نمط الحياة المعدة والممهِّدة للظهور

المحور الأول: نمط الحياة المعِدَّة والممهدة للظهور
تعريف النمط
جاء في لسان العرب النمط هو الطريقة. يقال: الزم هذا النمط:أي هذا الطريق. والنمط أيضا الضرب من الضروب والنوع من الأنواع. يقال ليس هذا في المتاع والعلم وغير ذلك. والجمع منه أنماط. والنسب إليه نمطي.
نمط الحياة
هو ما يعرف أحيانا بنمط العيش. فهو البيئة التي يختارها الإنسان ليعيش فيها وكيفية تعامله معها . ونمط الحياة يختلف من فرد إلى آخر. فمن يريد الحفاظ على صحته يختار نمطاً من الحياة في بيئة صحية مناسبة بعيدة عن التدخين قريبة من وسائل وأماكن التمريض ويعيش عادة في منطقة هادئة بعيدة عن الضجيج ويختار برنامجاً غذائياً مناسباً.كما أن هناك رب الأسرة الذي يهتم بتنشئة أطفاله فيهيئ لهم نمط حياة يستطيعون النمو فيها بصورة صحيحة.فيختار لهم البيئة المناسبة والآمنة.ويعتبر نمط الحياة انعكاساً لصورة الفرد وقيمه الذاتية والطريقة التي يرى فيها نفسه ويراه بها الآخرون.
ومن خلال التعريف السابق،ندرك أن هناك نمطاً ايجابياً ونمطاً سلبياً.والنمط الايجابي هو النمط الذي يكون فيه الإنسان معتدلاً في جميع جوانب حياته.وهو المتوافق مع المفهوم الإسلامي ويحقق السعادة الإنسانية. وذلك لأن الدين الحنيف لا يُشرِّع أمراً إلا وفيه مصلحة للبشرية.بينما نمط الحياة السلبي بعيد عن الطريقة الإسلامية. لهذا يؤدي إلى الحزن والتعاسة والتخلف.
ماهية نمط الحياة المعدَّة والممهدة للظهور
نمط الحياة الممهدة للظهور من منظور إسلامي،هو الطريقة والأسلوب الذي تريد السماء تحقيقه على أرض الواقع. وهذا النمط الإسلامي بجميع أبعاده الروحية والفكرية والثقافية والاجتماعية،مشتمل على متطلبات وخصائص ومميزات تؤهله للإعداد والتمهيد للظهور ولازمة لإقامة دولة مهدوية. ومنها:
1. انسجامه مع الفطرة الإلهية السليمة
فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفاً فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ
الإنسان مفطور على فطرة إلهية تقوده إلى رفع حاجاته وتتميم نواقصه وتبيان ما ينفعه وما يضره.لذلك فإن هذه الفطرة تهدي الإنسان إلى طريق السعادة.والدين الإسلامي هو " الدِّينُ الْقَيِّمُ " أي قيِّم على الحياة يتحكم فيها ويدير شؤونها ويوجهها نحو تلبية الحاجات الفطرية عند الإنسان يا أيها الذين آمنوا استجيبوا لله و للرسول إذا دعاكم لما يحييكم فالدين الإسلامي ليس إلا طريقة الحياة وسبيل العيش الذي يجب على الإنسان أن يسلكه لتحقيق السعادة. ولأجل ذلك، يُعلِّم الإسلامُ الإنسانَ من خلال تعليماته ومنهجه، كيف يصنع نمط حياة من خلال منطقية التفكير، وحسن الأخلاقيات وجمال السلوكيات وإبداع التنظيم على النطاق الفردي والاجتماعي، ويبني حياته بكدح وجد ليصل إلى الهدف والغالية التي من أجلها وجد ومنحت له الحياة. وهو الوصول إلى المبدء المتعال. فبالتالي كل نمط حياة يجلب لصاحبه السعادة ويدفع عنه الشقاء والهلاك فهو إسلامي الهوية .وكل نمط سلبي يمثل عائقاً وصارفاً عن طريق الهدى، فهو ليس بإسلامي.
2. ارتكازه على المصادر الربانية المتمثلة في القرآن الكريم والسنة الشريفة وتعاليم أهل‌البيت
القرآن الكريم هو كلام الله والوحي المنزل على النبي محمد (ص). ومعجزته الخالدة. وهذا الكتاب المقدس، يحتوي على المعارف والحقائق التي لا تبطل قيمتها مهما تغير الزمن. فهو تبيان لكل شيء نَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَاناً لِّكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ
وعبارة "تبيان" تعني التوضيح والكشف. وعبارة " لِّكُلِّ شَيْءٍ " تمثل مفهوم واسع شامل لكل جزئيات حياة الإنسان العامة والخاصة. فالقرآن هو عرض لكل تفاصيل حياة الإنسان. وتوضيح للمسائل والأحوال الحياتية والتي تبني الشخصية الإنسانية للوصول إلى الكمال والتكامل. قال الإمام الصادق (ع): إن الله تبارك وتعالى أنزل في القرآن تبيان كل شيء حتى والله ماترك شيئاً تحتاج إليه العباد،حتى لا يستطيع عبد يقول: لو كان هذا انزل في القرآن إلا وقد أنزله الله فيه
فجميع التعاليم الإلهية والبرامج والتوجيهات في القرآن الكريم توصل الإنسان إلى السعادة .لذلك أكدت الآيات القرآنية على التدبر في هذا الكتاب المقدس لاستخراج مايحتاجونه في حياتهم.وكذلك عيَّن الباري سبحانه وتعالى من يعطي تفصيلات للمسائل الحياتية .فنادى بضرورة إتباع النبي الأعظم محمد (ص) وأهل بيته الطاهرين.
مَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيراً 
فالسُنة الشريفة من أقوال النبي محمد (ص) وأهل بيته المعصومين، وأفعالهم وتقريراتهم تمثل مصدراً تشريعياً متلازماً مع القرآن الكريم لاينفك عنه. يستمد منها الإنسان الأحكام الشرعية. وكذلك لها صفة الشمولية. فما من أمر في حياة الإسلام إلا وله حكم وموقع في الشريعة المحمدية لمقتضى شمـوليتها لجميع شؤون الحياة المتنوعة.وبما أنها تبيان وتفصيل للأحكام وأساس للبنى الفكرية والعقائدية والأخلاقية والروحية للإنسان، فهي مصدر هداية ورحمة لمن يتبعها ويحتذي طريقها. وتجعله يبتعد عن الحياة المادية الزائفة. والتي ما أن يتشبث بها الإنسان، إلا عملت على تمزيق كيانه وتدهور شخصيته.وَمَا أَنزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ إِلاَّ لِتُبَيِّنَ لَهُمُ الَّذِي اخْتَلَفُواْ فِيهِ وَهُدًى وَرَحْمَةً لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ.
