تاریخ انتشاردوشنبه ۱۲ مرداد ۱۳۹۴ ساعت ۰۹:۳۰
کد مطلب : ۱۲۰۵
۴
plusresetminus
معالم شخصية الإمام المهدي المخلص _ عجل الله فرجه _ و نظامه الأخلاقي المميز في وسائل الإعلام المختلفة
الدكتور خالد رمزي سالم كريم

مقدمة
الحمدلله الملك الجواد.. الهادي الى سبل الرشاد.. الذي خلق الخلق كما أراد .. وجعل الأرض مهاداً.. والجبال أوتاداً.. وأنزل من السماء ماء مباركا .. لتخرج به الأرض زرعاً ونباتاً .. وأنعم علينا بنعم كثيرة لا تحصيها الأعداد.. وأشهد ألّا إله إلا الله وحده لا شريك له .. المنزه عن الصاحبة والأولاد .. شهادةً أدخرها ليوم الميعاد.. وأستعين بها على الكرب والشداد .. وأشهد أن محمدا عبده صلى الله عليه وسلم وآله الطيبين الطاهرين .. الذي جعله الله بركة ورحمة للعباد ... أما بعد:
فهذه شريعة الله تعالى أنزلها لخلقه .. لتؤخذ أحكامها وتُطبق في شتى الميادين .. فإنْ طلب أحد العباد السعادة في غيرها .. ضل وشقي .. وخرج منها صفر اليدين ملجوما بالخسارة والذلة.. ومن أيقن أنها نعمة من الخالق .. ووطَن نفسه على عمل ما يحب الرب جلّ جلاله .. نال رضاه وأحبه .. وكان من الفائزين .. يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من آتى الله بقلب سليم .
أما بعد ...
فمن نعمّ الله تعالى عليّ أن هيأ لي المشاركة بمؤتمر العقيدة المهدوية العاشر في العاصمة الإيرانية الغالية طهران، والذي يدل بلا مجاملة ولا نفاق أن الجمهورية الإسلامية الإيرانية رائدة الحركة الفكرية الثقافية الإسلامية بلا منازع، فالاهتمام بالعقيدة المهدوية تأصيلا و دراسة و تمحيصا وبحثا وبشتى المجالات التربوية منها والإعلامية و الأخلاقية ،وخلق جيل مسلم من دعاة الوسطية والاعتدال يتهعد حملها ونقلها ونشرها بين شتى أبناء المعمورة تبشيرا بمخلص وهادم للظم وناشرا للرحمة والعدل والمحبة والسلام .
وكذا لا ينكر دور الحكومات الإيرانية المتعاقبة على الاهتمام بالاصلاح ومكافحة الفساد والتقريب بين المذاهب و ووضع معالم للصحوة وإلغاء التبعية الغربية الظالمة (الأمريكوصهيوني)، ذلك كله خرج بمبادرات إيرانية إسلامية هدفها جمع الكلمة وتوحيد الصف بوسائل شتى وأساليب مختلفة لتعاد للأمة العربية الإسلامية مكانتها وهيبتها على مستوى العالم أجمع ،لذا تستحق إيران حكومة وشعبا كل تقدير وثناء ومتابعة خطى، للوصول لكل مفيد نافع للأمة الإسلامية قاطبة .
ومن هنا كان الدافع للكتابة تعريف أبناء الأمة العربية الإسلامية جمعاء وكذا الإنسانية قاطبة بفكرة المخلص والمنقذ الإمام المهدي (عج) مبعثا وتربية وغاية ورسالة، لذا أخترت الكتابة بهذا الموضوع بالغ الأهمية، ويكاد يكون مطلب العصر الحديث لعلماء وشباب الأمة العربية والإسلامية على حد سواء ألا وهو " معالم شخصية الإمام المهدي المخلص و نظامه الأخلاقي المميز في وسائل الإعلام المختلفة "
نعم ليتسلح جيل اليوم، الشباب الفتي المندفع للإصلاح، ورفع الظلم، وإحقاق الحق، بفكر العقيدة المهدوية وفكرة الإمام المخلص ،والذي سيخلق جيلا من الشباب المسلم المميز مسلكا وثقافة وعقيدة .
ومن المعلوم أن ذلك لا يكون إلا بالسيطرة على الإعلام وتوجيهه بما يخدم فكرة الإعداد والظهور للإمام المنتظر المهدي (ع)، ناصب العدل، ورافع الظلم، وكاسر شوكة الباطل . والأمر إعلاميا لا يؤتي ثماره بأسلوب العرض للمرة الواحدة ثم الاختفاء أمدا بعيدا أو العرض لبرنامج لفترة ثم الضمور ،بل لابدّ من وضع استراتيجيات إعلامية منضبطة مدروسة تعتمد المشورة من أهل الاختصاص والعقل والرأي مشتركين مجتمعين ،ثم توضع الخطط والأهداف لهذه المنظومة الإعلامية المتعلقة بأمر عقدي متفق عليه بين أهل السنة والشيعة معا وهو خروج الإمام المهدي (ع)، وصولا للتغير الشامل المطلوب بالواقع المعيشي للكون بأسره .
لذا ومع تسارع وتيرة الزمان وغدو العالم قرية صغيرة وسهولة أن يطلع المرء على ماعند الآخر من ثقافات و تراث وجب علينا أبناء الأمة الإسلامية قاطبة نقل فكرة المخلص الإمام المهدي عجل الله فرجه للإمم الأخرى ....وخير وسيلة منضبطة فاعلة مؤثرة هي الإعلام، وذلك وفق خطط ومنهجيات مدروسة آخذة بعين الأعتبار فكرة السيد المسيح مخلص المسيحية من الخطيئة، لذا أن تعرض معالم شخصية السيد المخلص المهدي (عج) للعالم قاطبة على شكل فيلم أو مسلسل، يبث حقيقة رسالته والغاية من بعثه ومقصد وجوده، فأن الأمر مدعاة للتفكر والإيمان به (ع) والتضرع بسرعة خروجه إنقاذا للبشرية جمعاء و إرساء للعدل والأمن والسلام .
وللعلم فإن لإيران الإسلامية بلد الثورة والصحوة الحقيقية ديّن ثقيل على كاهل الأمة العربية والإسلامية على حد سواء، وذاك لأنها أخذت زمام التوعية والتثقيف على مستوى دولي للأمة جمعاء، بأهمية العودة للدين عقيدة و تربية وتعاملا ومقاصد، منطلقا للحوار مع الآخر والتعاطي مع المستجدات، ودعت كذلك للتقريب بين المذاهب الإسلامية المختلفة، والتي تنحدر من مصدر واحد وإن اختلفت الأفهام وتنوعت الرؤى، وعملت كذا الجمهورية الإسلامية على طرح موضوع الصحوة الإسلامية بما له وعليه على طاولة النقاش واستدعت لذلك العلماء والمفكرين ورجال الإعلام والشباب وأشركت المرأة والشعر بما له وعليه، لتخرج من ضيق المفهوم إلى وحدة الصف ونبذ الخلاف ووضوح المعالم للأمة جمعاء .
