تاریخ انتشاريکشنبه ۲۵ مرداد ۱۳۹۴ ساعت ۱۴:۰۸
کد مطلب : ۱۲۲۰
۱
plusresetminus
الخطاب النهضوي للإعلام المهدوي
نورة لعروسي
مقدمة
كان الإعلام ولايزال عاملا أساسيا في بلورة الرأي العام، وتوجيهه نحو الصواب أو خلافه، ومع تقادم الزمن أصبح تأثير الإعلام أشد وقعا، بسبب حداثة وسائل الإتصال، ولا يخفى على أحد، حجم الماكنة الإعلامية للدول والشعوب المتطورة، وتوظيفها لخدمة اهدافها المتعددة الجوانب، كالأهداف الثقافية والفكرية والسياسية والحربية وغيرها.
ومع ضخامة حجم الماكنة الإعلامية وتعدد منابرها، أين يتموقع الإعلام الإسلامي، ومنه أين يتموقع الإعلام المهدوي؟
فهذا التطور في الإعلام والذي طال حتى العالم الإسلامي، الذي بدأ يستخدم هذه التكنولوجيا لأجل نشر ثقافته والدفاع عنها، فقد شهد كثرة وتعدد المنابر الإعلامية الإسلامية التي اختلفت رؤاها وبنيتها الثقافية والنهجوية، وقد أدى هذا الاختلاف في أحيان كثيرة إلى تواجه وتصادم، مثلما هو الحال بالماضي، فقط مع اختلاف اَليات المواجهة؛ ووسط هذا الوضع وجد الإعلام المهدوي نفسه بين فكي كماشة، كون هذه المواجهات حدًت من قدرته في التقدم بخطابه، وفتحت عليه مواجهات هو في غنى عنها، لأنه ـ ووسط هذا الوضع هو مجبر للرد على أي هجوم إعلامي خاصة ما يمس قضايا العقيدة، فهو مجبر للدفاع عنها .
ووسط هذا الوضع، فالإعلام المهدوي ليس فقط مطالب بالرد على تهجمات الإعلام الاَخر أو المضاد، بل له رسالة أعظم من هذا وهي الاساس وهي الهدف، وهي أن يوصل رسالته التنويرية ـ ليس فحسب إلى كل المسلمين بل إلى كل العالم.
اذن فقضية الإعلام المهدوي هي أكبر وأعظم مما يبدو عليه او مما هي عليه الان؛ فاَلياته متواضعة والقضية عظيمة .
ومن هنا؛ وإلى أي حد يمكن استغلال هذا الجانب في الإعلام وتسخيره لأجل الرفع بالإعلام المهدوي الى خطاب نهضوي للأمة .
وبالتالي ومن هذا المنطلق يجب ان يكون الإعلام المهدوي نهضويا بالاساس وأن لا يتوقف عند حدود الروايات عن الإمام المهدي وعن ظهوره الميمون، فهذا خطاب تقديمي فقط لذا على الإعلام ان يتجاوز خطابه من مرحلة الخطاب الروائي إلى مرحلة الخطاب النهضوي.
هذا هو محور مقالتي التي يمكن اجمالها في حصيلة الإعلام المهدوي وفي حلول مقترحة لاجل الوصول به درجة رضية .
لذا فقبل الدخول في صلب الموضوع لا بد من دراسة لقوة الإعلام بصفة عامة واَلياته، والإعلام الإسلامي بصفة خاصة حتى نستطيع ان نفهم الوسط الذي يوجد ضمنه الإعلام المهدوي كما هو، وحتى تتضح لنا الرؤى والمسارات التي يجب ان يكون عليها هذا الإعلام.
الإعلام
1. وسائل الإعلام: قوتها واهميتها
الإعلام في جوهره معرفة، وغاية المعرفة، التأثير، والعملية الإعلامية تتطلب:
1. وجود رسالة. وهي القضية
2. وجود مرسل. وهم المتبنون للقضية
3. وجود أداة إرسال. وهي وسائل الإعلام المختلفة، وهي اما مرئي او مسموع او مقروء؛ وهي ما بين التلفاز والراديو والكتب والجرائد والمجلات وشبكة الأنترنت والذي يضمهم جميعا وهو الاسرع بين الوسائل .
4. وجود نظام إرسال. حلقات دوريات اشرطة، برامج ... .
5. وجود مرسل إليه. المشاهد القارئ المستمع
6. وجود هدف من الرسالة. تحقيق معرفة، انتصار لقضية، دحض باطل... .
ويستمد الإعلام قوته من عاملين أساسيين، مادي ومعنوي.
العامل المادي هو تطور وسائل الإتصال. إن سرعة نقل الخبر والتعليق عليه تزداد مع تطور أجهزة وسائل الإتصال. وإن سرعة وصول النبأ على شبكة الأنترنت وسرعة نشره وبثّه، تضيّق فواصل الزمن بين القارات والشعوب، وتقفز من فوق الحدود بين الدول على ما بين أنظمتها من اختلافات وتباينات. وتلغي المسافات داخل الدولة مهما كانت شاسعة. وباختصار فإنها تحول الكرة الأرضية إلى مجرد قرية عالمية.
أما العامل الثاني، المعنوي، فهو الحرية. حرية نقل النبأ. وحرية التعليق عليه، أي حرية المعرفة.
وكما تتجلى أهمية الإعلام في أنه يحقق ديمقراطية الإتصال بين جميع شرائح المجتمع وتزداد هذه الأهمية تبعاً لسرعة توصيل الرسالة الإعلامية بالصوت والصورة والكلمة. فالتطور الذي طرأ على الأجهزة الإعلامية بالاعتماد على الاقمار الصناعية للبثّ الاذاعي والمتلفز، والذي طرأ على الطباعة والصف الالكتروني، قصّر المسافات بين المناطق وألغى الحدود والفواصل بين الدول والشعوب.
تتجلى ايضا خطورته في استيلاؤه على أوقات الأفراد ومنافسته الشديدة للمؤسسات الإجتماعية الأخرى فى مجال التأثير الجماهيرى مستغلا إيقاع العصر الحالى الذى يتسم بالسرعة من ناحية وبعزلة الأفراد عن بعضهم البعض حيث الزحام الذى كلُّ فرد فيه وحيد مما يجعل من الإعلام مصدراً للشعور بالمشاركة وعدم العزلة.
ولا شك في أن الصحافة والمجلات هما أقل وسائل الإعلام انتشاراً . إلاّ أن ذلك لا يعني بالضرورة أنهما أقلها تأثيراً... ويعود ذلك إلى ارتفاع نسبة الامية، والى ضعف وسائل المواصلات بين المناطق في الدولة الواحدة وبين الأقطار الاخرى.
ومن بين كل وسائل الإعلام الموجودة والمستخدمة نجد ان التلفاز مع الإعلام الاذاعي هو الأكثر استخداما على الاطلاق وهو الأكثر استقطابا وذلك لعدة اسباب:
ـ وجود نسبة عالية من الأمية في دول العالم الثالث تجعل للاذاعة (إعلام الصوت) والتلفزة (إعلام الصوت والصورة) أهمية استثنائية بالغة.
