الإعلام والتمهيد
بتول مرزوق رجاء الشريمي
المقدمةإن ثقافة الإعلام الممهد مفردة من مفردات الرسالات المقدسة والكتب السماوية التي وظفت الإعلام لتهيئة البشرية لمجيء الأنبياء عليهم السلام من أجل تطبيق المنهج الإلهي على الأرض وتحقيق الهدف المنشود لحياة البشرية, (وَمُبَشِّرًا بِرَسُولٍ يَأْتِي مِن بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ). وعلى مثل هذا النهج قام الأنبياء باستخدام الإعلام تجاه القضية المهدوية باعتبار الإمام المهدي عليه السلام وريثاً للأنبياء(علیهم السلام).
إن البشرية منذ غياب الإمام عن أنظار البشر ما يزيد عن ألف ومائة وثلاث سنين وهي تعج بمظاهر الظُلم والأمت والاعوجاج و الفتن والأهواء. وهذا الوضع المأساوي يتطلب وجود دولة عادلة تنشر الحق والعدالة والسلام و المتمثلة قي الدولة المهدوية, ولابد لهذه الدولة أن تحكم العالم في يوم تعلن عنه السماء فيما بعد, ولكن ظهور الطلعة الرشيدة في ذلك اليوم الموعود يقتضي تمهيداً إعلامياً مسبقاً كما فعل آباؤه من الأنبياء لتهيئة الظروف الزمانية والمكانية والبشرية لانطلاق ثورته الإصلاحية وإقامة دولة إلهية تتخذ من العدل والقسط شعاراً لها.
إن على البشرية أن تنتظر ذلك اليوم وتعد وتستعد لقدوم ذلك القائد الرباني عبر توظيف مؤسسات إعلامية تحتوي على آليات وبرامج مقتبسة من تعاليم أهل البيت عليهم السلام كقوة محركة تدفع المجتمع نحو المعشوق الحقيقي صاحب المقامات الإلهية والكمالات الروحية.
الإعلام والثقافة
من يبحث في كتب اللغة يجد أن كلمة الإعلام مشتقة من الفعل أَعلَم , أي أَخبر, و قد وردت في القرآن الكريم مفردات مرادفة لكلمة "الإعلام" و منها الخبر والنبأ والتبليغ والإذاعة.
قال الله تعالى: (أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَبَأُ الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ) .
وقال تعالى: (يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ) (وَإِذَا جَاءهُمْ أَمْرٌ مِّنَ الأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُواْ بِهِ)
الإعلام اصطلاحا: هو إخبار الجماهير بالمعلومات والمعارف والثقافات وتعريفهم بقضاياهم المعاصرة وقضايا العالم الإنساني كافة عن طريق استخدام وسائل الإعلام المختلفة والمتاحة.
وأما الثقافة لغةً: فمن الفعل ثقف يثقف ثقفا.قال الراغب: الثقف هو الحذق في إدراك الشيء وفعله. وثقْف الكلام بمعنى حذقه وفهمه بسرعة. وجاءت في القرآن الكريم بمعنى الظفر وإدراك الشيء والتمكن منه.
قال تعالى: (إِن يَثْقَفُوكُمْ يَكُونُوا لَكُمْ أَعْدَاء وَيَبْسُطُوا إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ وَأَلْسِنَتَهُم بِالسُّوءِ وَوَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ)
وأما في الاصطلاح فتعني التمكن من العلوم والفنون والآداب, والتمكن بمعنى المهارة والإبداع والقدرة في انجاز شيء ما.
ثنائية الإعلام والثقافة
من المفاهيم السابقة ندرك الارتباط الوثيق بين الإعلام والثقافة, فالثقافة تحتاج إلى إعلام والإعلام بحاجة فعلية إلى الثقافة. وحتى تنجح العملية الإعلامية وترتقي وتتكامل لابد لها من أن توظف الثقافة في مسيرتها. وذلك بأن يكون الإعلاميون أصحاب كفاءات إعلامية ذات عناصر متعددة من مهارة وخبرة ومعرفة وسلوك حسن, وتطبيقها في ممارسة العمل الإعلامي. ومن دون هذه الكفاءات لن يُكتب للعمل الإعلامي الاستمرار والتفوق. وكذلك الثقافة تحتاج إلى إعلام وإعلاميين من أجل انتشارها في المجتمع بشكل فعال ومؤثر.
إن المثقفين في عصرنا لابد أن يطرقوا باب الإعلام لتقديم إنتاجهم الثقافي إلى المجتمع. فكلاهما _ الإعلام والثقافة_ يقومان بأدوار تكاملية ويتحركان بطريقة إنسجامية, فثقافة الإعلام أو إعلام الثقافة من المصطلحات والمفاهيم الضرورية للنهوض بالإنسان والمجتمع.
إن أفضل شاهد على ذلك, ما نقتبسه من الهدي المحمدي في شأن الدعوة الإسلامية. حيث قام صلى الله عليه وآله وسلم بتحريك الجانب الإعلامي مشتملاً على ثقافة إسلامية أصيلة بغية إيصال الدين الإسلامي إلى كافة الشعوب بكل قوة وفاعلية .
قال تعالى: «ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ».
وكذلك استخدم عناصر إعلامية ذات ثقافة عالية كالخطابة والمراسلات والوفود والمبلغين, فكانت النتيجة توافد البشر أفواجاً أفواجا إلى الدين الإسلامي . ولكن كيف تم هذا التوافد؟
نقول_ في الجواب _ إن المنهج الإعلامي والديني للنبي صلى الله عليه وآله وسلم لم يكن مجرداً من الثقافة الايجابية المتمثلة في التخاطب الهادف والحوار المنطقي كأسلوب الوعظ والإرشاد والمجادلة الحسنة, و لذلك أثَّر في عقول الناس وحرك مشاعرهم نحو الدين الإسلامي.
أهمية الإعلام والثقافة
لقد استخدم الإنسان الجانب الإعلامي والثقافي منذ العصور الأولى للمجتمع البشري, ومر هذا الجانب بمراحل عديدة من التطور إلى أن وصل إلى هذه المرحلة المتقدمة في عصرنا الحاضر بسبب التقدم العلمي والتكنولوجي. ومنذ القدم إلى يومنا هذا والإعلام الثقافي يُوظف من أجل التأثير على الرأي العام. ومحاولة إعداد الفرد تربوياً وأخلاقياً وفكرياً واجتماعياً بما يخدم مصالح أصحاب الإعلام. وتزويده بالمعلومات الثقافية وإخباره بما يجري حوله من الأحداث الداخلية والخارجية.