3. احتوائه على القيم والمبادئ الدينية والأخلاقية
الدين الإسلامي يعطي رؤية سليمة للحياة ويضفي حياة سعيدة هنيئة بما يغدقه من أخلاق وقيم رفيعة. قال الإمام الخميني"الإسلام يبني إنسانا داعياً للعدالة وصانعاً لها وصاحب أخلاق كريمة "
والإنسان بفطرته يحتاج إلى الأخلاق الحسنة،والتي ينادي بها الإسلام. وفي هذا العصر برغم التقدم العلمي والصناعي، فالإنسان ليس في غنى عن الأخلاق. لأن ذلك التقدم العلمي إن كان مجرداً من الأخلاق، سوف يسبب له الهلاك والدمار.ولن تبقى للحياة معانيها الرغيدة وسوف تصاب حياته بالشقاوة والتعاسة والتي تؤدي إلى الشقاوة السرمدية. بينما إذا تلازم نمط الحياة بالأخلاق واتصف بها،ستحقق للإنسانية السعادة و النظام والعدالة وتدفعها إلى طريق الكمال.
نكتة فكرية
إن هذا النوع من النمط من المنظور الإسلامي والذي يحتوي على تلك الخصائص النورانية، هو الذي سيكون متحققاً بذاته في دولة الحجة (ع)، عندما تكتمل عقول و أخلاقيات العباد فترتقي علومهم وتعتدل سلوكياتهم، فيصبح هناك ازدهار أخلاقي وفكري وعلمي (إذا قام قائمنا وضع يده على رؤؤس العباد فجمع بها عقولهم وأكمل به أخلاقهم).
إن عصر الظهور المهدوي يتميز بنهضة دينية عقائدية. حيث يقبل الناس على إقامة الفرائض والعبادات فيحفظ بذلك الدين الإسلامي من الاندثار والفناء ليعود ديناً جديداً كما بدأ جديداً .عن أبي عبدالله علیه السلام: (إذا قام القائم (ع) دعا الناس إلى الإسلام جديداً وهداهم إلى أمر قد دثر وضل عنه الجمهور)
وروي عن أمير المؤمنين "ع" أنه قال: (فيبعث المهدي.. ويقبل الناس على العبادة والمشروع والديانة والصلاة في الجماعات).
عندما يخرج القائم عجل الله تعالى فرجه سوف يرفع الظلم عن المستضعفين ويبيد المستكبرين، ويستأصل جذور الظلم والفساد. وينعم الجميع بنهضة إنسانية متكاملة تتسم بالأمان والسلم الاجتماعي والرقي الأخلاقي والسمو النفسي. تزول عنهم الأحقاد والضغائن ويصيرون كتلة واحدة كالجسد الواحد " لتذهب الشحناء من قلوب العباد".ويتسمون بالحكمة والقوة والشجاعة. ويمارسون بشكل طبيعي الفقاهة والقضاء . وكذلك سيكون هناك تطور في العلم والفكر، وستكون انجازات وإبداعات في كافة المجالات المختلفة.
فالقطاع الزراعي من القطاعات الاقتصادية الهامة التي تساعد على خلق أجواء آمنة ومستقرة للشعوب. والقضاء على حالات الفقر والحاجة. والارتقاء بالمستوى الإنتاجي للدولة.ويتمثل النمو الزراعي في الدولة المهدوية،بغزارة الأمطار ووفرة المياه وحفر الآبار وإقامة السدود ومجاري الأنهار وكثرة المحاصيل الزراعية واتساع المساحة الخضراء وجاهزية الأيدي العاملة وغير ذلك. وتخرج الأرض كنوزها حتى يشعر الجميع بالغنى والشبع حتى أن المال لا يجد من يأخذه .
وكذلك القطاع الصناعي يلعب دوراً قوياً في تنمية الاقتصاد. ومن أهم الصناعات في هذا العصر، صناعة التكنولوجيا. ومن خلال وسائل الاتصال التكنولوجية المختلفة والمتعددة ،سوف تتكون قوة اتصالية بين الناس متجاوزة جميع الحواجز المكانية والزمانية. وسيوظف الإمام المهدي جميع الوسائل التكنولوجية في خدمة البشرية لصناعة وعي سياسي واجتماعي وثقافي . روي أن الإمام الصادق (ع) قال: (إن قائمنا إذا قام مدّ الله عز وجل لشيعتنا في أسمـاعهم وأبصارهم حتى لا يكون بينهم وبين القائم بريد، يكلمهم فيسمعون، وينظرون إليه وهو في مكانه).
ضرورة التنميط الايجابي للحياة تمهيداً للظهور
وبما أننا توصلنا إلى أن النمط الايجابي هو النمط الذي يتوافق مع شريعة السماء ويحقق الهدف المنشود. وأيضا هو النمط الذي سيكون متحققاً في عصر الظهور، إذاً لابد للإنسان أن يسعى إلى صناعة وتشكيل هذا النمط في حياته وهذا ما يسمى بعملية التنميط. ومن أجمل الأمثلة النورانية التي نستقي منها ضرورة التنميط الايجابي، هي الحركة الإصلاحية المحمدية.
النبي محمد (ص) عندما جاء بالرسالة، قام بتغيير نمط حياة المجتمع الجاهلي. ذلك المجتمع الذي عُرِف بالسلبية والتدهور على كافة الأصعدة والمجالات الحياتية. النمط السلوكي والفكري والأخلاقي والاجتماعي جميعها كانت تتسم بالفساد والانحراف. وجاء الحبيب محمد (ص) إلى ذلك المجتمع، ليمارس عملية التطبيق الفعلي للدعوة الإلهية من خلال إعادة بناء المجتمع على المرتكزات الإسلامية وتحرير الشخصية الإنسانية من قيود الجاهلية وأغلالها.
فقام النبي (ص) بحركات إصلاحية في جميع جوانب المجتمع الجاهلي المختلفة. وخلال ما يقارب الربع قرن، أحدث (ص) انقلاباً ثورياً ضد المعسكر الجاهلي. لقد كانت ثورة للحق ضد الباطل و ثورة للعلم والمعرفة ضد عوامل الجهل والضلال وثورة للعدالة الإنسانية ضد الظلم والوحشية واستطاع أن يجعل المجتمع آنذاك يعيش في ظلال السعادة والرخاء والطمأنينة. وتم للنبي (ص) النجاح في حركته الإصلاحية من خلال حكمته في استخدام الأساليب الناجعة والطرق السليمة. وهي تثبيت العقيدة الإسلامية و ترسيخ الأخلاق الحميدة ونشر أنوار الثقافة والمعرفة.
وهناك نموذجاً حياً في عصورنا الراهنة،وهو الصحوة الإسلامية التي فجَّرها الإمام الراحل روح الله الخميني "قدس سره".حيث قام بتغيير نمط حياة الجمهورية الإيرانية.وتمثل تلك الثورة، ثورة مجتمع’ وثورة قيم، وثورة فكر وثقافة. فأسس مجتمعاً إسلامياً نموذجياً بعد عوامل الانحراف.
وبما تمتع به الإمام الراحل من قوة وصلابة، في تطبيق القوانين الإلهية والتشريعات السماوية على الساحة الاجتماعية. وبتفعيل فلسفة ولاية الفقيه،أوجد علاجاً للعديد من المشاكل الحياتية على الصعيدين الفردي والاجتماعي. ونجح في توجيه الأرواح إلى الله تعالى. والقضاء على ثقافة الانحلال الأخلاقي. وأعاد للمرأة الإيرانية كرامتها بفرض ارتداء الحجاب الإسلامي. وألغى حوانيت الخمور والدعارة. وحلَّ مشكلة البطالة ونادى بالعمل واحتراف المهن. وحرَّض الشعب على إنتاج الكتب الدينية والثقافية وغير ذلك من الانجازات.