أولا: صفات الإمام المهدي البدنية (عج)
لقد بلغ الاهتمام النبوي بالإمام المهدي (عج) إلى حد ذكر صفاته البدنية تفصيلاً وبما يميزه عن جميع الناس، وبالتالي، فإن هذه الصفات _ ومنها ما هو غير موجود إلا في الإمام المهدي ستكون سبيلاً مهماً جداً للتعرف عليه، وعدم الاشتباه في حقيقته فيما لو ادعى شخص المهدوية، فينقطع بذلك السبيل على من تسول له نفسه ادعاءها، وعلى كل حال، فالروايات الشريفة ذكرت صفات الإمام المهدي (عج) تفصيلاً، ويمكن أن ننوع الصفات المذكورة في الروايات إلى أنواع خمسة، نستعرضها أولاً، وباتضاحها سيتضح بعض الروايات الواردة في صفاته (عج) مما سنذكره في خاتمة المطاف :
النوع الأول: الصفات العامة لجسمه الشريف
وهنا قالت الروايات بأن جسم الإمام المهدي (عج) متناسق جداً، وفيه كل حيثيات القوة الشديدة والجمال الإلهي، حتى أنه لو صاح بجبل لتدكدك، ومن هذا القبيل ما ورد عن الإمام الرضا (ع) :- (بأبي وأمي شبيهي وشبيه موسى بن عمران)، أي أن جسم الإمام المهدي (عج) يشبه جسم النبي موسى (عليه وعلى نبينا وآله السلام) من حيث التناسق والقوة البدنية، إذ من المعروف أن النبي موسى (عليه وعلى نبينا وآله السلام) كان معروفا بالقوة البدنية، ويمكن لنا أن نتعرف على قوة موسى (ع) البدنية من خلال موقفين :
الموقف الأول
عندما وكز موسى القبطي فقضى عليه بضربة واحدة، ولم يكن قاصداً لقتله، ولكن قوة الضربة قتلته .
واللطيف في هذا أن موسى (ع) اعتبر هذه القوة نعمة، وهي أمانة عنده، و أداؤها يكون بتقييدها لنصرة المظلومين، يقول تعالى حكاية عن موسى "قال رب بما أنعمت عليَّ فلن أكون ظهيراً للمجرمين"
الموقف الثاني
عندما سقى لابنتي شعيب (ويقال إن موسى (ع) حين اقترب من البئر لام الرعاء، قال :-أي أناس أنتم، لا همَّ لكم إلا أنفسكم !وهاتان البنتان جالستان! ففسحوا له المجال وقالوا له: هلم واملأ الدلو، وكانوا يعلمون أن هذا الدلو حين تمتلئ لا يستخرجها إلا عشرة أنفار من البئر، ولكن موسى (ع) بالرغم من تعب المسير في الطريق والجوع، ملأ الدلو وسحبها بنفسه وسقى أغنام المرأتين جميعها..)
ومن هنا نعرف مقصود الروايات التي عبرت عن جسم الإمام المهدي بأنه (الجسم جسم إسرائيلي واللون لون عربي)، فإن المقصود من الجسم الإسرائيلي هو جسم النبي موسى (عليه وعلى نبينا وآله السلام) .
وفي هذا النوع نجد أن الروايات الشريفة تصف جسمه (عج) بأنه (لا هو بالطويل الشامخ ولا بالقصير اللازق) بل هو مربوع القامة يميل إلى الطول .
وكذلك نجدها تقول أنه يخرج حين يخرج ويراه الرائي فيظنه ابن ثلاثين أو أربعين سنة، وهذا الأمر سيكون من فتن الظهور أجارنا الله تعالى من مضلات الفتن .
النوع الثاني: تفاصيل رأسه ووجهه الشريف
وندرج هذا النوع ضمن عدة نقاط :
1 / شعره (عج) حسن يسيل على منكبيه، وهو شعر أجعد، أي ليس في غاية الاسترسال.
2 / برأسه داء الحزاز، وهو ما نسميه عرفاً بـ (القشرة) التي تظهر على شكل حبيبات بيضاء على الرأس خصوصاً في فصل الشتاء .
3 / أجلى الجبين: أي أن جبينه المبارك واسع وصافي يسطع نوره وبهاؤه .
4 / مشرف الحاجبين: أي أن حاجبيه المباركين طويلان مستديران، كثيفا الشعر من وسطهما، ملتقيان من طرفيهما الداخليين . وهما مرتفعان عن العينين، وارتفاعهما يُعزى _ والله العالم _ إلى أن عينيه غائرتان .
5 / وقد وردت عدة صفات لعينيه (عج)، وهي أنه (غائر العينين) أي أن عينيه داخلتان في وجهه، وذلك من طول السهر تعبداً لله تعالى، ومن كثرة السجود والبكاء، وأنه (عج) (أقبل) أي واسع العينين، وهو معنى (أعين)، وورد أن بياض عينيه شديد البياض، وسوادهما شديد السواد، وهذه الصفة هي أجمل صفة للعين .
وورد أنه (عج) كأنه ينظر إلى طرف أنفه، وهو كناية عن تواضعه وخشوعه وغضه للبصر .
6 / أقنى الأنف: أي أن أنفه المبارك فيه شيء من الطول، وتحدب من وسطه، ونهايته دقيقة، وهي صفات الأنف الجميل .
7 / أفلج الثنايا: أي أن أسنانه غير مصطكة وغير ملتقية وغير متراكبة بعضها على البعض الآخر، وهذه الصفة من الصفات العامة لدى جميع الأئمة (عليهم السلام) .
8 / إن لون وجهه الشريف هو لون عربي، أي لون حنطي يميل إلى البياض، مشرب بحمرة، أي ليس أحمر ولا أسمر، بل هو حنطي مشرب بحمرة .
9 / نور وجهه يعلو سواد شعر رأسه ولحيته .
10 / قالت الروايات: إنك لو نظرت إلى وجه الإمام (عج) لأخذ حسنه بمجامع قلبك، وهو ما عبرت عنه الروايات الشريفة بأنه (ابن الأرواع)، والأرواع جمع أروع، وهو من إذا نظرت إليه أعجبك منظره وأخذ حسنه بمجامع قلبك .
النوع الثالث: شامات الإمام المهدي (عج)
وقد ذكرت الروايات الشريفة أن للإمام المهدي (عج) عدة شامات مميزة، هي :
الشامة الأولى: شامة على خده الأيمن، وهي ما عبرت عنها الروايات بالخال في وجهه، أو بالأثر في وجهه، أو بالشامة في رأسه .
الشامة الثانية: شامة بفخذه اليمنى، وهو ما ذكرته الروايات صريحاً .
الشامة الثالثة: شامة على كتفه الأيسر، عبرت عنها الروايات بما يلي: (وشامة بين كتفيه من جانبه الأيسر، تحت كتفه الأيسر ورقة مثل ورق الآس) وورقة الآس حجمها كحجم عقدة من عقد الأصابع، بيضوية الشكل، فيكون لون تلك الشامة مميز عن لون البشرة، مائل إلى اللون القهوائي الفاتح .