ولهذا يعتبر الهيكل الإعلامي والثقافي بجميع وسائله وفروعه المختلفة والمتعددة, من أهم عوامل التربية الاجتماعية وأسرعها, وإذا استخدمه الإنسان بطريقة صالحة وصحيحة مقتبسة من ثقافة الأنبياء عليهم السلام ومن ثقافة القرآن الكريم فسوف يلعب دوراً كبيراً في تطوير الإنسان والارتقاء به إلى ما هو أفضل لإنسانيته .
إن دعوة جميع الأنبياء والمرسلين عليهم السلام وأوصيائهم الربانيين يتجسد فيها إعلام ناصع يحمل بين طياته أهداف ربانية وقيم إنسانية. فلقد وجهوا أنظار شعوبهم إلى القضايا العقائدية والمفصلية التي تتعلق بمصير الوجود الإنساني ومن بينها فكرة المُصلِح والمُخلِّص الذي ترسله السماء لأهداف إلهية التي جوهرها نشر العدالة والسعادة الإنسانية في جميع أنحاء المعمورة .
قال تعالى: (وَ لقد كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِن بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ)
إن الكتب السماوية المقدسة مليئة بنماذج من أقوال الأنبياء عليهم السلام عن المهدوية بما يساهم في تهيئة المجتمع البشري لظهور النور الإلهي المتجسد في شخصية هذا المصلح العالمي. نذكر بعضا منها:
أسفار التوراة, "زبور داوود" جاء فيه بعض النصوص التي تشير إلى ظهور المهدي عليه السلام. و إليك نصه: (والذين ينتظرون الرب هم يرثون الأرض.. أما الودعاء فيرثون الأرض ويتلذذون في كثرة السلامة ..وعاضد الصديقين الرب .. الرب عارف أيام الكملة وميراثهم إلى الأبد يكون ... لأن المباركين منه يرثون الأرض والملعونين منه يقطعون ..الصديقون يرثون الأرض ويسكنون فيها إلى الأبد) .
ـ " سفر أشعيا", وُجدت هذه العبارة: (وفي ذلك اليوم سيرفع القائم راية للشعوب والأمم التي تطلبه وتنتظره ويكون محله مجدا)
ـ " سفر زكريا" احتوى على عبارات التبشير بالمهدي عليه السلام: (ابتهجي كثيرا يا بنت صهيون. هو ذا ملكك سيأتي إليك. عادل ومنصور)
وقبل أكثر من أربعة عشر قرناً, قام النبي الأكرم محمد صلى الله عليه وآله وسلم في أوساط المجتمع مستخدماً منظومته الإعلامية التي تشتمل على العناصر الإخبارية والمواد الإعلامية, من قبيل: الإبلاغ والتبشير والإنذار والإخبار, و وسائل إعلامية أخرى من أهمها المنبر الخطابي.
قال تعالى: (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا *وَدَاعِيًا إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجًا مُّنِيرًا)
فبلغ المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم الرأي العام بهوية الإمام المنتظر بأنه من ولده, وتحديدا من ولد الحسين بن فاطمة الزهراء بنت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم و عرَّفهم على خصائصه الرشيدة ومبادئه القيمة وأهدافه السامية.
وأيضاً أخبرهم بأن له غيبة طويلة ودعاهم إلى تصديقه والتمسك بدينه, وبشرهم بحتمية إقامته لدولة إلهية عادلة ليصلح العالم وينشر الخير والصلاح في كل الأرض. في قوله: (أبشركم بالمهدي, يبعث في أمتي على اختلاف من الناس وزلزال, يملأ الأرض عدلاً وقسطاً كما ملئت جوراً وظلماً.) . وكذلك أنذرهم النبي صلى الله عليه وآله و سلم من سوء عاقبة من مات ولم يعرف إمام زمانه: (من مات و لم يعرف إمام زمانه مات ميتة جاهلية) وهذا أيضا كان ديدن الأئمة من أهل البيت عليهم السلام في توظيف الإعلام لتوضيح عقيدتنا في المهدي عليه السلام. فمثلاً كان الإمام الصادق عليه السلام يخبر الأمة عن خصائص الحركة المهدوية من خلال الدعاء والمناجاة. كدعاء العهد والذي ورد فيه: " فأظهر اللهم لنا وليك وابن بنت نبيك المسمى باسم رسولك حتى لا يظفر بشيء من الباطل إلا مزقه ويحق الحق ويحققه واجعله اللهم مفزعا لمظلوم عبادك وناصراً لمن لا يجد له ناصرا غيرك ومجددا لما عطل من أحكام كتابك ومشيدا لما ورد من أعلام دينك وسنن نبيك " . وكان عليه السلام يوصي الناس بقراءة هذا الدعاء بهدف ربطهم بالحجة عليه السلام وتقديم البيعة له.
ومن اللطيف أيضاً, أن الإمام الرضا عليه السلام وظف الشعر كوسيلة إعلامية في تعريف الأمة الإسلامية بالمهدي عليه السلام وصنع الجماعة الصالحة والملائمة لاستقبال هذا الحدث المبارك والعظيم.حيث قال إكمالاً لقصيدة دعبل الخزاعي:
وقبر بطوس يا لها من مصيبة توقد بالأحشاء في الحرقات
إلى الحشر حتى يبعث الله قائما يفرج عنا الهم والكربات وتناول هذه القضية العديد من علماء المسلمين سنةً وشيعة, فقد جاء في كتاب "تاريخ ابن خلدون":(اعلم أن في المشهور بين الكافة من أهل الإسلام على ممر الأعصار أنه لابد في آخر الزمان من ظهور رجل من أهل البيت يؤيد الدين ويظهر العدل ويتبعه المسلمون ويستولي على الممالك الإسلامية ويسمى بالمهدي)
والجدير بالذكر أن التمهيد للمهدوية قضية عالمية لا يشترك فيها جميع الأديان السماوية وغير السماوية بجميع فرقها ومذاهبها فحسب, وإنما انتشرت فكرتها أيضا عند بعض فلاسفة الغرب ومفكريهم أمثال المفكر البريطاني برتراند رسل والعالم الفيزيائي المعروف ألبرت أنشتاين والمفكر الايرلندي برناردشو الذي وصف المصلح في كتابه " الإنسان السوبرمان" بأنه: (إنسان حيٌ ذو بنية جسدية صحيحة وطاقة عقلية خارقة , إنسان أعلى يترقى إليه هذا الإنسان الأدنى بعد جهد طويل, وأنه يطول عمره حتى ينيف على ثلاثمائة سنة ويستطيع أن ينتفع بما استجمعه من أطوار العصور وما استجمعه من أطوار
حياته الطويلة "
قدرات وسائل الإعلام
في العصور الماضية كان الإعلام يحتوي على بعض من الوسائل البدائية والقديمة كالشعر والخطابة والنقش على الصخور أو قرع الطبول أو إشعال النار. وكانت تستخدم هذه الوسائل لنقل فكرة أو معلومة أو خبر جديد من أجل تحقيق أهداف معينة, ومن ثم تطور الجهاز الإعلامي شيئا فشيئا نتيجة تطور فكر الإنسان وعقله حتى أصبحنا اليوم نشاهد ثورة إعلامية عالية الجودة والتقنية, فهناك الكثير من وسائل الإعلام الجماهيرية المقروءة والمسموعة والمرئية مثل الصحف والمجلات والكتب والراديو والتلفزيون والانترنت والكمبيوتر والسينما والمسرح والشعر والمنبر الخطابي وغيرها.