ـ تمويلها من طرف الحكومات او الاحزاب التي تحرص على الاستئثار بالإعلام الاذاعي والتلفزيوني، ففي الوطن العربي يوجد ـ حسب احصاءات اليونسكو لعام 1982 ـ 173 محطة إرسال تلفزيوني جميعها محطات حكومية . كما تشير هذه الاحصاءات إلى وجود أكثر من 21 مليون جهاز إذاعي.
ـ قدرتها على نقل الأحداث بسرعة مصحوبة بالصورة الفيلمية والتغطية الفورية لأماكن الأحداث أياً كانت، وتقديم الخلفية التفسيرية للأحداث بالاعتماد على تكنولوجيا الإتصال المعاصرة.
ـ تحقيق الاستفادة (وان كانت سطحية) مع تحقيق المتعة في المشاهدة.
ـ اقل كلفة من غيرها من وسائل الإعلام وسهولة الحصول عليها مع امكانية استخدامها لجميع شرائح المجتمع كبيرا أو صغيرا، متعلما او جاهلا، مقارنة مع وسيلة الأنترنت التي تحتاج الى اشتراك والى معرفة في كيفية استخدام الكميوتر، وبالتالي من سيستخدمه لا بد ان يكون كبيرا ومتعلما.
من أجل ذلك يشكل الاعتماد المتزايد على المعرفة من خلال التلفزة بصورة خاصة، خطراً على المعرفة العامة وبالتالي على الوعي العام. إن نسبه تراجع عدد القراء بالمقارنة مع نسبة تضخم عدد المستمعين إلى البرامج المتلفزة، يعطي فكرة عامة عن مدى اتساع رقعة المعرفة السطحية والمبسطة. وفي ذلك تضليل غير مباشر للرأي العام، وبالتالي طعن بمصداقية الإعلام المتلفز.
وإن الاقبال على مشاهدة التلفاز(إلى حد الإدمان) هو أكبر من الاقبال على القراءة، ولأن تأثير التلفزة هو أشد من أي وسيلة إعلامية أخرى، يمكن ان ندرك خطورة الاقناع مع التجهيل على تكوين الرأي العام. تجدر الإشارة هنا إلى ما ذكره رئيس بنك الانماء الكاريبي وليم ديماس في دراسة له حول خطورة الاعلان التلفزيوني. قال في دراسته:
"نجد في كثير من بلدان العالم الثالث، وخصوصاً في البحر الكاريبي وأميركا اللاتينية، أن وسائط التواصل بين الجماهير الالكترونية، وخصوصاً التلفزة، تمثل دوراً يدمر الهوية الثقافية القومية كما يقضي على الانماء الاقتصادي ـ الإجتماعي المستقل. ولا ينجم هذا الدور عن مجرد الاعلان عن السلع المستوردة فحسب بل ينشأ أيضاً من محتوى البرامج التي تغسل دماغ الشعب ليقبل أسلوب الحياة في المجتمعات الغنية ولينشد ذلك الأسلوب".
اما اذا نظرنا الى وسيلة الإعلام الاقوى على الاطلاق وهي الأنترنت فقد اصبحت الأكثر انتشارا ـ والتي جمعت بين كل وسائل الإعلام الاخرى ـ وذلك بسبب:
ـ أن البرامج المتلفزة تقدم بما لا يسمح بمشاركة المتفرج ـ أو المستمع ـ بخلاف الأنترنت.
ـ إن النشرات التلفزية تقدم في أوقات مفروضة على المتفرج والمستمع، وهي أوقات قد لا تكون، أو غالباً، ملائمة له. فيضطر إلى الاستماع إليها وهو مشغول بأمور أخرى مما يقلل من نسبة فهمه لمضمونها، وتأثره بها.
ـ إن الأنترنت هو اسرع في التصفح وفي البلوغ الى ما يهم معرفته فقط بنقرة واحدة وفي اسرع وقت ودون ملل وباقل تكلفة، اذ يمكن الحصول على كتب او مجلات او جرائد في كل العالم في وقت صغير وثمن اقل.
ـ في الأنترنت هناك امكانية برمجة الوقت لصالح الفرد، اذ بامكانه الاستماع او مطالعة ما يريد في الوقت الذي يناسبه بخلاف التلفاز او الراديو اذ يخضع لبرنامج معد مسبق، وهذا يوفر بالأنترنت امكانية اعادة البرامج والاستماع اليه بتركيز أكبر بخلاف التلفاز او الراديو.
ـ الناس تمنح للأنترنت وقتاً أطول مما تمنحه عادة لباقي وسائل الإعلام، مما يعني تبعاً لذلك أن الناس تتأثر عادة بما هو متداول بالأنترنت أكثر مما تأثر بوسائل الإعلام الاخرى التي اصبحت تعد تقليدية.
ـ بالأنترنت يوجد كل ما كان لا يستطاع معرفته او ممنوع من طرف حكومة او حزب، الان اصبح متاحا ولا يمكن منعه.
وتلعب كل أداة من هذه الادوات الإعلامية دوراً مميزاً في جدلية العلاقة بين المرسل والمرسل إليه في العملية الإعلامية.
يعبر هذا القول عن الوضع الحرج الذي يعانيه العالم الثالث خصوصاً في ميدان التسلط الإعلامي والثقافي، حتى ان البعض يرى أن الانماط الإعلامية القائمة في معظم البلدان المتنامية هي أكثر نفاذاً من مجرد الهيمنة الاقتصادية. مع العلم أن كل هذه القوى تسهم في شبكة علاقات متفاعلة متساندة.
والوسيلة الإعلامية الغير بارزة ألا وهي الكتاب سواء الورقي أو الالكتروني.
فبعد ان فقد المتلقي المتقف ثقته بالإعلام اصبح يتجه الى الكتاب الذي يعتبره الأكثر مصداقية، والذي يجده الأجدر في أن ياخد من وقته، خاصة مع تردي مستوى الإعلام المهيمن على الشاشات وعلى صفحات الأنترنت.
وهذه الوسيلة الإعلامية غالبا ما تهمل من طرف الإعلاميين ولا تلقى دعما إعلانيا لها رغم انها الوسيلة الأكثر تأثيرا والأكبر عمقا على الاطلاق ـ خاصة أنها تعنى بفكر طبقة مثقفة وهي غالبا(هذه الطبقة) ما يكون لها تأثير بأوساطها المختلفة .
لذا فالأجدر ان يكون ضمن برامج الإعلام السمعي البصري هناك مساحة إعلانية للكتاب وتقديم مضمونه واهميته.
2. تأثير الإعلام - قدرات وسائل الإعلام
إن من الثابت ان الإعلام بأجهزته المختلفة هو ـ بالنسبة للانسان العادي ـ أرخص و أسرع مصدر للمعرفة. لذلك فإن الاعتماد على الإعلام، وخاصة في دول العالم الثالث، يكاد يجعل منه ـ من الإعلام ـ أحد أهم الأركان التي تكون الشخصية الثقافية والفكرية للفرد وللجماعة في آن. فمن خلال التواصل مع أجهزة الإعلام، يكوّن المجتمع ذاكرته الإجتماعية وينظمها وفق أولويات غالباً ما تتناقض مع البنية الذاتية لهذا المجتمع ومع مقوماته الخاصة.
