الغير وبالتالي تغير في نمط وأسلوب حياته.
برنامج أهل البيت في النمط المؤثر للإعداد للظهور
الانتظار لفرج الله هو نمط يعيشه المنتظرون منطلق من النظرة الإيجابية للإنتظار ،يتغير من خلاله أسلوب حياتهم وتتغير فيه سلوكياتهم وأفكارهم لتتوافق مع متطلبات الظهور وترتقي لتصل إلى مستوى رضا إمامهم المغيب عنهم ،وهذا النمط نشأوا عليه من سالف الزمن أنشأهم عليه أئمتهم وربوهم على هذه الطريقة ورسموا لها منهاجا ووضحوا لهم خطهم وطريقهم .وحين نتمعن فيما يعطي الانتظار ويرسخ من معاني في داخل المنتظرين يتوضح لنا مدى تأثير هذه العملية في تغيير نمط وأسلوب كل فرد.
ومن تلك المعاني التي يحدثها الانتظار هو حالة الرفض والاعتراض على الأوضاع السيئة، فانتظار الامام يمنع الانسان من الاندماج مع الواقع المنحرف والانجراف معه وهو يوقد الأمل في نفوس المنتظرين بغلبة أهل الحق وخلافة المستضعفين ،ومع أن المنتظِر قد لا يتمكن من تغيير واقعه إلا أنه وبهذا الأمل يصمد أمام المغريات ويستمر على الطاعة لأنه يعتقد بوجود إمامه ورقابته مما يدفعه لمراقبة سلوكه على الدوام، و يجعله ملتزما بتطبيق تعاليم دينه.
ونجد تلك المعاني واضحة في عدة برامج عود الأئمة اتباعهم على ممارستها والالتزام بها منها:
دعاء العهد الذي يستحب بعد صلاة الفجر:(اللهم بلغ مولانا الهادي المهدي عن جميع المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها ،من الصلوات والتحيات زنة عرش الله ومداد كلماته) ثم يطلب الداعي من الله أن يكون من أنصار الحجة ويجدد له البيعة:(اللهم إني أجدد له في صبيحة يومي هذا وما عشت من أيام حياتي عهدا وعقدا وبيعة له في عنقي).
والدعاء الذي روي أن من واظب عليه حشره الله مع جملة أنصار الحجة:(اللهم إن حال بيني وبينه الموت الذي لابد منه فاخرجني من قبري مؤتزرا كفني شاهرا سيفي مجردا قناتي ملبيا دعوة الداعي في الحاضر والبادي ..اللهم أرني الطلعة الرشيدة والغرة الحميدة وأكحل ناظري بنظرة مني إليه ،وعجل فرجه).
الاحترام لاسمـه الشريف حيث يستحب وضع اليد على الرأس بعنوان التحية والاحترام ،كما يستحب القيام عند ذكر القائم عجل الله فرجه.
المداومة على دعاء الفرج ودعاء الندبة وإخراج الصدقة حفظا للإمام المغيب.
فهذه الأعمال ليست أمور عبادية يلتزم بها المنتظر في عصر الغيبة فقط بل هي منهج سلوكي وفكري وعقائدي يمثل حدود الخط الذي يسير باتجاهه من ينشد نصرة الإمام ويعتقد بوجوده.
برنامج دعاء الندبة في تنميط حياة الممهد
ففي دعاء الندبة مثلا كثير من الوقفات التي توجه سلوك الإنسان المؤمن نحو التمهيد للظهور ..حين ننظر لتوقيت هذا الدعاء الذي يستحب قرائته في الأعياد خاصة وفي يوم الجمعة الذي يعد عيدا للمسلمين ففي هذا الدعاء إستثارة واستنهاض للثائر المنتظر والقائم المرتجى (متى ترانا ونراك وقد نشرت لواء النصر تُرى؟ أترانا نحف بك وأنت تؤم الملا وقد ملأت الأرض عدلا؟).
وبعد أن يبين أن هناك شريعة ومنهاجا قد حدده المولى لهم (وكل شرعت له شريعة ونهجت له منهاجا) وأن هذه الشريعة لها حفظة اختارهم الله كأوصياء (مُسْتَحفِظاً بَعْد مُسْتَحفظ ،مِن مُدَّةٍ إِلى مُدَّة ،إِقَامَةً لِدِينك ،وحُجَّةً عَلى عِبَادِك) وبيَّن من خلال فقرات الدعاء من هم أولئك المستحفظون الذين أختارهم الله من علي أمير المؤمنين إلى الحجة المنتظر عليهم السلام ،وكيف واجهت الأمة هذه الوصية من الرسول (ص) بالإقصاء (مُصِرَّةً على مَقْتِه مُجْتَمِعةً عَلى قَطِيعَةَ رَحِمه ،فَقُتِلَ مَنْ قُتِل وسُبِيَ مَنْ سُبِي وأُقْصِيَ مَنْ أُقْصِي).