إن هذا العدد الهائل من الوسائل الإعلامية أكسب الإعلام قدرة وإمكانية على التأثير والجذب أكثر مما كان عليه في الماضي. بالإضافة إلى ذلك, أن أغلب تلك الوسائل الإعلامية تعتمد على الكلمة, والكلمة تعد سلاحاً قوياً يحمل قدرة عجيبة في عملية تكوين القناعات الفكرية وعمليات التأثير والتغيير.
إذا أردنا أن نعرف مدى قدرة وسائل الإعلام و ضخامة إمكانياتها وسيطرتها على الساحة البشرية , لابد أن نستطلع بعض الإحصائيات الرقمية.
إن إحصائيات اليونسكو لعام 1979م تشير إلى أن هناك نحو مليار ومائتي مليون جهاز راديو. ونحو عشرين ألف محطة إرسال تبث برامجها على مختلف الموجات. وان عدد محطات الإرسال التلفزيوني قد بلغ في ذلك العام نحو (28,412) محطة. وأن عدد الأجهزة التلفزيونية قد بلغ (453,902,500) جهازا[.
إذاً , كم نسبة الزيادة والتطور في الهيكل الإعلامي بعد ما يقارب ثلاثين سنة بعد هذه الإحصائية؟ هذا بالإضافة إلى اتساع العمل الإعلامي بزيادة الوسائل الإعلامية وتطورها التقني السريع كالانترنت والفضائيات مثلاً.
وإضافة إلى تلك الإحصائيات المذهلة للوسائل الإعلامية, نرى وجود علاقة ترابطية قوية في المنظومة الإعلامية مما يزيد في قدراتها, حيث أن كافة الوسائل الإعلامية تتميز بالانسجام والتناسق فيما بينها. فمثلاً من خلال القنوات الفضائية يمكننا أن نشاهد الأعمال المسرحية والسينمائية. ومن خلال الانترنت نقرأ ما نشرته الصحف والمجلات من أخبار ومعلومات. وعبر الصحف نتابع البرامج التي تبثها التلفزة والإذاعة وهكذا دواليك.
وكذلك استخدمت الوسائل الإعلامية التكنولوجيا الحديثة حتى أصبحت تشكل إمبراطورية عظمى تسيطر على العالم بأسره. فأصبح العالم اليوم كقرية صغيرة تتحكم وسائل الإعلام في أنماط سلوكيات أفراده وتخترق سياج العقول والألباب لتؤثر على ثقافاتهم وأفكارهم, وتغير معتقداتهم الدينية وأعرافهم الاجتماعية. ومن خلال هذه القدرات العظيمة, تستطيع الوسائل الإعلامية أن تساهم في التنمية الثقافية والإثراء الفكري والمعرفي والتجديد الإبداعي.
هنا نستعرض بعض القدرات لوسائل الإعلام:
ـ تتمكن الوسائل الإعلامية من أن تساهم وبشكل فعال في نشر الدعوة الإسلامية إلى شتى بقاع الأرض وتعريف العالم بالقيم والمبادئ الإسلامية الأصيلة.
ـ أن الإعلام مؤسسة تربوية توجيهية لها دور ورسالة. وتتمثل الرسالة الإعلامية التربوية في توعية الفرد وتربية شخصيته تربية متكاملة في جميع جوانبها. كذلك إكسابه المزيد من الخبرات والمواقف والأفكار والمعارف التي تساعده على مسيرته التعليمية والاجتماعية . ويتفوق دور الإعلام على دور المؤسسات التربوية الأخرى لامتلاكه عناصر الجذب والتشويق والإغراء .
ـ يستطيع الإعلام بكافة وسائله تزويد الناس بأخبار مجتمعاتهم بصفة خاصة والقضايا العالمية بصفة عامة . ويتم نقل الأخبار في أسرع وقت ممكن وبصورة مباشرة من أرض الحدث.
ـ بمقدور الوسائل الإعلامية صناعة الوعي السياسي والاقتصادي والاجتماعي والصحي والثقافي.
ـ تمتلك وسائل الإعلام قدرة على تغيير السلوكيات الإنسانية والاتجاهات الفكرية لدى الرأي العام.
عوائق ومضرات الإعلام
أولاً: معوقات الإعلام: معوقات الإعلام يقصد بها كل الأمور التي من شأنها أن تعرقل المسيرة الإعلامية وتحد من مستوى القدرة والفاعلية وتحول بينها وبين الوصول إلى مستويات الرقي والتطور. و من هذه المعوقات:
1. القوانين والأنظمة السياسية المتسلطة والتي ترمي إلى قمع الأفكار والآراء المناهضة لسياستها. وتعددت أساليب القمع الفكري وشملت جميع الوسائل الإعلامية. وعلى سبيل المثال, تشديد الرقابة على المقالات الصحفية أو منعها أو حجب المواقع الالكترونية والقنوات الفضائية. وكذلك استخدام الإرهاب ضد الإعلاميين وخاصة في الصحافة والتلفزيون وأيضاً حظر تداول الكتب والمطبوعات التي تخالف نهج الحكومات.
2. ازدياد نسبة الحروب والصراعات السياسية والطائفية والمذهبية الداخلية منها والخارجية بين الدول مما جعل الجهاز الإعلامي يسلط الضوء على مثل هذه الأحداث ويهمش القضايا المفصلية في حياة الإنسان.
3. تأثير الإعلام الغربي المنحل ودوره في ظهور معالم الفساد والانحراف في المجتمعات البشرية.
4. سلبية الإعلام التابع للمجتمعات الإسلامية تجاه الإعلام المضاد. لقد كان هذا الإعلام عاملاً مساعداً للإعلام المضاد في بث سمومه في وسط مجتمعاتنا. عندما قدم الأعمال الغربية للمجتمع المسلم على طبق من ذهب. ليس هذا فحسب, بل وظف لغته العربية في ترجمتها وتعريبها وصياغتها الصياغة الفنية الرائعة التي جذبت إليها الكثير من الجماهير الإسلامية.. فالأفلام المكسيكية والأمريكية واليابانية وغيرها لهي دليل على سوء الإستراتيجية الإعلامية. وبهذه الطريقة دخلت الشعوب الغربية مجتمعاتنا ولعبت بوجدان المسلمين وحركت مشاعرهم وعقولهم نحو القيم والمبادئ التي ينتمي الغرب إليها. وفي المقابل, وقف إعلامنا عاجزاً أمام نقل الأعمال الإعلامية والإنتاج الإسلامي الحقيقي من محيطه إلى العالم الغربي والغير إسلامي.