إن المضمون الثقافي والمعرفي للإعلام، يشكل قوة سكرية تغلف الرسالة السياسية المرّة التي تحرص أجهزة الإعلام الأجنبية على أن تغزو بها عقول الناس والمجتمعات، لربطها بأيديولوجية تتوافق مع مصالحها القوية التي تقف وراء هذه الأجهزة وتغذيها.
منذ العام 1921 كان الصحفي الشهير والتر ليبمان يقول: "إن الصور المتمركزة في رؤوسنا، تتشكل بصورة أساسية من الصور التي نحصل عليها من أجهزة الإعلام ".
إن دور الإعلام في تحديد القيم الإجتماعية، وتأثيره على طريقة فهم الحقائق وبلورة المقومات الإجتماعية، وقوته على إحداث التغيير واستيعابه، يجعل من الإعلام أداة لتكوين الرأي العام أكثر منه أداة للاعراب عن وجهة نظر الرأي العام.
قد يصل تأثير الإعلام الى أن يغير فكرا أو يصنع قرارات عظمى او يغير أنظمة ظلت الى وقت طويل تسود (نموذج الثورات الشعبية الاخيرة في العالم العربي)، وهو ما حدث في الفترة الاخيرة فقدرة وسائل الإعلام على إحداث التغييرأثبتت جدارتها.
تكنولوجيا الإعلام وأزمة الإعلام الإسلامي
1. تكنولوجيا الإعلام وسياسة الهيمنة
يشهد عالمنا المعاصر ثورة في تكنولوجيا الإتصالات والمعلومات، أثرت في مختلف مجالات الحياة: السياسية، والإجتماعية، والصناعية، والإقتصادية، والتعليمية، وقد تطورت هذه التكنولوجيا بشكل سريع ومذهل، وأخذت أشكالاً متعددة ومتنوعة، سهلت الإتصال بين الأفراد والجماعات في مختلف دول العالم، وألغت الحدود المكانية بين الدول والقارات، كما أوجدت طرقاً جديدة لنقل المعرفة بأساليب متعددة، ففضلا عن التلفاز والمذياع هناك الكتاب الإلكتروني، والمجلات الإلكترونية، ومواقع الأنترنت.
الأمر الذي أطلق ثورة إعلامية ومعلوماتية أبرزت امكانيات هائلة مستندة الى امكانيات تواصل عالية المستوى مع الجمهور، وسرعة غير مسبوقة في ايصال الرسائل الإعلامية والمعلوماتية الى أي مكان في العالم، حيث يدور 600 قمر صناعي حول الارض، يقدر لها ان تزداد الى 2000 قمر خلال خمس او ست سنوات.
ويشكل التطور التقني الهائل في ميدان الإتصال الذي اصبح بدوره ظاهرة طاغية في المجتمع المعاصر سبباً أساسياً قي تكريس العولمة وتوسيع دائرة تأثيرها وانتشارها وبتعميق الهيمنة الغربية، والامريكية منها بوجه خاص على مجمل النشاطات الدولية المنضوية تحت لافته العولمة، بسبب تمركز القوة الإعلامية والمعلوماتية في عدد محدود من الدول هيأت لها مثل هذه الفرصة وجعلت من الإعلام قوة في تحقيق المعرفة وعولمة الثقافة.
مما أدى بمعظم دول العالم ان تتقلص فرص سيطرتها على مجتمعاتها، ليس لأغراض الضبط العام والحفاظ على التكوين السياسي فحسب، بل امتد الأمر الى البنى الثقافية والإجتماعية، والتي تشهد تحولات عميقة باتجاه نمط محدود تسعى اليه العولمة وتسيطر على اَلياته ارادة الهيمنة ذاتها التي كانت قد سيطرت على العالم ابان الإستعمار القديم قبل نحو قرنين، مع فارق تغيير العناوين وهويات اللاعبين الرئيسيين، لأنه ومن المؤسف أنه في ساحة القتال، كما في ساحة الإعلام، تكون الغلبة والسيطرة لحق القوة وليس لقوة الحق ومن يملك الادوات يملك المواد ومن يسيطر على وسائل الإتصال والمعلومات، فأنه يسيطر أيضا على المضامين المنقولة من خلالها.
وبالطبع فالسيطيرة للعالم الغربي بزعامة الولايات المتحدة، حيث سيطرت على قمة الهرم الامبريالي الجديد الذي يصح تسميته بإمبريالية العولمة؛ فوحدها تدير 75 بالمئة من جميع برامج التلفزيون المتداولة في العالم، و89 بالمئة من الإعلام التجاري المبرمج.
أما عن المادة السينمائية، فتكفي الإشارة إلى أنه في عام 1982 بلغت قيمة الاسطوانات المتداولة 8 مليارات دولار، 60 بالمئة منها كان من خلال مؤسسات أميركية فقط. وفي العام نفسه أنتجت الولايات المتحدة 25 مليون فيديو كاسيت أغرقت بها أسواق العالم كله.
كما تسيطر على صناعة تقنيات المعلومات والإتصالات (88) شركة: (39) منهـا أمريكية و (19) أوربيـة غربية و (7) يابانية.
وتؤشر الإحصاءات الدولية ان 3% فقط من مجمل الاستخدام العالمي للأنترنت يوجد في قارات أسيا (باستثناء دول المحيط الباسيفيكي) وأفريقيا وأمريكا اللاتينية.
والقضية هنا ليست بالقدرة الإنتاجية لهذه الدول بقدر ماهي في تأثير الاَلية التقنية وأبعادها الإجتماعية من خلال مضمون المعلومات المتداولة.
وبالتالي إذا كان الشمال الغني يسيطر على وسائل الإتصال والمعلومات، فأنه يسيطر أيضا على المضامين المنقولة من خلالها، والولايات المتحدة وحدها تمتلك (65) بالمائة من المادة الإعلامية العالمية ، بكل تفرعاتها من أخبار ومواد للترفيه وبرامجيات للحواسيب، وألعاب الكترونية، وأفلام سينمائية … الخ، في حين تسيطر دول الشمال الأخرى على غالبية النسبة المتبقية.
وهذا ما يفسر تعامل أجهزة الإعلام الأجنبية (وكالات الانباء ـ الاذاعات ـ محطات التلفزة ـ السينما) مع دول العالم الثالث، الذي يقوم على أساس اعتبار شعوب هذه الدول شعوباً مستهلكة للمنتجات الغربية. من هذه المنتجات أجهزة الإعلام ـ المطابع والراديوهات وأجهزة التلفزة والحاسوب... الخ، ومنها أيضاً المادة التي تبث عبر هذه الأجهزة.
أما اذاعيا ـ يسيطر العالم الأول على تسعين بالمئة من طيف الذبذبات الاذاعية. وتلفزيونياً فإن أكثر من خمسة وأربعين بالمئة من دول العالم الثالث لا تملك محطات وطنية للبث المتلفز إلا أن أجهزة الالتقاط موجودة لدى الكثير من سكانها.