الشامة الرابعة: وهي ما ذكرته الروايات الشريفة على أنها شامة تشبه الشامة التي في الكتف الأيمن للنبي الأكرم (ص)، التي هي ختم النبوة في كتفه (ص)، وهي شامة عريضة سوادها شديد، فيها شيء من البروز وشيء من الشعيرات، ومثلها ذكرت الروايات أنها موجودة في كتف الإمام المهدي (عج) الأيمن، والظاهر أنها تشير إلى أنه (عج) هو خاتم الأوصياء للنبي (ص) كما أن شامة النبي الأكرم (ص) كانت تشير إلى أنه (ص) هو خاتم الأنبياء والمرسلين .
النوع الرابع: تفاصيل جسمه الشريف (عج)
وما ذكرته الروايات هنا هو :
إنه (عج) بعيد ما بين المنكبين، وأنه (مبدح البطن) أي ضخم البطن، وأنه (أزيل _ أذيل _ الفخذين) أي عريض الفخذين ولا التقاء بينهما، وهما في غاية القوة، وأنه (عبل الذراعين) أي شديدهما .
وهذه الصفات متلازمة، فمن كان عريض المنكبين فلا بد أن يكون صدره واسعاً، وإذا كان الصدر واسعاً كانت البطن ضخمة، حتى تتلاءم مع الصدر، وإذا كانت البطن ضخمة فلا بد أن يكون الحوض الذي تعتمد البطن عليه عريضاً، وإذا كان الحوض عريضاً، فإن الفخذين مهما عظما فإنهما لا يلتقيان مع بعضهما، لتباعد مفصليهما لأنهما يكونان في طرفي الحوض .
النوع الخامس: روايات الشبه بالرسول الأكرم (ص)
وهنا أكدت الروايات الشريفة على شبه الإمام المهدي (عج) بالرسول الأكرم (ص) من حيث الخَلْق والخُلُق، كما ورد ذلك في رواية عن أمير المؤمنين (ع) ستعرفها بعد قليل، ولتوضيح هذا النوع نقول :
إن الإمام المهدي (عج) يشبه النبي الأكرم (ص) من حيث الخَلْق والخُلُق .
أما من حيث الخَلْق فمن جهتين :
الجهة الأولى: إنه كان لجسم النبي الأكرم (ص) خصائص تكوينية مختصة به (ص)، من قبيل أنه (ص) كان لا ظل له _ لشدة نورانية جسمه الشريف بما يصل إلى أنور من نور الشمس، وبالتالي لا يحصل لجسده الشريف ظل _ وأنه (ص) إذا مر بمكان، عرف الناس أنه (ص) أنه مر به، لما يتركه مروره من عرف زكي ورائحة عطرة، وهكذا لو مسح بيده على صبي، وأن بروزه كان لا يُرى لأن الأرض موكلة بابتلاعه، وأنه كان يرى من خلفه كما يرى من أمامه، وأنه كانت تناع عيناه ولا ينام قلبه، وغيرها من الخصائص المذكورة في محالها، وطبقاً لرواية أمير المؤمنين (ع) فإن هذه الخصائص التكوينية قد اتصف بها الإمام الحجة المنتظر (عج) .
الجهة الثانية: جهة المنظر الخارجي، فقد كان النبي الأكرم (ص) بديناً _ يميل إلى السمنة _ ضخم البطن، بعيد المنكبين، عريض الخامة، مربوع القامة، يميل إلى الطول، عبل الذراعين، وهذا ما سمعناه قبل قليل أنه من صفات الإمام المهدي (عج) .
وأما من حيث الخُلُق :
أي المشابهة بالأخلاق، فهذا من الأمور العامة لكل أهل البيت(عليهم السلام)، لأنهم(عليهم السلام) كانت أخلاقهم هي أخلاق النبي الأكرم (ص)، ولكن لظرف من الظروف السياسية أو الاجتماعية أو غيرها، كانت تبرز بعض الصفات على الأئمة بروزاً بحيث يشتهر الإمام بتلك الصفة، رغم تمتعه بقية الصفات الحميدة، فالإمام الحسن (ع) كريم، والإمام الحسين (ع)) شجاع، والإمام موسى بن جعفر(عليهما السلام) كاظم للغيظ، وهكذا، مع أنهم (عليهم السلام) كلهم كرماء شجعان كاظمين للغيظ نقيين تقيين ....
والروايات أكدت أن ما برز من صفات النبي الأكرم (ص) على الإمام المهدي (عج) هو صفة الحياء، فقد كان النبي الأكرم (ص) أحيى من الفتاة الحيية في خدرها، وقد تكرر هذا الوصف في الإمام المهدي (عج)، ومن كان حيياً فإن الناس تطمع في قضاء حوائجها منه، لأن حياءه يمنعه من رد أي أحد، فاطلب من إمامك ما شئت تجده مجيباً إن شاء الله تعالى .
سرد الروايات :
إذا عرفنا هذا التفصيل، تعال معي عزيزي المؤمن، لنطالع معاً بعض الروايات الشريفة الواردة في صفات الإمام المهدي (عج) وستجد فهمها إن شاء الله تعالى سهلاً بعد اطلاعك على التنويع والتفصيل المتقدم .
ففي رواية علي بن مهزيار ورؤيته للإمام المهدي (عج) يقول علي :
... فدخلت عليه (صلوات الله عليه) وهو جالس على نمط عليه نطع أديم أحمر متكئ على مسورة أديم، فسلمت عليه ورد علي السلام، ولمحته فرأيت وجهه مثل فلقة قمر، لا بالخرق ولا بالبزق، ولا بالطويل الشامخ، ولا بالقصير اللاصق، ممدود القامة، صلت الجبين، أزج الحاجبين، أدعج العينين، أقنى الانف سهل الخدين، على خده الأيمن خال . فلما أن بصرت به حار عقلي في نعته وصفته ...
وعن حذيفة بن اليمان، عن النبي (ص) أنه قال: المهدي من ولدي وجهه كالقمر الدري اللون لون عربي الجسم جسم إسرائيلي يملأ الأرض عدلا كما ملئت جورا يرضى بخلافته أهل السماوات وأهل الأرض والطير في الجو ...
وعن أبي بصير، عن أبي عبد الله (ع) أنه قال: لو خرج القائم لقد أنكره الناس، يرجع إليهم شابا موفقا فلا يلبث عليه إلا كل مؤمن أخذ الله ميثاقه في الذر الأول .
وعن أبي بصير، قال: " قال أبو جعفر (ع) أو أبو عبد الله (ع) - الشك من ابن عصام -: يا أبا محمد، بالقائم علامتان: شامة في رأسه، وداء الحزاز برأسه، وشامة بين كتفيه من جانبه الأيسر، تحت كتفه الأيسر ورقة مثل ورق الآس.
عن أبي وائل، قال: " نظر أمير المؤمنين علي إلى الحسين (عليهما السلام) فقال: إن ابني هذا سيد كما سماه رسول الله (ص) سيدا، وسيخرج الله من صلبه رجلا باسم نبيكم يشبهه في الخَلْق والخُلُق، يخرج على حين غفلة من الناس، وإماتة للحق، وإظهار للجور، والله لو لم يخرج لضربت عنقه، يفرح بخروجه أهل السماوات وسكانها، وهو رجل أجلى الجبين، أقنى الأنف، ضخم البطن، أزيل الفخذين، بفخذه اليمنى شامة، أفلج الثنايا، ويملأ الأرض عدلا كما ملئت ظلما وجورا " .