5. التكاليف المادية الباهظة الضرورية لمسيرة الوسيلة الإعلامية . فبدونها لا يمكن صنع انجازات أو إبداعات إعلامية.
6. تدني المستوى الفني والمهني للمؤسسات الإعلامية والذي يتضح من خلال رداءة التغطية الإعلامية للتحولات والقضايا الهامة, وهبوط البرامج الثقافية وندرة الكوادر الفنية.
7. عجز الوسائل الإعلامية عن توظيف عامل الحداثة الذي من شأنه توجيه الحركة الإعلامية نحو التقدم والتنمية.
ثانياً: مضرات الإعلام: الإعلام سلاح ذو حدين, يحمل في مضمونه جانباً ايجابياً وجانباً سلبياً, فإما أن يُستخدم للبناء والإصلاح وإما أن يكون وسيلة للهدم والخراب و هناك اختلاف وتباين بين المجتمعات في تعاملها مع الإعلام. وكذلك في نسبة الاستفادة والضرر الناتجة عن الإعلام. ويرجع هذا الاختلاف إلى مستوى الوعي والإدراك لدى الأفراد. وسوف نستطلع بعض المخرجات السلبية الصادرة من الوسائل الإعلامية ليتضح لنا أضرار الإعلام وخطورته على الفرد والمجتمع:
الإشاعات المرجفة
الإشاعة هي نشر ونقل المعلومات الضارة والأفكار السيئة من شخص لآخر. ولقد وصفها القرآن الكريم بالأراجيف. والإرجاف هو الفعل الذي يحدث اضطراباً وخوفاً شديداً.
قال تعالى: لَئِن لَّمْ يَنتَهِ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ وَالْمُرْجِفُونَ فِي الْمَدِينَةِ لَنُغْرِيَنَّكَ بِهِمْ ثُمَّ لَا يُجَاوِرُونَكَ فِيهَا إِلَّا قَلِيلًا .
و الوسائل الإعلامية توافينا بالإشاعات . فإما أن تكون معلومات مختلقة لا أساس لها من الصحة أو أن تكون أفكاراً لا تستند إلا على جزء يسير من الحقيقة. أو قد يعتريها المبالغة أو التحجيم.
إن هذه الإشاعات تعمل على إضعاف معنويات الإنسان وإرهابه وزعزعة الأمن الاجتماعي وتحطيم التماسك السياسي والفكري للمجتمعات الإسلامية . لذلك شملتهم اللعنة الإلهية.
قال تعالى: (مَلْعُونِينَ أَيْنَمَا ثُقِفُوا أُخِذُوا وَقُتِّلُوا تَقْتِيلًا) ومن المفترض أيضا أن مثل هذه الدعايات المغرضة والإشاعات الباطلة توجه كسلاح إلى الأعداء والخصوم لهزهم و إرباكهم نفسيا, لا أن تكون موجهة إلى المسلمين أنفسهم.
نشر ثقافة العنف والإرهاب
إن قضية العنف والجريمة تمثل قاسماً مشتركاً بين كافة الوسائل الإعلامية . فبرامج التلفزيون كالأفلام والمسلسلات والقصص البوليسية وأنواع من البرامج الرياضية والإعلانات , ونشرات الأخبار التي تصور الصراعات السياسية والحوادث البشرية والمجازر الدموية وغيرها تتضمن ثقافة العنف سواء بطريقة مباشرة أو غير مباشرة.
ويرجع وجود ظاهرة العنف في الأيديولوجية الإعلامية لأسباب عديدة منها الاعتقاد السائد بأن العنف من الأمور المثيرة لانتباه واهتمام الجمهور. كذلك هيمنة الطابع الإخباري على كافة البرامج الإعلامية والذي يستند إلى تضخيم الخبر لإثارة الجماهير وتحقيق النجاح في ظل المنافسة الإعلامية.
ولقد ظهرت آثار جانبية سيئة للعنف الإعلامي ومنها ظهور السلوك العدواني عند الشباب والأطفال نتيجة التقليد والمحاكاة للبرامج الإعلامية.
لقد توصلت العديد من الدراسات إلى وجود علاقة طردية بين زيادة مشاهدة الأفلام في السينما والتلفزيون وزيادة الاستعداد للانحراف خاصة بين صغار السن والشباب بسبب الرغبة في محاكاة ما يشاهدونه. و لقد تبين من دراسة أجريت في الولايات المتحدة على 110 من نزلاء مؤسسة عقابية أن 49 0/0من هذه المجموعة أعطتهم السينما الرغبة في حمل السلاح و12_21 0/0 منهم أعطتهم السينما الرغبة في السرقة ومقاتلة الشرطة) .
الخطاب المتعصب
إن من ضروريات الإعلام الإسلامي الاتصاف بالوسطية والشمولية. ولكن بمجرد استطلاعنا لأغلب الوسائل الإعلامية للدول الإسلامية في يومنا هذا, ندرك ومن أول وهلة الهوية الفكرية والمذهبية التي تنتمي لها الوسيلة. فنجدها للأسف تركز رسالتها على الخطاب الانفعالي والمتشنج ضد طائفة أو مذهب أو فكر معين. وتفاقم الأمر سوءً, بعقد جلسات الحوارات الطائفية والمناظرات المذهبية والتي تشتمل على أسلوب التجريح وعبارات التكفير و الشحن الطائفي. إلى أن تحول الأمر إلى حروب داخلية وصراعات مذهبية ومجازر دموية ومقابر جماعية ساعدت على تضعيف الوحدة الإسلامية.
الإباحة الجنسية
لقد برعت الوسائل الإعلامية في الدول الإسلامية في فن الإثارة الجنسية من خلال برامجها وموادها المتعددة. حيث تعرض هذه الوسائل مناظر ولقطات غير محتشمة مثل التعري الفاضح للنساء وتبادل القبلات وعبارات الحب وعمليات الاغتصاب والشذوذ الجنسي وغيرها.