فهنا موقف نفسي يتخذه الموالي في بكائه وحزنه على مصائب أهل البيت عليهم السلام وما جرى عليهم من مظلومية ،خاصةً مع توقيت هذا الدعاء في الأعياد حيث يحتفل الجميع بينما فئة خاصة تقف لتبكي حزناً ،وهذا موقف يدعو للتسائل عن المظلومية التاريخية وأسبابها ومسبباتها حيث يعتبر وسيلة إعلامية لا مثيل لها (فَعَلَى الأَطِائِبِ مِنْ أَهْلِ بَيتِ مُحَمَّدٍ وعَلِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهُما وآلهما، فَلْيَبْكِ الْبَاكُون ولْيَنْدُبِ النَادِبوُن).
وبعد الاستعراض لمظلومية أهل البيت عليهم السلام والتصعيد العاطفي تجاهها ،ينعطف الدعاء إلى الأسلوب المحتج من جهة ،المستنهض والمستثير من جهة أخرى في ذكر الإمام المنتظر وتبيِين الدور المرتقب له عجل الله فرجه (أَيْنَ المُعدُّ لِقَطْعِ دَابِرِ الظَّلَمَة ،أَيْنَ المُنْتَظَرِ لإِقَامَةِ الأَمْتِ والعوج ،أَيْنَ المُرْتَجَى لإِزَالَةِ الجْوَرِ والْعِدْوَان ،أين .....)
ومن أجمل ما يلاحظ في هذا الدعاء هو صنعه للعلاقة الوطيدة بين الداعي وإمامه ،حين يتحرق هذا المؤمن لا من أجل ذاته بل لكي يظهر إمامه وينتصر لدينه ،وتتغير أحوال البشر:(متى ترانا ونراك وقد نشرت لواء النصر تُرى؟)
وهذا الداعي يرغب في أن يقاتل وأن يستشهد بين يدي إمامه ،لذا فهو يتحرق شوقاً وانتظاراً لهذا المغيب:(بنفسي أنت من مغيبٍ لم يخل منا! بنفسي أنت من نازحٍ ما نزح عنا! بنفسي أنت أُمنِيةَ شائقٍ يتمنى! من مؤمنٍ ومؤمنةٍ ذكر فحنىَّ) فهذه الأمنية تتقد في داخل هذا المنتظر الذي يعيش حالات الانتظار (انتظار الفرج) الذي هو أفضل الأعمال كما ورد في الرواية الشريفة:(أفضلُ أعمالُ أمتي انتظار الفرج) وهو يربي الداعي على التعامل مع صاحب العصر والزمان على أنه حاضراً وناظراً ،فهو مغيب لكن لم يخل منه المحيط وهذا يجعل المؤمن في حالة تأهب واستعداد دائم لظهوره ويدفعه لمراقبة نفسه وإصلاح ذاته لتكون مهيئة لخدمة الإمام عند ظهوره .فالانتظار لدى المؤمن له أبعاد عقائدية هامة:
في بعد التوحيد: يجعل المؤمن متوجهاً لله الواحد صاحب القدرة المطلقة ويطلب منه الفرج وتعجيل الظهور.
في بعد النبوة: فالانتظار للإمام في تجديد للعلاقة مع الأنبياء العظام فقد ورد في الروايات أنه في الإمام شبه من آدم ومن نوح وإبراهيم وموسى والنبي محمد (ص) ،وأنه من أراد النظر إليهم فلينظر إليه.
في البعد القرآني: فالانتظار يعني الأمل بحكومة القرآن على العالم ،حيث يحيي المهدي ما أماته الظالمون من تعاليم القرآن.
في بعد الإمامة: فإن انتظار المهدي الذي هو خاتم للأئمة والأوصياء الذين بشروا به وهيئوا الناس لانتظار فرجه هو تأكيد لأصل الإمامة.
وفي بعد العدل: فالانتظار هو انتظار لسيادة العدل والقسط على العالم بعد سيادة الجور والظلم.
وفي بعد المعاد: حيث يُذكِّر انتظار المهدي وظهوره بيوم العدل الإلهي في المعاد ،حيث يجازى الظالمون والمستكبرون ويتم إحقاق حق المؤمنين ،كما أن ظهوره هو إيذان بالبعث النهائي ،فإن هذا لا يتم إلا بعد الظهور وأنه لو لم يبقى إلا يوم واحد لطول الله ذلك اليوم حتى يظهر الله خليفته وحجته.