وعن حمران بن أعين، قال: " قلت لأبي جعفر الباقر (ع): جعلت فداك، إني قد دخلت المدينة وفي حقوي هميان فيه ألف دينار، وقد أعطيت الله عهدا أنني أنفقها ببابك دينارا دينارا، أو تجيبني فيما أسألك عنه . فقال: يا حمران، سل تجب، ولا تنفقن دنانيرك . فقلت: سألتك بقرابتك من رسول الله (ص) أنت صاحب هذا الأمر والقائم به ؟ قال: لا . قلت: فمن هو، بأبي أنت وأمي ؟
فقال: ذاك المشرب حمرة، الغائر العينين، المشرف الحاجبين، العريض ما بين المنكبين، برأسه حزاز، وبوجهه أثر، رحم الله موسى .
وفي رواية عن أمير المؤمنين (ع) يصف فيها المهدي (عج):
قال: هو شاب مربوع، حسن الوجه، حسن الشعر، يسيل شعره على منكبيه ونور وجهه يعلو سواد لحيته ورأسه، بأبي ابن خيرة الإماء .
ثانيا: أخلاق سيدنا الإمام المهدي (عج)
عاش أئمة أهل البيت (عليهم السلام) ظروفاً غاية في الحراجة، فلقد حوصروا وفرضت عليهم القيود، ولم تسمح الحكومات المتعاقبة لهم أن يبرزوا أكماهم وكانت الرقابة والمضايقات تزداد بمرور الزمن الى أن وصلت ذروتها في عهد الإمام الحسن العسكري الذي كتم ميلاد أبنه المهدي ثم راح يطلع على ذلك المقربين والمخلصين من أنصاره وأصدقائه، ولهذا فأن سيرة الإمام المهدي الذي عاش في غاية السرية ستكون متعددة الإبعاد وستكون شخصيته وسيرته مختلفة تماما عن آبائه وأجداده الطاهرين.
فقد أوردت الروايات أن الإمام عند ظهوره سيكون صارماً جداً إزاء الظالمين ولا تأخذه فيهم رحمة أبداً حتى أن الناس سيقولون : " الإمام المهدي ليس من آل محمد، لو كان من آل محمد لرحم " .
غير أن علينا أن نعلم بأن زمان ظهور الإمام سيكون فيه العدو الظالم ممسكاً بكل شيء، وأنه سيحارب بشده وقوة الإمام المهدي، وقد جاء في الحديث عن الإمام الصادق (ع)، قوله: " إن قائمنا إذا قام استقبل من جهلة الناس أشد مما استقبله رسول الله ’ من جهلة الجاهلية " . ولذا فان الإمام المهدي سيضطر اضطراراً إلى التوصل بالقوة والحرب وانتهاج النهج الثوري العنيف في التعامل مع الآخر الظالم، وعندما تهزم قوى الظلام والظلم، فان العدالة ستقام وسيبدأ عهد الرفاه والسلام والطمأنينة وفيما يلي مجموعة روايات تشير إلى سيرة وصفات وخلق الإمام الغائب على المستوى العالمي والإنساني.
عن أبي وابل قال: نظر أمير المؤمنين علي إلى الحسين فقال: إن ابني هذا سيد كما سمـاه رسول الله سيداً، وسيخرج الله من صلبه رجلاً باسم نبيكم يشبهه في الخلق والخلق.
وعن عبد الله بن عطاء عن شيخ من الفقهاء- يعني أبا عبد الله الصادق- قال: " سألته عن سيرة المهدي كيف سيرته؟ قال: يصنع ما صنع رسول الله " .
وعن ابن عباس عن النبي قال: التاسع منهم قائم أهل بيتي ومهدي أمتي أشبه الناس بي في شمائله وأقواله وأفعاله" .
وعن احمد بن إسحاق بن سعد قال: سمعت أبا محمد الحسن بن علي العسكري، يقول: " الحمد لله الذي لم يخرجني من الدنيا حتى أراني الخلف من بعدي أشبه الناس برسول الله خلقا وخلقا " . وعن قتادة قوله:" المهدي خير الناس .... محبوب الخلائق " .
وعن أمير المؤمنين علي (ع) عن النبي (ص)، قال:" آخرهم اسمـه على اسمـي يخرج فيملأ الأرض عدلاً كما ملئت جوراً وظلماً " .
وجاء في الإخبار إذا قام قائم أهل البيت قسم بالسوية وعدل في الرعية، فمن أطاعة فقد أطاع الله، ومن عصاه فقد عصى الله، وإنما سمي المهدي لأنه يهدي إلى أمر خفي .
وأنه يستخرج التوراة وسائر كتب الله عز وجل من غار بأنطاكية ويحكم بين أهل التوراة بالتوراة، وبين أهل الإنجيل بالإنجيل، وبين أهل الزبور بالزبور، وبين أهل القرآن بالقرآن، ويجمع إليه أموال الدنيا من بطن الأرض وظهرها، فيقول للناس: تعالوا إلى ما قطعتم فيه الأرحام، وسفكتم فيه الدماء الحرام، وركبتم فيه ما حرم الله عز وجل، فيعطي شيئاً لم يعطه أحد كان قبله، يملأ الأرض عدلاً وقسطاً ونورا كما ملئت ظلماً وجوراً وشراً.
وعن عبد الله بن سنان قال: سمـعت أبا عبد الله (ع) يقول: كانت عصى موسى قضيب آس من غرس الجنة، أتاه بها جبرائيل (ع) لما توجه تلقاء مدين وهي تابوت آدم في بحيرة طبرية ولن يبليا ولن يتغيرا حتى يخرجها القائم إذا قام .
وعن أبي جعفر (ع) قال: إذا ظهر القائم (ع) ظهر براية رسول الله ’ وخاتم سليمان، وحجر موسى وعصاه، ثم يأمر مناديه فينادي ألا لا يحمل رجل منكم طعاماً ولا شرباً ولا علفاً، فيقول أصحابه، إنه يريد أن يقتلنا، ويقتل دوابنا من الجوع والعطش، فيسير ويسيرون معه، فأول منزل ينزله يضرب بالحجر فينبع منه طعام وشراب وعلف، فيأكلون ويشربون ودوابهم حتى ينزلوا النجف بظهر الكوفة.
وعن النبي (ص) في حديث طويل يقول: ... ومناد ينادي هذا المهدي خليفة الله
فاتبعوه يملأ الأرض قسطاً وعدلاً كما ملئت جوراً وظلماً وذلك عندما تصير الدنيا هرجاً مرجاً ويغار بعضهم على بعض فلا الكبير يرحم الصغير ولا القوي يرحم الضعيف فحينئذ يأذن الله له الخروج .