ومن تلك النماذج الناصعة، ندرك أن التمهيد للمولى صاحب الزمان، يتطلب تهيئة الظروف وتهيئة الأرضية المناسبة. وهذا لا يكون إلا بالعمل المستمر والحركة الجادة. وهو ما يطلق عليه بالانتظار العملي.
فالإنسان المُمَهِد هو من يتحلى بالاستعداد وقوة الإرادة والجهوزية. فيبدأ بتغيير نفسه ومن ثم ينتقل إلى أسرته ومنها إلى مجتمعه.
وأن تكون شخصية الفرد وسلوكه وفكره بما يوافق رؤى التعاليم الإلهية التي جاءت في الدين الإسلامي بغية صيرورته نموذجاً يحمل معارفاً وقيماً إنسانية راقية تساعده على الإعداد والتمهيد للظهور.
فالإسلام يريد من الفرد أن يجعل نمط حياته متوازناً بين الدنيا والآخرة في تفكيره وتنظيمه وتدبيره.وهذا يتطلب تغييراً ونبذاً للعادات السيئة التي تجلب لصاحبها الحزن والقلق.
وكثيراً ما نرى في المجتمعات من أنماط حياة سيئة والتي تصيب جدار البناء الصحي أو الاجتماعي أو الثقافي بالاهتزاز والتصدع. والمشكلة تكمن في أن العديد من الناس يتحججون بحجج واهية تنم عن مدى التقاعس واللامبالاة في التفكير بالتغيير الايجابي لجوانب حياتهم. فنجدهم يلقون اللوم على ضيق الوقت، أو الانشغال بالعمل وهموم الأسرة وغير ذلك.
إن التنظيم وعملية التغيير في نمط الحياة ليس بالأمر المستحيل . على المنتظر أن يحقق الجهوزية من خلال تنظيم حياته. فالإنسان لديه قدرة على الترقي والتغيير. قال الإمام الخميني: " والإنسان ما دام موجوداً في هذا العالم فهو قابل للتغير والانتقال من مرتبة إلى مرتبة،والارتقاء من مراتب النقص والشقاء والشرك والنفاق ليبلغ مراتب الكمالات والسعادة"
الدور والتأثير المتقابل لحركة التمهيد وأسلوب الحياة.
ونتوصل مما سبق، إلى وجود دور وتأثير متقابل بين نمط الحياة للفرد وبين حركة التمهيد للظهور المبارك لبقية الله.
حيث أن حركة الفرد في عملية التمهيد تترشح من نمط حياته. فكلما كانت الشخصية الإنسانية بسلوكها وفكرها ومواقفها واتجاهاتها تسير على نمط إسلامي رصين، سوف تصبح أكثر قدرة وتأهيلاً على تهيئة الأرضية الصالحة لظهور بقية الله في الأرض. (من سره أن يكون من أصحاب القائم فلينتظر وليعمل بالورع ومحاسن الأخلاق) وما ذلك إلا أن الحركة التمهيدية لظهور الطلعة الشريفة للإمام المهدي، تتطلب شخصية سوية معتدلة وقوية في جميع جوانب حياتها.
بينما لو انحرفت الشخصية في نمط حياتها عن مسار الشريعة الإسلامية ستكون وبالاً على المجتمعات البشرية وسوف تساهم في تأجيل الحركة المهدوية.
وفي المقابل، أن للحركة التمهيدية للظهور المبارك أكبر الأثر في تغيير حياة المجتمعات البشرية والارتقاء بها إلى قمم الكمالات المعنوية والروحية. فكلما سعى الإنسان وتحرك للتمهيد، نزلت عليه اشراقات وتوفيقات إلهية تمكِّنه من عملية التغيير في مجمل حياته والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا وان الله مع المحسنين.
المحور الثاني: مجالات الحياة البشرية المعدَّة والممهدة للظهور
أولاً: التنشئة الاجتماعية
التنشئة تنطلق من المجتمع لتعود إلى خدمته من جديد. فهي عملية توحي بالتربية والتنمية والتكوين وإعداد الفرد من خلال تنمية أنماط سلوكية وعادات وقيم . وهي عملية الاهتمام بالنظم الاجتماعية وتحويل الفرد إلى كائن اجتماعي قادر على التفاعل والاندماج بشكل مبسط مع أفراد المجتمع والمشاركة في كافة ميادينه.
وهناك عدة مؤسسات تقوم بتدريب الفرد على أدواره الاجتماعية المستقبلية وقادرة على تغيير أنماط حياته ومنها: الأسرة، المدرسة ودور العبادة.
أ. الأسرة
الأسرة مؤسسة تربوية وعامل من عوامل التنميط الاجتماعي.والوالدان مسؤوليتهما تتطلب تنشئة الطفل وصناعة شخصيته وتنمية العادات والتقاليد والسلوكيات الاجتماعية على ضوء التعاليم السماوية. ولابد أن تكون نشأة الطفل وتربيته تربية صحية سليمة من جميع الجوانب،الثقافية والروحية والأخلاقية والفكرية والجسدية. ليتفاعل بشكل سليم مع أفراد المجتمع.ويتمكن من المشاركة في القضايا الاجتماعية. وتصونه من الانخراط في أماكن الانحراف والفساد. ومتى تمكنت الأسرة من صناعة الشخصية السوية للفرد، سوف تصنع مجتمعاً سليماً ممهداً للظهور المقدس.
ب. المدرسة
هي العامل الآخر الذي يساند الأسرة في إعداد الفرد الإنساني والإشراف على التنشئة الاجتماعية.وتمثل البيئة التي تحتضن الفرد بجميع مراحله الفاعلة " الطفولة والشباب"لإعداده وتأهيله لمسايرة المجتمع والتكيف معه. وإكساب الناشئة سلوكاً ومعايير مناسبة للقيام بالأدوار الاجتماعية المختلفة. فمن مهام المدرسة تنمية أنماط اجتماعية جديدة من خلال تنمية وعي الطفل والشاب بالفارق بين ماهو كائن وموجود من أنماط حياتية وبين ماينبغي أن يكون من أنماط صحيحة تتفق مع القيم والتعاليم الإلهية. فالمدرسة لما تحتويه من مناهج تربوية تعليمية، وما تقدمه من معارف وعلوم دينية وتاريخية ولغوية وثقافية وخطط تنظيمية، تستطيع أن تبني جيلاً واعداً في مستقبل المجتمعات يحمل كفاءات وقدرات وإمكانيات لبناء
مجتمع إسلامي يتميز بأساليب معيشية ينادي بها الدين الحنيف. وينتظرها المصلح العالمي لبدأ ثورته المباركة.
وعليه، فإن صلاح المجتمع وفساده يتقوَّم على حال المدرسة وماتقدمه من برامج وخطط. فحينما تُركز المدرسة في مناهجها على صناعة شخصية إسلامية،سوف نضمنُ مجتمعاً متقدماً يسير نحو طريق الفلاح.ومن ثم تؤثر في صلاح الأمة برمتها.
ج. دُور العبادة
إن المسجد كان منذ العصر الإسلامي الأول، يمثل مصدر إشعاع تربوي واجتماعي. فكانت القضايا العبادية والاجتماعية والسياسية تنطلق من المسجد.