مجالات الحياة المعدة للظهور
الحياة المعدة للظهور حياة لها مجالات متعددة تحوي أنماطاً وأساليب كغيرها من أساليب الحياة ،إلا أنها تتخذ بعدا إيمانيا يحمل بين طياته هدفا أسمى حين يسعى لإقامة الحق والعدل على وجه الأرض كافة ،ويحقق آمال البشرية بظهور منقذها ومخلصها ..ومن تلك المجالات:
التنشئة الاجتماعية: التنشئة الاجتماعية هي عملية تفاعل يتم عن طريقها تعديل سلوك الشخص بحيث يتطابق مع توقعات أعضاء الجماعة التي ينتمي إليها. وهي العملية القائمة على التفاعل الاجتماعي التي يكتسب فيها الطفل أساليب ومعايير السلوك والقيم المتعارف عليها في جماعته ،بحيث يستطيع أن يعيش فيها ويتعامل مع أعضائها بقدر مناسب من التناسق والنجاح .فعملية التنشئة عملية متبادلة أي تأثير وتأثر ،يؤثر فيها كثير من العوامل الداخلية كالدين والأسرة والعلاقات الاجتماعية والوضع الاقتصادي والثقافة والتعليم .وعوامل خارجية كالمدرسة والرفاق وثقافة المجتمع ووسائل الاعلام.
و يأتي دور المرأة في التنشئة في عدة أدوار أهمها:
دورها كأم: حين تربي أطفالها باعتبارها النموذج والقدوة التي يحتذي بها الأطفال منذ صغرهم وهي الوحيدة الملازمة لطفلها منذ ولادته وحتى يكبر ويبلغ السن التي تؤهله ليكون فردا في المجتمع ،وهي مصدر الحنان والمحبة التي يستلزمها الجو العائلي الذي يسوده التماسك والمحبة بين الوالدين ،وعطفها على أبنائها ورعايتها لهم يؤدي إلى نمو شخصية الأبناء نموا سليما دون انحراف أو اضطراب في شخصية الأبناء وسلوكهم والأم تنقل إلى أبنائها جميع موروثات مجتمعها وعاداته وقيمه ،خاصة عندما تعيش تلك المرأة حالة الانتظار والترقب للظهور فهي تنشئ ابنائها ليكونوا ممهدين وتزرع فيهم قيم التمهيد.
دورها كمعلمة:حين تؤدي دور التعليم في المدرسة التي تعتبر من أهم مؤسسات التنشئة الاجتماعية حيث تقوم المدرسة بإعداد الأجيال الجديدة روحيا ومعرفيا وسلوكيا وبدنيا وأخلاقيا ومهنياً ،وذلك من أجل أن تحقق للأفراد اكتساب عضوية الجماعة والمساهمة في نشاطات الحياة الاجتماعية المختلفة. وتعمل المدرسة اليوم على تحقيق عدد كبير من المهام التربوية وتعتمد تلك القوة فى البناء الاجتماعى على السلوكيات والاتجاهات والقيم التى تغرسها المدرسة فى الناشئة لخدمة الوطن والمجتمع ،والانتماء إليها والتضحية فى سبيلها واحترام العادات والتقاليد والنظم والتعليمات التى يرتضيها المجتمع واحترام أخلاقيات الجماعة .إن المدرسة مطالبة بأن تعمل على التكيف الاجتماعي والثقافي للنشء ،ليصبح هؤلاء الأفراد أعضاء عاملين ناجحين ومشاركين فى نهضة مجتمعهم ،وهى مطالبة كذلك بتوسيع دائرة معارفهم وثقافتهم ليستطيعوا القيام بالأدوار التى تنتظرهم فى الحياة العامه.
دورها كقدوة: الحاجة إلى القدوة في التنشئة أمر مهم جدا ،فالطفل يقتدي بوالديه والبنت تقتدي بأمها والطالبة تقتدي بمعلمتها ،والمجتمع النسوي يحتاج للقدوة في خطه بسبب ما تعيشه المرأة المسلمة في العصر الحاضر من هجمة شرسة لتضييع كرامتها بما يطلقه دعاة الحقوق من مساواتها بالرجل وحقوق المرأة ،فالمرأة التي تتصدى للعمل الدعوي ونشر الثقافة المهدوية يتطلب منها أن تمثل نموذجا فريدا في الأخلاق والعلم لبنات جنسها تغرس فيهم قيم الإسلام وتزرع فيهم أهداف التمهيد ،قدوة في أخلاقها ودينها وإيمانها.