وعن أبي جعفر(ع) في حديث طويل أنّه قال: إذا قام القائم (ع) سار إلى الكوفة، فيخرج منها بضعة عشر آلاف أنفس يدعون البتريّة عليهم السلام فيقولون له: ارجع من حيث جئت فلا حاجة لنا في بني فاطمة فيضع فيهم السيف حتّى يأتي على آخرهم، ثمَّ يدخل الكوفة، فيقتل بها كلِّ منافق مرتاب، ويهدم قصورها، ويقتل مقاتليها حتّى يرضى الله عزَّ وعلا.
وروى عليُّ بن عقبة، عن أبيه قال: إذا قام القائم حكم بالعدل، وارتفع في أيَّامه الجور، وأمنت به السبل، وأخرجت الأرض بركاتها، وردَّ كلَّ حقّ إلى أهله، ولم يبق أهل دين حتّى يظهروا الإسلام، ويعترفوا بالإيمان، أما سمعت الله سبحانه يقول: " وَلَهُ أَسْلَمَ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالأْرْضِ طَوْعاً وَكَرْهاً وَإِلَيْهِ يُرْجَعُونَ" .
السلام والأمن
وعن أبي عبد الله الصادق رحمه الله قال: أول شيء يظهر القائم من العدل أن ينادي مناديه أن يسلم صاحب النافلة لصاحب الفريضة الحجر الأسود والطواف .
وعن أمير المؤمنين علي (ع) قال: ...ولو قام قائمنا لخرجت الشحناء من قلوب العباد.
وقال الإمام الباقر رضي الله عنه : وحتى تخرج العجوز الضعيفة من المشرق تريد المغرب ولا ينهاها أحد .وجاء في الأثر وتأمن السبل .
عصر الرفاه
قال الإمام الباقر (ع): من أدرك أهل بيتي من ذي عاهة برأ ومن ذي ضعف قوى . وروى المفضل بن عمر قال: سمعت أبا عبد الله الصادق يقول: أن قائمنا أذا قام ويطلب الرجل منكم من يصله بماله ويأخذ من زكاته ولا يوجد أحد يقبل منه ذلك استغنى الناس بما رزقهم الله من فضله .
وعن الإمام علي أمير المؤمنين (ع)، قال: "يأتيه الرجل والمال كدس، فيقول يا مهدي: أعطني، فيقول: خذ .
وعن الإمام الباقر(ع) قال: إذا ظهر القائم ودخل الكوفة بعث الله تعالى من ظهر الكوفة سبعين ألف صديق فيكونون في أصحابه وأنصاره ويرد السواد الى أهله وهم أهله ويعطى الناس عطايا مرتين في السنة ويرزقهم في الشهر رزمتين ويسوي بين الناس حتى لا ترى محتاجاً الى الزكاة ويجيء أصحاب الزكاة بزكاتهم الى المحاويج من شيعته فلا يقبلونها فيصرونها ويدورون بها في دورهم فيخرجون إليهم فيقولون لا حاجة لنا في دراهمكم وساق الحديث الى أن قال ويجتمع إليه أموال أهل الدنيا كلها من بطن الأرض وظهرها فيقال للناس تعالوا
الى ما قطعتم في الأرحام وسفكتم في الدم الحرام وركبتم فيه المحارم فيعطي عطاء لم يعطه احد قبله . وجاء في الأحاديث: انه يحثو الماء حثواً ولا يعدّه .وقال رسول الله ويملأ قلوب امة محمد غنى .
رحمة للمؤمنين
وعن الإمام علي الرضا (ع): " سيكون رحمة للمؤمنين وعذاباً للكافرين» .
وعن الإمام علي بن الحسين قال: " إذا قام قائمنا اذهب الله عز وجل عن شيعتنا العاهة".
وعن الإمام الباقر (ع) " يوسع الله على شيعتنا ولولا ما يدركهم من السعادة لبغوا" .
وعن الإمام زين العابدين (ع)، قال:" إذا قام القائم اذهب الله عن كل مؤمن الحاجة ورد إليه قوته " .
وقال الإمام الصادق أيضا (ع): " حتى إذا قام القائم جاءت المزاملة ويأتي الرجل كيس أخيه فيأخذ حاجته لا يمنعه .
وعن الصادق (ع) عن آبائه عن النبي (ص)، قال: لما أسري بي الى ربي جل جلاله ... به انتقم من أعدائي وهو راحة لأوليائي وهو الذي يشفي قلوب شيعتك من الظالمين والجاحدين والكافرين .
نمو القدرات العقلية والأخلاقية
روى الإمام الصادق (ع) عن أبيه الباقر(ع)، قال: إذا قام قائمنا وضع يده على رؤوس العباد فجمع به عقولهم وأكمل به أخلاقهم .
عن أبي جعفر الباقر قال إذا قام قائمنا وضع يده على رؤوس العباد فجمع بها عقولهم وكملت بها أحلامهم .
وعن أبي الشامي قال: سمـعت أبا عبد الله الصادق (ع)، يقول: إن قائمنا إذا قام مد الله لشيعتنا في إسمـاعهم وإبصارهم حتى لا يكون بينهم وبين القائم بريد؛ يكلمهم فيسمعون وينظرون إليه وهو في مكانه .
عن أبان عن أبي عبد الله الصادق (ع)، قال: " العلم سبعة وعشرون حرفاً فجميع ما جاءت به الرسل حرفان فلم يعرف الناس حتى اليوم غير الحرفين فإذا قام قائمنا أخرج الخمسة وعشرين حرفاً فبثها في الناس وضم إليها الحرفين حتى يبعثها سبعة وعشرين حرفاً ".
وعن الإمام الصادق (ع) قال: " إن دولتنا آخر الدول ولم يبقَ أهل بيت لهم دولة إلا ملكوا قبلنا لئلا يقولون إذا رأوا سيرتنا إذا ملكنا سرنا بمثل سيرة هؤلاء وهو قول الله تعالى :" والعاقبة للمتقين".
ثالثا: صفات و مناقب الإمام المهدي (ع)
سيدمن سادة أهل الجنة
روي عن أنس بن مالك قال: سمعت رسول الله (ص) يقول: نحن ولد عبد المطلب سادة أهل الجنة، أنا، وحمزة، وعلي، وجعفر، والحسن، والحسين، والمهدي . ومثله الحاكم:3/211، وصححه على شرط مسلم، وفيه: أنا وعلي وجعفر وحمزة . وتاريخ بغداد:9/434، وفيه: نحن سبعة بنو عبد المطلب سادات أهل الجنة، أنا وعلي أخي وعمي حمزة وجعفر والحسن والحسين والمهدي). وتلخيص المتشابه:1/197، والفردوس:1/53، وفيه: بني المطلب سادة... ومناقب ابن المغازلي/48، وليس فيه المهدي (ع) . ومقتل الحسين للخوارزمي:1/108، عن أبي نعيم . وبيان الشافعي/488، كابن ماجة، وقال: هذا الحديث صحيح أخرجه ابن ماجة الحافظ في صحيحه كما سقناه، ورزقناه عالياً بحمد الله، وأخرجه الطبراني عن جعفر بن عمر الصباح، عن سعد بن عبد الحميد كما أخرجناه، ورواه أبو نعيم الحافظ في مناقب المهدي بطرق شتى .