كما ان حاجة المؤسسات الإعلامية إلى الاعلان، غالباً ما تُخضع هذه المؤسسات إلى السياسة الإعلانية؛ فالعلاقة بين حاجة المؤسسات الإعلامية إلى الاعلان والسيطرة على مصادر الاعلان تلقي الضوء على أبعاد تبعية الإعلام لتوجهات المعلن.
إن أخطار الهيمنة الإعلامية تطال ليس فقط العالم الإسلامي بل كل العالم الثالث الذي يضج منذ سنوات طويلة محاولاً التخلص منها أو على الأقل الحد من شرورها. حتى ان هناك اعتقاداً واسعاً بأن الإستعمال المتزايد للإعلاميات في بث الإعلام أو الإنتاج الثقافي يدعو إلى التساؤل عن مخاطر ظهور نوع جديد من الأنظمة يؤول إلى سلطة تكنوقراطية تفقد المواطنين كل امكانية المراقبة للشؤون الخاصة(سواء كانت دينية او وطنية) أو المساهمة في تقرير المصير، وبالتالي تجعل الأنظمة الوطنية نفسها مضطرة للتخلي عن نفوذها الشرعي إلى الشركات الكبرى المتعددة الجنسيات. ويخشى إذا ما تأكد هذا الإتجاه أن يوضع تنظيم الإتصال العالمي في نهاية المطاف بين أيدي بعض الشركات الخاصة التي قد تستحوذ بمفردها على مسالك المعرفة وتضبط للمجموعة البشرية حاجاتها وتفرض عليها اختياراتها الايديولوجية وأنماطها الثقافية.
3. أزمة الإعلام المهدوي بين الإعلام العالمي
يمكن ان نقسم أزمة الإعلام المهدوي الى أزمة مادية واخرى معنوية؛ والأزمة المادية هي المتجسدة في هذا الوضع الحرج الذي يعيشه إعلام العالم النامي او الثالث بصفة عامة وإعلام العالم الإسلامي بصفة خاصة حيث تتضح قزمية تواجده بالساحة العالمية، فهو يتحرك في جزء ضيق سمحت له به القوى العظمى، وهذا يبرز درجة تأثيره بالعالم كله والتي يمكن ان نقول بانها درجة جدا ضعيفة.
اما الأزمة المعنوية، فهي المرتبطة بالعوامل البشرية وإكراهات الإعلام الاَخر الذي يحد من تقدمه وبالتالي بتقدم المناهج الإعلامية.
وعموما فواقع ووضع الإعلام المهدوي الذي لا يخرج عن واقع ووضع إعلام البلدان النامية و خصائص الإعلام الإسلامي لكن بثوب مختلف، وما يعيشه من واقع لا يختلف عن واقع إعلام تلك الدول لأنه ببساطة له نفس الاَليات ونفس الكوادر البشرية ونفس الاستراتيجيات ونفس الإكراهات، فقط كل له وجهة نظر يعبر عنها.
وبالتالي وفي هذه المساحة الضيقة الممنوحة للإعلام الإسلامي خاصة يمكن ان نتدارس تأثير الإعلام المهدوي في هذه الزاوية، اما تأثيره داخل العالم ككل فهو على درجة خجولة.
من أجل ذلك فإن معالجة التعثرات التي يواجهها الإعلام الشيعي لا تكون الا بمعالجة خصائصه العامة كجزء من إعلام العالم الإسلامي وإعلام العالم الثالث، وبمعالجة خصائصه الإقليمية الذاتية التي يصدر منها.
وعموما يمكن اجمال هذا الواقع بالنقاط التالية:
ـ ليست لديه استراتيجية موحدة: اذ يوجد في الإعلام الشيعي العديد من الرؤى في التقديم للقضية المهدوية، ولكن هذه المدارس الإعلامية لا تدرس "نظرية للإعلام المهدوي" باختلاف ثقافته القومية، ربما لأنه لا توجد رؤية نهضوية واحدة للإعلام رغم أن الهدف واحد لكل الإعلام المهدوي، ورغم أن مصيرها واحد، وقضاياها واحدة، وعدوّها واحد.
وبالتالي، لا توجد مدرسة للإعلام المهدوي في مبادئها العامة، وفي أهدافها وغاياتها.
كنا نتمنى لو كانت هناك استراتيجية موحدة لهذا الإعلام المهدوي ككل، لكن مالم يحدث انه حتى لاتوجد استراتيجية موحدة للإعلام الإسلامي ـ وكمقارنة مع ما قام به إعلاميون مسيحيون من لبنان وسوريا والأردن ومصر وفلسطين والبحرين وقبرص، يعملون في مرافق إعلامية مختلفة منها الصحافة والإذاعة والتلفزيون والسينما والتوثيق ومراكز البحث والمجلات المسيحية، في هذا الإطار نظم المجلس لقاء إعلامياً وذلك لتبادل الرأي والخبرات في شؤون الإعلام في المنطقة عامة وشؤون الإعلام الديني ودوره في صنع السلام في صورة خاصة
وتبادل المجتمعون الرأي في الوضع الراهن للإعلام المسيحي، وسبل التنسيق والتعاون بين وسائله المختلفة، حيث شددوا على ضرورة التعارف المعمق بين الإعلاميين المسيحيين، وتعزيز التعاون فيما بينهم على أصعدة التدريب والتوثيق والتوزيع والنشر.
بالمقابل لم نجد مثل هذه اللقاءات تتم بساحة الإعلام الإسلامي عامة او بساحة الإعلام الشيعي المهدوي.
ـ ليست له رؤية وخطط واهداف بعيدة
ـ ليس بحجم الرسالة المسخر لاجلها بل صغير جدا عن حجم الرسالة، فهو ناقص من حيث القيمة الإعلامية اذ لا يرقى الى مستوى عظمة الفكرة المهدوية.
ـ قليل من حيث المادة الإعلامية اذ ما يقدم على مستوى كل الإعلام عربيا كان او اعجميا لا يمثل الا الجزء القليل من على مستوى المادة الإعلامية.
ـ لديه ضعف في تقديم المادة العلمية: فالمعلومة هي الجسر الذي تربط الانسان بالإعلام . مضمون المادة العلمية وطريقة تقديمها تلعب دوراً أساسياً في بلورة القناعات العامة. وفي تحديد الخيارات والمواقف. إن مسؤولية إبراز امر او معلومة ما، أو التقليل من أهميتها، أو إغفالها بالمرة، هي المسؤولية الأهم في المطبخ الإعلامي.
لدى يجب ان يكون صاحب البرنامج او كاتب المقالة او الكتاب او المقدم عبر برنامج اذاعي، ان يكون ذا مستوى علمي يصل الى مستوى تطلع المتلقي، وهذا ما لا يتوفر في غالب الاحيان، اذ غالبا ما يكون المرسل ذا مستوى علمي اما بسيط او متوسط.
ـ إعلام ليس بشمولي اذ لا يغطي كافة اللغات المعتمدة: مناطق اسيا وروسيا واستراليا والهند وامريكا اللاتينية ..... ولغاتها، ولا حتى كافة المناطق الجغرافية خاصة ما تعلق بالبث التلفزي: لا يفرض وجوده بكل الاقمار الصناعية بل فقط البعض منها.
اذ نجد بعض القنوات المعروضة تحجز اماكن لها على جميع الاقمار الصناعية، بينما لا نجد هذا حاصلا عند القنوات الشيعية.