هذه الدُور العبادية من مساجد وحسينيات ليست مؤسسة عبادية فقط، وإنما هي أيضاً مراكز تعليمية وتربوية على صعيد الفرد والمجتمع.تربي الفرد تربية روحية وأخلاقية.
وتربطه بالخالق عز وجل. وهذه التربية تجعل الإنسان فرداً مهذباً يتحلى بالتقوى والإيمان والعمل الصالح.
وإن الحضور الجماعي لصلاة الجماعة والمناسبات الدينية التي تقام في هذه المراكز، يعمل على تماسك المجتمع وتثبيت كيانه وتقوية الروح الجماعية بين أفراده. وفي أوساط هذه الدو، تُبحَث القضايا الاجتماعية ويُعمل على تطويرها ومعالجة مشاكل المجتمع. وتغيير أنماط معيشته بما يوافق الشريعة الإسلامية.
(من اختلف إلى المسجد أصاب إحدى الثمان: أخا مستفاداً في الله، أوعلماً مستطرفا، أو آية محكمة أو رحمة منتظرة أو كلمة ترده عن ردى أو يسمع كلمة تدله على هدى أو يترك ذنبا خشية أو حياء).
ثانياً: الترفيه وأوقات الفراغ
الوقت قيمة من القيم الثابتة في الحياة الإنسانية. ومقياس النجاح في حياة الإنسان هو درجة ونوعية التوظيف للوقت والزمن. والإسلام يبين أن عمر الإنسان يمكن حسابه من خلال ما قام به من أعمال ناجحة لا من خلال السنين والساعات التي عاشها. لذلك يولي ديننا الحنيف اهتماماً كبيراً بالوقت. وهذا ما نلاحظه في القرآن الكريم
من خلال ذكر نماذج من الوقت منها قوله تعالى: وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى* وَالنَّهَارِ إِذَا تَجَلَّىوَالْفَجْرِ * وَلَيَالٍ عَشْرٍ وَالضُّحَى * وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى
ويلفت الانتباه إلى ضرورة تفعيل الوقت واستثماره في ما يجلب سعادة العبد ويقربه إلى مولاه عندما يخدم الهدف الإلهي وهو خلافة الأرض هُوَ أَنشَأَكُم مِّنَ الْأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا.
وقضية عمارة الأرض تتطلب من الإنسان الجد والكدح واستخدام مصادر الخيرات واستثمار الوقت لتحويل هذه الأرض إلى حال ينتفع بها ويقضي بها حاجاته (احذروا ضياع الأعمار فيما لا يبقى لكم، ففائتها لايعود).
والإمام علي (ع) كان يدعو الله أن يمنحه التوفيق لاستثمار الوقت فيما يوصله إلى القرب الإلهي: (أن تجعل أوقاتي بالليل والنهار بذكرك معمورة وبخدمتك موصولة).
وما ذلك كله، إلا لتبيان ما للوقت من أهمية وأثر في حضارة المجتمعات وتخلفها. فإن المجتمع الذي يحافظ أفراده على استثمار الوقت، يعمل على دفع عجلة التقدم والحضارة . لكنما المجتمع الذي لا يبالي بالوقت ولا يستثمره فيما يعود عليه بالنفع والفائدة، فسوف يبتلى بالفراغ الذي يسبب الكثير من المشاكل في مختلف جوانب المجتمع البشري.
و اليوم هناك مزيدٌ من الفراغ في وقت الإنسان لا يوجد له برنامج محدد.و بما أن الإنسان يواجه ضغوطات ومشاكل في حياته، فإنه يلجأ إلى البحث عن أماكن الترفيه ليقضي وقت فراغه ويروح عن نفسه بعد ساعات من العمل والحركة والتعب وحتى يستعيد نشاطه وحيويته ويقوي إرادته وينشط عقله ويضاعف إنتاجه (روحوا القلوب ساعة فساعة)
ووسائل الترفيه في وقت الفراغ منها ماهو شرعي ومباح ومنها ماهو ليس بشرعي. فهي سلاح ذو حدين يحمل بين طرفيه الايجابية والسلبية. إما أن تضر بالإنسان وإما تجلب له النفع. وإما أن تبني وإما أن تهدم. فالعديد من الانجازات كانت ناشئة من وقت الفراغ وكثير من الجرائم والنكبات حدثت من وقت فراغ ومن وسائل الترفيه.
وفي عصرنا الحاضر يوجد العديد من وسائل الترفية مثل ممارسة الرياضة ومجالسة الأصدقاء، والسفر والسياحة والاستمتاع بمناظر الطبيعة وغيرها . وجميع هذه الوسائل يمكن للإنسان أن يسخرها في التمهيد والإعداد للظهور المبارك. من خلال نشر القضية المهدوية في أوساطها. وعلى سبيل المثال:
أ. الرياضة
تعتبر الرياضة من الوسائل الترفيهية في هذا العصر. وهناك الكثير من الألعاب الرياضية مثل السباحة والفروسية وألعاب القوى ولعبة كرة القدم وغيرها. وتحظى بشعبية واسعة وخاصة كرة القدم. والرياضة بشكل عام وسيلة من الوسائل التربوية للفرد. تقوي القلب وعضلات الجسم وتساعد على التكيف الاجتماعي وتنمية القدرات العقلية والذهنية وتربية الإنسان على الرجولة والأقدام والثقة بالنفس والابتعاد عن الكسل والخمول وضعف الإرادة.
وجميل أن تقوم الدول والحكومات والمؤسسات الرياضية بربط الرياضة بالقضية المهدوية.وجعلها وسيلة لنشر الفكر المهدوي.وذلك من خلال البرامج والآليات والأهداف التي ترتكز عليها المؤسسات والنوادي الرياضية. فمثلاً:
تتمكن من عقد المسابقات الرياضية بإسم الحجة (ع). أو نشر كتيبات ونشرات توعوية وإعلامية بين الرياضيين تتحدث عن الإمام بقية الله وشرائط الظهور. وكذلك عمل زيارات ميدانية من قبل أصحاب الفكر والشخصيات العلمائية والدينية للمراكز والأندية الرياضية من اجل توعية الرياضيين بالهدف الأسمـى الذي من خلاله يتم ممارسة الرياضة. وهو إعداد مجتمع رياضي صحي يتمثل بالقوة والشجاعة،صحيح البدن والفكر والنفس لإقامة مجتمع مهدوي سليم بدنياً وفكرياً ونفسياً واجتماعياً.
ب. السفر والسياحة الدينية
السفر والسياحة من الوسائل الترفيهية التي تنعم بشعبية. وقد اعتنى الإسلام بقضية السفر «سافروا تصحوا وتغنموا».
والسفر المقصود في الروايات هو السفر المباح. وقد يكون للسفر المباح عدة مقاصد منها طلب العلم والكسب والتنزه. وأفضلها السفر الديني والعلمي. مثل السفر إلى الأماكن المقدسة والمراكز العلمية والثقافية والمعالم الحضارية. فهكذا سفر يحقق للإنسان الرقي الثقافي والفكري وزيادة الخبرات وكسب المعارف والعلاقات الاجتماعية.