وقال ابن الصديق المغربي/542: وقد وجدت ما يصلح أن يكون للحديث شاهداً، قال الطبراني في المعجم الصغير: حدثنا أحمد بن محمد بن العباس المري القنطري...عن أبي أيوب الأنصاري قال: قال رسول الله (ص) لفاطمة: نبينا خير الأنبياء وهو أبوك، وشهيدنا خير الشهداء وهو عم أبيك حمزة، ومنا من له جناحان يطير بهما في الجنة حيث يشاء وهو ابن عم أبيك جعفر، ومنا سبطا هذه الأمة الحسن والحسين وهما ابناك، ومنا المهدي.
وعن الأصبغ بن نباتة، قال: كنا مع علي بالبصرة، وهو على بغلة رسول الله، وقد اجتمع هو وأصحاب محمد فقال: ألا أخبركم بأفضل خلق الله عند الله يوم يجمع الرسل ؟ قلنا: بلى يا أمير المؤمنين، قال: أفضل الرسل محمد وإن أفضل الخلق بعدهم الأوصياء، وأفضل الأوصياء أنا، وأفضل الناس بعد الرسل والأوصياء الأسباط، وإن خير الأسباط سبطا نبيكم، يعني الحسن والحسين، وإن أفضل الخلق بعد الأسباط الشهداء، وإن أفضل الشهداء حمزة بن عبد المطلب قال ذلك النبي، وجعفر بن أبي طالب ذو الجناحين، مخضبان، بكرامة خص الله عز وجل بها نبيكم، والمهدي منا في آخر الزمان لم يكن في أمة من الأمم مهدى ينتظر غيره) . وعنه إثبات الهداة:3/574 .
وفي قرب الإسناد/13، عن أمير المؤمنين (ع) قال: منا سبعة خلقهم الله عز وجل لم يخلق في الأرض مثلهم: منا رسول الله (ص) سيد الأولين والآخرين وخاتم النبيين، ووصيه خير الوصيين وسبطاه خير الأسباط حسناً وحسيناً وسيد الشهداء حمزة عمه، ومن قد طار مع الملائكة جعفر، والقائم ) . وعنه البحار:22/275 .
أقول: كفى بهذا الحديث الشريف دليلاً على مكانة هؤلاء العظماء من أبناء عبد المطلب رضوان الله عليه، ومنهم الإمام المهدي (عليهم السلام)، فهو حديث بقوته ووضوحه حاكمٌ على كل ما رووه من أفضلية زيد وعمرو .
الإمام المهدي مختارٌ مصطفى من الله عز وجل
عن الإمام الصادق (ع) قال: خرج النبي (ص) ذات يوم وهو مستبشر يضحك سروراً، فقال له الناس: أضحك الله سنك يا رسول الله وزادك سروراً، فقال رسول الله (ص): إنه ليس من يوم ولا ليلة إلا ولي فيهما تحفة من الله، ألا وإن ربي أتحفني في يومي هذا بتحفة لم يتحفني بمثلها فيما مضى، إن جبرئيل أتاني فأقرأني من ربي السلام وقال: يا محمد إن الله عز وجل اختار من بني هاشم سبعة لم يخلق مثلهم فيمن مضى ولا يخلق مثلهم فيمن بقي، أنت يا رسول الله سيد النبيين، وعلي بن أبي طالب وصيك سيد الوصيين، والحسن والحسين سبطاك سيدا الأسباط، وحمزة عمك سيد الشهداء، وجعفر بن عمك الطيار في الجنة يطير مع الملائكة حيث يشاء، ومنكم القائم يصلي عيسى بن مريم خلفه إذا أهبطه الله إلى الأرض، من ذرية علي وفاطمة، من ولد الحسين.
وعن أبي أيوب الأنصاري أن رسول الله (ص) قال لفاطمة عليها السلام: إنا أهل بيت أعطينا سبع خصال لم يعطها أحد من الأولين قبلنا، ولا يدركها أحد من الآخرين غيرنا: نبينا خير الأنبياء وهو أبوك، ووصينا خير الأوصياء وهو بعلك، وشهيدنا خير الشهداء وهو حمزة عمك، ومن له جناحان يطير بهما في الجنة حيث يشاء وهو جعفر بن أبي طالب ابن عمك، ومنا سبطا هذه الأمة، ومهديهم ولدك.
وقال رسول الله (ص): إن الله عز وجل اختار من الأيام يوم الجمعة ومن الليالي ليلة القدر ومن الشهور شهر رمضان واختارني من الرسل، واختار مني علياً، واختار من علي الحسن والحسين، واختار منهما تسعة، تاسعهم قائمهم وهو ظاهرهم وهو باطنهم.
المهدي (ع) محدثٌ تحدثه الملائكة
جاء في تفسير القمي:2/65: " يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْماً ": قال: ما بين أيديهم ما مضى من أخبار الأنبياء وما خلفهم من أخبار القائم (ع)، وقوله:" وَعَنَتِ الْوُجُوهُ لِلْحَيِّ الْقَيُّومِ وَقَدْ خَابَ مَنْ حَمَلَ ظُلْماً "، أي ذلت . وأما قوله: " أَوْ يُحْدِثُ لَهُمْ ذِكْراً "، يعني ما يحدث من أمر القائم (ع)، وعنه البحار:51/46 .
أخذ الله الميثاق للمهدي (ع)
عن أبي جعفر (ع) قال: إن الله تبارك وتعالى حيث خلق الخلق خلق ماءً عذباً وماءً مالحاً أجاجاً فامتزج الماءان، فأخذ طيناً من أديم الأرض فعركه عركاً شديداً فقال لأصحاب اليمين وهم فيهم كالذر يدبون: إلى الجنة بسلام، وقال لأصحاب الشمال يدبون: إلى النار ولا أبالي. ثم قال: أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى شَهِدْنَا أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ، قال: ثم أخذ الميثاق على النبيين فقال أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ، ثم قال: وأن هذا محمد رسول الله وأن هذا علي أمير المؤمنين؟ قالوا: بلى . فثبتت لهم النبوة وأخذ الميثاق على أولي العزم ألا إني ربكم، ومحمد رسولي، وعلي أمير المؤمنين، وأوصياؤه من بعده ولاة أمري وخزان علمي، وأن المهدي أنتصر به لديني، وأظهر به دولتي، وأنتقم به من أعدائي، وأعبد به طوعاً وكرهاً ؟ قالوا: أقررنا وشهدنا يا رب . ولم يجحد آدم ولم يقر فثبتت العزيمة لهؤلاء الخمسة في المهدي، ولم يكن لآدم عزم على الإقرار به وهو قوله عز وجل: وَلَقَدْ عَهِدْنَا إِلَى آدَمَ مِنْ قَبْلُ فَنَسِيَ وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْماً . قال: إنما يعني فترك . ثم أمر ناراً فأججت فقال لأصحاب الشمال: أدخلوها فهابوها، وقال لأصحاب اليمين: أدخلوها فدخلوها فكانت عليهم برداً وسلاماً، فقال أصحاب الشمال: يا رب أقلنا، فقال: قد أقلتكم إذهبوا فادخلوها فهابوها، فثم ثبتت الطاعة والمعصية والولاية ). ومثله الكافي:2/8، بتفاوت يسير، ومختصر البصائر/154، وإثبات الهداة:1/461، والبحار:26/279 .