الترفيه وأوقات الفراغ: أن ظاهرة وقت الفراغ تلازم وجود الثقافة في المجتمع ،سواء أكانت الثقافة قديمة أم حديثة ،فوقت الفراغ مفهوم اجتماعي يمكن أن يستخدم للإشارة إلى الاتجاهات ،والرغبات ،والتفضيلات ،وأنماط التفكير ،والاهتمامات ذات الأنواع المتعددة لدى الأفراد والجماعات ،خلال فترات من حياتهم اليومية لهم الحق في استثمارها على نحو يشبع حاجاتهم الشخصية ويحقق أهدافهم الخاصة ،ويعتمد وقت الفراغ على العلاقات الاجتماعية ،ويخضع للقوانين التي يفرضها المجتمع على هيئاته المختلفة ،لهذا تختلف أنشطة وقت الفراغ ،باختلاف المجتمعات والثقافات ،بل هي تختلف باختلاف الأفراد والجماعات في المجتمع الواحد ويعود السبب إلى التباين والاختلاف في طابع القيم والأنماط السلوكية والاجتماعية السائدة في المجتمع.
قال سقراط:(إن وقت الفراغ لهو أثمن ما نملك) ،ولا يمكن في هذا العصر تصور الحياة عملا متواصلا ،لأن ذلك يؤدي بعد فترة إلى الشعور بالتعب والملل ،لذا فإن تحقيق التوازن بين وقت العمل ووقت الفراغ ،أمر أساسي للإنسان ،فالترفيه الثقافي والروحي والجسدي ،ضرورة حيوية تمهد لحركة العمل والإبداع ،وتتجلى أهمية وقت الفراغ لأنه منطلق التكوين الذاتي وإعادة إنتاج الحياة الذاتية ،من خلال ممارسة أفراد المجتمع بنشاطات تسهم في بناء شخصياتهم وتنميتها ،فمن خلال معرفة نشاطات أوقات الفراغ يمكن الحكم على شخصية الإنسان ،وتكشف أنشطة وقت الفراغ عن مواهب الناس وقدراتهم ،وتعمل على الترويح والترفيه عن أنفسهم وتجدد طاقاتهم الإنتاجية ،وتلبي حاجاتهم البيولوجية والنفسية والاجتماعية ،كما تعمل على استعادة القوى التي خسرها الإنسان أثناء العمل اليومي ،مما يعني أن وقت الفراغ مرحلة من مراحل التهيؤ للعمل والإبداع ،ولا بد من الإشارة إلى أن إساءة استثمار وقت العمل ووقت الفراغ أو التناقض ببينهما ،يؤدي إلى تصرفات لا سوية.
وهنا يأتي دور الوالدين وخاصة الأم لما لها من دور فاعل لاستثمار أوقات الفراغ في إبراز المواهب الكامنة لدى أبنائها وإظهارها وتنميتها وتعويد تلك الفئة الشابة على تمضية وقت الفراغ فيما يفيدهم بالتخطيط المناسب وتحقيق التوازن في حياتهم اجتماعيا وصحيا وعقليا بحيث يغدو وقت الفراغ منفذ تعبير عن حاجاتهم ورغباتهم المكبوتة ،وبذلك يكسبهم أنماطا من السلوك تعزز صفات ايجابية مثل التعاون ،والصداقة ،والشعور بالولاء والانتماء ،والمنافسة الشريفة ،والمبادرة والعطاء.
فإبراز تلك المواهب وتمضية وقت الفراغ فيما يفيد يكسب تلك الفئة الشابة أهمية الوقت ويرفع من مستوى تحمل المسؤولية لديهم ،فهم ينشئون على أساس وجودهم كخدمة في ثورة التغيير العالمي يفكرون في كل ما يخدم تلك النهضة ويعملون وفق ما يخدم أهدافها ،ويدركون خطورة هدر تلك الأوقات وتضييعها في اللهو لأن ذلك يؤدي إلى نتائج سلبية تبعد الشاب عن أهداف العملية التمهيدية وتبعده عن أساليب الحياة فيها ومن تلك النتائج: القلق ،التوتر ،الخوف من الذات ،الضجر ،الملل ،البطالة ،الضياع ،السقوط ،الانهيار الأخلاقي ،تناول المسكرات ،تعاطي المخدرات ،السهر في أماكن منحرفة ،وهذه كلها سلوكيات تؤدي إلى الحط من قيمة الإنسان ،وبناء مظاهر الضعف والجمود والسلبية والانحراف لديه و وإضعاف شخصيته الاجتماعية.