لا ينبغي أن نجعل هذه الرحلات السياحية مجرد نزهة وترفيه فقط،وإنما يمكن أن نوظفه في الإعداد والتمهيد للظهور المهدوي. فالعاشق للمهدي يتمكن من أن يصنع من نفسه جندياً لخدمة المهدي وخدمة قضيته المباركة في كل مكان وكل زمان. وأينما سار وأينما حلَّ وسواء في الحضر أو السفر. وكما أن النبي محمد (ص) اتخذ من السفر والهجرات طريقا لنشر الإسلام، كذلك يكون السفر وسيلة
للتمهيد للقضية المهدوية. وذلك من خلال عمل رحلات تنظيمية للسفر إلى الأماكن الأثرية والمقدسات الدينية التي تقوي الصلة بالإمام المهدي وتزيد معرفة بالثقافة المهدوية. مثل زيارة مسجد جمكران ومسجد السهلة وسرداب الغيبة والمراقد الشريفة لأهل البيت عليهم السلام حيث تمنح الزائر فيوضات معنوية وروحية ويستلهم منها معاني النصرة. وأيضا من خلال استخدام النشرات الدعوية للتعريف بالإمام المهدي وترجمة الكتب الإسلامية التي تتحدث عن قضيته المباركة إلى اللغات الأجنبية وتوزيعها في المناطق التي ينقصها الوعي بالفكر المهدوي.وأن يصنع المسافر من نفسه شخصية تبليغية يدعو الناس إلى الارتباط الوجداني بالإمام المغيب ويبشرهم بحتمية إقامته لدولة إلهية عادلة ليصلح العالم وينشر الخير والعدل في كل الأرض
ثالثاً: استخدام المنتجات التكنولوجية والثقافية
اليوم نشاهد ثورة تكنولوجية وثقافية عالية الجودة والتقنية. وهذه الوسائل الحديثة تكتسب اليوم قدرة على التأثير على الفرد.
بالإضافة إلى ذلك،أن أغلب تلك الوسائل التكنولوجية والثقافية تعتمد على الكلمة. والكلمة تعد سلاحاً قوياً يحمل قدرة عجيبة في عملية تكوين القناعات الفكرية وعمليات التأثير والتغيير.
و أصبحت هذه المنتجات تشكل إمبراطورية عظمى تسيطر على العالم بأسره. فأصبح العالم اليوم كقرية صغيرة تتحكم الوسائل التكنولوجية والإعلامية في أنماط سلوكيات
أفراده وتخترق سياج العقول والألباب لتؤثر على ثقافاتهم وأفكارهم وتغير معتقداتهم
الدينية وأعرافهم الاجتماعية.ومن خلال هذه القدرات العظيمة،تستطيع هذه الوسائل اأن تساهم في التنمية الثقافية والإثراء الفكري والمعرفي. وهنا نستعرض بعض القدرات للوسائل التكنولوجية والثقافية:
_ تتمكن المنتجات التقنية والتكنولوجية الحديثة من أن تساهم وبشكل فعال في نشر الدعوة الإسلامية إلى شتى بقاع الأرض وتعريف العالم بالقيم والمبادئ الإسلامية الأصيلة.
_ أن هذه المنتجات لها دور ورسالة في مجال التعليم والتربية. وتتمثل الرسالة التربوية في توعية الفرد وتربية شخصيته تربية متكاملة في جميع جوانبها. وإكسابه المزيد من الخبرات والمواقف والأفكار والمعارف التي تساعده على مسيرته التعليمية والاجتماعية.
_ تستطيع هذه الوسائل بكافة أنواعها تزويد الناس بأخبار مجتمعاتهم بصفة خاصة والقضايا العالمية بصفة عامة.ويتم نقل الأخبار في أسرع وقت ممكن وبصورة مباشرة من أرض الحدث.
_ صناعة الوعي والتطور السياسي والاقتصادي والاجتماعي والصحي والثقافي.
_ تمتلك هذه المنتجات قدرة على تغيير السلوكيات الإنسانية والاتجاهات الفكرية لدى الرأي العام.
تنميط التكنولوجيا للتمهيد
ينبغي من الأمة الإسلامية أن تستخدم هذه المصادر الثقافية والوسائل المعرفية الإعلامية في إعلاء كلمة الدين الإسلامي ونشر تعاليمه السمحة ورفع المستوى الثقافي لأفراد الأمة الإسلامية من خلال نشر الثقافة المهدوية.
لا أن توظفها في تشويه الصورة الناصعة للإسلام والمسلمين أو تحطيم الشخصية الإسلامية.
وهناك ثمة حقيقة لابد من الاعتراف بها، وهي بما أن التكنولوجيا مصادر تربوية توجيهية لها دور ورسالة في توعية الفرد. ويتفوق حتى على دور الأسرة والمدرسة، فإنه يعتبر قضية مسلَّم بها عصرياً ولا يمكن لنا الاستغناء عنها أو إبطالها. كما يفعل البعض عندما يلقي عبارات اللوم والتأنيب على وسائل الإعلام المختلفة وخاصة المرئية منها ويحملها تبعة عمليات الهدم الأخلاقي والتدمير الثقافي وينادي بإلغائها. إن هذا ليس صحيحاً ولا يمكن أن يكون علاجاً نافعاً لمشاكلنا الأخلاقية والاجتماعية وأيضا لا يعتبر حلاً لأزمتنا الثقافية. فالإعلام والتكنولوجيا ليس إلا أداة بيد الإنسان يحركها كيف ما أراد ومتى شاء.
وأما العلاج الناجح لهذا الأمر هو التوظيف الصحيح والتفعيل الإيجابي لوسائل الإعلام والتكنولوجيا الحديثة والتوعية المكثفة للأفراد بكيفية الاستخدام الأمثل للمنظومة الإعلامية من أجل رفع المستوى الثقافي والفكري والأخلاقي لجميع شرائح المجتمع الإسلامي.
وعلى الأمة الإسلامية من إعلاميين ومفكرين وأصحاب الأموال القائمين على الوسائل الثقافية، النهوض بهذه القنوات لتقوم بدورها التثقيفي والتربوي في طرح القضية المهدوية للتمهيد لظهور الحجة (ع) عن طريق الالتزام ببعض الأمور الهامة ومنها:
_ ترسيخ القيم الإسلامية النبيلة.والعمل على تكامل الشخصية الإسلامية.
_ الالتزام بنشر الدعوة الإسلامية والتعريف بالقضايا الإسلامية والدفاع عنها وخاصة القضية المهدوية.
_ الامتناع عن إذاعة ونشر كل ما يمس الآداب العامة أو يوحي بالانحلال الخلقي أو يرغب في الجريمة والعنف والانتحار.لصناعة جيل مؤمن قادر على النصرة المهدوية وتحقيق منهج الخلافة في الأرض.
_ إنتاج صحف عالمية إسلامية، وبث قنوات فضائية بمختلف اللغات الأجنبية توضح للرأي العام العالمي الفكر المهدوي
_ إنتاج أفلام سينمائية تاريخية ضخمة تدبلج بمختلف اللغات تبشر بقدوم المهدي (ع).ومهمة المكلف في زمن الغيبة.