أقول: إذا صحت الرواية فينبغي أن تكون نسبة ذلك الى آدم (ع) قبل نزوله الى الدنيا، واجتباء الله له وجعله نبياً معصوماً (ع) .
المهدي أحد أربعة أمر الله نبيه (ص) بحبهم
وعن جابر بن عبد الله، عن النبي (ص): الجنة تشتاق إلى أربعة من أهلي، قد أحبهم الله وأمرني بحبهم: علي بن أبي طالب والحسن والحسين والمهدي الذي يصلي خلفه عيسى بن مريم . وعنه كشف الغمة:1/52 .
تُرافقهُ غمامةٌ تُظِلُّه وفيها ملَك
عن عبد الله بن عمرو قال: قال رسول الله (ص): يخرج المهدي على رأسه غمامة، فيها مناد ينادي: هذا المهدي خليفة الله فاتبعوه. وقال: هذا حديث حسن ما رويناه إلا من هذا الوجه، أخرجه أبو نعيم في مناقب المهدي (ع) . ومثله عقد الدرر/135، وفرائد السمطين:2/316 .
وعن عبد الله بن عمرو عن النبي (ص) قال: يخرج المهدي وعلى رأسه ملك ينادي إن هذا المهدي فاتبعوه) . ومثله بيان الشافعي/512، عن عبد الله بن عمرو، وقال: قلت: هذا حديث حسن روته الحفاظ والأئمة من أهل الحديث كأبي نعيم والطبراني وغيرهما .
و عن الحسين بن علي عليهم السلام قال: جاء رجل إلى أمير المؤمنين (ع)، فقال له: يا أمير المؤمنين نبئنا بمهديكم هذا ؟ فقال: إذا درج الدارجون وقلَّ المؤمنون وذهب المجلبون، فهناك هناك، فقال: يا أمير المؤمنين ممن الرجل ؟ فقال: من بني هاشم من ذروة طود العرب وبحر مغيضها إذا وردت، ومخفر أهلها إذا أُتيت، ومعدن صفوتها إذا اكتدرت، لايجبن إذا المنايا هكعت، ولا يخور إذا المنون اكتنعت، ولاينكل إذا الكماة اصطرعت، مشمرٌ مغلولب ظفرٌ ضرغامة، حصد مخدش ذكر، سيف من سيوف الله، رأس قثم، نشو رأسه في باذخ السؤدد وغارز مجده في أكرم المحتد، فلا يصرفنك عن بيعته صارف عارض ينوص إلى الفتنة كل مناص، إن قال فشر قائل وإن سكت فذو دعاير . ثم رجع إلى صفة المهدي (ع) فقال: أوسعكم كهفاً وأكثركم علماً وأوصلكم رحماً، اللهم فاجعل بعثه خروجاً من الغُمة، واجمع به شمل الأمة . فإن خار الله لك فاعزم ولا تنثنِ عنه إن وُفقت له، ولا تجوزنَّ عنه إن هديت إليه، هاه - وأومأ بيده إلى صدره- شوقاً إلى رؤيته). وعنه إثبات الهداة:3/537، والبحار:51/115.
تظهر على يده معجزات الأنبياء (عليهم السلام)
عن خلاد بن الصفار قال: سئل أبو عبد الله (ع) هل ولد القائم (ع) ؟فقال: لا، ولو أدركته لخدمته أيام حياتي). وعقد الدرر/160، والبحار:51/148.
يصلى رسول الله عيسى بن مريم خلفه
قال رسول الله صل الله عليه واله: " لا تزال طائفة من أمتي يقاتلون على الحق
ظاهرين إلى يوم القيامة . قال، فينزل عيسى بن مريم صلى الله عليه وسلم، فيقول أميرهم: تعال صل لنا .
فيقول: لا . إن بعضكم على بعض أمراء . تكرمة الله هذه الأمة "
الراوي: جابر بن عبدالله المحدث: مسلم - المصدر: صحيح مسلم - الصفحة أو الرقم: 156
قال رسول الله صل الله عليه واله: أن عيسى يصلي خلف إمام هذه الأمة
الراوي: - المحدث: ابن حجر العسقلاني - المصدر: الإصابة - الصفحة أو الرقم: 1/436
روى البخاري بسنده عن أبي هريرة قال: قال رسول الله (ص): «كيف أنتم إذا نزل ابن مريم فيكم وامامكم منكم».
أخرج أبو نعيم عن أبي سعيد قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم «منّا الذي يصلي عيسى بن مريم خلفه».
وأخرج أبو نعيم عن جابر قال: قال رسول الله (ص): «ينزل عيسى بن مريم فيقول أميرهم المهدي: تعال صلّ بنا، فيقول: لا وان بعضكم على بعض أمراء، تكرمة الله لهذه الأمّة».
وأخرج ابن ماجة والروياني وابن خزيمة وأبو عوانة والحاكم وأبو نعيم واللفظ له عن أبي امامة قال: " خطبنا رسول الله (ص) _ وذكر الدّجال وقال: «فتنفي المدينة الخبث منها كما ينفي الكير خبث الحديد ويدعى ذلك اليوم يوم الخلاص، فقالت أم شريك فاين العرب يا رسول الله يومئذ؟ قال: هم يومئذ قليل وجلّهم ببيت المقدس وامامهم المهدي رجل صالح، فبينما امامهم المهدي قد تقدم يصلي بهم الصبح اذ نزل عليهم عيسى بن مريم وقت الصبح، فيرجع ذلك الإمام ينكص يمشي القهقرى ليتقدم عيسى فيضع عيسى يده بين كتفيه، ثم يقول له تقدم فصلّ، فانها لك أقيمت، فيصلي بهم أمامهم.
وأخرج ابن أبي شيبة في المصنّف عن ابن سيرين قال: «المهدي من هذه الأمّة، وهو الذي يؤمّ عيسى بن مريم».
قال سبط ابن الجوزي: «وقال السدّي: يجتمع المهدي وعيسى بن مريم فيجيء وقت الصلاة فيقول المهدي لعيسى: تقدم، فيقول عيسى: أنت أولى فيصلي عيسى وراءه مأموماً»
قال ابن حجر: «وما ذكره من ان المهدي يصلّي بعيسى هو الذي دلت عليه الأحاديث
كما علمت».
هذه بعض الفضائل والمناقب التي وقفت عليها من كتب أهل السنة والشيعة معا، والتي نأخذ منها مكانة الإمام المهدي (ع) في شرعنا الحنيف، الإمام الذي يحمل بوارق الأمل
معه من إرساء قواعد العدل والأمن ورفع الظلم وقتال كل من يكفر بالله تعالى ....
عجل الله تعالى فرجه (ع).