ذكر الدكتور " حمود البدر" أنه من خلال إحدى الدراسات التي أجريت على "500" فيلم طويل تبين أن موضوع الحب والجريمة والجنس يشكل 72 0/0 منها. وثبت للباحثين أن فنون التقبيل والحب والمغازلة والإثارة الجنسية والتدخين يتعلمها الشباب من خلال السينما والتلفزيون)
وأدت الإباحية الجنسية المعروضة في إعلام الدول الإسلامية إلى الفساد الاجتماعي و تدمير البنية الأخلاقية والروحية والقيمية للشعب المسلم. ولا يخفى على أحد ما تحدثه هذه الممارسات من اضطرابات في جسد الأمة الإسلامية.
الغناء والموسيقى والرقص
من الخصائص اللافتة في أغلب الوسائل الإعلامية , الاهتمام الشديد بالغناء , الغناء المصحوب بالألحان المطربة والموسيقى المشجية والكلمات الغزلية العاطفية والرقصات المثيرة . وتطور الحال في هذه المادة الإعلامية إلى إرفاق " الفيديو كليب" معها, والذي يحتوي على صور إباحية ولقطات خادشة للحياء بهدف إثارة الجماهير. وحقيقةً, أصبح مضمون المادة الإعلامية يتصف بشناعة الكلمات وفظاعة الأداء , فساعدت هذه الظاهرة على تضليل أفراد المجتمع وانحرافهم عن طريق الحق والصواب.
قال تعالى: ((وَمِنَ النَّاسِ مَن يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَن سَبِيلِ اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّخِذَهَا هُزُوًا أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مُّهِينٌ) .
التعامل السلبي مع المرأة
إن موقف الإعلام من المرأة موقف سلبي وقاصر. لقد تعاملت أغلب الوسائل الإعلامية معها بحالة من الاستخفاف والإسفاف. و سعت إلى تشويه صورتها الطاهرة التي حصلت عليها من الشريعة المقدسة. حيث تقدمها بطريقة بهيمية واستثمارية لإعطاء صفة الإثارة الجماهيرية للمادة الإعلامية. وهذا الحال, يمثل تجاهل صريح للأحكام الشرعية والأعراف الاجتماعية لأنه يتطلب من المرأة خلع ثوب الحياء والعفة. كذلك لم يقدم الإعلام المرأة على أنها شخصية إنتاجية أو ذات كفاءة علمية, أو صاحبة رأي وفكر, وإنما شخصية يغلب عليها الطابع الترفيهي والاستهلاكي , تنحصر اهتماماتها في التزين والتجمل والكماليات وقضايا الترفيه الأخرى.
الغرب والإعلام والتمهيد
الغرب المتمثل في الدول العظمى سعى بقدراته الإعلامية الضخمة, إلى ترويج الثقافة الغربية عبر وسائل الإعلام المختلفة لتصبح الهوية الثقافية الغربية هوية موحدة للعالم أجمع. وهذا ما يسمى بـ " الاغتصاب الثقافي " .
واستخدم الغرب الوسيلة الإعلامية لأنها أقوى الوسائل البشرية للهيمنة على ثقافات الشعوب و تغييرها, ومتى فُقدت الهوية الثقافية, وجدت التبعية الثقافية. والطامة الكبرى عندما يكون الإنسان المسلم تابعاً لثقافة منحلة وفاسدة كالثقافة الغربية والتي تضاهي الثقافة الجاهلية شكلا ومضموناً.
يقول الإمام الخميني رحمه الله: (الإعلام مسألة حساسة , وهو ذو أهمية بالغة, أي إن العالم كله يسير بالإعلام. وأعداؤنا لا يستغلون شيئا كاستغلالهم لسلاح الإعلام, ونحن يجب علينا أن نعطي هذا الجانب اهتماما فائقا)
إن الاغتصاب الثقافي فكرة شيطانية استهدفت جميع العالم. ولتنفيذ هذه الفكرة, احتوى الجهاز الإعلامي الغربي على برامج ومواد إعلامية ساقطة لا تتفق مع القيم والمبادئ الإنسانية. فكان جل اهتمامه في إثارة الغرائز الشهوانية كفنون الإباحة الجنسية والغناء المبتذل والموسيقى الشهوانية والتعلق بالملذات المادية. وكلها أمور تلغي العقل والوجدان وتقود الفرد إلى فعل المنكرات وارتكاب المحرمات.
وكانت النتيجةً المتوقعة, أن ضجت المجتمعات البشرية بالظلم والفساد. مما حدا بكثير من أبناء هذا المنهج من مفكرين وعلماء وفلاسفة إلى التفكير بالثقافة المهدوية , لأن المهدوية منهجٌ الهيٌ أراده الله ليمثل نظاماً عالمياً وقانوناً إلهيا ينشر العدل والحق على يد المصلح العالمي. وهذا المنهج مضاد للمناهج الوضعية كالثقافة الغربية.
ومن هؤلاء العلماء والمفكرين:
ـ الفيلسوف الانجليزي الشهير برتراند راسل الذي قال: (إن العالم في انتظار مصلح يوحد العالم تحت علم واحد وشعار واحد) .
ـ العالم الفيزيائي أنشتاين الذي قال: (إن اليوم الذي يسود العالم كله الصلح والصفاء, ويكون الناس متحابين متآخين ليس ببعيد) .
ـ المنجم والطبيب الفرنسي ميشيل نوستر آداموس, الذي تنبأ بظهور المخلص في كتاباته.
ونتيجة للمعلومات التي تملأ كتبهم وإصداراتهم ويتنبأ بها علماؤهم ومفكروهم, بدءوا يشعرون بالخوف على حضارتهم المادية بأن يغزوها الإسلام ويمحوها من جذورها. وكردة فعل لتلك الانتفاضة , صنع الغرب إعلاماً مناهضاً للدعوة المهدوية ولكن في حقيقة الأمر كان هذا الإعلام بطريقة غير مباشرة مسانداً لهذه القضية.
وذلك مصداقا لقوله تعالى: (يُرِيدُونَ لِيُطْفِؤُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ)
لقد وجه الإعلام الغربي حملات شرسة واعتداءات صريحة على معتنقي الدين الإسلامي. وحتى ينتزع الغرب الهوية الإسلامية من المسلمين, ركزوا على المصادر المهمة والتي يستمد منها المسلمون النور لحياتهم الدنيوية والأخروية وهي شخصية النبي الأكرم محمد صلى الله عليه وآله وسلم والقرآن الكريم.
ومن هذه الحملات التي تنم عن حقد دفين تجاه الإسلام والمسلمين, قامت صحيفة "يولاندس بوستن" في 2005م بنشر مقالة بعنوان" وجه محمد" في بعضها استهزاء وسخرية من النبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم فإحداها تظهر عمامته على أنها قنبلة بفتيل . وكذلك تصريحات البابا بنديكت الحاقدة والتي تدعي أن الإسلام دين عنف انتشر بحد السيف.