فما حصل قبل اشهر حينما اوقفت مصر العديد من القنوات بقمر النايل سات بحجة سد باب الفتنة؛ هذا الضعف في التمكن من الحضور على مثل هذا القمر وهو القمر الصناعي الأكثر تداولا عند العرب، وبالتالي فالغياب عنه يعرض هذه القنوات الى ضعف في ارسال رسائلها الى نسبة مهمة وكبيرة من المجتمع المتلقي رسائله بالعربية.
ومن اثار ضعف الاَليات وضعف الامكانيات الإعلامية باننا في خضم الثورات التحررية التي يشهدها العالم العربي لم نتمكن بان نقدم ما يجب للشعب البحريني باظهار مظلوميته للعالم امام تخاذل الإعلام العربي، فلو كنا نملك إعلاما مؤثرا لما احتجنا الى ان نلقي اللوم على قنوات من قبيل الجزيرة والعربية، لان الإعلام التلفزي غالبا ما يكون رهينا بسياسات الدول الموجودة على ارضها اوبتوجهات مالكيها.
ـ غلبة الطابع العاطفي بالإعلام المهدوي، طبعا ليست هذه هي حقيقته – لكن الإعلام يسعى من خلال هذا الخطاب الى جلب المتلقي عنده، وربما له عذر اخر ان اغلب المتلقين هم على درجة بسيطة من معارفهم، لذا ان وجدوا ان الخطاب يعلو عنهم حتما فلن يستوعبو ما يقال.
الجانب العاطفي هو جد مهم لكنه بالخطاب النهضوي يجب ان يترافق حضوره مع الجانب العقلي وهنا يمكن ان نتكلم عن خطاب نهضوي للإعلام، خطاب العقل والعاطفة معا.
ـ غلبة الخطاب الاستهلاكي، فما يقال هذا الشهر يقال الشهر القادم وما يقال هذه السنة سيقال بالسنة الاخرى، ويظل الامر للمتلقي هو تحصيل حاصل فقط، بدون تجديد او تقدم على المستوى المعرفي؛ لان رسالته في الغالب هي موجهة الى طائفة واحدة ـ اذ يخاطب فقط الشيعة مما يجعل خطابه خطاب استهلاكي ودفاعي تبريري، اللهم ما اصبح يظهر مؤخرا في بعض البرامج او الكتب في توجيه الخطاب الى كل الطوائف ـ لكن هذا ليس كافيا من ناحية الكمية.
ـ يغلب عليه القيمة الكمية مقابل القيمة المعنوية ـ وهذا ربما راجع الى فقدان الاهتمام ـ عند بعضهم ـ بالتنسيق بين الأجهزة المختلفة والتي تساعد على تضافر الجهود للقضاء على الازدواجية والتكرار، وتمكن خطط التنمية من تحقيق أهدافها تحقيقاً أكثر جدوى وفاعلية.
ـ ليس له اعلان قوي على مستوى عرض المادة الإعلامية: اذ يشكل الاعلان العصب الأساس في مؤسسات الإعلام. الصحيفة يمكن أن تصدر دون مقال افتتاحي، ولكنها تعجز عن الاستمرار دون اعلان.
فإعداد العناوين الرئيسية والتقديمات فهو امر مهم؛ لان نسبة عالية جدا من المشاهدين او القراء ينسجمون ويقبلون على مادة إعلامية ما من خلال تقديمها او اعلانها . فالتقديم أوسع انتشاراً وأشد استقطاباً من المادة العلمية نفسها، ومن أجل ذلك قد يكون أكثر أهمية أيضاً.
لذا يجب ان يكون الاعلان بحجم المادة الإعلامية، لا ان يكون الاعلان أكبر من حجم المادة الإعلامية حتى لا يصاب المتلقي باللامبالات لكل ما يسمع من اعلانات، كما لا يجب ان يكون اقل من اهمية المادة العلمية.
ـ الإصرار على إتباع الاساليب التقليدية في تناول قضايا التطور والشؤون المتعلقة بالتنمية.
وان عوامل الضعف هذه هي بسبب إما إكراهات خارجية او داخلية:
الإكراهات الخارجية المرتبطة بسيطرة القوى العظمى على الماكينة الإعلامية، من جهة ومن جهة اخرى تحكم معظم الدول التي يروج هذا الإعلام المهدوي الإقليمي تحت سقفها في مسار هذا الإعلام وتدخلها في صيرورته، وايضا ما يعانيه هذا الإعلام في غالبه انه حديث في وجوده مقارنة مع غيره الذي يعتبر اقدم منه وبالتالي قويا في سيره، كما لا ننسى ان الإعلام المهدوي يواجه إكراهات اخرى مرتبطة بالمتلقي ـ فهو اما مجتمع يعاني من الارتفاع في نسبة الأمية، او مجتمع يختلف تماما عن رؤى ذلك الإعلام.
اما ما ارتبط بإكراهات داخلية فهو الافتقار إلى الكوادر البشرية المدربة تدريباً فنياً متلائماً مع اتجاهات التنمية وظروف التطور السريع، فالمعلومة الاصيلة جدا مهمة لكنها بالمقابل تحتاج الى اشخاص اصيلين يحملونها ويفهمونها، ولعل الذي يزيد من خطورة هذه الامر، ان البعض من العاملين في قطاع الإنتاج هم شبه أميين.
الإعلام المهدوي: رؤية نحو الأفضل
للوصول الى هذه الرؤية لابد من دراسة خصائص هذا الإعلام وخصائص المتلقي.
1. خصائص الإعلام المهدوي
ينقسم الإعلام المهدوي حسب:
اللغة
هناك سيطرة للغة العربية واللغة الفارسية بالإعلام المهدوي، مع العلم ان المجال الجغرافي للعرب والمتكلمين باللغة الفارسية هو صغير، مقارنة مع مجموع المساحة الجغرافية العالمية.
مع حضور خجول لإعلام ناطق بالانجليزي والفرنسي والتركي ولغات اخرى.
الجغرافيا
دولة ايران، العراق، لبنان، سوريا، الكويت، بلدان اخرى يصدر منها البث او مواقع أنترنت بلغات اخرى مثل فرنسا وابريطانيا.
واذا تم احصاء هذا الإعلام فان الغلبة فيه لايران والعراق (الفارسي والعربي)
اذا كان إعلام الاتجاه الإسلامي لا يشكل الا جزء قليل من الإعلام العالمي فماذا يشكل الإعلام المهدوي من الإعلام العالمي
من فقر إعلامنا انه لا تتوفر دراسة عن واقع وخصائص الإعلام الشيعي ـ فاتمنى لو ان هناك بحثا او دراسة حقيقية يقوم بها إعلامي متمرس يظهر فيها كمية للإعلام المهدوي حتى يظهر الامر ملموسا على نذر وقلة إعلامنا.
ان يتم عد الساعات التي تخصها القنوات كاملة للإعلام المهدوي في اليوم او الاسبوع، ويتم تقسيمها حسب اللغات، وان تتم مقارنتها على حسب القنوات الشيعية؛ وحبذا لو يتم وضع استبيان بالأنترنت للمشاهدين عن ارائهم في تلك البرامج وهل تنال مشاهدتهم وتقدريهم.