_ مواجهة الأفكار والتيارات المشككة والمعادية للقضية المهدوية
رابعاً: التعبئة والتمهيد للظهور
التعبئة هي الحضور الجماهيري الفعَّال والنشط والقوي الذي يحقق مصالح المجتمع
ويقف في وجه الأخطار التي تواجهه وتهدد أمنه واستقراره. والتعبئة البشرية نمط حياة ممهد للظهور المبارك.
وعلى هذا، فإنه لابد من إعداد قاعدة جماهيرية شعبية مؤمنة وواعية وقوية تتمكن من تحمل مسؤولية المشروع الإلهي الذي سوف يتحقق في آخر الزمان بقيادة الإمام المهدي عجل الله تعالى فرجه الشريف. ولن يخرج القائم (ع)، حتى تكتمل أساسيات النصر المهدوي ومنها الإعداد البشري المتمثل في الأنصار المؤمنين الكاملين. لن يكون الظهور إلا برفع الموانع للظهور وتهيئة الأرضية اللازمة له. ولابد أن ندرك أن العدو يتربص بنا كمسلمين ليحيد بنا عن جادة الحق. ويعمل ويجتهد ليلاً ونهاراً إلى أن ننسلخ من هويتنا فيحقق بذلك أهدافه الشيطانية في نفوسنا وأرواحنا وعقولنا.
ومن هنا على المسلمين تعبئة أرواحهم وأنفسهم وعقولهم للتصدي لهجمات الأعداء
وَأَعِدُّواْ لَهُم مَّااسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ وَمِن رِّبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدْوَّ اللّهِ وَعَدُوَّكُمْ.
والقوة المذكورة في الآية السابقة لا تعني فقط توفير الأسلحة والأدوات الحربية والعسكرية وإنما لها معنى واسع يشمل جميع أنواع القوى والإمكانيات والقدرات ومنها القوى الروحية والاقتصادية والثقافية والسياسية . وسوف نتحدث عن أهمها:
أ. التعبئة الروحية
القوى المعنوية الروحية تتجسد في معنويات الأفراد وعزائم الجنود الذي يحامون عن الإسلام. وهذا هو الجهاد الأكبر ضد الأعداء . و العدو الذي يتصدر قائمة الأعداء هو النفس. فجهاد النفس يبدأ من مرحلة الاقتناع بالهدف الإلهي بظهور الحجة (ع) في آخر الزمان. والإيمان بالمبادئ المهدوية . فهذا الإيمان وهذه المعرفة تمكِّن الفرد من توطين نفسه على مواجهة الأخطار الروحية التي ممكن أن تداهمه من الخارج وكذلك تعينه على تحصين روحه من أضرارها وتمنحه الإخلاص في عملية التضحية بكل غالي وثمين من أجل ذلك الهدف الإلهي. وبعد مرحلة القناعة والمعرفة، تأتي مرحلة العمل الفعلي والحركي تجاه تصفية النفس وإخضاعها للتحلي بالصفات الحميدة والأخلاق الحسنة من خلال عملية التحلية والتخلية حتى تحتضن روحه ونفسه الضمير الواعي وتتحلى بالقيم الأخلاقية الجميلة وتصبح مطيعة لخدمة الله و الإسلام .وبهذه الروحية يصبح المسلمون أقوى من أعدائهم. فالقوة والهيبة تأتي من المعاني الروحية والمعنوية (من سره أن يكون من أصحاب القائم فلينتظر وليعمل بالورع ومحاسن الأخلاق وهو منتظر).
ب. التعبئة الفكرية الثقافية
نمط الحياة لابد أن يشتمل على التعبئة والاستعداد لمقاومة الأزمات والمشاكل الخطيرة وهجمات الأعداء التي تداهم حدود المجتمع الإسلامي وتتغلغل في أوساطه.وخاصة ما تصدره الدول الغربية الإستكبارية لإذابة وتمييع هوية المسلمين وهو ما يسمى بالغزو الثقافي.
والعلاج لهذه الأزمة الفكرية التي تأتي من الأعداء، يكمن في أن يسعى دائما إلى الخوض في ميدان العلم والمعرفة. إن ظهور الإمام المغيب (ع) يحتاج إلى أنصار وأعوان يمتلكون العلم والمعرفة. ذووا كفاءات عقلية وعلمية . فلذلك يتوجب على الموالي أن يسلح نفسه بالعلم والمعرفة وخاصة المستمدة من الثقافة القرآنية وثقافة أهل البيت عليهم السلام الذين يمثلون القرآن الناطق. فهذه المصادر تمثل نوراً وإشعاعاً للإنسان تنور بصيرته حتى تصبح رؤيته للأمور رؤية سليمة فيستطيع من خلالها أن يميز بين الخير والشر وبين الحق والباطل وأن يصون نفسه من الانحرافات الفكرية والمادية المضللة
ج. التعبئة العسكرية
إن الثورة المهدوية تحتاج إلى إعداد وتعبئة عسكرية ومرابطة. والهدف من هذه التعبئة العسكرية وضحه القرآن الكريم في الآية السابقة ( تُرْهِبُونَ بِهِ عَدْوَّ اللّهِ وَعَدُوَّكُمْ )
فان الهدف الحقيقي من الإعداد العسكري، لايكون من أجل توفير الأسلحة فقط أو استخدامها للقتل وسفك الدماء، وإنما أيضاً من أجل إعطاء هيمنة للمسلمين وبث الخوف والذعر في قلوب الأعداء الذين يعدون العدة للفتك بالإسلام والمسلمين.
أما حالة الضعف تساعد وتقوي الأعداء على السيطرة والهيمنة والسلطنة في بلاد المسلمين.ولو استقرأنا التاريخ لوجدنا أن موضوع التعبئة كان موجوداً في حياة أهل البيت عليهم السلام تحقيقاً للتعاليم السماوية الموجودة في القرآن الكريم.
وعندما نحلق بفكرنا إلى ساحة كربلاء يوم عاشوراء نجد أن الإمام الحسين (ع) كان يعمل على تعبئة جيشه عسكرياً ليتفادى من الخطر المحدق به . حيث أن الأعداء أيضاً كانوا يعملون على تعبئة جيوشهم.عن عبدالله ابن الحسن قال: (لما عبأ عمر بن سعد أصحابه لمحاربة الحسين (ع) ورتبهم في مراتبهم وأقام الرايات في مواضعها وعبأ الحسين أصحابه في الميمنة والميسرة فأحاطوا بالحسين من كل جانب حتى جعلوه في مثل الحلقة خرج الحسين من أصحابه حتى أتى الناس فاستنصتهم).
وفي بحار الأنوار ( وعبا الحسين أصحابه وصلى بهم الغداة وكان معه اثنان وثلاثون فارساً وأربعون راجلاً).
والقرآن الكريم يشير إلى نوع آخر من القوة (وماتنفقوا من شيء في سبيل الله يوف اليكم وأنتم لاتظلمون) قوة تدفع القوة العسكرية وتساندها وهي القوة المالية والدعم المادي. فإعداد المال وتهيئته أمر أساسي في التعبئة العسكرية. وهذا لن يكون إلا بتضافر الجهود المسلمة لإعزاز مكانتهم وتطوير إمكانياتهم العسكرية والحربية.