التسويق والاستهلاك: في ظل الهيمنة الرأسمـالية للدول الكبرى في العالم والتي تتمتع بخاصية الإنتاج والتطور ،وفي ظل الأهداف الخبيثة لتلك الدول في تضييع الشخصية الإسلامية وإبعادها عن هموم العالم وعن القضايا التي تنطلق بالإنسان ليصل إلى كمال البشرية ،وخوفا منها على مصالحها الاستراتيجية خاصة في دول العالم الثالث حيث الثروات المخزونة ،سار هؤلاء نحو مخطط عالمي لتضييع الشخصية الإسلامية وإبعادها عن بارئها وكل ما يتعلق بالروح وربطها بالماديات حتى يتعلق الإنسان بالدنيا وينسى أن الآخرة هي دار القرار ،ويبتعد عن التفكير في نصرة إمامه المنتظر وإبعاده عن التمهيد للظهور ،وذلك بجعله آلة استهلاكية تستهلك جميع ما ينتجه لها الغرب من مواد وأدوات وآلات.
فأصبح الأفراد في ظلِّ أيديولوجيا الاستهلاك أكثر تأثُّرًا بالآخرين وبمتغيرات السوق.ومن ثَمَّ تحولت ذواتهم تحت تأثير الاستهلاك المادي والمعنوي إلى ذوات خاضعة لا تملك من أمرها شيئًا ،وصارت الجماعات الاجتماعية تسعى من خلال الاستهلاك إلى تأكيد وضعها الاجتماعي ومكانتها في المجتمع ،واتجه عدد كبير من الأفراد نحو الْمُتَع الحسِّية والاعتناء بالجسد ؛تواكبًا مع كل المنتجات التي تهدف إلى تجميل الجسد أو الترفيه عنه.
لهذا فالنزعة الاستهلاكية تلعب دورًا معوقًا في عملية التنشئة الاجتماعية ،ومن ثَمَّ في عملية التنمية الشاملة ،فإذا كانت الوفرة المالية وما يصاحبها من نزعة استهلاكية تؤثِّر على المجتمع ،فإنها أيضًا تجعل الأفعال الاجتماعية للأفراد تميل إلى الانحراف عن أهدافها المثالية .فالنزعة الاستهلاكية تهدف إلى نشر قِيَم الاستهلاك وقيم التعامل النقدي ،وإلى نشر الروح الفردية الأنانية وإيجاد الرغبة في التميز من خلال اقتناء أشياء استهلاكية مُعيَّنة ،فضلاً عن إهدار قِيَم العمل . فالناس لا يتجهون للاستهلاك الرشيد ،إلا إذا أحس عدد منهم بالرغبة في تغيير أنماط حياتهم وسلوكهم ،ولن يحدث هذا في يوم وليلة ،وإنما الأمر يتطلب عملية تربوية وتعليمية طويلة الأمد ،ولعلَّ هذه العملية تبدأ من مرحلة الطفولة باعتبار أن المستقبل للأطفال.
فحين يتربى الطفل على ترشيد الاستهلاك وعدم هدر المال إلا فيما يدور مدار الحاجة والفائدة على الفرد ،فهذا يعطي لحياة الإنسان نمطا متوازنا .ومن الشائع أن المرأة أكثر ميلا للاستهلاك من الرجل وحين تعيش ثقافة الترشيد فإنها تبعد من حولها عن حياة التبذل والترف وتعطيهم بُعد الشعور بالمسؤولية وتبعدهم عن النزعة الأنانية وهذا يتطلب أن ينشأ الطفل على مبدأ الإيمان بالمعاد وأن هذه الدنيا فانية وكل ما فيها زائل وأن الإنسان سيقف موقف السؤال أمام الله عن جميع النعم التي ضيعها في الدنيا:ثُمَّ لتُسئلُنَّ يومئِذٍ عن النَّعِيم.
الفصل الثالث: دور المرأة المعد للظهور
المرأة جزء من الكيان البشري تشملها عوامل التغيير ،وتنشأ لدى ذاتها الرغبة في التكامل وتندفع من خلال انسانيتها نحو هذا التكامل وإحداث التغيير في ذاتها .فهي تمتلك من خلال وجودها دورا مؤثرا (فاعلا) ومتأثرا (انفعاليا) بما يجري حولها من أحداث وهموم تعصف بحياة مجتمعها ،فحياة المرأة تدور حول مبدئية التبادل في التأثير (مؤثرة ومتأثرة) وحتى تؤثر المرأة فيمن حولها لابد أن تكون لديها قابلية التغيير الذاتية.
نفس الإنسان قابل يتلقى الأفكار والعلوم ويتفاعل معها ويتأثر بها ثم يتحول هذا الانفعال إلى عملية تفاعلية من خلال ما يتجسد في شخصيته من فكر وثقافة وسلوك .وحتى يكون هذا القابل ذو قابلية سليمة ،لابد أن يتفاعل مع الأفكار السليمة والصحيحة لتصحيح قابلية القابل (الإنسان) لينشأ نشأة سليمة تساهم في تقوية دوره الاجتماعي و التربوي و العلمي.