وهذا التركيز المشدد على الدين الإسلامي, ساعد على لفت أنظار وعقول الغرب للتنقيب والبحث عن مفهوم الإسلام والوصول إلى حقيقة المسلمين. فكانت النتيجة تولد صحوة فكرية واسعة النطاق تؤكد بأن الإسلام دين رحمة وعدل. وكان لهذه الصحوة الأثر الفعال في إقبال الكثير من الغربيين إلى اعتناق الدين الإسلامي والتفكير بالمنقذ العالمي.
أساسيات وأهداف ومؤشرات الإعلام الممهد
لابد أن يرتكز الإعلام الممهد على عدة أسس هامة ومنها: الجانب العلمي, الجانب الأخلاقي, الجانب الفني, الجانب المادي.
1. الجانب العلمي
إن الجانب العلمي يمثل مصدر القوة والمتانة للإعلام و خاصة الإعلام الممهد للثورة المهدوية, لأن العلم والثقافة والمعرفة المستمدة من الثقافة القرآنية تمثل نوراً وإشعاعاً للإنسان يستطيع من خلالها أن يميز بين الحق والباطل وان يصون نفسه من الانحرافات الفكرية والعقائدية . كذلك كلما كان الإنسان أكثر علماً ومعرفةً بإمام زمانه كان أكثر ارتباطاً وتعلقاً بشخصيته المباركة. ولا نقصد هنا معرفة اسمه وكنيته وصفاته الجسمية والشكلية فقط, وإنما المقصود بها المعرفة الحقيقية المتكاملة كمعرفة شروط المنتظِر الحقيقي لطلعته الشريفة بهدف تحقيقها وتطبيقها عملياً. ومن هذه الشروط, إخلاص النية عند القيام بواجبات الانتظار, والتحرك للتمهيد لظهور الحجة على الصعيدين الفردي والاجتماعي بتربية النفس والمجتمع لتكوين شخصيات قادرة على نصرة الإمام عليه السلام .
وهذا هو دور العلماء والفقهاء في عصر الغيبة الكبرى. روي أن الإمام الهادي عليه السلام قال: (لو لا من يبقي بعد غيبة قائمكم عليه الصلاة والسلام من العلماء الداعين إليه و الدالين عليه و الذابين عن دينه بحجج الله و المنقذين لضعفاء عباد الله من شباك إبليس و مردته و من فخاخ النواصب لما بقي أحد إلا ارتد عن دينه. و لكنهم الذين يمسكون أزمة قلوب ضعفاء الشيعة كما يمسك صاحب السفينة سكانها أولئك هم الأفضلون عند الله)
ويحتوي الجانب العلمي في الإعلام الممهد على بعض الأمور الهامة ومنها:
تجنيد العلوم والمعارف المختلفة داخل المادة الإعلامية لرفع المستوى التعليمي والثقافي عند الرأي العام وتذليلها لصالح القضية المهدوية.
التخطيط العلمي المسبق والمدروس للمادة الإعلامية و الابتعاد عن أسلوب العشوائية واللا منهجية. ومن خلال التخطيط, يتم تحديد البرامج الإعلامية وتحديد الأوقات الزمنية المناسبة لها واختيار الكفاءات البشرية لتنفيذها.كذلك يساعد على معرفة المعوقات والمشاكل المحتمل وقوعها وإيجاد الحلول المناسبة لها. فالتخطيط السليم والمدروس يعمل على سرعة تحقيق الأهداف المرجوة لنجاح الإعلام.
تدريب الكوادر البشرية المتخصصة في هذا الجانب وإعدادهم بطريقة صحيحة وسليمة من أجل صناعة مادة إعلامية تنفذ إلى أعماق الإنسان وتؤثر في فكره ومشاعره.
2. الجانب الفني
إن الإعلام علم وفن, لذلك إذا أردنا الارتقاء بالجهاز الإعلامي والتفاعل مع وجدان الرأي العام, ينبغي أن نهتم بالناحية الفنية لأنها من أقوى الجوانب تأثيراً على المتلقي. ويمكن ذلك عن طريق استخدام التقنية الحديثة وطريقة الإخراج والعرض المؤثر وفنيات التصوير و صياغة الخبر والفكرة المصاغة بشكل جذاب وملفت, واستخدام الألوان وفن الخط, ومهارة التخاطب ولغة الحوار وغير ذلك من الأساليب الفنية التي تتسم بالتشويق والجاذبية وتربطنا أكثر بالمولى صاحب العصر والزمان عليه السلام .
3. الجانب الأخلاقي
المعيار الأخلاقي هو العنصر الأكثر فعالية في منح العمل الإعلامي صفة إسلامية تميزه عن غيره. فعندما ينطلق العمل الإعلامي من رؤية إسلامية أصيلة تنبثق من كتاب الله وسنة نبيه المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم تدعو إلى الالتزام بالأخلاق والقيم الإسلامية كالصدق والفضيلة وحب الخير للآخرين, و يجدر بنا أن نطلق عليه مسمى "إعلام إسلامي ممهد" .
قال الإمام الصادق عليه السلام: (مَن سره أن يكون من أصحاب القائم فلينتظر وليعمل بالورع ومحاسن الأخلاق وهو منتظر)
ومن أهم الضوابط و الصفات الأخلاقية التي يجب أن تراعى في الإعلام الممهد:
صفة المصداقية والواقعية في الطرح الإعلامي. فالصدق والواقعية من الصفات التي لابد أن يتحلى بها الممهدون لدولة المهدي عليه السلام. وذلك لأن جميع الأديان السماوية قائمة على الصدق و تبيان الحقائق وترفض أساليب الكذب والافتراء .بينما في الوقت الحاضر, تعاني الشعوب من العديد من المصائب جراء ظاهرة الكذب الإعلامي واختلاق الإشاعات الكاذبة.
جاء في إحدى الصحف تقريراً عن الإعلام مفاده: " أن الحقيقة الكاملة في وسائل الإعلام في عالمنا اليوم غائبة في كل أبعادها الدينية والاجتماعية والسياسية والاقتصادية وحتى العسكرية. والسبيل الأمثل لتأسيس الحياة على الحق هو في إعادة الناس إلى منهجية الصدق في مناحي الحياة والأخذ بما جاء في كتاب الله فهو أعظم دستور يتصل بين الله والناس"
صفة العقلانية المنطقية . إن الإعلام الإسلامي الناجح لابد أن يخاطب العقل البشري. حيث أن العقل يمثل الأساس الأول للسلوك الإنساني. والأسلوب العقلاني و الموضوع المنطقي يساهم في نجاح الحوار مع الآخر وإقناعه بحقيقة المهدوية.
الصفة النفسية الوجدانية. وذلك باستخدام الأسلوب اللين والكلمة الحسنة من أجل استمالة الطرف الآخر وتكوين علاقات حميمة معه لكسب ثقته والتأثير في فكره وقناعاته .