المحور الثالث: نمط الحياة الغربية والتمهيد للظهور
تفتقد الحياة الغربية الى القيم الروحية والأخلاقية وتركز فقط على الجانب المادي، حتى أصبح المجتمع الغربي غنياً ماديا ومُفلِساً روحياً وسلوكياً. ذلك المجتمع متطورٌ في الناحية الصناعية ولكنه يتسم بالتخلف والأمية بالنسبة للفكر والعلوم الانسانية والقيم الروحية.
وبالرغم من تفوق المجتمعات الغربية في مجالات العلم والصناعة والتكنولوجيا إلا أنها تعيش حالة مزرية من طغيان الشر والجور والظلم والفساد. وهذا كله نشأ بسبب النزعة المادية المتأصلة في المجتمع. وافتقادهم للماء المعين الذي ينعش حياتهم من الظمأ وهو المصادر التشريعية الإلهية.
ولقد توصل الغربيون أخيراً من خلال تجاربهم المأساوية إلى ضرورة وجود الأخلاق الاجتماعية وتطبيقها في المجتمع إلا أن هذه الضرورة تنطلق من منظور مدني لا ديني. تنطلق من المنافع المادية والدنيوية وليس من الأهداف السماوية.
وهذا الفقر الروحي والانحطاط الأخلاقي والانسلاخ من القيم الإنسانية، هدد حياتهم بالخطر والهلاك. مما جعل كُتَّابهم ومؤلفيهم يعلنون عن حالة الخطر والانحدار الذي يفتك بمجتمعاتهم ويشير إلى واقع بئيس قادم.
كتب السياسي والمفكر الكبير جيمس بيرنهام منذ ما يزيد على ثلث قرن مضى " لا أعرف سبب انحطاط الغرب بسرعة غير عادية، وهو ما يظهر أبعد ما يكون غوراً في تعميق فقدان قادة الغرب ثقتهم بأنفسهم وبالصفة الفريدة لحضارتهم الخاصة، ويظهر بتلازم ضعف الإرادة الغربية للبقاء. السبب أو الأسباب لها صلة بإنحلال الدين وبالإفراط بالترف المادي، وأفترض لها علاقة بالوصول إلى التعب والإعياء، مثلما يحدث للأشياء الدنيوية".
وللأسف هذا النمط من الحياة الغربية ومايحتويه من آداب وأعراف وتقاليد، حرصت الجهود الغربية بواسطة الاستعمار الثقافي على نقله إلى بلاد المسلمين. وهذا عمل شيطاني كبير. يهدفون منه إلى تحريك المسلمين لتقليدهم ومحاكاة أسلوب حياتهم وهي ما يطلق عليها بعملية التغريب.
وللأسف انخدع الكثير من المسلمين بهذا النمط من الحياة. واعتبروه سبيلاً للتقدم والحضارة. فبدؤوا يبحثون عن العيش وفق الحياة الغربية من دون الالتفات إلى الفرق بين استيراد التقنيات والمنتجات التكنولوجية وبين استيراد الأخلاقيات والمُثُل والأفكار. فأصبح بعض المسلمين يميلون إلى كل ماهو عند الغرب، مثل أسلوبهم في العلاقات،وأسلوبهم في المأكل والمشرب والملبس وتحرير المرأة من الحجاب وغير ذلك من التقاليد والعادات.
وتغافل هؤلاء المسلمين عن أن حضارة الأمم لا تكون إلا من خلال منهج حياتها.
فان كان هناك رقي في نمط الحياة، تحققت لها حضارة راقية، وإلا فالتبعية العمياء والتخلف والضياع.
ونتيجة ما ذكرناه من خصائص النمط الغربي للحياة، فإن هذا النمط لا يمكن أن يكون مؤهلاً للتمهيد والإعداد للظهور المبارك لبقية الله في الأرض. حيث أنه يعتبر نمطاً ضعيفاً وهشاً لايقوى على النصرة المهدوية لتركيزه على النواحي المادية فقط.
لذلك على المجتمعات المسلمة أن لاتشجع من نمط العيش والحياة وفق الطريقة الغربية. لأنها تجرد الفرد من المعاني الروحية والأخلاقية التي تحقق له السعادة والطمأنينة. وتبعده عن خليفة الله الإمام المهدي عجل الله فرجه الشريف.
و ينبغي للفرد المسلم أن يقاوم بقوة الإستراتيجية الغربية في الحياة من أجل التمهيد والإعداد للظهور. ولكن كيف له مقاومة الإستراتيجية الغربية؟
نعلم أن الغرب بدأ بنشر الثقافة الغربية بكل قوة وتحدي إلى العالم الإسلامي. وهذا مايقصد به بالغزو الثقافي. وفي المقابل، لابد للمسلم أولاً أن يتسلح بالإيمان والتقوى فهي الحصانة الأولى من عامل التأثير الغربي. ومن ثم يتسلح بالعلم والمعرفة والأخلاق الإسلامية. ومن المهم أن يجسد المسلم الهوية الإسلامية في سلوكه وأخلاقه وفكره. ويطبق الشريعة الإسلامية واتخاذها منهجاً للحياة. ومتى تقوى الفرد ثقافيا من خلال المناهج التربوية والتعليمية والأخلاقية، سيكون قادراً على رد الشبهات التي يصنعها الغرب ويثيرها في المجتمع الإسلامي وكذلك باستخدام وسائل وطرق علمية سليمة . وبهذا سوف يرسل رسالة إلى كافة أنحاء العالم توحي بسماحة الدين الإسلامي ومبادئه الرصينة.
المحور الرابع: دور المرأة الاجتماعي ونمط الحياة المعدة والممهدة للظهور
وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ.
إن الفكر الإسلامي يرى أن إصلاح الأمة والعناية بأمورها في كافة مجالات الحياة، مسؤولية اجتماعية لعموم المسلمين. فلا فرق بين كونهم رجالاً أو نساءً.و المرأة تمثل نصف المجتمع لذلك هي مسؤولة عن قضايا الأمة كالرجل. تشاطر الرجل في الدور المناط لها في إرساء أحكام الخلافة الإلهية على الأرض.وفي إقامة التكليف الشرعي.
وحقيقة دور المرأة الاجتماعي في زمن الغيبة والذي يقتضي تغيير نمط الحياة لتكون مؤهلة للظهور المبارك، ينقسم إلى جنبتين من ناحية التأثير والتأثر:
الجنبة الأولى: الاستعداد الانفعالي
هناك أمور وعوامل عديدة تؤثر في شخصية المرأة وتتأثر بها المرأة المسلمة لتجعلها شخصية قادرة على العطاء وعلى الحراك الاجتماعي . ومن هذه العوامل:
1. العامل التربوي
ان النظرة العلمية التي يراها الإسلام، وجود رابطة وعلاقة بين تنشئة الفتاة وتربيتها وبين ماتستقر عليه شخصيتها من أوضاع فكرية ونفسية وسلوكية. لما للتربية من أهمية في تشكيل شخصية الطفل وصياغتها الصياغة الصحيحة والخالية من الشوائب والعيوب. فإن كانت التربية صالحة كانت الشخصية سوية .و أن منشأ الكثير من الأمراض النفسية والأخلاقية والفكرية في بعض الشخصيات هي التربية الخاطئة. لذلك يوصي ديننا الحنيف بتربية الفتاة منذ نشأتها الأولى. وان تكون تربية شاملة لجميع النواحي العقائدية والدينية والأخلاقية والثقافية. فلابد أن ترتكز على عدة محاور منها العقيدة المهدوية. بأن تُرسِّخ التربية في شخصية الفتاة حالة العشق المهدوي والتطلع لنصرة الإمام المهدي (ع). وكلما كبرت الفتاة وتقدمت في عمرها، سوف تسعى لطاعة الإمام ورضاه. وستجتهد في تقديم كل مايدخل السرور على قلب مولاها الحجة ابن الحسن (ع).