ويخلص في النهاية باستناتاجات واجابات عن الاسئلة التالية:
ـ هل تلك الساعات ترقى الى مستوى كثرة تلك القنوات
ـ وهل تلك اللغات تسد حاجة مجموع ـ ولو الشعوب اصحاب اللغات الأساسية
ساتوقف هنا عن اهمية اللغة؛ يقول بول موفلان، أحد كبار اليسوعيين الفرنسيين "إن تعليم الناس لغتنا لا يعني مجرد أن تألف ألسنتهم وآذانهم الصوت الفرنسي، بل أنه يعني فتح عقولهم وقلوبهم على الأفكار وعلى العواطف الفرنسية حتى نجعل منهم فرنسيين من زاوية ما. إن هذه السياسة تؤدي إلى فتح بلد بواسطة اللغة"
ولنعطي مثالا عن الإعلام الصهيوني داخل إسرائيل والموجه إلى الوطن العربي، لنرى استراتيجية الشمول التي يريد ان يحققها على مستوى الشعوب؛ فالاذاعة الاسرائيلية "صوت إسرائيل، مؤسسة مستقلة مرتبطة مباشرة برئيس الوزراء. تذيع على 15 موجة من أربع محطات في 11 لغة ولمدة 267 ساعة في الأسبوع بمعدل 38 ساعة يومياً، ويلاحظ أن من بين تلك اللغات التي تبث فيها اللغة الإيرانية (وهي موجهة إلى الإيرانيين في بلادهم وإلى طلبتهم في الخارج) واللغة السواحيلية التي تتكلمها قبائل كثيرة في شرق أفريقيا. وهي تذيع برامجها العربية لمدة سبع ساعات يومياً وتشتمل على ست نشرات إخبارية وشريط أنباء وبرامج ترفيهية وتعليقات سياسية".
إذاعة إسرائيل (صوت إسرائيل من أورشليم القدس) تقدم يومياً وعلى مدى ثمانية عشر ساعة وربع الساعة برامج إخبارية وثقافية وفنية باللغة العربية. بينما لا يزيد ما تذيعه كل الاذاعات العربية باللغة العبرية عن تسع ساعات ونصف إلى جانب اللغة العربية توجه إذاعة إسرائيل برامج إلى العالم بأربعة عشر لغة منها: الانكليزية، والفرنسية، والبرتغالية، والاسبانية، والفارسية، والروسية، والهنغارية، والجيورجيانية، والبيرشية، والبورشاراتية.
ـ وهل تلك البرامج ترقى الى مستوى تطلعات الفرد المهدوي
ـ واخيرا وليس اخيرا يتم مقارنتها بمجموع الإعلام الاخر ـ الهدام
اعتقد فان الاحصاءات ستظهر خجولة وخجولة جدا، لكن لكي نعالج مرضا ما فلابد من تشخيص العلة، هذه قاعدة تصلح لكل شيء نسعى لتطويره والرقي بمضمونه حتى يمكن ان نتنبأ بالنتائج المراد تحصيلها .
2. خصائص المتلقي
الإعلام الإسلامي كمرسل له ثلات اصناف من المتلقين لرسالته او خطابه
ـ اما مع تيار الافكار الذي يبث له رسالته
ـ او ضد ذلك الاتجاه
ـ او باحث يرجو النجاة
ـ او شخص عابر يبحث عن ما يقضي به وقته.
فالعصر الذي نعيشه يمتاز بكثرة المعلومات وتوفرها وتنوعها والسيطرة لمن يلفت الانتباه اكثر.
اذن فالإعلام المهدوي يجب ان تكون له اَليات لاستقطاب ما يستطيع من هؤلاء المتلقين للخطاب.
هذه الاَليات تتلخص في: اَليات مادية وبشرية ومناهج واستراتيجيات إعلامية.
الاَليات المادية
لاجل تمويل المشاريع الإعلامية وهي اول الاَليات، لان بها يتم الترويج للخطاب المهدوي، وبها يتم الرفع من مستوى التغطية الجغرافية بالإعلام المهدوي، وحتى لا تكون المادة عائقا في مستوى بلوغ ما يصبو اليه هذا الإعلام.
الاَليات البشرية
هم الناطقون باسم الإعلام المهدوي لذا لا بد ان يكونوا اهلا لهذا المركز؛ اذ يمكن اختصار مواصفات السلوك المهني الإعلامي في ثلاث: قوة المعرفة، القدرة على التحكم الذاتي، الشعور بالمسؤولية تجاه الرأي العام. إن ممارسة الإعلام لا تعني أو يجب أن لا تعني، إدعاء هذه المواصفات فقط، بل ممارستها في الدرجة الأولى.
والمناهج والاستراتيجيات الإعلامية
هذه المناهج يجب ان تكون في مستوى الفكرة المهدوية المراد طرحها بالإعلام، لا يكفي ان يقف الخطاب الإعلامي في حدود السرد واعادة طرح الافكار بدون دراسة طرق طرحها، ودراسة تطور الاوضاع وتطور تكيف الناس مع الافكار، لذا يجب ان يساير الإعلام المهدوي النضج في الافكار . فما طرح بالسنة الماضية لا يجب الوقوف عنده كل سنة بل لا بد من التقدم في الطروحات.
كما لا بد من مراعاة المتلقين للخطاب المهدوي وخصائصهم، فالناس في الفهم درجات فقد قام عيسى بن مريم خطيبا في بني إسرائيل فقال: "يا بني إسرائيل، لاتحدثوا الجهال بالحكمة فتظلموها، ولا تمنعوها أهلها فتظلموهم"، وما يصلح لهذا قد لا يصلح لغيره وما يناسب هذه الفئة لا يناسب غيرها، كما ان الوسط يفرض على الناس تقبل خطابا او رفضه، يقول الشهيد علي شريعتي في كتاب سيماء محمد يقول: ان جاهلا مثل سبارتاكوس اجدى للغرب وانفع من مجمع علمي اكاديمي حافل برجال كسقراط وافلاطون وارسطو . كما ان رجلا عربيا بدويا كابي ذر الغفاري لانفع للشرق من مئات من ابن سينا وابن رشد وملا صدرا.
وهذا ما يفسر لنا لم ان الشهيد الصدر بعظمة افكاره لم يسقط طاغية بينما الشهيد محمد البوعزيزي ذلك الانسان البسيط في حياته وافكاره وعلمه استطاع ان يسقط طاغية.
ففهم الاخر للامور والخطاب والرسالة المرسلة اليه تتوقف على الاخر المتلقي للخطاب.
الاعلام المهدوي والإعلام المضاد: صراع يحد من تطور الخطاب المهدوي
1. الحرب الإعلامية ضد الإعلام المهدوي
تحاصر المعلومات الإنسان ومازالت تحاصره بواسطة وسائل عدة، ففي كل يوم نتوصل بكم هائل من المعلومات يصعب علينا في كثير من الأحيان التعامل معها، وذلك بسبب كثرتها وبسبب تداخلها وتنوعها وتناقضها في كثير من الاحيان، فيضيع الفرد بينها.