والمرأة لها هذه الأهمية فهي قابل للتلقي والتأثر ومؤثر في قابلية الآخرين ،تعيش هذين الدورين خلال مسيرتها الحياتية ولابد من توفر جميع العوامل المساعدة لتكون متأثرا (إنفعالية) بما حولها ومأثرة (فاعلية) بالشكل الإيجابي الذي ينعكس على دورها في المجتمع ومن تلك العوامل المؤثرة:
_ حتى تكون متأثرة (إنفعالية) بشكل إيجابي لابد أن تنشأ أولاً وفق النمط الذي يسعى لإعدادها كأم وكمربية يخرج من بين يديها قادة العالم وصناع المستقبل ،وهذا يستلزم عدة عوامل تساعد في تنشئتها تنشئة سليمة وإعدادها إعدادا يؤهلها لحمل هذا الدور مستقبلا .بدأً بتربيتها وفق تعاليم الدين الإسلامي وزرع قيمه فيها ،وربطها بخالقها وغرس العقيدة الإيمانية في أعماق روحها ،لتنشأ فردا إيمانيا يحقق الأهداف السماوية في وجوده.وانطلاقا من دفعها إلى التعلم وطلب المعرفة التي تعطيها قوة وصلابة فكرية تحميها من زيف الأفكار المضللة وتجعل منها فردا متفاعلا مع مجتمعها ومواكبا لتطورات العصر .
_ و حتى تكون مؤثرة (فاعلية) فيمن حولها لابد أن تستخدم النمط والأسلوب الأمثل في بناء الإنسان وهو كما ذكرنا سابقا ذات النمط الذي وضع أساسه أهل البيت عليهم السلام لتنشئة الفرد المؤمن والذي يعطي الضمان بإتباعه لصلاح الإنسان وتكامله ،فحين تتصدى المرأة لأي دور تربوي لابد أن تمتلك مخزونا ثقافيا تربويا كافيا حتى تتمكن من أداء هذا الدور على أكمل وجه ،لذا تنطلق من مسؤلياتها بكل وعي لأهمية هذا الدور وما يعكسه هذا الدور من تأثير في المجتمع.
ليست المرأة مسئولة عن إعداد برنامج معين لتحدث التغيير فيمن حولها ،ولكنها هي بحد ذاتها تستطيع ذلك من خلال سلوكها وسلامة منطقها وصفاء فكرها ،وذلك حين تمثل القدوة لأبنائها الذين يراقبون تصرفاتها بعمق وملاحظة شديدة فينجرفون نحو خطها دون تردد ..وكذلك حين تكون بعنوان الشريك في الحياة فتعطي شريكها قوة ومنعة ضد تيارات الحياة، وتكون له خير معين ضد مغرياتها ..وحين تتسلم دورها الاجتماعي فتشيع المحبة والمودة فيمن حولها ،ناظرة لأهداف خطها الذي تسير في سبيل تحقيق غايته الكبرى وهو تحويل فكر المجتمع نحو الحاجة لوجود الإمام عجل الله فرجه الشريف والعمل على التمهيد لظهوره بإعداد الإنسان الممهد.
دور المرأة التعبوي في عصر الغيبة
إن للمرأة في عصر غيبة ولي الله الأعظم(عج) دور لا يمكن أن يُغفل إذ يقع عليها واجب التبليغ ونشر العقيدة المهدوية والعمل على نوعية وتربية النشء الجديد لغرض إقامة قاعدة شعبية قادرة على استيعاب الأطروحة المهدوية وفهم فلسفة الثورة العالمية وأهدافها .فاتصال المرأة بنظائرها بالمجتمع سهل بحيث تعيش معهن همومهن والمشاكل التي يمكن أن تواجههن في التربية ومتاعب الحياة ،لذا تضع يديها على تلك الهموم والمشاكل لتعالجها وفق ما يتناسب مع التعاليم الإلهية .هذه المرأة تؤثر بشكل كبير وفاعل في مجتمعها حين تكون في مقام القدوة في العمل والصلاح والعفة على صعيد الذات ،وقدوة بتخريجها نماذج متميزة في المجتمع تحمل هم مجتمعها وتهتم بقضية غيبة وليها وتسعى للتمهيد لظهوره .