4. الجانب المادي
يعتبر المال عصب الجهاز الإعلامي. فلا يتم النجاح للعملية الإعلامية إلا بتوفر الإمكانيات المالية. فالإعلام بحاجة إلى ميزانية ضخمة لتوظيف الطاقات البشرية العاملة من إداريين وفنيين ومتخصصين على مستوى عالٍ من الخبرة . وكذلك لتوفير التقنيات الحديثة لإعداد البرامج الإعلامية وغيرها من الأمور الضرورية لممارسة النشاط الإعلامي وتحقيق الأهداف المرجوة.
ثانياً: أهداف الإعلام الممهد
هناك عدة أهداف سامية تحملها الرسالة الإعلامية الممهدة منها:
1. الدعوة إلى الإيمان بالقضية المهدوية باعتبار أنها جزء من الدين الإسلامي. حيث تواترت فيه الأحاديث عن النبي والأئمة عليهم السلام .
2. تثقيف الفرد المسلم دينياً وفكرياً واجتماعيا تمهيداً للظهور المبارك.
3. تفعيل ثقافة الانتظار لصنع مجتمع منتظر للإمام المهدي عليه السلام يتسم أفراده بالعقيدة الإيمانية والقيم الأخلاقية استعداداً لاستقبال الإشراقات الإلهية المتمثلة في نوره المبارك.
4. مناقشة قضايا الأمة الإسلامية المعاصرة والدفاع عن مصالحها والمبادرة إلى علاجها. وتعتبر حركة الإصلاح والتغيير على المستوى الفردي والاجتماعي من خصائص التمهيد للإمام الحجة عليه السلام.
5. مواجهة الحروب الإعلامية المضادة والتحديات المعاصرة وتوعية الرأي العام المسلم بما يحاك ضده من مؤامرات وحملات شعواء تهدف إلى تحطيم الشخصية الإسلامية وتشويه الفكر الإسلامي .
قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: (قولوا في الفاجر ما فيه ليحذره الناس)
ثالثاً: مؤشرات الإعلام الممهد
في الآونة الأخيرة ظهرت إرهاصات كثيرة تشير إلى اهتمام شديد من بعض وسائل الإعلام المعاصرة بالقضية المهدوية. وخاصة بعد الثورة الإسلامية في إيران. حيث بدأ الاهتمام بقضية المهدي يتزايد في جميع شعوب العالم. ومن هذه الإرهاصات:
ـ توفر الكثير من وسائل الإعلام والاتصال المتطورة التي تتيح لجميع الشعوب في العالم مراقبة الأحداث الجارية في جميع العالم. وتعمل هذه الوسائل على إيصال صوت الحق والحقيقة إلى كل إنسان. وتخبر الروايات الشريفة أن الإمام المهدي عليه السلام, سوف يستخدم عند ظهوره التطور العلمي والتكنولوجي في الأجهزة الإعلامية لإعلام الناس عن انطلاق ثورته المباركة ضد الظلم والطغيان. روي أن الإمام الصادق عليه السلام قال: (إن قائمنا إذا قام مدّ الله عز وجل لشيعتنا في أسماعهم وأبصارهم حتى لا يكون بينهم وبين القائم بريد، يكلمهم فيسمعون، وينظرون إليه وهو في مكانه)
ـ الاهتمام المتزايد من الوسائل الإعلامية بهذه القضية المباركة . فمثلاً, وجود البرامج الفضائية كبرنامج "الأطروحة المهدوية" للسيد كمال الحيدري حفظه الله. وأيضا وجود مجموعة من المواقع الالكترونية التي تخصصت في الإمام المهدي .هذا بالإضافة إلى عقد المؤتمرات والندوات التي تبحث وتناقش ما يتعلق بالمهدوية وكيفية التمهيد للمهدي عليه السلام. ومنها المؤتمر الدولي للعقيدة المهدوية والذي تنظمه مؤسسة المستقبل المضيء يعقد سنوياً منذ عام 2005 للتباحث حول هذه القضية المباركة.
ـ المطبوعات و الإصدارات الثقافية من كتب ومجلات وصحف ومنشورات والتي تهتم بالثقافة المهدوية.
ـ الادعاءات الباطلة للمهدوية ومن أخطرها ثورة الحرم المكي بقيادة جهيمان العتيبي الذي قدم شخصاً من مرافقيه على أنه المهدي المنتظر.
مهام وسائل الإعلام الممهدة
من مهام وسائل الإعلام الممهدة:
1. تثقيف الرأي العام بما تقتضيه الحكمة الإلهية من إيجاد حكومة تبث روح العدالة والمساواة وتأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر.
2. التعريف بالقضية المهدوية عن طريق برامج إعلامية متعددة تواكب عصر التكنولوجيا.
أجرت صحيفة صدى المهدي استطلاعاً حول دور الإعلام تجاه هذه القضية . ففي مقابلة مع عدد من الإعلاميين, كانت الإجابات جميعها متفقة على أن الإعلام لم يؤد دوره الحقيقي في التعريف بالقضية المهدوية .
وصرح الإعلامي راجي نصير من قناة الحرة الفضائية بقوله: (إن دور الإعلام في التعريف بالقضية المهدوية ليس بالمستوى المطلوب، القضية المهدوية قضية عقائدية فيها بعد غيبي وتحتاج إلى استعداد نفسي أولي لدى المتلقي, وأعتقد إن الظروف التي تمر بها الأمة تحتاج إلى تناول ذكي وحذر للموضوع على أيادٍ مخلصة وملتزمة تخرجه من حيز الاستغلال غير العقائدي وإلا ستكون ردة الفعل عكسية خاصة في وضع الاضطراب الفكري الحالي و اعتقد أننا نحتاج إلى الواقعية والصدق في طرح قضية مفصلية كالقضية المهدوية وعندها تصبح القلوب مفتوحة للتلقي, بغض النظر عن الوسيلة لان القضايا العقائدية تقتضي استعدادا نفسيا وروحيا وفطرة سليمة"
ولنا أن نقترح بعض الطرق الإعلامية للتعريف بالقضية المهدوية:
أ. إقامة المحاضرات والندوات والمؤتمرات والتي تبحث في هذه القضية وتنمي وعي الجمهور بها.