فاذا ما نظرنا الى الرسالة الإسلامية ايا كانت ـ فان المتلقي المسلم الذي لا يهمه ان يتلقى الا ما يفيده في دينه ودنياه بغض النظر عن توجهات المرسل، فانه يضيع بكثرة ما يرى ويسمع حتى يتيه في بحر من الافكار المتناقضة يصل به الحد ان كان ذا ثقافة متوسطة الى ان يكفر بكل الافكار ويغير نمط إعلامه الى إعلام للتسلية ـ وما اكثر وجوده.
وغالبا ما توّظف القوى المناهضة للإعلام المهدوي، أموالا طائلة لجعل الإعلام في خدمتها، وتحسين صورتها أمام الملأ، وتزييف الحقائق لصالحها، من اجل السيطرة على الإعلام، وتوجيهه تبعا لمصالحها واهدافها، فتدفعه كي يحرّف الحقائق، ويتحول من وسيلة صادقة ومؤثرة، الى دعاية لا تمت للإعلام الحقيقي بصلة.
يقول الأمام الشيرازي في هذا الصدد بالكتاب نفسه كتابه ـ الموسوم بـ (الفقه: الاجتماع ج1): (الدعاية السيئة تلبس الحق بالباطل، وتزيف الحقائق، وتستفيد من جهل الناس، فتحملهم الأباطيل في صورة حقائق، سواء في العقيدة، أو في العمل، أو في البضاعة، أو في غيرها، وأخشى ما يخشى منه الدعائي هو النور، حيث يظهر الزيف عن الواقع).
وهذا هو نهج التيارات الفاسدة التي لا تريد الخير للناس، ولا تسمح لها بالاستفادة من وسائل الإتصال الحديثة، إلا بالقدر الذي يخدم التيار لا اكثر، فلجأت الى طرق التزييف والالتفاف على الحقائق، وتحول الإعلام الى أبواق ودعاية تخدم السلطة أولا، وتحاول خداع الناس بخلط الباطل بالصحيح، حتى ينخدع السامع والقارئ والناظر بالصحيح الموجود في البين، فيظن أن كل ما يرى ويسمح صحيح.. إلى غير ذلك من الأساليب، وهي تظن انها تحسن صنعا، لان سر بقائها في جهل الناس، ولو علموا لانفضوا عنهم.
وعموما فان وسائل الإعلام في تعاملها مع الإعلام المضاد، تستخدم ثلاثة عناصر أساسية، هي:"المهاجم" و"المدافع" و"المعلومات وأنظمتها". وبناءً على ذلك هناك نوعين من الحروب المعلوماتية ـ ان صح التعبير ـ هي:"الحرب المعلوماتية الهجومية"، و"الحرب المعلوماتية الدفاعية" .
الحرب المعلوماتية الهجومية: تستهدف معلومات معينة أو نظم معلومات عند الطرف المراد مهاجمته "المدافع" وذلك لزيادة قيمة تلك المعلومات أو نظمها بالنسبة للمهاجم أو تقليل قيمتها بالنسبة للمدافع أو بهما جميعاً. أما قيمة المعلومات ونظمها فهي مقياس لمقدار تحكم واستحواذ المهاجم (او المدافع) بالمعلومات ونظمها.
الحرب المعلوماتية الدفاعية: وهي تشمل جميع الوسائل الوقائية المتوفرة "للحد" من أعمال التخريب التي قد تتعرض لها نظم المعلومات.
والإعلام المهدوي في حربه الناعمة الدفاعية يواجه على مستويين، الاولى كونه إعلاما اسلاميا يدافع عن هويته الدينية في وجه الإعلام الغربي والإعلام المائع، والثاني كونه إعلاما مهدويا يدافع عن هويته العقائدية وبالتالي يعاني من التهجم من طرف الإعلام الناصبي الذي يكن له العداء اكثر مما يكنه الى الإعلام الغربي والمائع، حتى اصبح الشغل الشاغل له، وبات الإعلام الغربي في استراحة من اي نزعة ضده.
من هنا فإن أول خاصية للإعلام الشيعي هو أنه إعلام دفاعي. ينطلق من رد فعل، مما جعله في الماضي، ويجعله في الحاضر، على تماس دائم مع شعور بالاستعداء، متوثباً للرد من قاعدة هذا الشعور، الأمر الذي يسهل استدراجه إلى الزاوية التي يصور بها على أنه إعلام متشنج، وأنه أسير مواقف تقوم على الشك والإدانة.
وما يعانيه الإعلام المهدوي من عداء الثاني هو اصعب في المواجهة من الإعلام الغربي، كون الإعلام الناصبي هو إعلام اسلامي في ظاهره مما يصعب في مواجهته؛ معيدين وجه التاريخ في شكل حروب ناعمة بدل حروب السيف، وتظهر اللافتات كلها اسلامية والأزمة عقائدية.
وبالتالي فالإعلام المهدوي يحتاج الى طريقين في عرض مادته، واحدة تستهدف العالم الإسلامي المشترك معه في الاساس والاخرى العالم المختلف عنه جذريا.
الإعلام المهدوي من اسسه يجب ان يكون عالميا وليس فقط دوليا او عربيا او قاريا.
معركة الإعلام المهدوي مع الإعلام الغربي والناصبي تختلف؛ فالإعلام الغربي يمارس سياسة التغطية على الإعلام المهدوي بكثرة ما يعرض من قضايا سواء تهم الفرد الغربي او تلهيه بدنياه وتسليه وهو ما يطال حتى الفرد المسلم.
بينما الإعلام الناصبي يمارس سياسة التضليل وهو اخطر، بحيث يؤدي الى فصل ومنع الناس من الاستماع اصلا او حتى مجرد التفكير في مشاهدة البرامج المتعلقة بقضايا التمهيد كما يراكم الاحقاد، بينما الإعلام الغربي لا يمارس هذه السياسة العدوانية - اللهم ما كان من الإعلام اليهودي او المسيحي المتطرف في حربهم ضد الاسلام والمسلمين ككل بدون تعيين اي طائفة.
يستخدم الإعلام الناصبي في حروبه الإعلامية كل الوسائل، فهو يقوم بتشويه
قضايا التمهيد بالإعلام الفاسد ومحاولة عرضها بصورة البدع واستغلالهم في ذلك بعض الاحاديث الموجودة بكتبهم او عند إعلام فقهائهم متخدين سذاجة الناس في تصديقها، وهو ليس حديث العهد بسياسة التضليل فقد مورس منذ ايام معاوية حينما كان يستغل جهل الناس ليقدم صورة الأمام علي ومن معه بانهم خارجون عن الدين ويجب الجهاد ضدهم.
والامر اليوم اشبه بالبارحة، فالإعلام الناصبي خاصة لا يكف في كل خططه من التعرض الى العقائد المهدوية، ففي كل برنامج وكل اعلان وكل تقديم وكل تحليل وكل كتاب الا ويتم التعرض بسوء للعقائد المهدوية، حيث يتم زرع النفور ـ تلقائيا وبدون ان يشعر المتلقي ـ لديه وحقنه بحقن سامة تجاه هذه الطائفة، وتربية اجيال لا تستطيع حتى ان تفتح عقلها لاجل البحث عن حقائق الامور او رؤيتها رؤية واضحة .