ومن المعلوم أهمية ما يمثله الدور الدعوي في المجتمعات سواء كانت كبيرة أو صغيرة ،لأن المجتمع الإيماني يعي أهمية التمهيد للظهور بيد أنه قد ينزلق وراء زخم الحضارة والتمدن لذا يبرز أهمية دور المرأة في مجتمعها ،غير أن هذه المرأة الرسالية حين تنهض بهموم هذا المجتمع وتنتهج منهج التمهيد تحتاج إلى برامج تنظيمية مساعدة لها في الطريق ،ودعم ورعاية من الفئات الممهدة والعلمية حتى يكون لدورها تلك الفاعلية والتأثير .كما أنها لابد أن تتمتع بالعلم والإلمام بأمور دينها وقوة في المنطق.
فالجهد الأساسي للمرأة في عصر الغيبة هو العمل على الرقي بالواقع الاجتماعي لكي يكون(مهيئا) لمتطلبات العملية المهدوية ،وهذا دور حيويٌ جداً ،فالمدرسة التي اعتمدت على مثل السيدة زينب الحوراء صلوات الله عليها لتقوم بذلك الدور المحوري والحاسم الذي لعبته في ثورة الإمام الحسين (ع) ،حيث عاشت معه آلامه قبل الاستشهاد وتعرضت لما هو أقسى حين سبيت ،لكنها وقفت صامدة أمام الأعداء بثبات الإيمان وقوة الفصاحة لتثبت للأمة قوة المنهج الذي تنطلق منه سلام الله عليها.
بالنظر إلى دور أمها البتول الطاهرة صلوات الله عليها ،بعد استشهاد الرسول الاعظم (ص) فقد كان موقفها له بالغ الاثر مع الامام علي (ع) حيث بينت أن الامام علي هو خليفة رسول الله (ص) ...وكانت مطالبتها بفدك بيان للجماهير باغتصاب املاك رسول الله (ص) جهرا وأوضحت الانقلاب على رسول الله (ص) ولم تكن فدك قطعة الأرض هي مقصد فاطمة (عليها السلام) بل الخلافة الإسلامية التي كانت حقاً لزوجها علي بن أبي طالب .ولا نغفل دورها عليها السلام في المجتمع الإسلامي حيث تصدت لتعليم النساء أحكام الشريعة إضافة لقيامها بدورها داخل بيتها في تنشئة جيل من الأئمة والأوصياء وقيامها بواجبها تجاه زوجها والعناية بمنزلها.
هذه المدرسة تعطي للمرأة نموذجا هاما يوضح أهمية الدور الذي ممكن أن تشغله المرأة وأنه لا يقل أهمية عن دور الرجل ولكن على المرأة الرسالية المهدوية أن تكون صبورة ومثابرة كي تثبت للآخرين أنها جديرة بلعب مثل هذه الأدوار في زماننا المعاصر ،وقد أثبتت التجربة التاريخية أن المرأة كلما كانت ألصق بخط العلماء كلما تمكنت من لعب دوراً أكثر حيوية في هذا المجال.
فالمرأة الرسالية تحيط بهموم مجتمعها ومشاكله الاجتماعية والفكرية والاقتصادية،
تعود المرضى وترعى الايتام والأرامل وتساهم في أنشطة مجتمعها والارتقاء به .كما أن لها دور فاعل في تثبيت قيم التمهيد بوضع نمط ممهد للمجتمع وفق تعاليم وإرشادات أهل البيت عليهم السلام ،تربط مجتمعها من خلاله بإمامهم المغيب روحيا وعاطفيا بحضور مجالس دعاء الندبة والالتزام بالأدعية الهامة كدعاء العهد ،وتقوي فكر مجتمعها بالقضية المهدوية من خلال تصديها للتبليغ في القضية المهدوية ودفع الشبهات المتعلقة بها داخل المجتمعات الإسلامية وغيرها .
فكلما نشطت حركت المرأة في التبليغ الدعوي لثورة الظهور وكلما ساهمت في غرس قيم تلك الثورة العالمية في المجتمع وفي بنات جنسها ،كلما توجه هذا المجتمع نحو أهداف التمهيد واتجهت جهوده للتغيير الذي يحتضن ثورة التغيير العالمية ،ويحقق آمال البشرية.