ب. إنتاج مسلسلات ومسرحيات وأفلام سينمائية ضخمة تقتبس من الثقافة القرآنية والتاريخ الإسلامي المجيد و تدبلج إلى مختلف اللغات لتبين لجميع العالم أهداف وخصائص المنقذ الإلهي. وللأسف أن الأعمال الإسلامية سواء السينمائية أو التلفزيونية والتي تتحدث عن قضية الإمام المهدي لا تذكر. بينما شاهد العالم (فيلم نوستر آداموس) الذي بثته شبكات التلفزيون الأمريكية قبل عدة سنوات على مدى ثلاثة أشهر متواصلة وهو فيلم عن قصة حياة المنجم والطبيب الفرنسي " ميشيل نوستر آداموس " الذي عاش قبل نحو 500 سنة وكتب نبوءاته عن المستقبل وأهمها نبوءته بظهور حفيد النبي من مكة يوحد المسلمين تحت رايته.
ج. كتابة المقالات الصحفية والقصص والأشعار الأدبية و تأليف الكتب ونشر المطبوعات من أجل هذه القضية.
د. عمل مسابقات وأنشطة ثقافية مستمرة تعنى بالقضية المهدوية .
3. إحياء أمر أهل البيت استجابة لندائهم المبارك (أحيوا أمرنا). وإحياء الأمر يتمثل في التعريف بمكانتهم السماوية ونشر علومهم وأفكارهم ودراسة وصاياهم والعمل بها وكيفية الارتباط بهم. والمصداق الأشمل لإحياء أمر أهل البيت هو إحياء الشعائر المهدوية. ومن مفرداتها بث الأدعية والزيارات الخاصة بالإمام المهدي كدعاء العهد والندبة , وإقامة الاحتفالات بمولده المبارك.
4. تطهير المجتمع الإسلامي من خطورة الأفكار المعادية لعقائد لإسلام والتي لا تمت إلى القضية المهدوية بصلة .فعلى سبيل المثال الأفكار التي تنكر الفكرة المهدوية أصلا أو التي تدَّعي المهدوية. أو إثارة الشبهات حول شخصيته المباركة مثل التشكيك بولادته, أو في نسبه وغير ذلك.
5. حث أفراد المجتمع الإسلامي بتكوين علاقة روحية مع الإمام المهدي حيث يعتبر باب الله ولديه ميراث الأنبياء وهو مصدر للكمالات الإلهية وبنوره يرتقي الإنسان إلى مدارج السعادة الحقيقية والأبدية. وهذه العلاقة تقتضي من الإنسان عشق الإمام وملازمته والشعور بغيبته وغربته والدعاء له بالفرج.
وبهذا المعنى قالت سماحة السيدة الفاضلة أم مهدي الموسوي: " إن لم تكن أيها الموالي في القافلة المهدوية فالتحق بها كما يفعل العاشق المتوجه إلى المعشوق, سر نحو قافلة المهدي ولو كان الوصول يستغرق سنينا. المهم أن تقصر المسافة فيما بينك وبين حجة الله قدر الإمكان إن كنت تريد الله تعالى وترجو نجاة نفسك" .
6. توعية الفرد بأهمية الاستعداد المستمر والدائم روحياً و عملياً لظهور الطلعة الرشيدة وهذا ما أوصى به الإمام المهدي حيث قال: (فليعمل كل إمريء منكم ما يقرب به من محبتنا, ويتجنب ما يدنيه من كراهتنا وسخطنا فان أمرنا بغتة فجاءة حين لا تنفعه توبة ولا ينجيه من عقابنا ندم على حوبة)
المراجع
ابن خلدون. تاريخ ابن خلدون. دار إحياء التراث العربي.بيروت. لبنان الطبعة الرابعة.
أبو علي الفضل بن الحسن الطبرسي. مجمع البيان في تفسير القرآن. مؤسسة الأعلمي للمطبوعات.بيروت. لبنان. الطبعة الأولى1415هـ
المنجد في اللغة والإعلام. دار المشرق. بيروت. لبنان. الطبعة الثانية والعشرون
السيدة أم مهدي الموسوي.أوجه الارتباط والشبه بين الإمامين الحسين والمهدي عليهم السلام.دار الولاية للثقافة والإعلام.الطبعة الأولى 1430هـ. قم المقدسة
الشيخ عباس القمي. مفاتيح الجنان. مؤسسة الأعلمي للمطبوعات.بيروت. لبنان. الطبعة الثالثة 1427هـ
عبدالله أحمد اليوسف. الشباب هموم الحاضر وتطلعات المستقبل. القطيف.الطبعة الاولى1421هـ
الشيخ علي كوراني. عصر الظهور . مركز النشر مكتب الإعلام الإسلامي.قم المشرفة. الطبعة الاولى1408.
قراءة في عالم الشباب. دار التوحيد للنشر والتوزيع.الكويت. الطبعة الأولى 1419هـ
كاظم النصيري. أهل البيت عليهم السلام في الكتاب المقدس. المطبعة: صدر. الطبعة الأولى1997م.
لجنة المجمع العالمي لأهل البيت عليه السلام. أعلام الهداية. مطبعة: ليلى .الطبعة الأولى.1422هـ.
مبادئ في تربية النشء المسلم. دار التوحيد للنشر والتوزيع.الكويت. الطبعة الأولى 1418هـ
مرتكزات أساسية في الإعلام القرآني. دار التوحيد للنشر والتوزيع.الكويت.الطبعة الأولى 1417هـ
محمد الريشهري. التبليغ في الكتاب والسنة. دار الحديث للطباعة والنشر.قم.إيران. الطبعة الأولى 1379هـ .
العلامة محمد باقر المجلسي. بحار الأنوار. مؤسسة الوفاء. بيروت. لبنان. الطبعة الثانية 1403هـ.
السيد محمد حسين الطباطبائي. الميزان في تفسير القرآن .منشورات جماعة المدرسين في الحوزة العلمية. قم المقدسة
مؤسسة الرسالة. المهدي المنتظر في الفكر الإسلامي.محرم الحرام 1417هـ
مؤسسة في طريق الحق.المهدي المنتظر الإمام الذي يملأ الأرض قسطا وعدلا. (مكتبة أهل البيت_ الشبكة العنكبوتية)
الشيخ ناصر مكارم الشيرازي.الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل.قم المقدسة1404هـ
الدوريات والمواقع الالكترونية:
1. ابتسام المبارك.لا يوجد إعلام حقيقي يمثل تاريخ مجتمعنا الإسلامي. جريدة المدينة السعودية العدد: 17476 التاريخ: 24ربيع الأول 1432هـ
2. عبدالمنعم الأسدي. دور الإعلام اتجاه القضية المهدوية برؤية إعلاميي النجف الاشرف. صحيفة صدى المهدي عليه السلام- العدد السادس عشر. التاريخ:19 -8- 2010 م http://www.m-mahdi.com/sada-almahdi
3. ياسر سعد. الفاتيكان والتحذير من 'أسلمة' أوربا. مجلة العصر. التاريخ: 28- 7- 2007
4. ويكبيديا.موسوعة موقع الكتروني.