ومن هنا يطرح امامنا قضية اكثر عمقا، وهي: كيف ينظر المجتمع الغير الممهد قضايا التمهيد بالإعلام ؟ وكيف يمكن ان يتم عرض الخطاب له لاجل استيعابه وقبول ولو مبدئيا الاصغاء.
وهنا نضيف للإعلام المهدوي واحدة من مهامه الأساسية ـ وهي ان يفكر في طرق ايصال الافكار التمهيدية الى كل المجتمعات خاصة الإسلامية منها بكل طوائفها.
وهنا القي اللوم على بعض المنابر الإعلامية واقول، لم يتجاهل هذا الإعلام هذه النقاط ولم لا يستغل اقبال هذه الفئة على مشاهدة برامجه دون ان يثير في هذه المجتمعات هذه الافكار؟
صحيح ان هناك بعض المنابر الإعلامية التي اصبحت تقدم برامج قيمة والتي اصبحت تنال رضى وتقييم كل فرد يحترم الفكر، لكنها ليست كافية، اذ لا بد من المزيد.
2. نهضوية الإعلام المهدوي
بعد ان حددنا رؤى الإعلام المضاد ـ وهي غير كافية اذ لا بد من دراسة خصائص هذا الإعلام وخططه واستراتيجية عمله، حتى يمكن ان يتم دراسة خطة مضادة له؛ الامر اشبه بساحة المعركة، فلابد من معرفة نقاط القوة والضعف للاخر حتى يتم تجنبه والتصدي على حسب ما يتطلبه الوضع المصلحي، وهذا الأمر هو متروك للإعلاميين ـ لأن أهل مكة أدرى بشعابها، لكنني وباستحياء سأقدم بعض النقاط في هذا العنوان استكمالا للعمل.
اذن؛ للرفع بالإعلام المهدوي او نهضوية الخطاب المهدوي، لابد من:
ـ العمل على اعتماد سياسة دائمة للتكوين والتدريب النظري والعملي
ـ العمل على فهم أنواع الإعلام ومستوياته (أي الإعلام الموجه إلى صانعي القرار وقادة الرأي ... من جهة، وإلى الجماهير بفئاتها المختلفة من جهة أخرى).
ـ العمل على فهم طبيعة المعركة وفهم استراتيجية الخصوم.
ـ العمل على ضرورة إيجاد استراتيجية نهضوية للخطاب المهدوي وان تكون متوازنة ومتكاملة لصراع الافكار ضمن عملية التوزيع الاستراتيجي للإعلام الإسلامي، وهذا يتطلب دراسة وفهم نقدي شامل للاستراتيجية الدعائية للإعلام في جميع جوانبها.
ـ العمل على الهدف الاستراتيجي النهائي وعدم الوقوع في شرك الاحداث الموسمية السلبية للواقع الإسلامي كالتركيز على وقائع جانبية ونسيان الاهداف المركزية والأساسية، ـ مثلما يقع في التعاطي مع بعض القنوات او الاصوات خلال تهجمها على رموز محترمة او مقدسات للشيعة.
ـ التخطيط للعمل المشترك سواء على مستوى انجاز برامج قيمة، او على مستوى ترجمتها لجميع اللغات الرئيسية، لان التعدد في المنابر الإعلامية لم يعطي النتائج بقدر تعددها، فلو قمنا بعد مجموع البرامج التي لها اهمية فهي اقل بكثير من مجموع القنوات الموجودة - لذا لو يتم توحيد مجموعة من القنوات بقناة واحدة وتكثف من عملها قد تعطي نتيجة افضل مما هي عليه، وأن يتم انجاز برنامج واحد مشترك فحتما سيكون افضل من عدة برامج لا تستهلك الا الوقت والجهد. وان يتم ترجمة البرامج الجيدة بجميع اللغات وتقديمها بكل القنوات
حتى تعم الفائدة بدل العمل على برامج لا تقدم شيئا سوى استهلاك المزيد من الوقت والجهد ايضا.
ـ ابراز الرسالة السياسية: لو اصبحت الرسالة اكثر بروزا وظهورا وتم اغراق وسائل الإعلام بها اكثر من الرسائل المنافسة لها، فمن المحتمل ان يكون لها نصيب كبير في تكوين فكر الافراد وتصوراتهم.
ـ احاطة الرسالة بسياج من المصداقية وذلك عن طريق استخدام الحجج المنطقية او الاستمالات العاطفية او هما معا.
ومن المهم هنا التأكيد على حقيقين عامتين. الحقيقة الأولى هي أن الإعلام ليس مضموناً فقط، إنه شكل أيضاً. ففي الصحافة لا يكفي أن تكون المادة (خبراً أو تعليقاً) جيدة، بل المهم أن تكتب بشكل جيد. وأن يعنون لها بشكل جيد. وأن تطبع بشكل جيد وعلى ورق جيد وفي مكان مناسب.
وفي الاذاعة لا بد من مراعاة الصوت الجيد، والنطق الجيد، ولا بد من اختيار التوقيت الجيد للبث.
وفي التلفزة لا بد من الاهتمام بالمظهر الجيد والإلقاء الجيد والصورة الواضحة، فكم من موضوع مهم تشوهه كتابة سيئة، أو صوت نشاز، أو عرض منفر .
خاتمة
بعد هذا العرض للإعلام المهدوي، الذي رغم الأزمة التي يتواجد فيها إلا أن هذا لا يحد من طموحاته إلى الأفضل وسعيه في تحسين أدائه ليس فحسب على المستوى الاسلامي – بل على المستوى العالمي.
وبالتالي هل يمكن ان نصل يوما بإعلامنا المهدوي الى حدود عولمة هذا الإعلام، حتى يتم تحقيق أبرز الأهداف التي يطمح لها أي مجتمع او طائفة، خاصة أن قضيتنا هي قضية عالمية وليست دينية او طائفية.
ولكن علينا الانتباه وسط هذا الطموح في تحسين اداء الاعلام المهدوي ليصير الى درجة الإعلام الهادف؛ فإنه يضل وسيلة وليس هدف، ترى ألا يهتم بعض الأطباء بالطب كعلم أكثر من اهتمامهم أحياناً بالمريض كإنسان؟ . ألا يعني ذلك تحويل الوسيلة إلى هدف؟ فالانسان هو الهدف؛ لدى لا يجب اغفال خصائص هذا الانسان الذي نتعامل معه، والذي يجب ان نوصل اليه بعض الافكار.
لذا لا بد من الحرص بالإعلام المهدوي على:
1. تطوير المستوى الثقافي العام.
2. تأكيد الوعي الإجتماعي وتنميته.
3. قيام رأي عام مهدوي.
إن تحقيق هذه الأمور لا يؤدي فقط إلى إعلام نهضوي، ولكنه يؤدي ربما إلى أكثر من ذلك. إلى تحرير الفرد المهدوي نفسه من كل الأمراض التي يعاني منها، وهذا ما نصبو الى تحقيقه.
https://ayandehroshan.ir/vdcg.x9qrak9xzpr4a.html
ارسال نظر
نام شما
آدرس ايميل شما