رابعا: شخصية الإمام المهدي المخلص (عج) و نظامه الأخلاقي المميز في وسائل الإعلام المختلفة
عند الحديث عن الإمام المهدي عجل الله تعالى فرجه فنحن نتحدث عن قضية عقدية بالغة الأهمية متفق على أكثر معالمها بين أهل الإسلام سنة وشيعة من حيث النسب والوصف والخلق والوظيفة المناطة بالإمام المهدي القائم، فلقد ثبت للجميع ومن خلال النصوص الصريحة الصحيحة أن العالم بأسره ينتظر الإمام المهدي لتخليص العالم من الظلم والاستبداد والطغيان و ينتظرونه ليحمل سيف العدل والرحمة للعالم أجمع مسلمين وغير مسلمين، لذا ففكرة المخلص إسلاميا تعد عقدية لا يمكن الكفر بها أو إهمالها أو الحديث عن الإسلام دون تناولها ....
لذا من الضروري أن نتناول شخصية الإمام المهدي عجل الله فرجه إعلاميا بما يعطي صورة كافية واضحة عنه، تظهر حقيقته و معالم شخصه و صفاته الخلقية والخلقية، وبنفس الوقت تظهر الدور العام المناط بشخص الإمام المهدي في إرساء العدل والأمن والقضاء على الظلم والطغيان ...لذا لظهور معالم شخصية الإمام المهدي(عج) ينبغي الآتي :
أولا: إدخال بعض المساقات الإعلامية الهادفة على كلية الدراسات المهدوية، كي تمكن طلبة كلية الدراسات المهدوية الحديث عن معالم وشخص وصفات الإمام القائم عجل الله فرجه بكل أريحية ودون تعقيد أو خوف أو تلعثم أمام وسائل الإعلام المختلفة .
ثانيا:إنشاء مركز إعلامي متخصص تابع لكلية الدراسات المهدوية يرصد متابعات الإمام المهدي عبر وسائل الإعلام المحلية والعالمية، ثم يعمل على تقييم تلك المتابعات سلبا كانت أم إيجابا، ثم يغير ما أمكن من الصورة القاتمة بإرسال مواد إعلامية تخدم الهدف بصورة مجانية لتلك التي تسيئ للإمام المهدي.
ثالثا: تكوين فريق إعلامي متخصص بخبرات مميزة و محملا بايدلوجيا الإمام المهدي (ع)، غرضه الأبرز إنتاج مواد إعلامية متخصصة مدروسة تتبنى نهج نشر عودة المخلص الحتمية وذلك من خلال: السينما، الفيديو والانترنت و شبكات التواصل الاجتماعي و كذا مواد الكرتون للأطفال، والهدف مخاطبة جميع أفراد المجتمع الواحد و حسب لغة عقولهم صغارا وكبار متعلمين ومثقفين .
رابعا: التعاون المثمر مع المؤسسات الإعلامية المختلفة محليا ودوليا: كالتفاز والإذاعة للبث التدريجي حول العقيدة المهدوية، وطرح فكرة الإمام المهدي ضمن الاستراتجيات الإعلامية المستقبلية الخمسية منها والعشرية ....ومثال ذلك: طرح برنامج إذاعي اسبوعي على حلقتين مباشرتين كل أحد وخميس من الساعة الثالثة وحتى الرابعة عصرا من مقدم موهوب اسلوبا للبرامج الدينية وبلغة الشارع البسيطة القريبة للقلوب .
خامسا: تقديم الدعم المالي المقنن من قبل كلية الدراسات المهدية لبعض الفرق الإنتاجية في المؤسسات الإعلامية الخاصة بالمناهج التعلمية عبر الفيديو والانترنت، بغية إنتاج مواد تعليمية تربوية لأطفال الصفوف الأولى دراسيا و مواد أخرى تعليمية تثقفية تخص طلبة المراحل المتوسطة والثانوية وكذا الجامعية منها، تتحدث هذه البرامج عن عودة الامام القائم عجل الله فرجه وصفاته الأخلاقية كي يكون الطالب المدرسي محيطا ولو بشكل يسير بسمألة العقيدة المهدوية وفكرة المخلص .
سادسا: رعاية الأنشطة و المبادرات المحلية والدولية وتغطيتها إعلاميا والتي تخص أنشطة كلية الدراسات المهدوية والجهات المتعاونة معها، وذلك بدعوة النخب الإعلامية العالمية والمحلية للتباحث في سبيل دعم فكرة إنتاج فيلم عالمي وبلغات شتى حول الإمام المهدي عجل الله فرجه .
سابعا: إقامة هيئة رقابة شرعية متخصصة بما يصدر إعلاميا عن الإمام المهدي، ترئاسها كلية الدراسات المهدوية أو من تنيب وتتضمن أعضاء لا يزيدون على خمسين عالما أو مثقفا أو داعية من شتى أرجاء العالم العربي والإسلامي ممن اشتهر بالعمل الإسلامي ونال ثقة الناس، كي يعرض على هذه اللجنة ما يطرح من برامج تخص الإمام المهدي وتعطي الفتوى بجواز عرضه أم لا ؟ .
ثامنا: في صناعة وعرض فيلم عالمي تعرض من خلاله معالم شخصية الإمام المهدي و أهم صفاته الخلقية والخلقية ومناط بعثته للأمم ،نحقق ما يلي :
العقيدية المهدوية رسالة في أصلها رحمة للعالمين، وعدالة للناس، ومحبة للبشرية، متمثلة بأخلاق وصفات الإمام القائم عجل الله فرجه .
تعرف البشرية جمعاء على مخلصها من الظلم والاستبداد والطغيان، وأنه مسلم من نسل رسول الله محمد .
فرح البشرية جمعاء بمستقبل مليء بالعدالة والرحمة والمحبة بسبب هذا المخلص، وهذا بديلا عن العصور المظلمة والأيام السوداء التي تعيشها بعض الشعوب تحت الحاكميات المستبدة والمنفردة بالقرار والحكم معا .
تغيير الصورة النمطية السائدة لدى أتباع الديانات الأخرى من فوبيا الإسلام وإرهاب السلفية الجهادية ،لتصبح رسالة وئام بين أتباع الديانات المختلفة ،يؤيدها نزول السيد المسيح عليه الصلاة والسلام ليكن جنديا تابعا للقائم عجل الله فرجه .
تعريف المسلم بما يجهل من أصول عقيدته المهدوية، فينبت لديه شعور بالعز والفخر، لأنه سيكون جنديا للإصلاح ومحاربة الفساد الكوني الناتج عن ظلم الإنسان لنفسه وغيره .
طرح موضوع الإمام المهدي للدراسات والأبحاث بين مختلف الفرق الإسلامية وأتباع الديانات المختلفة للوصول لمنابت أحياء فكرة محاربة الظالم وتحقيق العدالة الآلهية .
وختاما أسأل الله العظيم التوفيق والسداد .
راجيا من الله العلي القدير التوفيق، فمن كان صوابا فمن الله تعالى جلت قدرته، وما كان غير ذلك فمن نفسي والشيطان .
https://ayandehroshan.ir/vdcj.yevfuqe8isfzu.html
ارسال نظر
نام شما
آدرس ايميل شما