دور المرأة الاجتماعي في الحفاظ على الثقافة الإسلامية من الفكر الغربي
لا يخفى على أحد كيف أصبحت المجتمعات الإسلامية بيئة خصبة لنمو الأفكار الغربية والتي بدأت بالتغريب وانتهت بالعولمة الأمر الذي شكل خطراً على ثقافتنا الإسلامية .لذا تعترض أبناء المسلمين جملة من التحديات الثقافية تكاد تطمس هويتهم وتزلزل عقيدتهم وتفصم شخصيتهم ،الهدف منها الترويج لمفاهيم مخالفة للعقيدة الإسلامية كالتحرر من الدين ومفهوم الحرية المطلقة وحقوق المرأة وتحريرها ومفهوم الديمقراطية... الخ. و تغييب القيم الأسرية والاجتماعية لدى الأبناء كما رسخها الإسلام ،وادعاء أفضلية الثقافة الغربية على الثقافة الإسلامية. وهذا الادعاء يحمل انتقاصاً مباشراً للمعتقد والدين الذي تحتله الثقافة ذات المصدر الرباني والذي كفل لها العصمة من التناقض ،قال تعالى أَفَلاَ يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِندِ غَيْرِ اللّهِ لَوَجَدُواْ فِيهِ اخْتِلاَفًا كَثِيرًا( النساء: 82) ،والسماح لهذا الادعاء له تأثير سلبي على المنتسبين للإسلام والذين يبحثون عن الثقافة الأصيلة.
فأبناء الأمة الإسلامية محاصرون بمصادر الثقافة والإعلام الغربي والتي باتت تهدد عمق الشخصية المسلمة، وخاصة لما تتمتع به هذه المصادر من قوة جذب هائلة ،بفضل التقنيات الحديثة ،حيث أصبحت أدوات الثقافة الغربية من إذاعة وصحافة وسينما وتلفاز قادرة على جذب أبناء المسلمين وغزوهم في عقر دارهم ،والتأثير عليهم، كما هو مخطط لهم من ضياع فكري وثقافي بفعل قنوات فضائية لا تعترف بالحدود ولا بقيم الثقافات المغايرة لها.
الحقيقة أن الغرب يتتبع الفكر الإسلامي وتوجهات هذه الأمة ويلاحظ بترقب شديد حركتها نحو التمهيد لظهور الإمام الذي هو خليفة الله في الأرض و يحكمها كافة في دولة واحدة ،وهذه الدول التي ترجح مصالحها على حاجة الشعوب تعمل بكامل جهدها لمنع هذه الحركة من النجاح وذلك بضرب الأمة الإسلامية فكريا وثقافيا وتركز على الشرائح الصغيرة في المجتمع لتمييع هويتهم الدينية.
والمرأة المسلمة في ظل هذا الصراع لابد أن تقاوم تلك الهجمة الغربية وتضع في اعتبارها الواجبات التي يجب أن تتوجه إليها لتعزيز الثقافة الإسلامية لتوضح قيمها ومبادئها وتكون المنارة التي يقتدي بها في كل ما تمارسه من أقوال وأفعال ،وذلك من خلال التسلح بالإيمان والتقوى والتمسك بالمبادئ والقيم الإسلامية الرصينة وبالتمسك بالعلم والمعرفة لتجسد الهوية الإسلامية في سلوكها وفكرها وأخلاقها حتى تتوجه إلى نشر الثقافة الإسلامية انطلاقا من أسرتها ونهاية إلى مجتمعها .وهي بصمودها أمام تلك التيارات والهجمات الغربية التي تهدف إلى سلب هوية المرأة المسلمة ودفعها إلى مواطن الفساد والضياع ،تعزز بفكرها وثقافتها ومنهجها قوة تلك الثقافة التي تنطلق من مبتنياتها الفكرية وتحمي بقيمها أبنائها من ضياع هويتهم الدينية وتحفظ بالتزامها مبادئ المنهج التي تنطلق من أهدافه لتؤثر في تغير نمط مجتمعها.
نتيجة
من خلال ما تقدم يتبين الدور المهم والمحوري للمرأة في حركة ونهضة الإمام المهدي (ع) لما لها من دور أساسي في عملية التغيير ،والمنطلق من دورها الأساسي في عصر الغيبة من خلال إلتزامها الإيماني والديني ،وقيامها بواجباتها تجاه أبنائها ومجتمعها وخدمتها لدينها بتصديها لنشر قيمه في مجتمعها .الأمر الذي يجعل من نمط حياتها وأسلوبه نمطا مؤثرا وفاعلا ومهما في الإعداد للظهور ،لذا يجب على الأمة أن لا تغفل أهمية هذا النمط في تنشئة المرأة وتربيتها لتكون مؤثرة في نمط وحياة من حولها وعلى الأمة أن تسعى للعناية بالمرأة وحفظ حقوقها لتتحقق لها جميع المؤهلات والأسباب الممكنة لتتمكن من القيام بدورها الفاعل على أكمل وجه.
المصادر
1. العيش في الزمن الصعب، د. عبد الكريم بكار
2. تأملات في آيات الظهور في دعاء الندبة، فوزي آل سيف
3. دور المرأة في تعزيز الثقافة الإسلامية لدى أبنائها في ظل تحديات العولمة، أ.عزيزة عبد العزيز علي
4. بعض المواقع الإلكترونية