2. العلم والمعرفة
إن الثقافة من العوامل التي تبلور حياة المرأة وتنمي شخصيتها. وتجعلها أكثر تفاعلاً واندماجاً مع مجتمعها. كما أن اكتساب العلم والمعرفة يكسب الفتاة القدرة على تخطي العقبات والصعوبات التي تواجهها في حياتها. ويعمل على تنمية عقلها وتوسيع مداركها الذهنية. فتخلق في شخصيتها فكراً واعياً وذهناً منفتحاً وتصنع منها شخصية إبداعية في المستقبل. ومنها ستكون قادرة على استخدام كافة الطرق والوسائل الممكنة لخدمة مجتمعها والرفع من مستواه الفكري والأخلاقي
3. نموذج القدوة
من الأمور المهمة للمرأة في حركتها الرسالية الإلهية، اتخاذ قدوة نسوية حسنة تتأثر بها في تغيير نمط الحياة في زمن الغيبة. ولقد احتوى القرآن الكريم بين دفتيه نماذج نسائية قابلة للاقتداء تستلهم منها المرأة سنن الحياة الاجتماعية. وعوامل الارتقاء بالفرد والمجتمع. وهذه النماذج كان لها أدوار اجتماعية في زمن الأنبياء في الجانب الدعوي والإصلاح الاجتماعي كهاجر ومريم وآسيا وأم موسى وبلقيس وابنتي شعيب وغيرهن.
وينقل لنا التاريخ مجموعة من النساء في العصور الأولى من الإسلام واللاتي برعن في القيام بأدوارهن الاجتماعية والسياسية و في مقدمتهن سيدة النساء فاطمة الزهراء عليها السلام التي شاركت في العمل الإنساني والثقافي والسياسي حيث كان الناس نساء ورجالا يقصدونها في بيتها ليقتبسوا منها العلم والمعرفة. وكانت تعلم النساء القرآن الكريم والأحكام الشرعية.وكذلك دورها في تلمس حاجات المحتاجين من كافة فئات المجتمع كالعجزة والضعفاء والفقراء والمساكين والأيتام والأسرى وهو عمل خلده الله في القرآن الكريم. وأما نشاطها السياسي فتمثل في دفاعها عن الإمام وأخذ البيعة له وخطاباتها الجماهيرية في الدفاع عن قضايا الأمة المصيرية.بالإضافة إلى مشاركتها في بعض غزوات النبي (ص) .
وكذلك رفيدة بنت سعد بن عتبة والتي كانت تعالج المرضى وتداوي الجرحى وتلم الشعث وتقوم على الضائع الذي لا أحد له. وأم سلمة وعملها الجهادي ونسيبة الأنصارية ودورها القيادي والخطابي وكثير من النساء المسلمات . وفي عصر الظهور المهدوي سيكون للمرأة دورٌ قيادي عظيم في الثورة المباركة. وبتكليف مباشر من حجة الله المهدي (ع).
الجنبة الثانية: الاستعداد الفاعلي
للمرأة دور مؤثر وفاعل في عصر الغيبة وعملية التغيير والتعبئة المهدوية. ولابد أن يماثل دورها دور المرأة في زمن الأنبياء والأوصياء وخاصة زمن الظهور المبارك من حيث القوة والانطلاق والفاعلية. وذلك من خلال نوعين من التربية:
1. تربية الجيل المنتظر
إن دور المرأة كأم، دور مؤثر في عملية التمهيد. وقد وهب الله سبحانه وتعالى المرأة عزيمةً وصبراً وعاطفةً تساعدها على تحمل مسؤوليتها على أكمل وجه.
والأم الصالحة قادرة على بناء الكيان الأسري وصناعة الإنسان من خلال تربية الأبناء وتنشئتهم على القيم الدينية بأن توجههم إلى طريق المولى عز وجل وتعظيمه في نفوسهم. من خلال القيام بالواجبات الشرعية. وان تنثر في قلوبهم بذور الحب للإمام المنتظر وتقوم بسقايتها ورعايتها على الدوام. وتلفت أذهانهم وقلوبهم نحو المهدي والعمل على نصرته وخدمته.
وتسعى كذلك لتربيتهم أخلاقياً عن طريق ترويضهم على المبادئ والأخلاق الإسلامية. وكذلك تنشئتهم اجتماعياً من خلال حب الآخرين وتكوين علاقات جميلة معهم وإكسابهم العلوم والمعارف والفنون والآداب. وبهذا العمل التربوي يتم إعداد نماذج صالحة وجيل واعد يمهد للطلعة الرشيدة.
2. التربية الاجتماعية
على المرأة أن تتحمل هم المجتمع وتتصدى لحل المشاكل الاجتماعية بالجهد الفكري والمادي. والمجتمع الإنساني يحتاج في كثير من ميادينه ومؤسساته إلى وقفة المرأة وحركتها وإلى رأيها وفكرها.ويحتاج إلى المرأة الواعية والمثقفة والمتحركة والمؤثرة. وان المرأة الممهدة للظهور المقدس لبقية الله الأعظم، تسعى لنشر فكر أهل البيت عليهم السلام بمختلف الوسائل والطرق الدعوية والإعلامية كالخطابة والتأليف والشعر والمسرح وغيرها.
المرأة الممهدة هي من تسعي لهداية الناس إلى الإمام الغائب والى فكره ونهضته ونصرته.
والتي تتصدى للمشكلات الاجتماعية، مثل المشكلات الأسرية وقضايا الشباب ومن ثم إيجاد حلول مناسبة لها.
المرأة الممهدة هي من تتفقد أحوال الكثير من شرائح المجتمع من أيتام وأرامل وفقراء وذوي الاحتياجات المالية والمعنوية لتحل المحبة والسعادة في أرجاء المجتمع.
المرأة الممهدة من تجتهد في القضاء على الانحرافات والبدع والخرافات التي قد تتغلغل في أوساط المجتمع.وخاصة التي تشوه صورة المهدوية.
المصادر
1. القرآن الكريم
2. مفاتيح الجنان
3. السيد المرعشي،شرح إحقاق الحق
4. الشيخ ناصر مكارم الشيرازي،الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل
5. العلامة أبو الفضل جمال الدين ابن منظور الافريقي،لسان العرب،نشر أدب الحوزة،قم،إيران،1405 هـ
6. العلامة علاء الدين علي المتقي الهندي،كنز العمال،مؤسسة الرسالة، بيروت،لبنان، 1409هـ
7. عبدالله احمد اليوسف،الشباب هموم الحاضر وتطلعات المستقبل،مكتبة الملك فهد الوطنية،القطيف، 1421هـ
8. محمد باقر المجلسي،بحار الأنوار،الطبعة الثانية،مؤسسة الوفاء،بيروت،لبنان،1403هـ
9. موقع ويكيبيدیا الموسوعة الحرة